وجه الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان مراسلة لرئيس الحكومة تطالب بإصدار توجيهات إلى جميع السلطات والمؤسسات والقوات العمومية، بالتقيد والحرص على ممارسة صلاحياتها وأدوارها في احترام لحقوق الإنسان بشموليتها في ظرف هذه الأزمة الصحية وفي انضباط تام لأحكام الدستور، وعدم الغلو في استعمال العنف في فرض احترام الضوابط القانونية.
وشدد الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان الذي يضم إحدى وعشرين هيئة وجمعية حقوقية، في مراسلته، على ضرورة أن يتم اللجوء، في مواجهة أي خرق لإجراءات الطوارئ، إلى إعمال المساطر القانونية المتاحة التي حددتها السلطات العمومية ضد المخالفين والجانحين.
من أسباب نزول هذه المراسلة وفق المضامين التي حملتها، تسجيل تأويل خاص لعبارتي “الحزم والصرامة” في تطبيق التوجيهات، سواء الصادرة عن وزارة الداخلية أو رئاسة النيابة العامة، والمتعلقة بتفعيل حالة الطوارئ، حيث تم رصد بعض الممارسات من قبل السلطلت الأمنية، والتي، حسب الائتلاف، خرجت عن نطاق تطبيق القانون وبلغت مرحلة الاعتداء على القانون أحيانا.
ودعا الائتلاف الذي رفع نسخة من مراسلته هاته إلى كل من الوزير المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، مصطفى الرميد، ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، آمنة بوعياش، ورئيس النيابة العامة، محمد عبد النباوي، إلى إعطاء التعليمات الواضحة والسريعة للمسؤولين، خصوصا على مستوى وزارة الداخلية والمؤسسات المكلفة بالأمن بضرورة احترام المواطن(ة) ومعاملته معاملة تحمي كرامته مع تفادي المس بسلامته البدنية وعدم الغلو في أساليب فرض احترام الضوابط القانونية.
ونبه الائتلاف إلى ضرورة بعث ونشر التطمينات، والحث على عدم استغلال المجهودات التي تقوم بها السلطات من أجل شرعنة التجاوزات، مؤكدا على ضرورة الحرص كيلا تنقلب مجهودات محاربة فيروس الكورونا لعكسها، أي لإجراءات وممارسات تمس الحريات بشكل غير متناسب مع ما يسمح به القانون والمصلحة العامة.
ومن بين التنبيهات التي تضمنتها رسالة الائتلاف المغربي، تلك المتعلقة بالمحاكمة، حيث دعت إلى ضرورة التقيد بمبادئ ضمانات المحاكمة العادلة كحق للموقوف لا تخضع لحالة الطوارىء، على أن يتم الحرص على توفير هذه الضمانات منذ التوقيف، خاصة وأن عدد الموقوفين المضمن ببلاغ النيابة العامة وعدد المتابعين في حالة اعتقال، يجعل من الصعوبة، في ظرف حالة الطوارئ، إيجاد محام وتوفير شروط العلنية بالمحاكم، وأحيانا ممارسة القضاة أنفسهم لمهامهم في أجواء بعيدة عن أي شعور بالضغط ودون تأثير .
ولم يفت الائتلاف التذكير إلى أن السلطات مطالبة بالحرص على احترام دولة القانون التي لم تعلق العمل بالدستور وأحكامه، وأن يتم الحرص بالنسبة للسلطات التي تعطي التعليمات على أن يكون الدفاع عن النظام العام بواسطة القانون دون غيره من الوسائل غير القانونية.
ونبه الائتلاف إلى المصير الذي ينتظر المسؤولين الذين يحيدون في ممارسة سلطتهم عن الضوابط القانونية، إذ في حال اللجوء إلى الوسائل غير القانونية، خاصة ممارسة العنف، ستعرض السلطة المسؤولة عنها إداريا، سواء للمساءلة السياسية، بما فيها البرلمانية أو مساءلة قضائية بما يتيحه في هذا الباب القضاء الإداري، بل وسيكون مفروضا عليها تعويض ضحاياها، وذلك تطبيقا لقاعدة عدم الإفلات من العقاب المنصوص عليها في الدستور من خلال مبدإ “المسؤولية والمحاسبة”.
فنن العفاني