قال محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إن المغرب لا يمكن أن يتقدم دون أن يكون هناك عقد اجتماعي ودون عقد للعدالة الاجتماعية، وأن حزب التقدم والاشتراكية “يناضل دائما من أجل دولة القانون، ليس فقط على المستوى السياسي، بل أيضا دولة القانون على المستوى الاقتصادي”.
وأضاف محمد نبيبل بنعبد الله الذي حل ضيفا على معهد العلوم السياسية بباريس، فرع المغرب، يوم الاثنين الماضي، أن المدخل الأساسي لبناء اقتصاد قوي يمر عبر دولة القانون، مشيرا إلى أن حزب التقدم والاشتراكية لا يدافع فقط عن الديمقراطية، بل أيضا يدافع عن الطبقات الاجتماعية التي تعاني، وأن حزبه هو من الأحزاب القلائل التي تحدثت عن الظروف الإنسانية التي يعيشها المواطن المغربي بشكل يومي، مذكرا بما قام به خلال السنوات الأخيرة، وما قام به بشكل قوي خلال فترة جائحة كوفيد19.
ونوه بنعبدالله، في هذه الندوة التي أدارها الإعلامي والمحلل السياسي مصطفى السحيمي، وقدم لها اسماعيل حريكي رئيس معهد العلوم السياسية بباريس-فرع المغرب، بالمبادرات التي اتخذها صاحب الجلالة الملك محمد السادس وفي مقدمتها الدعم الاجتماعي، وأيضا المبادرة التاريخية المتمثلة في مشروع تعميم الحماية الاجتماعية، مشيرا إلى أن هذا المشروع المجتمعي ناضل من أجله حزب التقدم والاشتراكية منذ عشرات السنين.
وأكد بنعبد الله على أن المدخل الأساسي للانتخابات المقبلة يتطلب ضرورة تحضير الأجواء السياسية العامة لهذه الانتخابات، وتهييئ شروط الانفراج الحقوقي والسياسي، وتصفية الأجواء، لا سيما من خلال اتخاذ مبادرات يجابية في ما يتعلق بمعتقلي الحراك الاجتماعي في الحسيمة وجرادة، معبرا عن عدم ارتياحه للأجواء التي تحضر فيها الانتخابات في ظل غياب نقاش سياسي جدي، خاصة وأنه لم يتبق على موعد هذه الاستحقاقات سوى أربعة أو خمسة أشهر، مشيرا في هذا السياق إلى أن المبادرة التي اتخذها مع حزب الاستقلال في البداية ثم مع الأصالة المعاصرة، كان الهدف منها هو إطلاق نقاش سياسي، يمهد لهذه الانتخابات.
إلى ذلك، شدد نبيل بنعبد الله على أن سياسة التحالفات مهمة بالنسبة لحزب التقدم والاشتراكية الذي ينتمي إلى الصف الوطني والديمقراطي والتقدمي، معتبرا أن هذه هي التحالفات الطبيعية بالنسبة لحزب الكتاب، لكن يضيف الأمين العام، قد تكون هناك ظرفية سياسية خاصة، لن تستطيع معها أن تبقى وفيا لنفس التحالفات، وأشار في هذا السياق إلى واقع الكتلة الديمقراطية خاصة منذ عهد حكومة إدريس جطو على خلفية الصراع الذي نشب بين الحزبين الرئيسين، ومن ثمة لم تعد الكتلة موجودة، وبقي حزب التقدم والاشتراكية يحاول أن يحافظ على لحمة هذا الإطار، لكن دون جدوى.
وذكر الأمين العام بموقف حزبه من حزب الأصالة والمعاصرة، مشيرا في هذا الصدد إلى أن حزب التقدم والاشتراكية عبر عن موقفه صراحة عندما تطلب الأمر ذلك، وأدى الثمن على ذلك الموقف، لكن اليوم هناك قيادة جديدة بقيادة عبد اللطيف وهبي تقر بما كان يقوله حزب التقدم والاشتراكية، وتنتقد المقاربة السابقة لهذا الحزب، مشيرا إلى أن ذلك لم يكن يعني بتاتا أن حزب الكتاب هو ضد وجود حزب الأصالة والمعاصرة، لأن ذلك يدخل في إطار الحرية وفي إطار الممارسة الديمقراطية، لكن كان ينتقد تدخل هذا الحزب في شؤون الأحزاب الأخرى، وكان بشكل ما مدعوما، وهو ما يراه الأمين العام أمرا غير سليم بالنسبة للتجربة الديمقراطية.
وفي موضوع ذي صلة، أكد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، على أن حزبه لم يكن ضد التنسيق مع حزب الاتحاد الاشتراكية للقوات الشعبية، لكن هذا الأخير، يضيف المتحدث، اختار توجها آخر في إطار ما يسمى ب”التحالف الرباعي” بالإضافة إلى أن هذا الحزب هو الآن ضمن التحالف الحكومي، وبالتالي فمن الطبيعي أن ينسق حزب التقدم والاشتراكية مع أحزاب المعارضة الاستقلال والأصالة والمعاصرة.
وأضاف الأمين العام أن المغاربة منفتحون على العالم، ويطلعون على ما يجري في مختلف بقاع العالم، وبالتالي لا يمكنهم فهم أن الأحزاب السياسية يمكن أن تحترم وأن تكن لها مصداقية، وأن تخلق جو الثقة اتجاه السياسة، في الوقت الذي يرون فيه أن هناك تدخلا في الشأن الداخلي للأحزاب السياسية، مشيرا إلى أن الديمقراطية هي في حاجة إلى حرية وإلى نوع من التلقائية والحيوية، وهي، أيضا في حاجة إلى الثقة بين المواطنين والقوى السياسية، وفي حاجة إلى أن يتحمل كل واحد مسؤولية قراراته، ما دام الجميع يشتغل في احترام تام للإطار المؤسساتي ولثوابت الأمة المتمثلة في ” الله والوطن والملك والخيار الديمقراطي”.
وفي نظر الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، لا يمكن الحديث عن بناء ديمقراطية حقيقية في بلادنا، دون المساهمة في خلق هذا الجو من استقلالية القرار السياسي، ودون تنافس ديمقراطي بين الأحزاب السياسي في احترام تام للمؤسسات وللدستور، وأن يكون الحكم في نهاية المطاف للشعب عن طريق صناديق الاقتراع، وأن ذلك، بالتأكيد، يضيف الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، سيساهم في إعادة الثقة وفي الرفع من نسبة المشاركة في الانتخابات وفي الحياة السياسية، وأن تكون هناك مصالحة حقيقية بين المواطنين والحياة السياسية.
ويرى محمد نبيبل بنعبد الله أن التصويت لحزب التقدم والاشتراكية في الظرفية الحالية سيكون مفيدا جدا، مشيرا إلى أن الحالة التي توجد عليهاالأحزاب السياسية تؤكد على أن هناك أسباب قوية من أجل التصويت لحزب التقدم والاشتراكية لأنه الحزب الوحيد الذي حافظ على خطه السياسي باستثناء العدالة والتنمية، وحافظ على استقلالية قراره السياسيي وعلى مواقفه القوية، وطور رؤية برنامجية متقدمة، وبقي يقظا داخل المشهد السياسي من أجل التعبير عن مواقفه بوضوح كلما كان ذلك ضروريا حول مجموعة من القضايا، مشيرا إلى أن حزب التقدم والاشتراكية، خلال السنوات الأخيرة، هو الحزب الوحيد الذي يجتمع أسبوعيا وبانتظام ويبلور مواقف سياسية حول مختلف القضايا الطارئة على الساحة السياسية، مؤكدا على أن البرلمان المقبل، أو حتى الحكومة المقبلة ستكون في حاجة إلى قوة سياسية مثل حزب التقدم والاشتراكية الذي يطور أفكارا ومقاربات قوية، ويمتلك رؤية واقعية للبناء الديمقراطي ببلادنا.
وفي سياق آخر، انتقد بنعبد الله العمل الذي يقوم به حزب التجمع الوطني للأحرار من خلال خلق جميعة “جود” لتوزيع قفة رمضان باسم التجمع الوطني للأحرار، وباسم رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار على بعد أربعة أشهر من الانتخابات، مشيرا إلى أنه لا يمكن أن نكسب رهان الانتخابات بهذه الطريقة ولا يمكن الإجابة على المشاكل التي يتخبط فيها المغاربة بهذه الطريقة.
< محمد حجيوي