أدباء مغاربة وعرب وضعوا حدا لحياتهم..

إن من ينتحر ليس بالضرورة إنسانا يكره الحياة، بل إنه يحبها بشدة، غير أنه لم يجدها كما كان يتمناها. العديد ممن اختاروا أن يضعوا حدا لحياتهم تركوا رسائل ذات معنى بليغ، ومنهم من لم يترك أي رسالة، لكن انتحاره كان في حد ذاته خطابا بليغا إلى من يهمه الأمر
العديد من الأدباء والمبدعين المغاربة والعرب وجدوا أنفسهم ذات لحظة يأس وإحباط؛ مرغمين على توديع الحياة رغم حبهم الشديد لها
ضمن هذه الفسحة الرمضانية، سيرة لمجموعة من هؤلاء المعذبين على الأرض، إلى جانب نماذج من إنتاجاتهم الإبداعية، تكريما لأرواحهم الطاهرة

الأديب العراقي إبراهيم زاير

الحلقة 6

انتحر بإطلاق النار على رأسه يوم 24 أبريل 1972

الأديب العراقي إبراهيم زاير ولد سنة 1944 في مدينة بيروت. كان رساما وصحافياً أيضاً، تخرج من معهد الفنون الجميلة في بغداد، وشارك في معارض جماعية مختلفة أقامتها جمعية التشكيليين وجماعة المجددين. عمل فترة مخرجا في الصحف والمجلات العراقية، ثم انتقل إلى بيروت حيث أقام إلى حين رحيله، ونشط في إحدى المنظمات الفلسطينية. أحيطت ظروف انتحاره وأسبابه بشيء من الغموض، إذ عزاه البعض إلى هموم سياسية، والبعض الآخر إلى عوامل عاطفية وحتى مالية، لكنه شيّع في بغداد باعتباره “شهيد المقاومة الفلسطينية والنضال المسلح ضد العدو الصهيوني”.
لم يعرف كشاعر إلا بعد انتحاره، حين نشرت له مجلة “مواقف” اللبنانية قصيدة عنوانها “وردة الضحايا” هي آخر ما كتبه ومما جاء في هذه القصيدة:

“أخذت حلم العالم وجزأته دون ثقة
أسقطت جمل الاعتراض ..عرّيت المعاني المدهشة
واعترفت بكرامة الدم قبل أن يكون وصية
هذا أنا ومعي وردة الضحايا
هي الفتنة الأولية… الوقفة التي يصمت عندها الشعراء وأصدقاء الشعراء
إنها اللعنة تتكلم لغة الصمت المفضوح واشتعال المعادن.. إنها خفة الموت العاري من رداء الفضيحة
الموت الذي لا أكثر من موت.. إنها نهاية الخيانات وصخرة الهروب”

****

مقاطع من نص ” يقين وشك منتبه غافل”:

ها أنا اقترب. أصل إلى عينيك الغريبتين يا جميلتي، اعصف بعودك الأخضر وألوي جسدك تحت شمس لم يألفها أحد.. ابتسمي بشدة وامنحيني فرصة أكبر للقناعة، لأقف على لحظات تعاستي المحتملة ولأستمد منك القوة التي لا تعطى. إنها أثمن من سبب انتهائي البسيط في الجداول المستمر التدرج. أما الباقي فان القاتل لن يسأل عنه.

***

لقد تعارفوا على الكذب. ولو كان هناك حساس مسطح لجعل من الكذب شاهدا، مسرحيا مجسما، على الغلط ولاستعمال الحقائق في دحض الحقائق، إنه مخاتل جبان أمام حقيقة الخلق المعقدة وأمام دور المتمرد النقي، المستمر في سيرته الرافضة. ولكن دون استخدام، إنه يؤجل أفعاله إلى زمن النضوج، إنني أعرفه -أقول لك سرا-: إنه يصنع زمن النضوج تحت الكاتدرائيات والصرائف، ويدفع بعاطفته القوية نحوي – وهو لا يقصدني، رغم أني انتظرته- ليقلب العالم، ولا ليفرح أو يحزن … ليعمل: ليفعل شيئا خارقا. وآنذاك سأضعه تحت سكيني: قل ما تريد،
فها أنا انهي حياتي إذ أذبحك
إلا انه يبتسم..
قفي أمامي واصنعي من دمي جدائل ساعة مباركة ورصعي الهواء بالكلمات وانشدي لي أغاني الصيف الجميلة .. فمن أين لي بالنهاية،

انا كائن الساعات اللامعة..
ورجل الموت المحتمل..
المرأة تبكي.
أما أنا فأحسد النجوم:
يا نجمة عونج
عونج يا نجمة .م
تعلية وتشوفين
عونج يا نجمة
هبط
المساء
على الحديقة.

اعداد: عبد العالي بركات

Related posts

Top