نظمت المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، مؤخرا بمراكش يوما دراسيا حول موضوع “دور الاعلام الوطني في تعزيز التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان” لفائدة الصحافيين العاملين بالصحافة المكتوبة والالكترونية والمرئية والمسموعة وحقوقيين.
ويندرج هذا اليوم الدراسي، المنظم بتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وباقي وكالات الأمم المتحدة المعتمدة بالمغرب، تفعيلا للمقاربة التشاركية المعتمدة من طرف المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، وحرصها على إشراك مكونات الإعلام الوطني في الأنشطة التي تدخل ضمن اختصاصاتها، وتمكينها بالخصوص من تملك مضامين وآليات الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها أو انظمت إليها المملكة المغربية.
وافتتح هذا اليوم الدراسي، بكلمة للمندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، الاستاذ المحجوب الهيبة، أشار فيها إلى أن الهدف من هذا اليوم الدراسي، هو تعزيز وتوسيع المسار التشاوري الوطني بمناسبة إعداد التقرير الوطني برسم الجولة الثالثة من الاستعراض الدوري الشامل، من خلال الانكباب على موضوع متابعة تنفيذ مختلف مراحل التزامات المغرب ذات الصلة بهيئات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (هيئات المعاهدات وآلية الاستعراض الدوري الشامل والإجراءات الخاصة). وأضاف أن المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان تعمل على تنسيق وإعداد وتتبع تنفيذ السياسات العمومية في مجال حقوق الإنسان، وتتبع إعمال الالتزامات الاتفاقية الدولية المتعلقة بإعداد التقارير والتفاعل مع منظومة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وفق مقاربة مبنية على الإشراك مع مختلف الفاعلين المعنيين بحقوق الإنسان.
وأكد بالمناسبة على الأدوار التي يمكن أن يقوم بها الإعلام في مجال التوعية بالتزامات المغرب الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان من جهة، والمساهمة من جهة ثانية في ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان داخل النسيج المجتمعي من خلال لعب الدور التوعوي العام والدور الوقائي والدور الرقابي المنوط به، عبر متابعة مختلف السياقات الوطنية المرتبطة بهذه الحقوق سواء تعلق الأمر بالمؤسسات الحكومية أم بمنظمات المجتمع المدني أم بالأفراد، ولم لا أن يسعى الإعلام إلى الكشف عن الانتهاكات من خلال عملية رصد وتوثيق تلك الانتهاكات ونشرها وإتاحتها على أوسع نطاق، بالإضافة إلى القيام بدور وقائي من خلال تعزيز التربية على حقوق الإنسان من أجل تفادي تكرار حدوث الإنتهاكات.
ومن جهتها، نوهت الممثلة المقيمة لبرنامج الامم المتحدة الانمائي السيدة عيشاني ميداغاندوغا لابي، بالمقاربة المثالية للمغرب بخصوص إعداد وتتبع تنفيذ السياسات العمومية في مجال حقوق الإنسان، مؤكدة في كلمة لها بالمناسبة، أن المغرب اتخذ عدة إجراءات لتحسين وضعية حقوق الانسان. وأوضحت، أن هذا اللقاء من شأنه توسيع مجال التشاور حول آليات الاستعراض الدولي الشامل وتنفيذ التزامات المغرب بالآليات الاتفاقية.
ومن جانبه، أكد عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية عبد الكبير اخشيشن، أن وسائل الاعلام الوطنية تساهم دوما وبشكل ملموس في حملة التحسيس بحقوق الإنسان بالمغرب، وذلك عبر تملكها لميكانيزمات هيآت حقوق الانسان على المستوى الدولي، مضيفا أن النقابة الوطنية للصحافة المغربية باعتبارها هيئة نقابية، تعمل من أجل ترسيخ المكتسبات التي حققها المغرب بخصوص حقوق الانسان، وذلك عبر تعزيز ميكانيزمات المراقبة ورصد مختلف أوجه انتهاكات حقوق الإنسان. وأشار أيضا إلى أن ممثلي مختلف المنابر الإعلامية تشارك بشكل مكثف في مختلف اللقاءات من أجل الاطلاع بكيفية مثلى على آليات ومسلسل عمل الهيآت والمؤسسات الدولية المدافعة عن حقوق الانسان.
ومن جهتها، نوهت ممثلة جمعية خريجي المعهد العالي للإعلام والاتصال بهذا اللقاء، الذي يشكل فرصة ملائمة بالنسبة لمهنيي قطاع الاعلام للاطلاع على مختلف القضايا المرتبطة بحقوق الانسان والمشاركة في نقاش مثمر واقتسام الرؤى بخصوص هذا الموضوع، داعية الى ضرورة استدعاء مختلف المنابر الإعلامية في النقاشات ذات الصلة بحقوق الانسان.
وبعد الجلسة الإفتتاحية، تم تنظيم جلسة عامة، قدم فيها عرضان، الأول حول “واقع الممارسة الاتفاقية للمغرب في علاقة بهيئات المعاهدات وآلية الاستعراض الدوري الشامل” قدمه الأستاذ محمد عادي، رئيس قسم التنسيق مع القطاعات الحكومية بالمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، تحدث فيه عن مفهوم هيئات المعاهدات، وكيفية تفاعل المغرب معها، كما عرج على الحديث عن خطة عمل المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان، دون أن يغفل الحديث عن وضعية تقديم التقارير الوطنية وملاحظات عن الممارسة الاتفاقية للمغرب، قبل أن يختم عرضه بالحديث عن التحديات والرهانات المطروحة والتي لخصها في الحاجة إلى تطوير وتملك أدوات التخطيط الاستراتيجي في مجال حقوق الإنسان يقوم على وضع مؤشرات قياس Indicateurs، تأخذ بعين الاعتبار أوضاع التمتع بالحقوق على أرض الواقع في أبعادها الوطنية والجهوية والمحلية؛ و تحدي الانسجام والتفاعل بين مختلف المتدخلين، وبشكل خاص على مستوى تتبع تنفيذ التوصيات، و إدماج بعد حقوق الإنسان في كل السياسات العمومية؛ وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان والتربية عليها عبر مختلف شرائح المجتمع.
أما العرض الثاني فتمحور حول ” دور الإعلام الوطني في تعزيز التزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان” من طرف الأستاذ عبد العزيز النويضي، أستاذ القانون الدستوري والحريات، دعا فيه إلى ضرورة التزام الصحفيين بأخلاقيات مهنة الصحافة، التي تلتقي مع حقوق الإنسان، مؤكدا على أن أي انتهاك للأخلاقيات فهو انتهاك لحقوق الإنسان.
وتحدث النويضي عما أسماه، ب “الطائفات المتعلقة بحقوق الإنسان”، وقال في هذا الصدد، إن الطائفة الأولى هي حماية الإنسان كإنسان، موضحا بالمناسبة، أن أخطر انتهاك لحقوق الإنسان، هو حينما ينظر إليه بنظرة تهميشية.”.
أما الطائفة الثانية في نظره، فتتعلق بقواعد تضمن للإنسان السلامة الجسدية، ضمنها احترام اتفاقيات ضد التعذيب، وإنشاء آلية وطنية لزيارة السجون والمعتقلات. وفي المقابل، لم ينف ذات المتحدث أن المغرب لايزال يواجه تحديات في تفعيل الاتفاقية الموقعة من طرفه والمتعلقة بمناهضة التعذيب.
وعلى مستوى آخر، قال المتحدث، إن ” القانون الجنائي المغربي يتوجب إصلاحه، خاصة في الجزء الذي يجرم فيه العلاقات الجنسية غير الشرعية، موضحا ” أن المعايير الحقوقية الدولية لا تجرم مثل هذه العلاقات غير الشرعية”، وأن ” الدولة المغربية لايحق لها أن تقتحم بيت شخصين يتواجدان بفضاء خاص”.
وفي الفترة المسائية من نفس اليوم، تم تنظيم ورشتين، الأولى حول “متابعة تنفيذ توصيات الجولة الثانية من الاستعراض الدوري الشامل ( نموذج من التوصيات)؛ والثانية حول “متابعة تنفيذ توصيات أجهزة المعاهدات ( نموذج لجنة حقوق الطفل)، ليتم اختتام أشغال اليوم الدراسي بإصدار مجموعة من التوصيات سنعود لها في عدد لاحق.
حسن عربي