الرجاء ورفض ازدواجية المهام

تشهد الساحة الرياضية الوطنية هذه الأيام، وخاصة كرة القدم، لغطا تطغى عليه الشعبوية وتصفية الحسابات، أكثر من الذهاب إلى العمق وطرح الإشكال في إطاره الصحيح والمسؤول.
ومن بين النقط التي قفزت فجأة إلى الواجهة، هناك موضوع ازدواجية المهام، بمعنى تحمل الشخص، أو نفس الجهة، مهاما متعددة، مع ما يطرحه هذا الجانب من تضارب في المصالح، وعدم الحياد في اتخاذ القرارات.
من حيث الشكل، فالأمر مطروح فعلا، لكن الطريقة التي يصاغ بها، كـ “من يقول كلمة حق يراد بها باطل”، وذلك بالتركيز على تحميل المسؤولية كاملة لأشخاص بعينهم، عوض التعامل المؤسساتي.
المعروف أن قانون التربية البدنية والرياضة، أو ما يصطلح عليه اختصارا بـ 30-09، ينص بالحرف على ضرورة الانتخاب عن طريق اللائحة، مع شرط اعتماد الأفراد من طرف الأندية والفرق، هذا تبسيط لشرح البنود التي ينص عليها القانون، وبالتالي، فإن أي تجاوز أو اجتهاد، يعتبر خارج القانون.
وعليه، فإن كل التنظيمات الرياضية على الصعيد الوطني، ومختلف الأنواع والفروع، مطالبة باحترام ما ينص عليه هذا القانون، حتى ولو لم تكن متفقة أو راضية عن تطبيقه.
صحيح أن هناك الكثير من الملاحظات الجوهرية، بخصوص قانون صيغ بطريقة غير تشاركية، كما وضعت بنوده داخل المكاتب المغلقة، ليخرج مشوها وفاقدا للقدرة على مواكبة التحولات التي يعرفها الواقع، بل أصبح عائقا حقيقيا أمام كل المتدخلين.
هذه حقيقة، لكن معالجة الإشكال لا يمكن أن تتم عن طريق اللغط، وركوب الشعبوية، ومحاربة الأشخاص وتصفية الحسابات، وتحويل الأنظار عن جوهر المشكل.
فريق الرجاء البيضاوي لكرة القدم، في مقدمة الرافضين لازدواجية المهام، لكن حالة الرفض هذه، لم تعلن عن طريق إصدار بلاغ مسؤول، أو عقد ندوة مفتوحة، أو انتظار الجمع العام للجامعة قصد حشد الدعم، وتقديم ورقة ضمن جدول الأعمال، ومطالبة الجهاز الجامعي برفع مطلب إلى الجهات الحكومية، قصد تغيير قانون غير صالح تماما.
هذه هي روح المسؤولية، أما الاكتفاء بتصريحات وتدوينات هنا وهناك، فهذا سلوك يدخل في إطار المزايدة ليس إلا، وذلك باستهداف أشخاص بعينهم، مع ما يترتب عن ذلك من تصعيد وإثارة الصراعات، والمساهمة في الاحتقان.
هناك جهات لا تنظر هي الأخرى بعين الرضا، لاستمرار ازدواجية المهام، لكنها لا تمتلك الشجاعة الكافية، قصد التعبير عن الموقف بشجاعة وعلنية وطريقة مسؤولة، تفاديا لكل ما من شأنه (…).
وعليه، فإن الاستمرار في طرح الإشكالات بطريقة غير رسمية، لا يساهم أبدا في إيجاد حلول عملية، بقدر ما يساهم فقط في احتقان الأجواء، وخلق عداءات وتوتر العلاقات وشخصنة المشكل بين متدخلين…
نعم لرفض استمرار ازدواجية المهام، لكن لا للشعبوية وشخصنة الأمور…

>محمد الروحلي

Related posts

Top