> عبد الهادي النجار
نعم، فعلها المغرب وأنجز المرحلة الأولى من مشاريع مجمع «نور ورزازات»، أكبر موقع لإنتاج الطاقة الشمسية المتعددة التكنولوجيا في العالم. وها هو يسعى من دون كلل لتحقيق طموحه في الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة للحصول على 42 في المائة من متطلباته الكهربائية بحلول سنة 2020.
محطة «نور 1»، التي تم إنجازها وتشغيلها مع انتهاء المرحلة الأولى، تضم نحو نصف مليون لوح شمسي مقوس بارتفاع 12 مترا ترتصف في 800 صف طويل متواز، وتدور وفق حركة الشمس لتعكس ضوءها وحرارتها على منطقة محورية تضم مولدا مركزيا هو الأكبر من نوعه في العالم بطاقة إنتاجية تبلغ 160 ميغاواط.
هي واحدة من المرات القليلة التي لا يقترن فيها رقم قياسي عالمي يحققه العرب بشيء له علاقة مباشرة بالمعدة. هذا واحد من أكبر الإنجازات التقنية العالمية في مجال الطاقة النظيفة، وليس أكبر دجاجة يشويها العرب ويفرغون من أكلها في بضع دقائق ثم يحتفلون بتسجيلها في موسوعة غينيس. لقد حاولت أن أورد مثالا أكثر عقلانية من دون أن أحرج أحدا، لكن العرب لم يغادروا وجبة طعام من دون أن يقتحموا بها سجل الأرقام القياسية باستثناء «الفروج المشوي».
يحق لنا الفرح بما أنجزه المغرب، لأنه عمل تقني ضخم تحقق بأياد وطنية وبخبرات إقليمية من خلال تحالف شركات تقوده «أكواباور» السعودية. هي الخطوة الأولى، ولطالما كانت الخطوات الأولى مرتبكة وصعبة، ومع ذلك تبقى الأكثر إثارة وتشويقاً. وهل هناك أجمل من أن تشاهد طفلك وهو يخطو خطوته الأولى؟
ليس المغرب وحده من يشق طريقه باتجاه مستقبل بيئي أفضل، بل هناك أكثر من عمل عربي لافت حاليا في مجال الطاقة المتجددة. السعودية أعلنت قبل أيام إنجاز 40 في المائة من مشروع التحلية الشمسية لمياه البحر في الخفجي. مشروع فريد من نوعه من حيث الحجم والتقنية المستخدمة، وتشرف على تنفيذه مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية.
مشروع التحلية الشمسية في الخفجي يتضمن بناء محطة لتحلية مياه الخليج المالحة بالتناضح العكسي بطاقة استيعابية تصل إلى 60 ألف متر مكعب يوميا، وبناء محطة للطاقة الشمسية بقدرة 20 ميغاواط لتزويد محطة التحلية بالكهرباء. ومن المتوقع الانتهاء من تنفيذه خلال سنة 2017.
الأردن لن يكون خارج السباق العربي في مجال الطاقة المتجددة، إذ إن «شمس معان» ستشرق قريبا مع 400 ميغاواط من الطاقة النظيفة. وفي المجمل، يسعى الأردنيون للحصول على أكثر من 600 ميغاواط من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في مشاريع يتم تنفيذها حاليا في منطقة معان، وتعتبر من أكبر مشاريع الطاقة المتجددة في المنطقة العربية.
الإمارات، الكويت، لبنان، ودول عربية أخرى، تعمل حاليا على مشاريع الإفادة من الطاقة الشمسية. وقد تجاوزت المشاريع في بعض هذه البلدان مراحل التخطيط والدراسة والمشاريع المصغرة، لتنتقل إلى مستوى المشاريع الاستثمارية الوطنية التي تحقق الجدوى في ظل الأسعار المنخفضة حاليا للنفط.
لقد أدرك العرب أخيرا أن المستقبل للطاقة النظيفة والمستدامة، المستقبل للشمس، والشمس في منطقتنا لا تغيب.
(موقع البيئة والتنمية)