انتهت البطولة الوطنية لكرة القدم، وأعلن فريق الرجاء البيضاوي فائزا بلقبها يوم الأحد الماضي، وتم وضع نقطة النهاية لموسم عامر بالإثارة وثقل الانتظار، ولبطولة تعتبر الأطول في التاريخ، وتنفس كل المتدخلين أخيرا بعد أن تحقق هدف إكمال الدوري.
الموضوعية تقتضي اليوم الإقرار بنجاح الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وخصوصا رئيسها فوزي لقجع، في تحقيق الهدف المتمثل في استكمال البطولة وإنهاء منافساتها، وهو الهدف الذي عارضه أكثر من طرف، وواجهته كثير صعوبات وعراقيل جراء تفشي الفيروس اللعين وبروز عديد ارتباكات وموانع أكثر من مرة.
بقي لقجع، صراحة، يصر على ضرورة إنهاء البطولة، وثابر على خلق الانفراجات وتيسير المسالك المؤدية إلى تحقيق الهدف، إلى أن وصل بالسفينة إلى الدورة الثلاثين، وتحقق له الهدف، وبات المغرب من البلدان الإفريقية والعربية القليلة التي أكملت منافسات الدوري المحلي…
من جهة ثانية، وبرغم كل السلبيات التي سجلت طيلة جولات التنافس، فإن الفرق الوطنية تستحق الإشادة لصمودها في هذا الموسم الاستثنائي المكبل بمخاطر الوباء، ويستحق الفريق البطل التهنئة العالية، كما أن فرقا وطنية أخرى مثل: الوداد البيضاوي، الجيش الملكي، نهضة بركان، الفتح الرباطي، مولودية وجدة وغيرها، تستحق، بدورها الاحترام لتنافسيتها وإصرارها القتالي وروحها الرياضية، حيث إن الفوز بالدرع لم يعلن إلا بعد أن ختمت صافرة الحكم مباراة الدورة الأخيرة يوم الأحد الماضي.
لا يعني ما سبق، أن منظومتنا الكروية الوطنية صارت خالية من النقائص والعشوائيات وتجليات الفساد والتجاوز بشكل كامل، ولكن إصرار وصمود الدورات الأخيرة من التنافس في هذه الظرفية الصحية والمجتمعية القاسية يستوجب، فعلا، التنويه والتصفيق لهذه الفرق، وللجهاز الجامعي المسير.
وبعد هذا، فالتحدي المركزي الآخر يبقى اليوم هو النجاح على واجهة التظاهرات الإفريقية والعربية بالنسبة للفرق المغربية، وأيضا النجاح العام في انطلاق بطولة الموسم الجديد.
إن استمرار المنافسات الكروية الوطنية، وباقي التظاهرات الرياضية، ليس له فقط الأهمية الرياضية المعروفة، ولكن له أيضا امتدادات في الدينامية الاقتصادية والاجتماعية والترويجية، وكذلك على صعيد النفسية الشعبية العامة، وتقوية الاستقرار والثقة والإقبال على الحياة.
صحيح، يتطلب الأمر رفع مستويات اليقظة الصحية والوقائية إلى أعلى درجاتها، والتقيد بالتدابير الاحترازية واتخاذ الاحتياطات الضرورية، وكذلك صياغة برمجة وتخطيط عامين يلائمان الحالة الوبائية الوطنية وتتبع تطورها ومستجداتها، ولكن، في نفس الوقت، يجب استحضار الأهمية العامة للرياضة، وخصوصا كرة القدم، وقدرتها على الإشعاع، وعلى صنع الفرح والفرجات، وإحداث الأثر على النفسيات والسلوك.
كرة القدم، والمنافسات الرياضية ككل، ليست مجرد لعب أو ترف، وإنما هي صارت منظومة مجتمعية عامة لها محتوى اقتصادي واجتماعي، ولها الأثر الكبير في السلوك والنفسية، وفِي الحياة بشكل عام.
بالنسبة لبطولة هذه السنة، ربما التحليل التقني العام لمجرياتها وقراءة النتائج والمآلات، بات ثانويا، والأساس هو أن البطولة انتهت وأكملت كل دوراتها ضمن سياق مجتمعي وصحي غارق في الاستثنائية والقساوة والالتباس، وسواء الفرق، بلاعبيها وأطرها التقنية ومسيريها، أو الجامعة والعصب والحكام والمراقبين ومدبري الشأن الكروي الوطني، لم يواجهوا فقط التحدي التقني ومعادلات المباريات ومتطلبات التنافس، وإنما صارعوا كذلك الخطر الصحي بشكل يومي، ولكل هذا التنويه بهم جميعا مستحق.
مبروك إذن للرجاء، وهنيئا لباقي الفرق ولمسيري جامعة الكرة.
<محتات الرقاص