في حضرة الريال…

بكريستيانو رونالدو أو بدونه، نادي ريال مدريد الإسباني دائما في القمة، وقبل أن يحط النجم البرتغالي الرحال بالقلعة البيضاء، مر الكثير من العظماء بالنادي الملكي، تألقوا وأبهروا وفازوا وغادروا من الباب الكبير، ليخلدوا بتاريخ هذا النادي المرجعي في كل شيء.
مع الرحيل المفاجئ للنجم البرتغالي، وهو في عز العطاء، ساد الاعتقاد أن الريال سيختفي لو مؤقتا من منصات التتويج، لكن فخامة الاسم تكفي، ومجرد ارتداء القميص الأبيض فأنت لاعب غير عادي ولست كالآخرين، والإبهار وكما عودتنا الريال غير متوقف على اسم دون غير، ولا يمكن حصر خانة التألق في دائرة ضيقة، فالمجال أرحب والسر يكمن في هيبة ناد استثنائي في كل شيء.
هذه هي الريال يا سادة، وفخر الانتماء للنادي الملكي لا يقارن ولا تمحيه لحظات عابرة أو شعور بالضيق، فحب القميص أكبر، ومن صفائه لونه يستمد المحب شعوره الدائم بالرضا عن النفس والاعتزاز بالانتماء، كيفما كانت الظروف، وكيفما كانت قيمة الراحلين.
لوكا مودريش أمير البلقان المنتمي للنادي الملكي بتوصية من الداهية البرتغالي جوزي مورينيو، دخل خانة العظماء بنيله جائزة الكرة الذهبية للمرة الأولى في تاريخه، واضعا حدا لهيمنة دامت عشر سنوات كاملة، توزعت بين الثنائي البرتغالي كريستيانو رونالدو والأرجنتيني ليونيل ميسي، واللذين سيطرا بالمطلق على هذه الجائزة التي تعد بحق استحقاقا دوليا يتمناه كل مبدع فوق المستطيل الأخضر.
عندما التحق لوكا بالنادي الملكي، ظل يشتغل في الظل بعيدا عن الأضواء وأسلوب الإثارة، وصفه الكثيرون بـ “كرويف البلقان”، نسبة إلى الأسطورة الهولندية يوهان كرويف، وذلك بسبب الشبه الكبير بينهما، رغم أنه كان دائما صاحب الدور البارز في خط وسط الفريق الملكي، فمع الريال فاز بكل شيء، ففي ظرف ست سنوات بقميص “الميرينغي” حقق العديد من الألقاب الهامة، أبرزها الدوري الإسباني وكأس ملك إسبانيا والسوبر الإسباني والسوبر الأوروبي ودوري أبطال أوروبا وكاس العالم للأندية.
ورغم الظروف الصعبة التي عاشها في طفولته والذكريات المريرة خلال حرب استقلال كرواتيا، وما عاشه من مآس بعد مقتل جده، وعوض أن تحبطه هاته الظروف طيلة حياته، حولها إلى دافع معنوي للنجاح الفردي ومنحته تلك الذكريات المؤلمة قوة لركوب التحدي والإصرار على النجاح وعدم الاستسلام، رغم أن نحافة جسمه وضعفه البدني كانا يثيران الشكوك حول مستقبله الرياضي، لأن التفوق لا يقاس دائما بقوة العضلات أو الطول الفارع.
بمونديال روسيا، واصل لوكا تألقه مع منتخب بلاده، وقاده بكفاءة عالية وحقق نتائج باهرة كقائد وملهم كل مكونات “الأخطبوط” وفخر شعب بكامله، لعب لوكا دورا أساسيا في بلوغ منتخب بلاده المباراة النهائية لكأس العالم بروسيا لمواجهة ديوك فرنسية لازمها الحظ بدرجة تكاد لا تصدق.
خسر الكروات المقابلة النهائية، لكنهم بالمقابل ربحوا تقدير واحترام العالم، نالوا كل شهادات الاستحقاق، وجاء تتويج لوكا بالذهب الأوروبي، ليكون خاتمة رائعة لسنة استثنائية أبقت الريال دائما في الريادة، وأنصفت بحق منتخبا كسب تعاطف العالم …

محمد الروحلي

الوسوم , ,

Related posts

Top