البيان العام للمؤتمر الوطني الثامن للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية.. نحو ميثاق وطني للنهوض بالثقافة والفنون

انعقد المؤتمر الوطني الثامن للنقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية أيام 30 يناير و1 و2 فبراير 2025 بمجمع الأمير مولاي رشيد للطفولة والشباب ببوزنيقة، تحت شعار “خصوصية المهن الفنية، أساس لهيكلة قطاعية عادلة”.

شارك في هذا المؤتمر مؤتمرات ومؤتمرون من كل فروع النقابة عبر التراب الوطني، وضيوف وملاحظون وممثلو بعض المنظمات النقابية الفنية الصديقة..

وتميزت الجلسة الافتتاحية بكلمة رئيس النقابة د. مسعود بوحسين، وكلمة السيد وزير الثقافة والشباب والتواصل التي تلاها بالنيابة عنه السيد هشام عبقري مدير الفنون، وكلمة الكاتب العام للفدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة السيد بوسرحان الزيتوني، وتليت رسائل التحايا الواردة على المؤتمر من نقابات صديقة وشقيقة من الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وأوروبا، وأمريكا اللاتينية، واستراليا وإفريقيا..

وبعد المصادقة بالإجماع على مشروع المقرر التنظيمي للمؤتمر، توزعت الأشغال على عدة جلسات تناقش فيها المؤتمرات والمؤتمرون التقريرين الأدبي والمالي، والوثيقة التوجيهية للنقابة، والتعديلات المقترحة في القانون الأساسي.

وبعد مناقشات مستفيضة اتسمت بالجدية والروح النضالية العالية والصراحة، في إطار من التقييم والتقويم واستشراف الآفاق، صادق المؤتمرون بالإجماع على كل الوثائق المعروضة.. كما صادقوا على رئاسة المؤتمر بعد أن قدم المكتب الوطني المنتهية ولايته استقالته.

وفي نهاية الأشغال تم انتخاب رئيس جديد ومكتب وطني جديد، وأسفر الانتخاب على التشكيلة التالية:

الرئيس، الحسين الشعبي

الأعضاء: خلود بطيوي، نعيمة زيطان، كريمة بنميمون، إدريس السبتي، محمد متوكل، عبد العزيز بوجعادة، عبد اللطيف أصاف، محمد العاقل، هشام بهلول، جواد العلمي، عبد الجبار خمران، محمد بلمقدم، الحسين الدجيتي، إدريس القروي، حسن صابر، سيدي أحمد الشكاف.

بعد ذلك صادق المؤتمر على بيان ختامي فيما يلي نصه:

*********************

عقدت النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية مؤتمرها الثامن في الفترة ما بين 31 يناير و2 فبراير 2025 بمجمع الأمير مولاي رشيد للطفولة والشباب، تحت شعار “خصوصية المهن الفنية، أساس لهيكلة قطاعية عادلة”.

 هذا المؤتمر الذي جمع المهنيين والمبدعين من مختلف مجالات المسرح والسينما والتلفزيون وغيرها من الفنون الدرامية، يأتي في وقت بالغ الأهمية وطنيا وقاريا ودوليا، لتسليط الضوء على القضايا المهنية والحقوقية والثقافية الهيكلية التي يعاني منها القطاع ببلدنا. وقد عرفت جلسات المؤتمر نقاشا عميقا وشاملا، حول ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية والمهنية لجميع العاملين في هذا المجال الحيوي، من خلال تبني مقاربات قانونية وتنظيمية هيكلية تضمن تطوير القطاع واستدامته والرقي به إلى مستوى يحرره من النظرة التجزيئية والخلط والتصنيف ضمن الثانوي من درجات التنمية والتحديث في السياسات العمومية، وفي الوعي الجماعي للمهنيين وللمسؤولين وللجماهير، بما يليق وتوجهات المملكة نحو مكانة دولية تليق بقيادتها الحكيمة والرشيدة، وبتوجهها نحو مصاف القوى الإقليمية المتطلعة إلى التنمية المستدامة والعدالة الشاملة والحضور الدبلوماسي والسياسي والثقافي المتكامل.

في هذا السياق يعلن المؤتمر في ختام أشغاله ما يلي:

1- يعرب المؤتمر عن اعتزازه وتثمينه لما تحقق من انتصارات دبلوماسية في القضية الوطنية الأولى وهي قضية الصحراء المغربية، بفضل القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، مقرونا بالتوجه السياسي والاقتصادي والدبلوماسي الشامل في تحديث المملكة وبنياتها التحتية والاقتصادية والاجتماعية، ومنها التوجه الأطلسي الذي يلبي حاجات المملكة في سياق علاقات رابح – رابح عادلة مع العالم الخارجي عموما، والقارة الإفريقية خاصة.

2- في إطار التزام النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية بالدفاع عن القضايا العادلة والإنسانية، يعرب المؤتمر الثامن عن إدانته الشديدة للمجازر الإجرامية التي ما فتئ يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي الغاشم في حق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك التهجير القسري، والتصفية العرقية، والممارسات اللاإنسانية التي تشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ولحقوق الإنسان. إن هذه الممارسات لا تعد فقط جريمة ضد الشعب الفلسطيني، بل هي جريمة ضد الإنسانية جمعاء، وتستدعي وقفة عالمية جادة لوقف هذه الانتهاكات وضمان تحقيق العدالة للضحايا. 

كما يؤكد المؤتمر على تضامنه الكامل مع نضال الشعب الفلسطيني من أجل الحرية والكرامة واستعادة حقوقه المشروعة، داعيًا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية في حماية المدنيين الفلسطينيين ووقف سياسات الاحتلال والتمييز العنصري. إن قضية فلسطين ليست مجرد قضية سياسية، بل هي قضية إنسانية وأخلاقية تمس ضمير العالم أجمع. 

3 يدعو المؤتمر إلى العمل من أجل ميثاق وطني للنهوض بالثقافة والفنون، يجعل من هذا القطاع أحد العناصر الرئيسية والعضوية في سلم الاستراتيجيات العمومية الموجهة للتنمية الشاملة والمستدامة للمملكة، في سياق جعلها ضمن القطاعات المنتجة تشغيلا وتحقيقا لفائض قيمة، انطلاقا من أن الثقافة والفنون وصناعاتهما بكل الأبعاد التقليدية الحالية والمستقبلية، كالسينما والمسرح والتلفزيون من جهة، ومنصات الألعاب والصناعات الثقافية والفنية الموجهة للاستهلاك السلعي، إنما تدخل في سياق بناء الوطن والمواطن، الأمة والدولة وأدواتها التنفيذية، كما أنها في قلب صناعة وصيانة وتجديد الهوية الوطنية المتعددة كما ينص على ذلك دستور المملكة، وكما تؤكد على ذلك خطب صاحب الجلالة حفظه الله، سواء تلك الموجهة للأمة، أو تلك الموجهة للبرلمان، أو تلك الموجهة للملتقيات المنعقدة على أرض المملكة في مناسبات كبرى وطنية ودولية.

4 يسجل المؤتمر تراجعات متعددة في حقل الثقافة والفنون لابد من التعاون على تداركها وتصحيحها، وهي تراجعات مست مجمل أشكال الدعم والتشريعات والمقررات التنظيمية والمهنية والاجتماعية المكتسبة التي دعمت وعززت قطاعات الثقافة والفنون إنتاجا وتوزيعا وترويجا، وهي اليوم في حاجة لتعزيزها وتقويتها على درب الاعتراف بالثقافة والفنون كقطاع يواكب بشكل منتج وكامل السياسات العمومية الاستراتيجية التحديثية والتنموية بالمملكة.

5 ينبه المؤتمر إلى الاختلالات التي طبعت تنزيل الورش الوطني المتعلق بالتغطية الصحية والحماية الاجتماعية الذي تم تنزيله بشكل حد من فاعليته وملاءمته، حيث وجد فنانو الأداء على سبيل المثال والمهن التقنية والإدارية القرينة بهم (في مجال فنون العرض) أنفسهم في وضعيات العمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا، في حين أن وضعيتهم الطبيعية والقانونية هي أنهم أجراء بعقود شغل محددة المدة، ويتميز عملهم بوجود قرينة “تبعية” واضحة ولا لبس فيها لمشغل في فترة محددة أو لتنفيذ مهمة معينة، وهم يشتغلون لصالح مقاولات إنتاج وليس لحسابهم الخاص، الشيء الذي ينذر بمشاكل تنظيمية وحقوقية تمس فلسفة وروح ومنطوق قانون الفنان والمهن الفنية وأهدافه التنظيمية، كقانون خاص وظيفته حل الوضعية اللانمطية للقطاع الفني تنفيذا لمقتضيات الفصل السادس والعشرين من الدستور.

6 يلح المؤتمر على ضرورة مراجعة مرسوم بطاقة الفنان المهنية وبطاقة تقنيي وإداريي الأعمال الفنية، وبنائه على أسس اقتصادية واجتماعية مهنية، وتضمينه بيانات تتعلق بالوضعيات المهنية، وجعل شرط حد أدنى من تواتر الدخل معيارا أساسيا لمنح البطاقة أو سحبها، وتدقيق بيانات هذه البطاقة لكي تؤدي وظيفتها التي تتمركز حول أهلية حاملها لأن يستفيد من الحقوق التي تخولها له، وأن يكون قادرا، في نفس الوقت وفي حدود معقولة، على الالتزام بواجباته من مساهمات أو اقتطاعات، حسب طبيعة الوضعية القانونية لكل نشاط فني، وأن تمكن هذه البطاقة من عقلنة العمل النقابي والفني، باعتبارها معيارا أساسيا لاحتساب التمثيلية النقابية في القطاع، ومدخلا لممارسة سليمة للحقوق النقابية وطريقا للولوج للمفاوضة الجماعية.

7- كما يطالب المؤتمر باستكمال تنزيل قانون الفنان والمهن الفنية، وذلك بإصدار النصوص التنظيمية المتعلقة بالحدود الدنيا للأجر، وإرساء نظام خاص للحماية الاجتماعية الأساسية للأجراء بعقود محددة المدة مبني على الاقتطاعات من المنبع، في إطار القوانين ذات الصلة المكفولة لبقية المواطنين الأجراء، وآلية للحماية الاجتماعية التكميلية، وإصدار العقود النموذجية والمقتضيات الخاصة بالمفاوضة الجماعية، ووكالة الخدمات الفنية وغيرها من المقتضيات الهيكلية التي ينص عليها قانون الفنان والمهن الفنية، الذي وبشهادة خبراء التشريع الفني المتخصصين الوطنيين والدوليين يعتبر مرجعا أساسيا وموثوقا لحل مشكلة خصوصية العمل الفني وموضعته بشكل قانوني صحيح في صلب قانون الشغل بشكل لا يضر بخصوصية المجال الفني، وليست له أية تبعات مالية للدولة ولا يفترض أي امتياز، بل هدفه الأساسي هو ضمان ولوجية مهنيي الفنون لحقوقهم وتمتعهم بها بطرق قانونية خاصة، وهدفه كذلك تمكين الفنانين من أداء واجباتهم، شأنهم شأن بقية المواطنين المشتغلين لا أقل ولا أكثر، إذ أن قانون الفنان والمهن الفنية ليس سوى قانونا يحقق بتقنية خاصة هذا الهدف وما يترتب عنه من آثار تنظيمية تمتد حتى إمكانية الولوج للمفاوضة الجماعية المستحيلة بدونه، لانعدام التوازن بين الأجير ومشغله، زد على ذلك صعوبة مبدئية في ممارسة الحقوق النقابية وتنظيم العمل النقابي الفني وعقلنته بناء على قواعد تحترم التعددية لكن، في نفس الوقت، تحترم المعايير الدنيا للتمثيلية كما ينص على ذلك قانون الفنان والمهن الفنية، والتي هي للأسف غير محترمة تماما، بما في ذلك ما يتعلق بتنازع المصالح بين الأجراء والمشغلين الذين قد يتواجدون في تنظيم نقابي واحد، بشكل مناف للقواعد والأعراف النقابية حتى غير الفنية منها.

8 – يثير المؤتمر انتباه وزارة الاقتصاد والمالية والمديرية العامة للضرائب إلى الاختلالات المتعلقة في طرق تحصيل الضريبة على الدخل بالنسبة لأغلبية العاملين المشتغلين في قطاع المسرح والسينما والتلفزيون (عدا المؤلفين) والمعتمدة على “الباتنتا” و”المقاول الذاتي”، وهما آليتان لا تعكسان طبيعة ومسطرة الاقتطاعات التي يجب أن تستند على عقود الشغل وفقا للمادة 60 من المدونة العامة للضرائب الخاصة بالضريبة على دخل الفنانين.

كما يشير المؤتمر إلى التناقض غير المفهوم بين منح تخفيضات ضريبية تصل إلى 50 في المائة من سعر الضريبة على الدخل للفنانين كأجراء في المادة المذكورة، وفي نفس الوقت تكرس عدم استفادتهم منها لاعتبارهم مستقلين في مسطرة التحصيل بناء على إجبارهم من قبل المشغلين على التوفر على “بتانتا” أو “مقاول ذاتي” إن هم رغبوا في الحصول على فرصة عمل.

       9- يطالب المؤتمر بتسريع وثيرة الورش المتعلق بهيكلة المكتب المغربي لحقوق المؤلفين، وتمكين ذوي الحقوق من انتخاب تمثيليتهم للإشراف على تدبير حقوقهم، تحت مراقبة الدولة، بشكل يفصل بين أدوار ذوي الحقوق التقريرية، وأدوار الدولة الحمائية والرقابية والتحكيمية، ومراعاة تنازع المصالح، من خلال هندسة قانونية تراعي طبيعة الموضوع الخاضع للقانونين العام والخاص معا، نظرا لطبيعته الحقوقية الأساسية، كما ينص على ذلك دستور البلاد وكما هو معمول به دوليا.

10- يلح المؤتمر على منهجية العمل التشاركي ويعلن عن استعداد نقابتنا على الالتزام به وبتفعيله، حتى تكون نتائجه عملية وفعالة ومؤسساتية دائمة، تضمن للمهن الفنية الدرامية مكانة في صلب القطاع الثقافي والفني وتجعلها عنصرا منتجا ضمن الصناعات الثقافية والإبداعية بكل أبعادها وأشكالها الفكرية والجمالية وامتداداتها الاقتصادية والتنموية.. خدمة للمشروع المجتمعي الحداثي الذي يتطلع إليه بلدنا ملكا وشعبا ومؤسسات.

عاشت النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية إطارا ديمقراطيا مناضلا من أجل كرامة الشغيلة الفنية الدرامية ومن أجل مغرب يليق بنسائه ورجاله الأحرار المبدعين.

< تصوير: عبد العزيز الخليلي

Top