ملتقى طنجة المتوسطي يدعو الدول إلى الالتزام باتفاقية جنيف المتعلقة باللاجئين

اختتمت، يوم الأحد الماضي، بطنجة، فعاليات الدورة الثانية لملتقى طنجة المتوسطي للشباب والديمقراطية الذي نظمته الشبيبة الاشتراكية، الذراع الشبابي الموازي لحزب التقدم والاشتراكية، تحت شعار “من أجل متوسط عادل وآمن”.

الملتقى الذي شارك فيه مئات الشباب من جنسيات مختلفة، خرج في يومه الأخير ببيان قوي دعا فيه الدول إلى الالتزام باتفاقية جنيف 1951 المتعلقة بوضعية اللاجئين، مؤكدا على ضرورة تحمل المسؤولية السياسية والقانونية والأخلاقية اتجاه اللاجئين.

كما دعا البيان الختامي للملتقى، موازاة مع ذلك، إلى الشروع في إصلاح النظام الدولي للهجرة واللجوء وتعزيز المعايير الأساسية لحقوق الإنسان من خلال الانخراط في التعاون الدولي، ونهج عملية إعادة توطين اللاجئين قائمة على تقاسم المسؤولية كحل إنساني بديل لمواجهة التحدي الأكثر على المدى القريب.

وفي ما يخص دول الضفتين، أجمع الشباب المشارك على ضرورة تمكين الشعوب المتوسطية من العيش في بيئة سليمة، مشددين على ضرورة حمايتها من آثار التقلبات المناخية والتلوث الذي تسببه الدول الرأسمالية، بالإضافة إلى دعوتهم الحكومات المتوسطية للعمل على ضمان الحقوق البيئية للأجيال القادمة.

وعن الأوضاع بالمنطقة المتوسطية، شخص المشاركون في هذا الملتقى الجو السياسي السائد ببلدان الضفتين وكذا الصراعات الشائبة في عدد من البؤر كدولة ليبيا التي تعرف صراعات داخلية منذ سنوات، حيث حمل المشاركون المسؤولية في ما آلت إليه الأوضاع بليبيا من نزاع مسلح وانتشار الحروب والأسلحة والجريمة وتنامي الهجرة للمنتظم الدولي، مبرزين أن الحل يكمن في جلوس جميع الأطراف على طاولة الحوار من أجل مصالحة وطنية شاملة فضلا عن دعوتهم إلى إطلاق سراح السجناء ونزع السلاح وعودة المهجرين قسرا، بالإضافة إلى العمل على إعادة الإعمار والتنمية وخاصة بمدينة تاورغا.

الشأن الفلسطيني كان، أيضا، حاضرا في “بيان” الشباب الاشتراكي القادم من أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وأروبا المشاركين في ملتقى طنجة، إذ أجمع المشاركون على إدانة الاحتلال الصهيوني المدعوم بالقوى الإمبريالية للأراضي الفلسطينية وكذا إدانة جرائمه ضد “الشعب الفلسطيني الأعزل إلا من إرادته في الدفاع عن كرامته وأرضه المغتصبة”، وفق تعبير المشاركين. وأجمع المشاركون على أن تحقيق الاستقرار بضفتي المتوسط رهين بإنهاء الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية.

هذا وشدد البيان الختامي الذي جاء كخلاصة للنقاشات التي احتضنتها الورشات والندوات أيام الملتقى على ضرورة ترسيخ قيم التسامح والحوار وتعزيز سبل التعاون الدولي وتحصين الشباب من كل أشكال الفكر المتطرف عن طريق تمكينه من حقوقه الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي قالوا إنها تعد المدخل الأساسي لتعزيز البناء الديمقراطي خصوصا بدول جنوب المتوسط.

بالإضافة إلى ذلك أوضح المشاركون أن كل هذه الخلاصات تهدف إلى ترسيخ حق الشعوب في الديمقراطية والعيش الكريم والسلم والأمن العالميين فضلا عن ترسيخ مبادئ احترام حقوق الإنسان في أفق تحقيق نهضة ثقافية واقتصادية حقيقية بعيدا عن ما أسموها “التدخلات الخارجية المتمثلة في الأنظمة الإمبريالية والرأسمالية” والتي أكدوا أنها تسعى إلى السيطرة على ثروات الشعوب واستغلالها وتفقيرها وتوجيه أنظمتها الحاكمة بما يخدم خططها الاستعمارية “حتى وإن تطلب الأمر زرع فتيل الحروب وتغذية النعرات والحروب الأهلية والنزاعات الطائفية وتحقيق الأرباح الاقتصادية على حساب تطلعات الشعوب في العيش الكريم” يضيف المشاركون.

من جهة أخرى أشاد جمال كريمي بنشقرون الكاتب العام للشبيبة الاشتراكية بالأجواء التي مر فيها ملتقى طنجة المتوسطي والذي قال إنه يتم العمل من خلاله على تمتين أواصر الديبلوماسية الشبابية وذلك انطلاقا من الأطروحة الفكرية للشبيبة الاشتراكية.

وتابع بنشقرون “هذه الدورة كانت كمكمل لأهداف الدورة السابقة من خلال ترسيخ التعاون وإفراز قرارات مشتركة بين شباب الضفتين، وأيضا الشباب الحاضر من أمريكا اللاتينية والشرق الأوسط.

وأكد بنشقرون أن العمل مستمر من أجل استمرار هذه المحطة الشبابية السنوية، منوها في هذا الإطار بالمجهودات التي يبذلها عدد من المناضلين خصوصا بفرع طنجة وآخرين يشتغلون في مجالات أخرى بأروبا.

وشدد الكاتب العام للشبيبة الاشتراكية على أهمية خلق نقاش شبابي قادر على إفراز توصيات في مجالات مختلفة ولا سيما منها مجالي الأمن والعدل اللذان شكلا شعار الدورة. واعتبر بنشقرون أن الشباب المشارك قادر على الترافع عن هذه التوصيات والقرارات والقضايا الدولية التي تم الخوض فيها خلال الملتقى، واتخاذ الموقف المناسب، منها كقضية فلسطين، وغيرها من القضايا الأساسية.

ونوه جمال كريمي بنشقرون بكافة الشركاء الذين أنجحوا الدورة، سواء المشاركين، أو الأساتذة والخبراء والمختصين الذين أطروا الورشات، مؤكدا على أن العمل سينصب من أجل استمرارية هذا الملتقى بشعارات أخرى قوية، ونقاشات وتوصيات أقوى ومن خلال طرح جميع القضايا التي تهم ضفتي المتوسط والشباب بشكل عام على طاولة الحوار.

وكشف بنشقرون أنه سيتم، في هذا الإطار، تأسيس إطار مشترك بين المشاركين في هذا الملتقى يضم ممثلين عن الشبيبات الاشتراكية المشاركة في الملتقى سواء العربية والمغاربية أو الأوروبية والقادمة من أمريكا اللاتينية، موضحا أن هذا الإطار المشترك سيعمل على توطيد العلاقات وترسيخ التعاون فضلا عن تتبع تنزيل هذه التوصيات والقرارات التي أفرزت برسم الدورة الثانية من ملتقى طنجة المتوسطي للشباب والديمقراطية.

من جانبه، قال عدنان المقداد، نائب رئيس الاتحاد العالمي للشباب الديمقراطي “الويفدي” المسؤول عن المنطقة العربية، إن ملتقى طنجة المتوسطي للشباب والديمقراطية مكن شباب من مختلف الجنسيات من طرح قضايا جدية للنقاش.

وأوضح المقداد، في تصريح لـ “بيان اليوم”، أن اختيار اسم وشعار الملتقى أمر موفق بالنظر لكون منطقة المتوسط منطقة استراتيجية وتوحد شعوب ثلاث قارات، منوها في هذا الإطار بالمجهودات التي يبذلها مناضلو الشبيبة الاشتراكية من أجل لم شمل الشباب الاشتراكي العربي والأوروبي وأيضا شباب من دول بعيدة عن المتوسط كأمريكا اللاتينية، إذ أكد أن من شأن ذلك أن يقوي ويعزز النقاش حول قضايا العدل والمساوة.

من جانب آخر، أبرز المقداد أن ضفتي المتوسط تعرف نوعا من عدم المساواة في استخلاص الموارد الطبيعية وتباينات مجالية تحتاج إلى معالجة وترسيخ العدل ومساواة وإنصاف الشعوب، وهو ما قال إنه يحتاج إلى نضالات شبابية وقرارات حقيقية من أجل مواجهتها لأن المتسبب فيها، حسب المتحدث، هي القوى الإمبريالية والرأسمالية التي تحاول قدر ما استطاعت سلب ثروات الشعوب.

وبالإضافة إلى دعوته المشاركين المغاربة والأجانب إلى التعبئة والمشاركة السياسية من داخل جميع المؤسسات دفاعا عن الحقوق وعن قضايا الشعوب المضطهدة، نوه مقداد بنضال شباب المغرب من أجل عدد من القضايا ولا سيما الشباب الاشتراكي الذي يواجه السياسات الإمبريالية التي تراكم رأسمالها من خلال إذاية شعوب المتوسط عبر تلويث مياه البحر الأبيض المتوسط واستغلال خيرات، داعيا إلى خلق إطار مشترك مع باقي الشبيبات الاشتراكية في دول المتوسط من أجل رفع وتيرة النضال بشكل مشترك وإعادة الأمن والعدل لهذه المنطقة.

بدوره، قال محسن حمان محسن حمان، رئيس منظمة أفكار من أجل السلام، إن الهدف من تأسيس ملتقى طنجة المتوسطي هو تنسيق الجهود من أجل إيجاد تناغم بين شباب المتوسط وإقرار العدالة والأمن بين الضفتين.

وأضاف المتحدث، في تصريح لـ “بيان اليوم”، أن الهدف من تأسيس ملتقى طنجة المتوسطي هو تنسيق الجهود وإيجاد تناغم بين شباب المتوسط وخصوصا الشباب المغربي في علاقته بالشباب الأوروبي.

وعن عمل منظمة أفكار من أجل السلام التي يرأسها، قال حمان إنها تأتي من أجل تغيير بعض العقليات وترسيخ أفكار التعايش بين شباب حوض المتوسط عبر نبذ العنف والتطرف من جهة وتقوية ثقافة التعايش والسلام من جهة أخرى.

واعتبر المتحدث ان اشتغال منظمة أفكار مكن من تغيير نظرة ثنائية مختلفة سواء تلك التي تخص بلدان الشمال اتجاه الجنوب أو العكس، مبرزا أن سكان ضفتي الشمال والجنوب في حاجة إلى العمل المشترك والنقاش لحل المشاكل والقضايا التي يعانون منها، والتي تكمن، حسب حمان، في عدم إلمامهم سياسيا بأهمية التعاون وتكثيف النضالات بشكل مشترك ضد الإمبريالية التي تستغل ثرواتهم.

ودعا المتحدث إلى خلق فضاءات لتبادل الأفكار وتقارب الرؤى وتقييم أوضاع حقوق الإنسان والبحث عن سبل النهوض بها والترافع من أجلها. كما دعا إلى تطوير الديبلوماسية الموازية وتمكين الشباب من العمل على الترافع عن قضايا الوطن وبلورة أفكار جديدة قادرة على التأثير في القرارات السياسية وخلق روابط العيش المشترك مع الآخر.

في هذا الإطار قدم حمان مجموعة من التجارب التي انطلقت بنجاح وأخرى يتم التفكير فيها، موضحا أنه لقى مناضلين من داخل الشبيبة الاشتراكية المغربية والذين استطاعوا إنجاح محطة ملتقى طنجة المتوسطي في دورتين والذي من المرتقب أن يستمر بالنظر إلى ما حققه في سنيتين.

يذكر أن ملتقى طنجة للشباب والديمقراطية اختتم أشغاله يوم الأحد الماضي ببيان اختام تبنته جميع الشبيبات المشاركة والذي يعد ورقة رسمية للملتقى. 

كما يذكر أن الشبيبة الاشتراكية قامت بالاحتفاء بجميع المشاركين، حيث سلمت أذرعا وهدايا تذكارية للمشاركين القادمين من أمريكا اللاتينية، والشرق الأوسط، والمنطقة المغاربية، وأروبا، بالإضافة إلى شبابها المناضل القادم من مختلف فروع وجهات المملكة.

جدير بالذكر، أيضا، أن الملتقى افتتح يوم الجمعة الماضي، وترأس دورته الثانية يونس السيراج عضو المكتب الوطني للشبيبة الاشتراكية، وشاركت فيه وفود شبابية عالمية قدمت من ليبيا، لبنان، اسبانيا، المكسيك، الأرجنتين، كوستاريكا، البرتغال.

 كما حضر هذا الملتقى عدد من الشخصيات السياسية منهم أعضاء المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية: مصطفى البرايمي، ادريس الرضواني، أنس الدكالي، عزوز الصنهاجي، فضلا عن عدد من أعضاء اللجنة المركزية ومناضلي ومناضلات الحزب وشبابه، بالإضافة إلى مسؤولين من بينهم إلياس العماري رئيس جهة طنجة – تطوان – الحسيمة وممثل عن نائب عمدة مدينة طنجة ومسؤولين محليين آخرين وممثلين عن شبيبات حزبية وطنية.

< محمد توفيق أمزيان

Related posts

Top