تعد الصين طرفا في اتفاقية «رامسار» بشأن الأراضي الرطبة منذ عام 1992، وأدرجت في قائمة الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية «مواقع رامسار» حوالي 57 موقعا ايكولوجيا و ذا أهمية بيولوجية، حيث تعتبر خدمات النظام الإيكولوجي الخاصة بهذه المناطق الرطبة ذات قيمة كبيرة للبلد وللعالم كله.
وتشتغل الحكومة الصينية على اتخاذ العديد من التدابير للحفاظ على الأراضي الرطبة في البلاد، باعتبارها ضرورية للتنمية المستدامة في البلاد في المستقبل، وتهدف التدابير المختلفة المتخذة على الصعيدين الإقليمي والوطني إلى حماية الأراضي الرطبة بالإضافة إلى إنشاء 602 محمية طبيعية للأراضي الرطبة و898 حديقة وطنية للأراضي الرطبة بالصين.
وخلال الجلسة العامة للاجتماع السابع والخمسين للجنة الدائمة لاتفاقية «رامسار « المنعقدة في 26 يونيو 2019، والتي حضرها أكثر من 150 مندوبا من 63 دولة، تم قبول رسميا دعوة الصين لاستضافة الدورة الرابعة عشرة لمؤتمر الأطراف المتعاقدة في اتفاقية «رامسار «على الأراضي الرطبة حيث ستعقد قمة الاطراف في نسختها الرابعة عشر في مدينة ووهان في عام 2021.
وتقع مدينة ووهان، التي تستعد لاستضافة النسخة الرابعة عشرة من قمة الأطراف لاتفاقية «رامسار»، عند ملتقى نهر اليانغتسى وهان، أطول روافدها، وتغطيها حوالي 1624 كيلومتر مربع من الأراضي الرطبة أي ما يعادل 18.9 في المائة من المساحة الكلية للمدينة. وتعتبر ووهان، عاصمة وأكبر مدينة في مقاطعة هوبي الصينية، المركز السياسي والاقتصادي والمالي والتجاري والثقافي والتعليمي لوسط الصين.
وبناء على الدعوة التي أطلقتها الأمانة للنسخة الثانية (الثلاثية 2019-2021) لاتفاقية «رامسار»، لتقديم الطلبات لاعتماد بطاقة مدينة الأراضي الرطبة، جاء تقديم ترشيح مدينة إفران كأول مدينة مغربية تتنافس دوليا للحصول على علامة “مدينة المناطق الرطبة المعتمدة من قبل اتفاقية «رامسار”، على هامش الاحتفال باليوم العالمي للمناطق الرطبة، المنظم بشراكة بين إقليم إفران وقطاع المياه والغابات والصندوق العالمي للطبيعة بالمغرب، حيث أصبح من اللازم على مدينة إفران مواكبة إعداد ملف ترشيحها من طرف الصندوق العالمي للطبيعة المنظمة غير الحكومية الناشطة في المجال البيئي.
وستمكن هذه الشارة الدولية التي ستمنح لمدينة إفران على هامش انعقاد قمة الأطراف لاتفاقية «رامسار « بمدينة ووهان الصينية في متم سنة 2021، بصفتها مدينة توجد على مقربة من المناطق الرطبة ذات الأهمية الدولية والمصنفة كمواقع «رامسار»، ستمكن مدينة إفران من تطوير العلاقة الإيجابية مع الأنظمة البيئية الثمينة، من خلال تحسيس أوسع نطاقا للجمهور ودراسة اليقظة للمناطق الرطبة في التخطيط واتخاذ القرارات الحضرية
ويروم تخويل هذه العلامة المعتمدة من قبل الاتفاقية الدولية للمناطق الرطبة ذات الأهمية الدولية، إلى النهوض بالاستغلال العقلاني والمستدام لهذه المناطق وتحقيق امتيازات سوسيو-اقتصادية للساكنة المحلية.
ويأتي هذا التتويج المنتظر لمدينة إفران لكون اتجاهات التحضر الحالية تشكل تهديدا رئيسيا للحفظ والاستخدام الحكيم للأراضي الرطبة، ومع نمو المدن وزيادة الطلب على الأراضي، يزداد التدمير الممنهج للأراضي الرطبة، حيث غالبا ما تعتبر الأرض الأخيرة مهجورة لتحويلها لاستخدامات أخرى، بما في ذلك مطرحا للنفايات.
ومع ذلك، عندما يتم الحفاظ عليها واستغلالها بطريقة مستدامة تكون الأراضي الرطبة الحضرية، بالنسبة للمدن، مصادر للفوائد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المتعددة: فخلال العواصف، تمتص الأمطار الزائدة، مما يقلل من الفيضانات في المدن ومنع الكوارث والتكاليف المترتبة عليها، و تعمل النباتات الوفيرة في الأراضي الرطبة الحضرية كمرشح للمياه العادمة الصناعية والمنزلية وتساهم في تحسين نوعية المياه.
الأراضي الرطبة الحضرية ليست أراض مهجورة بل هي ذات قيمة، وبالتالي ينبغي أن تؤخذ في الاعتبار في المخططات الوطنية والاستراتيجيات المتعلقة بالمناطق الرطبة.
ووافقت الأطراف المتعاقدة الـ 171 في اتفاقية «رامسار» بشأن الأراضي الرطبة على ضمان الحفظ والاستخدام الحكيم للأراضي الرطبة في أراضيها. واعترافًا بأهمية المدن والأراضي الرطبة الحضرية، اعتمدت الاتفاقية مؤخرا علامة مدينة الأراضي الرطبة المعتمدة: هذا البرنامج التطوعي يعتبر فرصة للمدن التي تقدر أراضيها الرطبة الطبيعية أو من صنع الإنسان للحصول على اعتراف دولي وتعطي ضوءًا إيجابيًا لجهودها.
ستشجع بطاقة مدينة الأراضي الرطبة المعتمدة المدن القريبة من الأراضي الرطبة أو التي تعتمد عليها، ولا سيما الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية، على إبراز وتعزيز العلاقة الإيجابية مع هذه النظم الإيكولوجية التي لا تقدر بثمن، ولا سيما من خلال رفع مستوى الوعي حول المشاركة في التخطيط وصنع القرار على المستوى المحلي، و يجب أن تعمل بطاقة مدينة الأراضي الرطبة المعتمدة أيضًا على تعزيز الحفظ والاستخدام الرشيد للأراضي الرطبة في المناطق الحضرية وشبه الحضرية، وكذلك الفوائد الاجتماعية والاقتصادية للسكان المحليين.
و سبق لاتفاقية «رامسار» أن منحت و لأول مرة في تاريخ الاتفاقية و على هامش انعقاد قمة الاطراف لاتفاقية «رامسار» في نسختها الثالثة عشرة والمنعقدة بمدينة دبي الاماراتية في شهر أكتوبر 2018 علامة مدينة الأراضي الرطبة المعتمدة لفائدة ثمانية عشرة مدينة والتي اتخذت تدابير استثنائية لحماية أراضيها الرطبة الحضرية، منها 11 مدينة آسيوية و 5 أوروبية، و مدينتين إفريقيتين الأولى من تونس و الثانية من مدغشقر، حيث من المنتظر أن يقود هؤلاء الرواد القدوة ويلهموا مدن أخرى مما يدفعهم إلى اتخاذ إجراءات مدروسة لتحقيق التحضر المستدام.
وكانت مدينة غار الملح الواقعة في بنزرت بتونس، أول مدينة عربية وشمال أفريقية تدخل قائمة مدن الأراضي الرطبة المعتمدة ضمن اتفاقية «رامسار»، حيث تحصلت على جائزة “مدينة الأراضي الرطبة” خلال الاجتماع الثالث عشر لمؤتمر الأطراف المتعاقدة في اتفاقية «رامسار» للأراضي الرطبة بدبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة، يوم 28 أكتوبر 2018.
هذه الجائزة تأتي تتويجا للجهود الكبرى التي بذلتها المديرية العامة للغابات التابعة لوزارة الفلاحة التونسية والصندوق العالمي لحماية الطبيعة- مكتب شمال أفريقيا وبدعم من أمانة اتفاقية «رامسار» ومبادرة(MedWet) والمجتمع المحلي بغار الملح.
وتقوم هذه الجائزة بتعبئة الموارد لإنجاز مشاريع رائدة لحماية القيمة البيئية الهامة لبحيرة غار الملح، وتتمتع هذه المدينة بإرث ثقافي وطبيعي هام، وتحتوي على بحيرة غار الملح، وهي أرض رطبة ذات أهمية دولية، توفر خدمات قيّمة للمجتمع المحلي.
وتهدف هذه الجائزة إلى التوعية بخصائص الأراضي الرطبة الساحلية وتعزيز الاعتراف بفوائدها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية والأخطار التي تتهددها، كما تسعى الحملة الى التأثير على عمليات صنع القرار من أجل الاستخدام المستدام والفعال للأراضي الرطبة الساحلية والمحافظة عليها وإدارتها المتكاملة على المستويين الوطني والإقليمي.
وكانت مدينة سانت أومير الفرنسية قد عرفت انطلاق الاحتفالات باليوم العالمي للأراضي الرطبة 2020 على إيقاعات رفع شارة «مدينة رامسار» التي حصلت عليها مدينة سان أومير في 28 أكتوبر 2018 بدبي الاماراتية على هامش انعقاد قمة الاطراف لاتفاقية «رامسار» في نسختها الثالثة عشرة.
وتعد مدينة سان أومير واحدة من أول دفعة من مدن المناطق الرطبة التي حصلت على الشارة العالمية «مدينة رامسار»، و تم منح مدينة سانت أومير هذه العلامة لخصائصها الطبيعية الرطبة، حيث تشكل المناطق الرطبة ما يناهز 88٪ من مساحتها، بالإضافة إلى تفعيل مجموعة من الإجراءات و تطويرها للحفاظ على الأراضي الرطبة والمياه بمدينة سانت أومير التي أصبحت مدينة مرجعية و قدوة للمدن العالمية لتحدو حدوها من أجل التتويج و الحفاظ على المناطق الرطبة من التدمير.
وستعطي شارة مدينة المناطق الرطبة أو شارة «مدينة رامسار» التي ستمنح لمدينة إفران في خريف السنة المقبلة بمدينة ووهان الصينية، دفعة قوية لمجموعة من المدن المغربية التي تحتضن مجموعة من المناطق الرطبة المصنفة ضمن لائحة «رامسار» وعلى رأسها إقليم القنيطرة للسير في نفس النهج العالمي للحفاظ على المناطق الرطبة والاستخدام العقلاني والمستدام لثرواتها، هذا الإقليم الذي يضم ثلاث مناطق رطبة مصنفة مناطق رطبة رامسار: المرجة الزرقاء، محمية سيدي بوغابة المصنفتين منذ سنة 1980 كمناطق «رامسار» بالإضافة إلى مرجة الفوارات التي دخلت لائحة «رامسار» شهر فبراير 2019، في حين يمكن لمجموعة من المدن المغربية المصنفة مناطقها الرطبة ضمن لائحة «رامسار» أن تدخل على خط المنافسة و أخص بالذكر مدن الصحراء المغربية: طانطان، كلميم، الداخلة، العيون، طرفاية، بوجدور و واد الذهب.
هذا التتويج الدولي لمدينة إفران كـ»مدينة رامسار» ينضاف إلى تتويجها كثاني أنظف مدينة في العالم، و احتلت مدينة إفران العاصمة الإيكولوجية للمغرب المرتبة الثانية بعد مدينة كالغاري الكندية.
وحصلت مدينة إفران على هذا الترتيب بفضل نتائج بحث حول جودة العيش التي تأخذ بعين الاعتبار عوامل من قبيل توفر الماء وجمع النفايات وشبكة قنوات التطهير وتلوث المناخ وكثافة حركة السير، وبفضل غياب الصناعات وجودة الهواء الممتازة، هذا بالإضافة إلى توفرها على المنتزه الوطني لإفران كمنتزه طبيعي مغربي ويتسم بغنى نظامه الإيكولوجي ومناظره الطبيعية، كما يشكل قطبا سياحيا مفضلا بالنسبة للمتنزهين والصيادين الذين يمارسون هذه الرياضة، هذا المنتزه الذي يمتد على مساحة تفوق 500 كيلومتر مربع يحتضن على الخصوص غابة كبيرة لشجر الأرز المغربي ويضم مجموعة من المآوي التي تتميز بتنوعها البيئي النادر (منتزه تيزغيت ووادي إفران وعين فيتال وضاية عوا وضاية حشلاف وغيرها) التي صنفت سنة 2019 كمناطق رطبة «رامسار».
وجاءت مدينة إفران في المرتبة الثانية بعد مدينة كالغاري الكندية التي صنفت أنظف مدينة في العالم، هذه «المدينة الإيكولوجية» الكبيرة تعتبر «مهمة جدا» بالنظر لصبيبها المائي «الصافي» والاستعمال الجيد له بالإضافة إلى كونها تتوفر على مركز لمعالجة المياه العادمة، حيث تتم تصفية 100 مليون لتر من الماء في اليوم ومزودة في جزء كبير منها بالطاقات المتجددة وتتوفر على برنامج لجمع النفايات يروم تقليص الكمية المرسلة منها إلى المطارح.
وتقدمت مدينة إفران على مجموعة من العواصم العالمية كأنظف مدينة في العالم حيث جاءت متقدمة على العاصمة الفنلندية هلسنكي.
وبتتويج مدينة إفران كمدينة «رامسار «ستصبح بذلك أول مدينة مغربية و ثاني مدينة على الصعيدين العربي والافريقي التي ستفوز بهذه الشارة بعد مدينة غار المالح التونسية.
وتأتي هذه الجائزة التي ستمنح بمدينة ووهان الصينية تتويجا لمجهودات قطاع المياه والغابات التابع لوزارة الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات والصندوق العالمي لحماية الطبيعة، وبدعم من أمانة اتفاقية «رامسار»، حتى تستجيب المدينة الرطبة إفران أو «سويسرا المغرب» إلى الشروط المطلوبة للحصول على هذه العلامة ومن ذلك حماية الخصائص التي تزخر بها هذه المدينة الرطبة بامتياز.
وإذا كانت هذه الجائزة ستعطي إشعاعا دوليا للمغرب ودفعة قوية للمجتمع المدني البيئي لمواصلة مسلسل الترافع من أجل الحفاظ على المناطق الرطبة من التدمير الممنهج، فلن يكون لها طعم بيئي وإيكولوجي على المنطقة برمتها إلا إذا استرجعت ضاية عوا رونقها وجمالها واحتضنت مياهها التي فارقتها لسنوات عديدة بفعل الاستنزاف الخطير للثروات المائية الجوفية لسقي مشاريع فلاحية ضخمة بالمنطقة.
> محمد بنعبو ناشط بيئي رئيس المكتب الوطني
لـجمعية «مغرب أصدقاء البيئة»