العلاقات المغربية الإفريقية جنوب ـ جنوب .. موضوع ندوة علمية بمديونة

نظمت المديرية الجهوية للثقافة وجمعية أصدقاء الرياضة والثقافة، يوم الثلاثاء الماضب (16 يوليوز الجاري) بالمركب الثقافي مديونة، ندوة بعنوان: “العلاقات المغربية الإفريقية جنوب – جنوب”، من تأطير الدكتور مصطفى الصمدي، الدكتور سالم تالحوت، الدكتور الحسن أيت بلعيد، والأستاذ عبدوللاي ديوب رئيس فدرالية  “فاسام”؛ والدكتور عادل وكيل.

جاء اختيار الموضوع تماشيا مع السياسة الملكية الداعية للعمل على تعزيز العلاقات مع دول الجوار في مختلف القطاعات. وأجمع المشاركون في هذه الندوة على أن العلاقات المغربية الإفريقية تعد إحدى الركائز الأساسية للسياسة الخارجية للمملكة المغربية. واعتبروا أنه “بفضل الرؤية الحكيمة لجلالة الملك، شهدت هذه العلاقات تطوراً ملحوظاً في العقود الأخيرة، وهو ما تعكسه الدبلوماسية الدينية للمملكة المغربية، المناهج الدراسية، وسياسات الهجرة الرامية لتعزيز الروابط مع دول الجوار”.

فلسفة جلالة الملك في توطيد العلاقات المغربية الإفريقية

وأكدت الندوة أن جلالة الملك محمد السادس، منذ اعتلائه العرش، جعل تعزيز العلاقات مع الدول الأفريقية أولوية في السياسة الخارجية للمملكة. هذه الفلسفة تعتمد على مبادئ الشراكة المتكافئة، والتعاون الاقتصادي، والاحترام المتبادل بين الشعوب، فقد قام جلالة الملك بالعديد من الزيارات الرسمية إلى دول إفريقية، تم خلالها إبرام العديد من الاتفاقيات التي تغطي مجالات متنوعة مثل الاقتصاد، الزراعة، التعليم، والبنية التحتية.

الدبلوماسية الدينية للمملكة المغربية

وبخصوص الدبلوماسية الدينية، أجمع المشاركون بأنها تشكل جزء لا يتجزأ من السياسة المغربية تجاه أفريقيا، حيث يدافع المغرب عن الإسلام المعتدل الذي يُروج له عبر المؤسسات الدينية مثل مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة  التي تهدف إلى تعزيز التعاون الديني بين المغرب والدول الأفريقية من خلال تنظيم دورات تدريبية للعلماء والأئمة الأفارقة، وتعزيز التعليم الديني المعتدل في مواجهة التطرف والتعصب، علاوة على تدشين مساجد في مختلف دول القارة السمراء، ودعم الزوايا الصوفية التي تعمل على صيانة الأمن الروحي للشعوب الإفريقية ونشر القيم السمحة.

التعليم ودوره في تعزيز العلاقات المغربية الأفريقية

هذا ونوهت الندوة بأن التعليم يشكل أداة قوية لتعزيز العلاقات المغربية الأفريقية. حيث يستقبل المغرب آلاف الطلاب الأفارقة في جامعاته ومعاهده، كجامعة القرويين والجامعة الدولية بالرباط وغيرها من المؤسسات التعليمية التي توفر منحاً دراسية للطلاب الأفارقة، مما يعزز التبادل الثقافي والفكري بين المغرب وهذه الدول. واعتبر المتدخلون بأن هذا الاستثمار في التعليم يُعتبر استثمارًا في المستقبل، حيث يعود هؤلاء الطلاب إلى بلدانهم كسفراء غير رسميين للمغرب، ويعززون من الروابط الثقافية والاقتصادية بين الدول.

مهاجرو أفريقيا: نموذج الدار البيضاء

الدار البيضاء، كأكبر مدينة في المغرب، تعد نموذجاً مهماً لاستقبال واندماج المهاجرين الأفارقة. المدينة شهدت تدفقاً كبيراً للمهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، مما جعل المغرب يتبع سياسة انفتاح ودمج، حيث قدم خدمات متعددة لهؤلاء المهاجرين مثل الصحة، والتعليم، والتدريب المهني، ولعل وجود جالية أفريقية كبيرة في الدار البيضاء أسهم في إثراء النسيج الاجتماعي والثقافي للمدينة.

في ذات الموضوع خلصت دراسة ميدانية قام بها خبير قضايا الهجرة الدكتور عادل وكيل، إلى أن أكثر من 70 في المائة من المهاجرين يرغبون بالاستقرار في المغرب ولا يفكرون في العودة إلى بلدانهم الأصلية، معظمهم شباب أقل من 30 سنة، اختاروا المملكة لما تعرفه من استقرار.

وفي المجمل، أشادت الندوة بمتانة العلاقات المغربية الأفريقية التي تتسم بالقوة والعمق بفضل الرؤية الاستراتيجية لجلالة الملك محمد السادس، حيث يسعى المغرب لتعزيز وتقوية الروابط مع دول أفريقيا من خلال الدبلوماسية الدينية، والاستثمار في التعليم، وسياسات الهجرة المنفتحة…

يشار إلى أن هذه الندوة أقيمت في إطار البرنامج الثقافي للدورة الأولى لمهرجان التراث والفنون الشعبية المقام بمديونة المنظم من طرف المديرية الجهوية للثقافة بشراكة مع جمعية أصدقاء الرياضة والثقافة.

وشهد افتتاح المهرجان تدشين المركب الثقافي الذي اختير لاحتضان الدورة الأولى والتي جاء اختيار موضوع الثراث والفنون الشعبية كمحور رئيسي لفعالياتها، استجابة للتوجيهات الملكية الرامية للاهتمام بتراث المملكة وتسليط الضوء عليه، وهو ما عكسته فقرات حفل الافتتاح التي عرفت مشاركة مزيج من الفرق الفلكلورية: فرق مغربية أظهرت جمالية الفنون والثقافة الحسانية وفرق أفريقية من السنغال والكوت ديفوار، مبرزة البعد القاري لتيمة المهرجان.

كتبت: أميمة بونخلة

Top