تتواصل بالمغرب حملة ” القلب الأزرق” التي يقودها الأطفال البرلمانيون والتي تستهدف التحسيس بأخطار جرائم الاتجار بالبشر، والتي هي جرائم توسعت مع تفشي جائحة كوفيد 19، وأصبحت تمس الأطفال بشكل أكبر.
فقد أشرف وزير العدل محمد بنعبد القادر، بداية هذا الأسبوع، بصفته رئيسا للجنة الوطنية السالف ذكرها، على إحياء هذا اليوم، بحضور ممثلة عن مفوضية الاتحاد الأوروبي وكذا منسقة مكتب الأمم المتحدة بالمغرب ومديرة مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بالمملكة، حيث أكد في كلمة ألقاها بهذه المناسبة، على خطورة جريمة الاتجار بالبشر ودرجة توسعها وانتشارها على المستوى الدولي والوطني.
كما أكد وزير العدل على الطبيعة المعقدة والخطيرة لهذه الجريمة من حيث التنظيم والتنفيذ والصور المستترة التي يمكن أن تتخذها، دون أن تثير الانتباه إليها، معلنا أن اللجنة الوطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه، وضعت مخططا عمليا ينبني على معايير وأهداف نوعية ودقيقة سترتكز عليها خطة عملها المستقبلية في مكافحة هذه الجريمة والوقاية منها والتي ستبتدئ بإعداد إستراتيجية وطنية ترتكز على الأسس الأربعة المؤطرة دوليا للتدخل في مكافحة الظواهر الإجرامية وهي الوقاية والحماية والملاحقة والشراكة.
وتأتي حملة القلب الأزرق لمكافحة الاتجار بالبشر التي يقودها الأطفال البرلمانيون بالمغرب، للتحسييس بالأخطار المحدقة بالأطفال على ضوء المعطيات التي كشفها تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، الذي أصدره بداية السنة الجارية، والذي وقف فيه على تفاقم إشكالية الاتجار بالبشر، وتحديدا تضاعف نسبة الأطفال بين ضحاياه، بثلاث مرات خلال الخمسة عشر عاما الماضية.
ووقف التقرير على أن الاتجار بالفتيات يتم بشكل أساسي من أجل الاستِغلال الِجنسي، بينما يتم استِغلال الفتيان في العمل القسري.
كما كشف التقرير أنه في عام 2018، تم رصد والإبلاغ عن حوالي 50000 ضحية اتجار بالبشر في 148 دولة، مشيرا إلى أن الطبيعة الخفية لهذه الجريمة، لاتتيح معرفة العدد الفعلي للضحايا، والذي يمكن أن يصل إلى أعلى مما هو معلن عنه بكثير.
ووقف التقرير على معطى يهم المتاجِرين بالبشر، إذ أبرز أنهم يستهِفون بشكل خاص الفِئات الأكثر هشاشة، مثل المهاجرين والأشخاص العاطلين عن العمل، منبها إلى أنه من المرجح أن يؤدي الركود الناتِج عن كوفيد-19 إلى تعرض المزيد من الأشخاص لخطر الاتجار.
بهذا الخصوص، أكدت غادة والي، المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أنه “في ظل استمرار أزمة كوفيد يجد الملايين من النساء والأطفال والرجال في جميع أنحاء العالم أنفسهم عاطلين عن العمل، وخارج المدارس، ومحرومين من الحماية الاجتِماعية، الأمر الذي يجعلهم أكثر عرضة لخطر الاتجار بالبشر، داعية إلى اتخاذ إجراءات فعالة لمنع المتاجِرين المجرمين من انتهاز الجائحة لاستغلال الأشخاص الأكثر هشاشة”.
وسجل التقرير إلى أن الضحايا من الإناث يشكلن الأهداف الرئيسية للاتجار بالبشر. حيث أنه من ضمن كل عشر ضحايا تم اكتشافهم على مستوى العالم في عام 2018، يوجد خمس نساء راشدات وفتاتان صغيرتان. في حين أن حوالي عشرين في المائة من ضحايا الاتجار بالبشر مِن الرجال البالغين وخمسة عشر في المائة من الفتيان الصغار”.
وسجل التقرير إلى أن نسبة خمسين في المائة من الضحايا تم الاتجار بهم لأغراض الاستغلِال الجنسي، وفي حين تم استغلال ثمانية وثلاثين في المائة للعمل القسري، وتعرض ستة في المائة لنشاط إجرامي قسري، في حين أُجبر واحد في المائة على التسول وأجبر عددا أقل على الزواج بالإكراه ونزع الأعضاء وأغراض أخرى.
وأفاد تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات، إلى اختلاف طبيعة الاستغلال الذي تعرض له الضحايا، حيث أن الاتجار بمعظم النساء والفتيات اللائي تم اكتشافهن تم بهدف الاستغلال الِجنسي، في حين تم الاتجار بالرجال والفتيان بشكل أساسي للعمل القسري.
واتهم المكتب الأممي قطاعات اقتصادية معينة بممارسة الاستغلال في العمل القسري، مشيرا إلى تسجيله زيادة مستمرة في نسبة الضحايا الذين تم الاتجار بهم لأغراض العمل القسري لأكثر من عشرة أعوام، حيث يتم استغلال الضحايا في مجموعة واسعة من القطاعات الاقتِصادية، لاسيما تلك التي يتم فيها العمل في ظروف منعزِلة بما في ذلك الزراعة والبناء وصيد الأسماك والتعدين والعمل المنزلي.
< فنن العفاني