رسالة العفو الملكي

العفو الملكي الأخير بمناسبة عيد الفطر حمل إشارة قوية بشموله عددا من المعتقلين على خلفية احتجاجات الحسيمة، وجسد ذلك  رسالة ملكية بليغة.
العديد من القوى الديموقراطية الوطنية والمنظمات الحقوقية سبق أن ناشدت وطالبت بضرورة إحداث انفراج حقوقي وديموقراطي في البلاد، واعتبرت ذلك مدخلا لتحقيق جو سياسي إيجابي من شأنه توفير شروط إنجاح الانتخابات المقبلة وتقوية المشاركة الشعبية فيها، وأيضا تمتين التعبئة الوطنية والمجتمعية لمواجهة تحديات الجائحة وتداعياتها، ولكسب باقي الرهانات المتصلة بقضيتنا الوطنية، وبالتحولات الجيو استراتيجية عبر العالم.
وجاء القرار الملكي معلنا التأسيس لهذه الدينامية المطلوبة.
إن الملفات الحقوقية المطروحة اليوم في بلادنا، والتي يتداولها الإعلام الوطني والدولي، وتتضمنها تقارير الجمعيات الحقوقية الوطنية والدولية، يستطيع المغرب صياغة حلول ومخارج لها، ومن المؤكد أنها ليست بنفس التعقيد الذي مثلته قضايا وملفات عديدة أخرى انتصر المغرب من قبل في إبداع مصالحات تاريخية طوت صفحاتها، ومن ثم هي تقتضي اليوم التفكير بحجم وطننا، والإقدام على التفاعل اللازم والهادئ من لدن الجميع، واستحضار كون المغرب استطاع إعمال»الإنصاف والمصالحة»، ولهذه الأخيرة روحها وبعدها ومنهجيتها وتفردها، وهو ما يجب استلهامه باستمرار.
هذه الاستحقاقات الانتخابية المرتقبة في بلادنا لن تنجح فقط بصياغة قوانين وتشريعات، مهما كانت ايجابية وناجعة، ولكنها تتطلب كذلك مناخا سياسيا عاما في البلاد، من شأنه تقوية الثقة في المؤسسات وفِي العملية السياسية وفِي المستقبل، ولهذا بلادنا في حاجة اليوم إلى نفس جديد تجسده خطوات عملية وإجراءات رمزية بليغة، تكون قادرة على استعادة ثقة المغاربة، وإضفاء المصداقية على مسار بنائنا المؤسساتي والديموقراطي.
ليس المهم اليوم هو كيف يقيم أفراد، مهما علت أصواتهم في المشهد الإعلامي أو الخطابي، لطبيعة الملفات الإعلامية والحقوقية، ولا بماذا يشعر هذا أو ذاك تجاه المتابعين في هذه الملفات، أو ما هي حساباتهم الأنانية أو المزاجية أو النفسية بخصوصهم، ولكن الأهم أن بعض هذه الملفات باتت تغطي اليوم على ما يحققه المغرب من منجز ديموقراطي وتنموي وديبلوماسي، وصارت موضوع تقارير وتغطيات و»دروس»يوجهها أكثر من طرف دولي لبلادنا في هذه الظرفيات الدقيقة والمتحولة إقليميًا ودوليا…
ولكل هذا، من حسن التفكير في المستقبل، يجب أن نتمسك بالرسالة القوية، وبالرمزية البليغة التي مثلها العفو الملكي الأخير بمناسبة عيد الفطر، وأن نستلهمها باعتبارها إشارة قوية، وأن يعمل الجميع لجعلها تؤسس لانفراج ديموقراطي عام في البلاد، ولتساهم في تكريس دينامية عامة من شأنها إذكاء جو سياسي إيجابي في أفق المحطات الانتخابية القادمة.
إن ما يجري في عالم اليوم، وما يتفاعل من تبدلات وحسابات حوالي بلادنا في محيطها الإقليمي والعالمي، كل هذا يحتم الإنكباب على تعزيز الجبهة الوطنية الداخلية، والعمل لتمتين ثقة المغربيات والمغاربة في مسار الإصلاح، ولإنجاح التعبئة من أجل المستقبل.

<محتات‭ ‬الرقاص

[email protected]

Related posts

Top