ليلة ليست ككل الليالي، عاشتها تحفة “سانتياغو بيرنابيو” الرائعة، وصحيح أن تاريخ نادي ريال مدريد الإسباني شهد الكثير من الملاحم والانجازات الباهرة، لكن أمسية أول أمس الأربعاء، كان لها طعم خاص، بفضل “ريمونتادا” جديدة دخلت التاريخ من بابه الواسع.
أولا، لأنها تحققت على أرضية ملعب أعيدت تهيئته بفكر جديد، يلاحق تطور النادي، ويفتح أمامه، آفاقا أرحب من حيث التخطيط والبناء واستشراف المستقبل.
ثانيا، لكون “ريمونتادا” جاءت على حساب نادي باريس سان جرمان الفرنسي المدجج بكتيبة نجوم عالمين، يتقدمهم الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار والفرنسي كيليان مبابي والإسباني سيرخيو راموس، هذا الأخير الذي أصبح حاليا أغلى متفرج على الصعيد العالمي.
ثالثا، طعم الانتصار والتأهيل، جاء بالطريقة والأداء، بعد هزيمة صغيرة في باريس، وانتهاء الجولة الأولى من إياب مدريد، بهدف سبق من توقيع “القطار السريع” مبابي.
رابعا، تحقيق العودة الباهرة، جاءت بعدما اعتقد المالك القطري ناصر الخليفي أنه تجاوز أخيرا نادي البطولات والألقاب، وكان بفضل بثلاثية من توقيع لاعب واحد في ظرف 17 دقيقة، ألا وهو السفاح الفرنسي كريم بنزيمة.
وطبيعي أن هناك عاملا خامسا وسادسا وسابعا، لكن مجمل القول إن الإنجاز لا يعد غريبا على البيت الأبيض، لكن هناك خصوصيات منحته طعما خاصا، والدليل على ذلك، رد الفعل الغريب الذي صدر عن الخليفي، بعد نهاية المباراة، والذي ستكون له تبعات مدوية في قادم الأيام.
شبكة “موفيستار” التلفزيونية الإسبانية، ذكرت أن الخليفي نزل مسرعا إلى غرفة الملابس، وهو يصرخ، باحثا عن الحكم الهولندي داني ماكيلي.
رجل الأعمال القطري تمادى في خطئه الفادح، أثناء البحث عن الحكم، بتهديده بالقتل، قبل أن يتمكن الأمن من الإمساك به، بعد أن اضطر بعض الحضور إلى طلب النجدة وحماية بعض الأشخاص الذين كانوا هناك، نتيجة للوضع المؤسف، الذي تسبب فيه رئيس نادي العاصمة الفرنسية.
ينتظر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) التوصل بتسجيل كامل للحادث، قام به أحد موظفي ريال مدريد، قصد اتخاذ القرار المناسب، رغم أن البرازيلي ليوناردو طلب من الموظف مسح التسجيل، إلا أنه رفض ذلك، ليتعرض هو الآخر إلى تهديد من طرف الملياردير القطري الذي ما يزال يعتقد أنه بالإمكان شراء كل شيء بالمال، وأي شي في هذا الكون العجيب.
وبهذا حافظ باريس سان جرمان على عادته السلبية في المناسبات الأوروبية من هذه القيمة، وتتمثل في التفريط في السبق، ومنح المنافس بطاقة التأهل على طبق من ذهب، وهو ما سبق أن فعله من قبل أمام برشلونة في المباراة الشهيرة عام 2017، وأمام مانشستر يونايتد الإنجليزي بسيناريو أقل قسوة في 2019، ليتكرر المشهد الحزين، أمام ريال مدريد سنة 2022.
تأجلت مرة أخرى أمنية الرأسمال القطري في كسب التتويج الأوروبي، رغم كل المحاولات المضنية، ورغم القيام بصفقات من العيار الثقيل، وجلب أفضل نجوم اللعبة، إلا أنه في كل مرة تكون الصدمة مدوية، ليتأكد بالملموس أن المال وحده لا يحقق المعجزات، وأن هناك أسسا وأسبقيات لابد من مراعاتها للوصول إلى ذلك.
إلى اللقاء إذن السنة القادمة…

محمد الروحلي