من مسار نوال المتوكل

 تعد نوال المتوكل واحدة من النماذج الناجحة للرياضيات اللواتي تمكن من المحافظة على مسار ناجح بعد نهاية المشوار الرياضي، مقدمة نموذجا للتحول الإيجابي للإنسان الرياضي.
   فقد جعلت نوال من الاعتزال بداية لا نهاية، ومرحلة لإعادة بناء شخصية الرياضي، من ممارسة لا تعرف إلا المضمار أو القاعة والملعب، إلى إطار من مستوى عال تساهم في التدبير والتسيير على أعلى مستوى.
  نموذج فريد وغير قابل للتكرار في سماء البطلات المغربيات، فهي بطلة أولمبية في ألعاب القوى، تجاوزت كل الحواجز، لتبرز كرياضية قادمة من عالم محكوم بكثير من التقاليد والأحكام المسبقة، وهي الآن تتقلد مناصب عليا داخل دواليب التسيير بالمؤسسات الرياضية على الصعيد الدولي، بفضل الكاريزما التي جعلتها رافضة للاستسلام والخضوع والتخلي والتراجع والقبول بالأمر الواقع.
  خلال فضاء رمضان السنة الماضية، قدمنا حلقات الجزء الأول من مسار نوال المتوكل، والتي خصصت للوقوف على تفاصيل مرحلة الممارسة كعداءة، انطلاقا من ملعب لاكازابلانكيز، مرورا بانتمائها للمنتخب الوطني، وصولا إلى انتقالها للولايات المتحدة الأمريكية للدراسة والتدريب، وفق أساليب وطرق متطورة تختلف كليا عما سبق، لتتوج ذلك بميدالية ذهبية في سباق 400م حواجز بأولمبياد لوس أنجلوس.
   خلال رمضان هذه السنة نعود لتقديم تفاصيل مرحلة ما بعد الاعتزال، والتي شهدت الانتقال من مرحلة الممارسة إلى التحول لكسب مكان داخل الأجهزة المشرفة على الرياضة الدولية، وبصفة خاصة الاتحاد الدولي لألعاب القوى واللجنة الأولمبية الدولية، وهذه المرحلة تحفل بالكثير من التفاصيل والمعطيات المثيرة، وهو ما نعمل على تقديمه تباعا عبر حلقات طيلة هذا الشهر الفضيل…    

بعد اعتزال الممارسة طرح الاختيار بين التدريب والتسيير

حرص اللجنة الأولمبية على حضوري لمؤتمر برشلونة، جاء من خلال متابعة تحركاتي خلال السنوات الثلاثة والأربعة التي سبقت عقد المؤتمر، وعلى هذا الأساس كان  علي ضمان حضوري. إلا أنه كما قلت  تعذر علي تلبية الدعوة، بسبب ظروف الولادة، بعد إنجابي ابني رضا في شهر غشت من سنة 1995، وهو التاريخ الذي انعقد فيه المؤتمر ببرشلونة.
  خلال هذا المؤتمر، تم تشكيل أول لجنة خاصة بالمرأة والرياضة داخل اللجنة الأولمبية الدولية. وسميت بمجموعة العمل وشرعت بالفعل في الاشتغال، بعدما كانت موجودة فقط على الورق،  وكنت من الأسماء التي حظيت بشرف الانتماء لعضويتها، وترأستها الأمريكية أنيتا دي فرانس.
 انضممت للمجموعة كعضو. وفي نفس الفترة التحقت أيضا بالاتحاد الدولي لألعاب القوى. وهنا وضعت قدما هنا وهناك.       مجموعة عمل المرأة والرياضة تحولت سنة 2000 إلى لجنة المرأة والرياضة، في البداية كنا مطالبين بوضع تصورات عن كيفية انخراط المرأة داخل النسيج الأولمبي. بموازاة ذلك، فتح الاتحاد الدولي لألعاب القوى الباب أمام المرأة، بحكم أن اللجنة الأولمبية الدولية أنشأت لجنة المرأة والرياضة، وكان على الاتحاد الدولي لألعاب القوى السير في نفس الاتجاه، وتكوين لجنة خاصة بالمرأة. هذا في وقت كانت اللجنة الأولمبية الدولية تدعو إلى تواجد 10 بالمائة من النساء داخل الاتحادات الرياضية، وبالفعل تم تطبيقها على جل الاتحادات الدولية في إطار الديمقراطية، وتحديد كوطا خاصة بالنساء.
  لكن خلال هذه الفترة، لم تكن النساء متواجدات بعدد كبير خاصة داخل اللجنة الأولمبية الدولية، وهنا واجهنا مشكلا كان من الصعب أن نجد له حلولا عاجلة. وضمان تواجد النساء، وفي هذه الحالة كنا نستعين بالاتحاد الدولية واللجان الأولمبية الوطنية، وإلزامها بتواجد عدد كاف من النساء لضمان تطعيم اللجنة الأولمبية الدولية بالعنصر النسوى.
  آنذاك كنت المرأة العربية الوحيدة. وبريمينوي بولو كان يحتاج لامرأتين حتى يحترم كوطا 10 في المائة. وطرح أمامه إشكال كيفية إيجاد حل هذا الأمر وبصفة مستعجلة، وفي هذا الإطار تم توجيه مراسلات لكل الاتحادات الدولية التي لم تكن تتجاوز 200 اتحادا (حوالي 190 أو 198 اتحادا)، وليس كما هو الحال اليوم إذ لدينا 212 اتحادا وطنيا، وحثها على المشاركة، وان يتضمن الوفد  امرأة، وترشحيها للظفر بأحد المقعدين المحجوزين سلفا للعنصر النسوى.  
هنا تحتم علي التحدث مع محمد المديوري بصفته رئيسا للجامعة المغربية، وطالبت منه أن يتقهم هذا المعطي، خاصة وان الجامعة سارعت إلى ترشيح الجزولي الذي كان آنذاك كاتبا عاما، وأن يرشح اسمي لعضوية الاتحاد الدولي، وفي الحقيقة لم أجد صعوبة كبيرة في الحصول على التأييد، وكان التجاوب بطريقة سريعة لم تكن منتظرة، خاصة وأنني لم أكن متواجدة بالدار البيضاء، إلا أن التجاوب كان بصفة إيجابية.

 إنجاز: محمد الروحلي

Related posts

*

*

Top