تتواصل فعاليات الدورة الثالثة والعشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، الذي تسهر على تنظيمه وزارة الثقافة، بهذه المناسبة كان لبيان اليوم لقاء مع نخبة من الأدباء والباحثين والناشرين للحديث حول مختلف القضايا ذات الصلة بالنشر والكتاب والقراءة.
يجب النظر إلى المعرض الدولي للكتاب في أبعاده الجامعة: البعد التجاري، والبعد الثقافي، والبعد التواصلي، فالكتاب تكوين معرفي وخطاب إنساني، ولكنه سلعة أيضا، تخضع لمعايير السوق، ولنجاح الكتاب كسلعة يجب تكوين ثقافة الترويج والتداول. وقبل ذلك بناء أو صناعة شريحة المستهلكين. وحيث أن الكتاب سلعة من الرهافة بمكان والرقة والنعومة والرمزية، فهي بحاجة إلى خطاب نوعي للإغراء والترويج، خاصة إذا علمنا نوعية الفئة الاستهلاكية للكتاب، وعطفا على هذا المنافسة الشرسة لوسائل الاتصال المعاصرة والشديدة التطور والرقمنة التي صارت تضيق وتقلص من الفئة الاستهلاكية للكتاب الورقي.
***
أما من الناحية الثقافية، فالقراء المفترضون ثلاثة أصناف: صنف الكتاب والمثقفون والصنف الثاني الطلبة والباحثون الجامعيون والصنف الثالث التلاميذ..غير أننا نهمل في هذا التصنيف فئات من الممكن إدماجها في نسيج القراء لو أنتجنا لها كتبا مناسبة أو عرفنا بشكل جيد في تجمعاتها وفضاءاتها بكتب مطبوعة وموجودة بالمكتبة.. تلكم الفئات هي الشباب العامل في قطاعات متنوعة والنساء ذوات التعليم المتوسط، لهذا علينا معرفة الوضعية القرائية بالمغرب عن طريق بحوث حصيفة تستطيع مدنا بصورة عن حياة الكتاب والمقروئية، فتندر البحوث العلمية الضابطة للمقروء بالمغرب.. ماذا يقرأ المغاربة؟ ولماذا؟ ومن يقرأ؟
***
وعلى المستوى التواصلي، يفترض الرفع من المجهود المبذول في دعم الكتاب، لينضاف إليه دعم القراء، لأن حماية حقوق المؤلف ودعم الناشر، عمليتان تنتظر دعم القراءة بتوفير الكتاب بالأثمان المناسبة وفتح فضاءات التعرف عليه وتداوله.
معرض الكتاب ليس فرصة لأخذ الصور ونشرها بمواقع التواصل الاجتماعية، ولكنه فرصة معرفة جانب من حياة الكتاب والتأليف بعالمنا ومقارنة حالنا بحال الآخرين. وأولى ملاحظاتي هي قضية التوقيعات التي تتم في صناديق لا يحضرها أحد وتوقيعات أخرى تتم في ردهات المكتبات العارضة. يجب تنظيم التوقيعات وجعلها في فضاءات أرحب وتقوية الجانب الإعلامي للمعرض، ولماذا لا يسمح للجمعيات الفاعلة في مجال القراءة والكتاب بتقديم إرشادات للزوار، وعلى المنظمين ضبط الضوضاء داخل المعرض .. الضوضاء المنفلتة. والتي ترهق الزوار.. ضوضاء ناتجة عن مكبرات وموسيقى و…و..تحول المعرض إلى (سويقة).
***
حققنا فعلا تطورا على كثير من الأصعدة، لكن مازالت هناك كثير من البياضات في مشروعنا الثقافي. تظهر جهود فردية مشتتة وتجمعات شللية ما تزال تتحكم خلسة في الوضع الثقافي .. ومسترزقون مازالوا يجدون فرصا لامتصاص الريع واغتنام الغفلة. مستوانا المعرفي جيد، إبداعنا لا ينقصه الجمال والسحر.. لنا أقلام كثيرة ومتنوعة وحساسيات شتى ..نواكب التصورات المعاصرة .. منفتحون .. لكن ينقص شيء من الهيكلة والفعالية لهذا الخضم، تحويل هذا الزخم إلى مشروع عملي حي ومنتج ومتواصل ومثر للحياة الاجتماعية، وذلك تقديرا للتفرد الذي صرنا نمثله على الصعيد العربي والدولي. تحويل يقدر كل هذه العطاءات ويوظفها لخلق التنمية المادية والرمزية .. وبناء صناعة ثقافية تثمن كل هذه الإبداعات، علينا أن نؤمن بعظمة هذه الأرض وبعظمة ما كتبه كتابها وأن ننفتح ونفسح المجالات للمواهب والمبدعين الجدد وأن نؤسس مجلسا وطنيا لثقافة وكتاب الطفل
وأن نرقى بصناعة وطباعة الكتاب والفنون المتصلة به.
***
أما عن جديد إصداراتي، فسيظهر كتابي النقدي المعنون ب:(فاس في القصيدة العربية المعاصرة، تجليات العشق وجماليات الإبداع) عن دار النشر مقاربات وبدعم من وزارة الثقافة، وهو كتاب تناولت فيه رؤية ورؤيا الشعر العربي لهذه المدينة الساحرة فاس التي يقول فيها الصحافي الألماني سطيفان ويندر (فهم هذه المدينة السحرية قد يحتاج إلى حياة بكاملها).
حاوره: عبد العالي بركات