قدمت الطريقة التيجانية، أمسية صوفية، أول أمس الثلاثاء 28 ماي، ضمن فعاليات مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة في دورته 27، والمقامة تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس في الفترة الممتدة من 24 ماي الجاري إلى 1 يونيو المقبل.
استمتع الحضور بالأذكار التي قدمتها الفرقة بقيادة محسن نورش في حديقة جنان السبيل بفاس. وما رفع من سقف المتعة في هاته الأمسية، هي روائح البخور الزكية المنبعثة من كل جانب.. مما جعل الجمهور ينغمس في الأجواء الروحانية بكثير من الخشوع.
وقال محسن نورش، قائد الفرقة التيجانية: “تضم المجموعة خيرة منشدي الطريقة التيجانية، الذين ينشدون غرر قصائد السادة الصوفية التيجانية”، قبل أن يضيف: “هاته أول مرة تشارك الزاوية التيجانية في مهرجان فاس الذي أعتبره من المهرجانات العريقة التي تعنى بالسماع الصوفي، وبكل ما يخاطب الروح، ويخاطب الوجدان”.
وأكد محسن نورش، في تصريح لجريدة بيان اليوم، أن “هذا المهرجان عبارة عن محفل سماعي روحي عالمي، يجتمع فيه كبار المنشدين والعازفين وكذا الباحثين في المجال الصوفي. لنا الشرف للمشاركة في هذا المهرجان من خلال تقديم عرض فني عبارة عن كشكول من غرر قصائد السادة التيجانيين، من أمثال سيدي إبراهيم بالرياحي.. وحينما نتكلم عن المديح والسماع، فإننا نتكلم عن منظومة تتكون من الشعر والنغم والإيقاع، وما نتوارثه هو آليات الأداء، أي كيف نغني الشعر والنغم والإيقاع”.
أما عن خصوصيات الزاوية التيجانية في السماع، فقد أبرز نورش: “خصوصيات نفقة المديح التيجاني تتجلى في كوننا دائما خلال اجتماعاتنا نعتمد على البردة والهمزية في حصة المديح، ثم نتطرق إلى قصائد التيجانيين. وقد انتمى إلى الطريقة التيجانية آلاف الشعراء الذين أغنوا الخزانة بقصائد خاصة بالطريقة التيجانية من مختلف البحور الشعرية ومن أزجال وموشحات.. وكلها تقدمها الفرقة”.
وحسب نورش، فإن الطريقة التيجانية ترتكز، أيضا، على السماع المأثور، قبل أن يضيف: “ومن خصوصيات الطريقة التيجانية أنها لا تعتمد على الآلات الموسيقية، ولا تتناول مواضيع الاستغاثات بالأولياء، ولا تكون فيها الحضرة أو الخمرة أو العمارة. إذ تكتفي بذكر الله ونبيه محمد”.
وخلص نورش في حديثه بالقول: “هناك إقبال للشباب على العراقة والموروث الفني الأصيل. ولهذا فالسماع والمديح له علاقة وطيدة بالسمو الروحي والأصالة والتقاليد، لأننا نعيش حياتنا بالمديح والسماع، في العقيقة والختان… وحتى في الممات. وفي الأعياد الدينية كذلك”.
في إطار الحديث عن الشباب، أخذت الجريدة تصريحا من الشاب نبيل المرنيسي، أحد أعضاء الفرقة، وصاحب الصوت الفذ، حيث قال: “كل الشرف لي أن أشارك في مهرجان دولي للموسيقى الروحية العالمية، خصوصا وأنا أمثل الفرقة التي تمثل الزاوية التيجانية، وهذا ما ألفنا عن مدينة فاس. وهي المدينة التي عودتنا على الحفاظ على التراث المغربي. لم أكن أتصور أن يكون الإقبال على هاته الليلة بهذا الشكل”.
وأضاف نبيل المرنيسي أن: “الأشعار المتداولة في الطرق الصوفية تعرفك بالدين أكثر، وبأولياء الله. هاته الأشعار، أيضا، لديها مكانة روحية مؤثرة جدا في تهذيب النفس والروح، فتتذوق حلاوة الرقي. خصوصا وأن هاته القصائد تكون في مدح الشيخ أو الرسول أو الذات الإلهية.. وكل زاوية لديها أرشيفها من الدواوين الذي تعتمد عليه فرقها”.
تجدر الإشارة إلى أن الدورة 27 لمهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة، منظمة تحت شعار “بحثا عن روح الأندلس”، تماشيا مع ضيفة شرف هاته السنة وهي إسبانيا.
مبعوثا بيان اليوم إلى فاس
متابعة: سارة صبري
تصوير: طه ياسين شامي