بغض النظر عن هزيمة المنتخب الوطني النسوي لكرة القدم، مساء أول أمس، أمام جنوب إفريقيا في نهائي كأس إفريقيا للسيدات، وبعيدا عن تفاصيل القراءات التقنية وتحاليل مجريات المباراة، والتي لا شك سيتولاها المختصون هذه الأيام، فإن المتفق عليه من لدن الجميع، أن منتخب “لبوءات الأطلس” نجح في جعل المغاربة يستعيدون شغف كرة القدم.
لقد تصالح المغاربة طيلة أيام المنافسات القارية بالرباط مع الملعب، وسجل المراقبون حجم الإقبال الجماهيري الكثيف على متابعة المباريات من مدرجات الملعب، وتحقق ذلك من دون أي حوادث عنف أو أي طارئ سلبي، كما شوهدت أسر بكاملها تحضر إلى الملعب، وآلاف النساء والفتيات بالخصوص.
كل هذا مثل خلخلة عميقة للتفكير الذكوري المتكلس في علاقته بالرياضة، وبممارسة المرأة لكرة القدم، أي هزيمة لعدد من الأفكار والأحكام الثقافية والاجتماعية السلبية بهذا الشأن.
إن إقبال المغربيات والمغاربة على تشجيع المنتخب النسوي، والذهاب إلى الملعب بعشرات الآلاف لمشاهدة المباريات، والحماس الاستثنائي الذي ساد وسط فئات مختلفة من شعبنا وفي كل مجالس الحديث، كل هذا يعتبر مؤشرا سوسيولوجيا وثقافيا للتحول الذي نجح في إحداثه المنتخب النسوي هذه الأيام.
بعض المتابعين توقفوا أيضا عند اللاعبات أنفسهن، والتقطوا كل إشارات ملامحهن، وخصوصا الفرح الذي غمرهن، وهن سيمارسن كرة القدم ويدافعن عن القميص الوطني في تظاهرة قارية، كما تم اكتشاف لاعبات مغربيات يمارسن الكرة في دوريات أوروبية محترفة، والتقط الإعلام الدولي صورهن محتفيا بهن وبمساراتهن الرياضية والإنسانية…، وكل هذا مثل أيضا مؤشرا إضافيا لتبدلات اجتماعية لافتة أسس لها هذا الفريق النسوي.
وتبعا لهكذا مؤشرات مؤسسة، فإن ما حققه المنتخب النسوي لكرة القدم يعتبر انتصارا حقيقيا للمرأة المغربية من الناحية الثقافية والسوسيولوجية، وسندا لمسيرة انفتاح النساء والارتقاء المجتمعي والحقوقي بهن، وأساسا خطوة في النضال العام ضد الأحكام السلبية المسبقة عن المرأة وقدراتها وحقوقها.
وانطلاقا مما سبق، يجدر اليوم البناء على هذا المكتسب، والسعي لتأهيل كرة القدم، والرياضة النسائية بشكل عام، وعدم التفريط في هذا الفريق الواعد، ومواصلة دعمه خلال المونديال المرتقب، والأهم الاستمرار في حماية شغف المغربيات بالرياضة وإقبالهن على كرة القدم وسواها، والانكباب على تأهيل وتطوير كامل المنظومة الرياضية والتدبيرية ذات الصلة.
المنتخب النسوي لكرة القدم وجه لنا كلنا درسا حول أهمية الارتقاء بأوضاع المرأة المغربية، والانتصار لقيم المساواة والانفتاح.
ما حققه فريق المغربيات لكرة القدم في (الكان) هو انتصار جماعي حقيقي للنساء المغربيات، وللانفتاح والمساواة في بلادنا.
<محتات الرقاص