تكريمات
يواصل مهرجان مراكش الدولي للفيلم رحلته الشيقة والتي تجمع بين الممتع والمفيد من العروض السينمائية والندوات ودروس السينما، غير أن لحظة الوفاء والاعتراف تبقى أهم ما يميز جل دوراته والتي يتم فيها تكريم الفن السابع وصناعه، هذه السنة لم تشذ عن القاعدة المتبعة منذ انطلاق المهرجان، وجريا على العادة كرم المهرجان مساء الأحد المخرج الياباني شينيا تسوكاموتو، عن مجمل أعماله السينمائية في مجالات الإخراج وكتابة السيناريو والإنتاج والتمثيل، مع عرض لقطات من أفلام أخرجها أو مثل فيها تسوكاموتو، قبل أن يسلمه درع التكريم المخرج الفرنسي يان كونان.
ويعتبر تسوكاموتو من بين المخرجين المتميزين بغزارة انتاجهم السينمائي، حيث أنجز أزيد من خمسين فيلما أخرج بعضها وكتب سيناريوهات وأنتج ومثل في بعضها الآخر، ومن بين هذه الأعمال السينمائية “تيتسو، الرجل الحديدي” (1989)، و”طوكيو القبضة” (1995)، و”نوبي – حرائق في السهل” (2014)، ومثل سنة 2016 في فيلم “عودة كودزيلا” للمخرجين هيدباكي أنو وشينجي هيكوتش .
وفي معرض كلمته بالمناسبة دعا تسوكاموتو إلى أن يسهم الإنسان في تدبير أفضل للطبيعة وللحياة، مستدركا بأن الأمر ليس كذلك دائما لسوء الحظ وهو ما يجعل من الحروب أكبر مأساة معاصرة، وإن كانت كذلك على مر العصور، وهو ما يستدعي التحلي بالكثير من الحكمة حتى لا تتكرر أخطاء الماضي.
وتم في أعقاب حفل التكريم عرض فيلم خارج المسابقة بعنوان “سوفونير” (ذكرى) من إخراج بافو دوفورن من بلجيكا، وتشخيص النجمة الفرنسية إيزابيل هوبير في دور ليليان، إلى جانب كيفين أزاييس في دور جان. ويحكي قصة مغنية طالها النسيان بعدما شاركت في مسابقة أوروفيزيون، فتلتقي ملاكما هاويا يسعى إلى الاحتراف، ويحاول أن ينقلها من التشاؤم إلى التفاؤل.
وعقب تكريم المخرج الايراني الراحل عباس كياروستامي والمخرج الياباني شينيا تسوكاموتو ينتظر أن تكرم دورة هذه السنة من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، المخرج الهولندي بول فيرهوفن والممثل المغربي عبد الرحيم التونسي، «عبد الرؤوف». كما سيتم تكريم ذكرى المخرج المغربي عبد الله المصباحي، الذي رحل خلال هذه السنة، وانتهاء بجميلة السينما الفرنسية إيزابيل أدجاني.
وإلى جانب تكريم النجوم، سيتم تكريم السينما الروسية العريقة والتي تعد «إحدى أكثر السينمات الأوروبية غنى وتنوعا»، في حضور وفد روسي يضم 23 مشاركا يتوزعون بين الإخراج والتمثيل وكتابة السيناريو والإنتاج، يقودهم المخرج كارين شخنازاروف.
وقد تمت بالموازاة مع ذلك برمجة 30 فيلما، تعطي صورة متكاملة عن صناعة السينما في روسيا.
المسابقة الرسمية
بخصوص المسابقة الرسمية وسباق الجوائز فتتم برمجة فيلمين في اليوم، إلى غاية الجمعة المقبل، حيث تم عرض فيلم «الطريق إلى ماندالاي» لميدي ز. انتاج تايوان، بورما، فرنسا وألمانيا، و«ملك البلجيكيين» من بلجيكا وهولندا وبلغاريا، لبيتر بروسينس وجيسيكا وودوورت اللذان استأنفا مشوارهما المهني بالفيلم الوثائقي، كما اشتهرا بالأفلام الطويلة الثلاثة التي قاما معا بكتابتها وإخراجها، وهي “علامة الأجداد الذي نال جائزة أسد المستقبل في مهرجان البندقية سنة 2006، و”ألتيبلانو” الذي شارك في أسبوع النقاد في مهرجان كان سنة 2009 )، و”الموسم الخامس” (الذي شارك في مسابقة مهرجان البندقية سنة 2012).
ويعتبر فيلم “ملك البلجيكيين” رابع أفلامهما الروائية الطويلة، وقد شارك في المسابقة الرسمية لمهرجان الفيلم بالبندقية لسنة 2016 .
وتحكي قصة هذا الفيلم، رحلة ملك بلجيكا الاسبق، (شخص دوره الممثل بيتر فان دين بيكين)، الذي يضطر الى قطع زيارته لتركيا للعودة الى بروكسل بعد أن أعلنت مقاطعة والونيا استقلالها عن بلجيكا.
ويتقاطع فيلم “الطريق إلى ماندالاي”، مع الفيلم الأفغاني “الرحيل” من خلال تناول علاقات حب مستحيلة تنتهي بشكل مأساوي في صراع مع المتاجرين بمآسي المهاجرين السريين الهاربين من جحيم بلدانهم.
القاسم المشترك بين الفيلمين الآسيوين هو علاقة الحب القوية التي تقف حواجز خارجية دون اكتمالها، وجشع التجار والمهربين واستغلالهم البشع لمآسي البسطاء الباحثين عن حياة أفضل يرونها في عالم آخر غير عالمهم، فيما تفرق بينهما التقاليد العقائدية التي تعيش في ظلها شخصياتهما، فهي في الفيلم البورمي تقاليد قد ترى في الانتحار حياة جديدة، أما في الفيلم الافغاني يفضل تمزيق العلاقة بعنف مع الاحتفاظ ببعض الأمل اليسير في اللقاء من خلال نهاية تعمد المخرج أن يتركها مفتوحة على كل الاحتمالات.
ويتنافس على الجوائز الأربع للمسابقة الرسمية للمهرجان 14 فيلما، هي: “فجأة” لأسلي أوزكي من ألمانيا وفرنسا وهولندا، و”المسيح الأعمى” لكريستوفر موراي من فرنسا وتشيلي، و”المتبرع” لزونك كيوو من الصين، و”النوبات” لروز هولمر من الولايات المتحدة، و”المراسل” لأدريان سيتارو من رومانيا وفرنسا، و”قلب من حجر” لكودموندور أرنار كودموندسون من الدنمارك وآيسلندا، و”قصة أم” لساندرين فايسي من فرنسا، و”سكين في مياه صافية” لوانغ كسييبو من الصين، و”ميستر إينيفيرسو” لتيزا كوفي ورينر فريميل من النمسا وإيطاليا، و”الرحيل” لنويد محمودي من إيران وأفغانستان، و”رعاة وجزارون” لأوليفر شميتز من جنوب أفريقيا والولايات المتحدة وألمانيا، و”علم الحيوان” لإيفان تفيردوفسكي من روسيا وفرنسا وألمانيا.
سينما للجميع
ووفاء من المهرجان بجعل السينما في متناول الجميع، تم يوم الأحد، عرض فيلم من أفلام التحريك وهو من إنتاج استوديوهات شركة (ديزني) الأمريكية.
ويحكي فيلم (موانا : أسطورة نهاية العالم) قصة فتاة (موانا) تعيش على احدى الجزر برفقة عائلتها، وتعتريها الرغبة منذ صغرها في اجتياز المحيط من أجل القضاء على أحد الأشرار الذي تسبب في اللعنة التي نزلت على قريتها، وتنجح (موانا) في النهاية بمساعدة أشخاص تلتقيهم في مسارها في تحقيق مرادها وعودة جزيرتها الى سابق عهدها.
عروض الهواء الطلق
كما يلتقي جمهور مدينة مراكش وضيوفها، يوميا من خلال فقرة العروض في الهواء الطلق الخاصة بساحة جامع الفنا، مع أفلام «بزوغ كوكب القردة» لمات ريفز (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة) و«إيفرست» لبالتازار كورماكور (الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وآيسلندا) و«الطيب، السيئ وغريب الأطوار» لكيم جي وون (كوريا الجنوبية) و«في وادي الإله» لبول هاجيس (الولايات المتحدة) و«ماجد» لنجيم عباسي (المغرب) و«روبو كوب» لبول فيرهوفن» (الولايات المتحدة) و«سابواي» للوك بيسون (فرنسا) و«لن تحيا مرة ثانية» مع بعض الانتقاءات من أفلام بوليود التي لها جمهور عريض في مراكش.
نبضة قلب
من جهتها، تتميز فقرة “نبضة قلب” ببرمجة ستة أفلام، هي “حفل زفاف” لستيفان ستريكر من بلجيكا، باكستان، لوكسمبورغ وفرنسا، و”صائدة النسور” لأوتو بيل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ومنغوليا، و”من السماء” لوسام شرف من فرنسا ولبنان، و”ليلى . م” لميكي دو يونك من هولنداو بلجيكا وألمانيا والأردن، و”ميموزا” لأوليفر لاكس من إسبانيا، والمغرب وقطر وفرنسا، و”وولو” لداودا كوليبالي من فرنساو السنغال ومالي.
تقنية الوصف السمعي
تقترح فقرة السينما بتقنية الوصف السمعي للمكفوفين وضعاف البصر خلال الدورة السادسة عشرة، سبعة أفلام، تشمل “دلاس” لمحمد علي المجبود من المغرب، و”سميلا” لبيلي أوغست من الدنمارك وألمانيا والسويد، و”يوم التنورة” لجون بول ليليانفيلد من فرنسا، و”مومي” لغزافييه دولان من كندا، و”فاطمة” لفيليب فوكون من فرنسا وكندا، و”حظا سعيدا للجزائر” لفريد بنتومي من فرنسا وبلجيكا، و”خليج الركود” لبرونو ديمون من فرنسا وألمانيا.
دروس السينما
عقب تسع سنوات من “ماستر كلاس”، توالى خلالها على كرسي الدرس عدد من رجال الفكر والسينما في العالم، بينهم المخرج الأمريكي مارتن سكورسيزي، والمخرج الصربي إمير كوستوريتسا، والمخرج الأمريكي فرنسيس فورد كوبولا، والمخرج البريطاني جون بورمان، والمفكر الفرنسي إدغار موران، والمفكر الفرنسي ريجيس دوبري، والمخرج الدنماركي بيلي أوغيست.
ويسعى المهرجان من خلال هذه الدروس إلى تكريس تقليد النقاش والتبادل الخلاق للأفكار بين المتخصصين وطلاب وعشاق السينما، من جهة، وأسماء وازنة في عالم الفكر والفن، من جهة ثانية.
وخلال دورته السادسة عشرة، يتجدد الموعد مع ثلاثة أسماء مشهود لها بالتجربة والقيمة الفنيين: المخرج وكاتب السيناريو والمنتج الكندي بول هاجيس، والمخرج وكاتب السيناريو الروسي بافيل لونكين، والمخرج وكاتب السيناريو والمنتج الهولندي بول فيرهوفن.
وتجد الاشارة الى حصول إجماع من قبل جمهور مهرجان مراكش الدولي للفيلم، الذي غصت به القاعات في قصر المؤتمرات مثلما جرت العادة، على أن أغلب الأفلام المشاركة هي ذات جودة عالية من حيث المضمون والمواضيع التي تعالجها. فأغلبها بقي وفيا لخط المهرجان، الذي دأبت لجنة انتقائه على الصرامة في عملية اختيار الأفلام.
مبعوث بيان اليوم: سعيد الحبشي