القضاء الإداري في مواجهة أشخاص القانون العام

في إطار التعريف ببعض الاجتهادات القضائية التي تعرفها المحاكم المغربية، نتوقف اليوم، عنذ اجتهاد قضائي صادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، يتعلق منطوقه بتحديد مبلغ مالي يؤديه عامل عمالة برشيد بصفته الشخصية ومن ماله الخاص كغرامة تهديدية شخصية عن كل يوم تأخير في تنفيذ حكم صادر عن هذه المحكمة، وذلك ابتداء من تاريخ الامتناع عن التنفيذ.
ومما جاء في مضمون الحكم المذكور، أنه وحيث أن الأحكام القضائية تبقى واجبة التنفيذ في مواجهة الأشخاص المحكوم عليهم سواء كانوا من أشخاص القانون العادي أو من أشخاص القانون العام، فإنه من المفروض في أشخاص القانون العام مثل السادة الولاة والعمال أن يسهروا أكثر من غيرهم على تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهتهم، وأن يتعاملوا مع المكلفين بتنفيذ الأحكام المذكورة، بكل جدية وأن يسهروا على احترام إجراءات التنفيذ بدون أي تعصب لموقفهم، أو تعنت في عدم التنفيذ، على اعتبار أن من شأن ذلك المس بثقة المواطنين بصفة عامة والمتقاضين بصفة خاصة في كل من القضاء والإدارة على حد سواء. وفيما يلي تفاصيل هذا الحكم:

الوقائع

بناء على المقال المرفوع إلى هذه المحكمة بتاريخ 03/05/2021  من طرف الطالبة المذكورة حوله، والرامي إلى الأمر بتحديد مبلغ 3000 درهم كغرامة تهديدية يؤديه المدعي عليه لفائدة المدعية عن كل يوم تأخير في تنفيذ الحكم الصادر عن هذه المحكمة بتاريخ  13/02/2020  تحت عدد 228 والذي تم تأييده من طرف محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بمقتضى قرارها الصادر بتاريخ 28/112/2020  تحت عدد 4192 موضوع الملف التنفيذي عدد 314/7601/ 2020، وذلك ابتداء من تاريخ الامتناع عن التنفيذ مع النفاذ المعجل وتحميل المدعي عليه الصائر.
وبناء على المذكرة الجوابية التي تقدم بها المدعي عليه، السيد عامل عمالة برشيد بواسطة نائبه بتاريخ 02/06/2021  والرامية إلى التصريح أساسا بعدم قبول الطلب واحتياطيا في الموضوع التصريح برفضه. وبناء على المذكرة التعقيبية التي تقدمت بها المدعية  بواسطة نائبها بتاريخ 11/06/2021 والرامية إلى استبعاد كل الدفوع الواردة في المذكرة الجوابية لأعلاه الحكم وفق ماجاء في المقال.
وبناء على المذكرة الجوابية التي تقدم بها السيد الوكيل القضائي للمملكة بصفته نائبا عن المدعي عليه  بتاريخ 17/06/2021  والرامية إلى التصريح أساسا بعدم الاختصاص النوعي للقضاء الإداري في البت في الطلب واحتياطيا في الموضوع التصريح برفضه لانعدام أساسه القانوني لعدم جواز الحكم بالغرامة الشخصية عن عدم تنفيذ حكم صادر في مواجهة الإدارة. وبناء على المذكرة التعقيبية التي تقدمت بها المدعية بواسطة نائبها بتاريخ 01/07/2021 والرامية إلى استبعاد كل الدفوع الواردة في المذكرة الجوابية للسيد الوكيل القضائي لعدم ارتكازها على أسس منطقية سليمة.
وبناء على الأوراق الأخرى المدرجة بالملف، وبعد اعتبار القضية جاهزة مع إدراجها في التأمل لجلسة 08/07/2021.

وبعد التأمل طبقا للقانون

في الدفع بعدم اختصاص القضاء الإداري نوعيا للبت في الطلب:
حيث دفع السيد الوكيل القضائي للمملكة بصفته نائبا عن المدعي عليه بكون طلب تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة السيدعامل إقليم برشيد بصفته الشخصية يخرج أمر البت من اختصاص القضاء الإداري، على اعتبار أنه إذا كان القضاء الإداري يستمد ولايته للنظر في طلب الحكم بالغرامة التهديدية على الشخص المعنوي العام من مقتضيات المادة السابعة من القانون رقم 41/90 المحدث للمحاكم الإدارية التي تحيل علي مقتضيات قانون المسطرة المدنية ومنها الفصل 448، فإن ذلك يظل محصورا في حالة ما إذا كان الامتناع ثابتا في مواجهة الشخص المعنوي العام وكان طلب الغرامة التهديدية قد تم في مواجهته كذلك، أما القول بأن هذا الامتناع يعود إلى السيد عامل إقليم برشيد بصفته الشخصية، فإن ذلك يستتبع أن يكون الطلب متعلقا بمساءلة شخص ذاتي عن خطئه وليس باتخاذ تدبير من تدابير التنفيذ أو إجراء من إجراءاته، وعليه يبقى الطلب موضوع النازلة في مواجهة السيد عامل إقلیم برشید شخصيا خارجا عن نطاق ولاية القضاء الإداري وبالتبعية عن ولاية القضاء الإداري الاستعجالي، وبعد استدلاله بأمر استعجالي صادر عن هذه المحكمة الإدارية بتاريخ 15/2005/07 عدد 532 والذي ساير دفع السيد الوكيل القضائي للمملكة في القول بكون المحكمة الإدارية غير مختصة نوعيا بالبت في كل ما يتعلق بالمسؤولية الشخصية للموظفين بما فيها تحديد الغرامة التهديدية في مواجهة الموظف بصفته الشخصية والتي ستؤول حتما إلى تعويض شخصي في مواجهته وعليه التمس التصريح بعدم اختصاص قاضي المستعجلات للبث في الطلب.
وحيث عقبت المدعية بواسطة نائبها ملاحظة أن المدعي عليه قد تعنت في عدم تنفيذ الحكم الصادر لفائدتها وأن هذا التعنت يبرر الحكم عليه بغرامة تهديدية شخصية، إذ لا يستساغ تحميل وزر هذا التعنت للمرفق العام الذي يسيره المدعي عليه وإلزامه بأداء غرامة مرفقية من المال العام، وعليه التمس استبعاد مبررات الدفع المثار بهذا الشأن والحكم وفق ما جاء في المقال.
وحيث إنه بعد تفحصنا لما جاء في هذا الدفع والتعقيب المقدم بشأنه تبين لنا أن تعليل وتحليل المدعي عليه بواسطة السيد الوكيل القضائي للمملكة للقول بعدم الاختصاص النوعي ينطوي على تحوير المضمون الطلب في اتجاه اعتباره دعوى مسؤولية شخصية للموظف الممتنع عن التنفيذ والتي تخرج عن ولاية القضاء الإداري، وبالتالي عدم اختصاص قاضي المستعجلات الإداري للبت في الطلب.
لكن حيث إنه بإعمال قواعد المنطق السليم واستلهام روح النصوص القانونية ومغزاها يتضح بجلاء أن التبريرات التي أوردها المدعي عليه في دفعه بعيدة كل البعد عن التطبيق السليم للقانون وإيصال الحق إلى صاحبه في وقت وجيز وأن مسايرة ما جاء في هذا الدفع قد يؤدي إلى العدالة البطيئة التي تعتبر نوعا من الظلم، علما أن السياسة العامة للدولة تعمل جاهدة على القضاء على مثل هذه العدالة التي تؤدي إلى فقدان ثقة المواطن في قضائه.
وحيث إنه بالرجوع إلى مناقشة هذا الدفع، فإنه ما دام رئيس المحكمة الإدارية سواء بصفته هذه أو بصفته قاضيا للتنفيذ، يستمد اختصاصه من القانون المنظم لإجراءات التنفيذ وهو قانون المسطرة المدنية المحال عليه بموجب المادة 7 من القانون رقم 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية والذي نص في الفقرة الثانية من الفصل 429 منه على أنه “يتم التنفيذ بواسطة كتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم أو إذا اقتضى الحال وفقا لمقتضيات الفصل 439 من هذا القانون، مما یعنی أن هذه المحكمة (أي المحكمة الإدارية بالدار البيضاء) التي أصدرت الحكم المطلوب تنفيذه هي المختصة بتنفيذه.
وبالتالي يبقى رئيسها بصفته قاضيا للتنفيذ مختصا لاتخاذ جميع الإجراءات المنصوص عليها قانونا لتحقيق عملية التنفيذ بما فيها الإجراءات المتعلقة بالتنفيذ الجبري للأحكام.
وحيث إنه ما دامت الغرامة التهديدية سواء الغرامة المرفقية أو الغرامة الشخصية تعتبر من وسائل التنفيذ الجبري يستهدف حكم صدر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء، فإن هذه المحكمة تكون لها الولاية العامة للبت في كل الإجراءات ذات الصلة بعملية التنفيذ بما فيها الغرامة التهديدية الشخصية.
وحيث إنه مادام الأمر كذلك، فإنه لا يمكن مسايرة دفع السيد الوكيل القضائي للمملكة بصفته نائبا عن المدعى عليه في ربط البت في طلب الغرامة التهديدية الشخصية بدعوى المسؤولية الشخصية لانعدام أي سند له في القانون ويتنافى مع المنطق القانوني السليم على اعتبار أن الأمر لا يتعلق حين البت في طلب تحديد الغرامة التهديدية الشخصية بدعوى المسؤولية التقصيرية الشخصية، وإنما يتعلق بمسطرة التنفيذ وإجراءاته والمشرع هو من حدد شروط الغرامة التهديدية من خلال الفصل 448 من قانون المسطرة المدنية والتي يستقل القاضي المختص بتقديرها.
وحيث إنه واعتبارا للدور الخلاق للقاضي الإداري ولخصوصية التنفيذ في مواجهة أشخاص القانون العام، فإن الاجتهاد القضائي لهذه المحكمة قد نحا في اتجاه التمييز بين الامتناع عند التنفيذ المنسوب للشخص المعنوي العام وأقر الاختصاص النوعي لجهة القضاء الإداري للبت في طلب الغرامة التهديدية الشخصية في العديد من الأوامر الاستعجالية منها الأمر الصادر عن رئيس هذه المحكمة بتاريخ 28-03-2019 تحت عدد 96 في الملف عدد 55/13/1 استنادا إلى قاعدة قضائية مفادها “أن البت في طلب تحديد الغرامة التهديدية يبقى من اختصاص رئيس المحكمة المفتوح لديها ملف التنفيذ سواء كان المنفذ عليه شخصا طبيعيا أو مرفقا عموميا وسواء كانت الغرامة التهديدية المطلوبة في مواجهة المنفذ عليه بصفته الشخصية أو بصفته كمرفق عمومي”، وهو الاتجاه الذي كرس في عدة أوامر سابقة ولاحقة.
وعلى سبيل المثال الأمر الصادر بتاريخ 28/11/2016 تحت عدد 846 في الملف عدد 724/7101/2016 والذي تم تأييده من طرف محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط بمقتضى قرارها الصادر بتاريخ 17/04/2017 تحت عدد 253 في الملف عدد 127/7202/2017 ويتضح من هذه القاعدة المعتمدة أن العبرة في تحديد الاختصاص للبت في طلب الغرامة التهديدية بالمحكمة المصدرة للحكم موضوع التنفيذ، فمتى كان الحكم صادرا عن المحكمة العادية كان رئيسها هو المختص للبت في الطلب وأما إذا كان الحكم قد صدر عن المحكمة الإدارية كان رئيسها هو المختص للبت فيه سواء كان الامتناع يكتسي صبغة مرفقية أي ناتج عن ظروف خارجة عن الإرادة المنفردة للممثل القانوني للشخص العام أو كان الامتناع ناتجا عن الإرادة المنفردة للممثل القانوني المذكور بسبب تعنته في عدم التنفيذ، بحيث تكون الغرامة التهديدية في الحالة الأولى في مواجهة المرفق العام بينما تكون في الحالة الثانية في مواجهة الممثل القانوني للمرفق العام بصفته الشخصية وتؤدى من ماله الخاص حفاظا على عدم إهدار المال العام.
وحيث يتضح من كل ما تم ذكره، أن المنطق العقلي الذي هو مناط الأحكام يلبی قبول فكرة أن يشرف رئيس المحكمة العالية على تنفيذ الأحكام الصادرة من المحكمة الإدارية متى تعثر تنفيذها لما في ذلك من مس بسلطة القضاء الإداري وهیبته واستقلاليته، ومن جهة أخرى، فإن تقدير مبلغ الغرامة واستنباط حالات الامتناع عن التنفيذ مرتبط بتقدير ظروف النازلة التي بثت فيها المحكمة الإدارية، ويكون أكثر موضوعية من طرف المسؤول القضائي المشرف عن التنفيذ بها وذلك اعتبارا لكونه هو المدرك أكثر من غيره لخصوصيات المنازعات الإدارية بحكم التخصص، وبالتالي لا يمكن مسايرة الدفع المثار بهذا الشأن من طرف الوكيل القضائي للمملكة لكونه سيؤدي إلى هدم الآلية القانونية الوحيدة الفعالة المتبقية لمعالجة حالات الامتناع غير المبرر عن التنفيذ في مواجهة الإدارة والمرتبطة بالقيام بعمل يتوقف على الإرادة الخاصة لممثلها القانوني والتي تتمثل في نازلة الحال في اتخذ قرارات وأوامر من أجل البدء في تنفيذ الحكم.
وحيث إنه وتأسيسا على كل ما سبق ذكره، فإن رئيس المحكمة الإدارية بصفته هذه يبقى هو المختص للبت في طلب تحديد الغرامة التهديدية الشخصية في مواجهة السيد عامل إقليم برشيد بحسب توفر شروطها، مما يتعين معه والحالة هذه التصريح باستبعاد الدفع المثار بخصوص عدم الاختصاص النوعي والتصريح باختصاصنا كرئيس للمحكمة المصدرة للحكم موضوع التنفيذ للبت في الطلب.

الشكل والموضوع

في الشكل: حيث قدم الطلب مستوفيا لسائر شروطه الشكلية فهو لذلك مقبول.
في الموضوع: حيث يستفاد من المقال والوثائق المرفقة به أن المدعية قد سبق لها أن استصدرت عن هذه المحكمة الحكم المشار إلى بياناته أعلاه القاضي بإلغاء القرار الإداري الضمني الصادر عن السيد عامل إقليم پرشید، بشأن رفض تمكين الطاعنة من تشغيل المأذونية رقم 21 الخاصة بسيارة الأجرة من الصنف الثاني، نقطة الانطلاق برشيد مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك، إلا أنه وبعد صيرورة الحكم نهائيا بمقتضى القرار، الاستئناف المشار إليه أعلاه، قامت (أي المدعية) بسلوك مسطرة تنفيذه التي فتح لها الملف عدد 2021/7601/314 غير أن السيد العامل المنفذ عليه قد امتنع عن التنفيذ وبما أن هذا الامتناع غير المبرر قد ألحق بها ضررا كبيرا وحرمها من الحصول على مأذونيتها المخولة لها قانونا، علما أن إصرار المدعى عليه عن عدم تنفيذ الحكم قد اكتسى طابعا شخصيا ومن أجل إجباره على التنفيذ التمست الحكم لفائدتها بما سطر أعلاه.
وحيث أجاب المدعى عليه بواسطة نائبه الأستاذ المصطفي محاح ملاحظا أن مأمور إجراءات التنفيذ لم يبين بوضوح ما إذا كان المنفذ عليه يريد صراحة تنفيذ الحكم أم لا ولا يكفي تسجيل تبريراته حول عدم التنفيذ، وأن محضر الامتناع المستدل به لا يتضمن بأي شكل من الأشكال ما يفيد وجود الامتناع الصريح الصادر عنه بصفة شخصية، حتى يتسنى للمدعية تقديم طلب الغرامة التهديدية الشخصية في مواجهته.
ومن جهة أخرى، فإن شروط الحكم بالغرامة التهديدية تنتفي في نازلة الحال، كما هي واردة في بعض الفقه، ومن جهة ثالثة، فإن الإدارة في تسييرها لملفات العلاقة بين صاحب المأذونية والمكتري لها ملزمة بتطبيق الدورية الوزارية المعتمدة في هذا الشأن، وبما أن هذه الدورية صادرة عن السلطات المخولة لها قانونا، وبالتالي لا يمكن للإدارة إلغاؤها أو رفض تطبيقها، وبما أنه يمنع على المحاكم عدا إذا كانت هناك مقتضيات قانونية مخالفة، أن تنظر ولو بصفة تبعية في جميع الطلبات التي من شأنها أن تعرقل عمل الإدارة طبقا للمقتضيات الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية، وأن ما يمنعه الفصل 25 السالف الذكر على المحاكم، هو التعرض لما تقوم به الإدارة بناء على قرار صادر عن السلطات المخولة لها ذلك وفق القانون، وهذا ما أكده رئيس المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بتاريخ 1985/12/18 في الملف عدد 85/5339.
لذا، واستنادا إلى كل ما تم ذكره، التمس التصريح برفض الطلب.
وحيث أضاف السيد الوكيل القضائي للمملكة نيابة عن المدعى عليه، مؤكدا على عدم جواز الحكم بالغرامة الشخصية عن عدم تنفيذ حكم صادر في مواجهة الإدارة، على اعتبار أن ذلك يعد من قبيل تحميل الفصل 448 من قانون المسطرة المدنية أكثر، مما يحتمل لأن مقتضيات هذا الفصل تتحدث عن الشخص المنفذ عليه وليس الشخص المكلف بالتنفيذ والفرق شاسع بينهما، كما أن لكل منهما ذمة مالية مستقلة، وحتى وإن اعتبر امتناع الموظف عن التنفيذ خطأ شخصيا، فإنه يجب أن يساءل في إطار المسؤولية التقصيرية، وليس على أساس الفصل 448 السالف الذكر، كما أن المنفذ عليه لا يكون ليس سوى محكوم عليه أو خلفه العام أو الخاص، باعتبار أن التنفيذ لا يكون إلا في مواجهة هؤلاء الأطراف، وهو ما تؤكد عليه مقتضيات الفصل 440 من قانون المسطرة المدنية، التي تشير إلى أن إجراءات التنفيذ تتم في مواجهة المحكوم عليه، وبما أن الغرامة التهديدية هي وسيلة للإجبار على التنفيذ كما جاء في الباب الثالث من قانون المسطرة المدنية الذي نظم القواعد العامة بشأن التنفيذ الجبري للأحكام وهي بالتالي إجراء يتم في مواجهة المخاطب بالحكم، ولا يمكن أن يمتد لغيره، وبما أن الشخص الذاتي الذي يعتبر ممثلا لشخص معنوي لا يعبر عن إرادته، ولكن يعبر عن إرادة الشخص المعنوي الذي يمثله وأن جميع التصرفات التي يقوم بها كممثل قانوني، تنسب إلى الشخص المعنوي العام، وبالتالي فإن أي مساءلة لا يمكن أن توجه إلا ضد الشخص المعنوي العام، وليس ضد ممثله القانوني ما دام الحكم سند التنفيذ قد صدر في مواجهة المرفق العام وأن تنفيذه يتم من طرف الموظف بصفته المرفقية وليس الشخصية، ومن جهة أخرى، فإن مساءلة الغير في حالة الادعاء بوجود عرقلة التنفيذ لا يكون من خلال إقرار الغرامة التهديدية في مواجهته، ولكن من خلال إجراءات أخرى نظم المشرع شروطها وحالاتها والتي لا تنطبق على نازلة الحال، علما أن القواعد الإجرائية لا يجوز التوسع في تفسيرها، بل لابد أن تطبق على الحالات التي وجدت لتنظيمها، كما أن مساءلة شخص أجنبي عن الحكم بخصوص عدم التنفيذ، لا يكون إلا في حالة استثنائية يثبت فيها أن هذا الأخير كان بمقدوره أن يبادر إلى تنفيذ الحكم، وأنه عرقل التنفيذ المذكور عن سبق إصرار وعن نية مبيتة مما يضعه موضع المساءلة والجزاء، وبعد إسهابه في شرح عدم قابلية الحكم بالغرامة التهديدية الشخصية في مواجهة الممثلين القانونيين لأشخاص القانون العام، أكد ما جاء في جواب المدعى عليه المقدم بواسطة محاميه بخصوص عدم وجود أي امتناع صريح في مواجهة عامل إقليم برشيد موضحا أن هذا الأخير له كامل الصلاحيات في اتخاذ كافة الإجراءات التنظيمية المتعلقة باستغلال المأذونيات بما فيها تأطير العلاقة بين المستفيدين والمستغلين، لذا واستنادا إلى كل ما تم ذكره، التمس التصريح برفض الطلب.
وحيث إنه بعد دراستنا لكافة معطيات القضية وإحاطتنا بظروفها وملابساتها، تبين لنا أن الطلب قد أسس على وسيلة واحدة وهي: “كون السيد عامل إقليم برشيد قد امتنع بدون مبرر عن تنفيذ الحكم القاضي
بإلغاء قراره الضمني القاضي برفض منح الإذن للمدعية من أجل تمكينها من تشغيل المأذونية رقم 21 الخاصة بسيارة الأجرة من الصنف الثاني نقطة الانطلاق برشيد، وذلك بعد أن تم فسخ عقد الكراء الذي كان يربطها مع المكتري بمقتضى حكم قضائي اكتسب قوة الشيء المقضي به”.
وحيث إنه بعد تفحصنا لما أوردته المدعية بخصوص هذه الوسيلة والدفوع المقدمة بشأنها، تبين لنا فيما يخص الدفع المتعلق بعدم إثبات واقعة الامتناع في حق المدعى عليه على اعتبار أن محضر الامتناع المحتج به لا ينهض دليلا على ثبوت امتناع الإدارة عن التنفيذ، إذ لا يتضمن امتناعا صريحا ونهائيا عن التنفيذ من طرف السيد العامل المدعى عليه.
لكن حيث إنه بعد اطلاعنا على محضر الامتناع المحرر من طرف مأمور إجراءات التنفيذ بهذه المحكمة السيد رضوان السعداوي، تبين لنا أن هذا الأخير قد انتقل إلى مقر عمالة برشيد بتاريخ 2021/03/16 لإعذار المنفذ عليه بالتنفيذ، إذ قام بإيداع نص الإعذار بمكتب الضبط، إلا أنه لم يتلق عنه أي جواب، مما اضطره إلى الانتقال من جديد إلى مقر العمالة بتاريخ 2021/03/31 لمعرفة موقف السيد العامل عن التنفيذ إلا أنه لم يجده بمكتبه، وصرح له السيد مدير ديوانه بأنه سيخبره بموضوع زيارته وبنواياه بخصوص تنفيذ الحكم الصادر في مواجهته، فمنحه أجلا إلى غاية 2021/04/08، وبهذا التاريخ رجع إلى مقر العمالة فلم يجد لا السيد العامل ولا مدير ديوانه مما اضطره إلى الرجوع إلى مقر العمالة للمرة الأخيرة يوم 2021/04/14 حيث كان السيد العامل داخل مكتبه إلا أنه رفض استقباله بعلة أنه مقبل على عقد اجتماع وأحاله بواسطة مدير ديوانه على السيد رئيس القسم الاقتصادي والذي أكد لمأمور إجراءات التنفيذ أنه لا يتوفر على أي تفويض من طرف السيد العامل لترتيب الأثر القانوني عن تصريحاته في مواجهته، وبخصوص تنفيذ الحكم، أكد أن السيد العامل قد وجه رسالة إلى السيد وزير الداخلية بشأن استشارته إلا أنه لا زال إلى حد الآن لم يتلق أي جواب.
وحيث إن عزوف السيد العامل المدعى عليه عن استقبال مأمور إجراءات التنفيذ رغم انتقال هذا الأخير إلى مقر العمالة عدة مرات يشكل قرينة قاطعة على أنه لا يرغب في تسجيل أي تصريح باسمه الشخصي المأمور إجراءات التنفيذ وأن ممارسته للتسويف والمماطلة وعدم اتخاذ أي موقف إيجابي بخصوص تنفيذ الحكم يتنافى وحسن تسيير المرفق العمومي الذي يستوجب أن يكون دائما في خدمة المواطن ورهن إشارته.
وحيث إن الأحكام القضائية تبقى واجبة التنفيذ في مواجهة الأشخاص المحكوم عليهم سواء كانوا من أشخاص القانون العادي أو من أشخاص القانون العام، فإنه من المفروض في أشخاص القانون العام مثل السادة الولاة والعمال أن يسهروا أكثر من غيرهم على تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة في مواجهتهم
وأن يتعاملوا مع المكلفين بتنفيذ الأحكام المذكورة بكل جدية وأن يسهروا على احترام إجراءات التنفيذ بدون أي تعصب لموقفهم أو تعنت في عدم التنفيذ على اعتبار أن من شأن ذلك المس بثقة المواطنين بصفة عامة والمتقاضين بصفة خاصة في كل من القضاء والإدارة على حد سواء.
وحيث إنه بالرجوع إلى محضر الامتناع المحرر من طرف مأمور إجراءات التنفيذ بهذه المحكمة السيد رضوان السعداوي يتضح بجلاء أن السيد عامل إقليم برشيد قد رفض استقباله لتفادي تسجيل أي تصريح باسمه وأحاله بواسطة مدير ديوانه على رئيس قسم الشؤون الاقتصادية وأن هذا الأخير قد أكد له أنه لا يتوفر على أي تفويض من طرف السيد العامل بخصوص تنفيذ الأحكام، مضيفا أن السيد العامل المذكور قد وجه مراسلة إلى السيد وزير الداخلية قصد استشارته بخصوص تنفيذ الحكم الصادر لفائدة المدعية إلا أنه لم يتلق أي جواب دون أن يدلي بالمراسلة التي يدعيها.
وحيث يتضح من موقف السيد العامل المدعى عليه أنه لم يولي أي اهتمام لتنفيذ الحكم الصادر في مواجهته كما أن جواب رئيس قسم الشؤون الاقتصادية نيابة عنه قد جاء على شكل عموميات ذلك أنه لم يبين بالدقة المطلية قانونا الإجراءات التي قام بها من أجل تنفيذ الحكم الصادر لفائدة المدعية على اعتبار أن مجرد التصريح بكون السيد العامل وجه رسالة إلى السيد وزير الداخلية لاستشارته بخصوص
تنفيذ الحكم دون أن يدلي بهذه المراسلة من أجل تأكد المحكمة من تاريخها وما إذا كان السيد وزير الداخلية قد أخذها بعين الاعتبار أم لا.
وحيث إنه ومن جهة أخرى، فإن الحكم القضائي موضوع التنفيذ قد صدر في مواجهة السيد عامل إقليم برشيد وليس في مواجهة السيد وزير الداخلية ومن المفروض في المسؤول عن المرفق العمومي أن يتخذ
الإجراءات التي تهم مرفقه باستقلالية أو بتنسيق مع الجهة الإدارية ذات الصلة، وأن عزوف هذه الأخيرة عن إعطائه الاستشارة لا يعني إعفاءه من المسؤولية اتجاه صاحب الشأن لا سيما وأن الأمر يتعلق بتنفيذ حكم قضائي يعتبر عنوان الحقيقة حسب ما استقر عليه الفقه والقضاء.
وحيث يتضح من كل ما ذكر أن السيد العامل المدعى عليه لم يتخذ أي إجراء إيجابي بشأن تنفيذ الحكم
الصادر في مواجهته وأنه إذا كان يرى أن هناك صعوبة واقعية أو قانونية تعتري تنفيذه كان عليه أن يثير تلك الصعوبة أمام قاضي التنفيذ ويكون الأمر القضائي الذي سيصدره هذا الأخير ملزما للجميع تجعل المنفذ عليه السيد العامل في حل من أي مسؤولية اتجاه السلطة الإدارية التي يتبع لها أما أن يتخذ عدم جواب هذه الأخيرة على مراسلته أو استشارته كذريعة على الاستمرار في عدم تنفيذ حكم اكتسب قوة الشيء المقضي به، فإن ذلك لا يمكن اعتباره إلا تعنتا وإصرارا على عدم التنفيذ وعدم إيلاء أي اهتمام للحكم القضائي وهو ما يمس بقدسيته وبالتالي المس بالمبادئ الثابتة لدولة الحق والقانون.
وحيث إنه ما دام الأمر كذلك، يبقى الدفع المثار من طرف المدعى عليه بخصوص عدم إثبات واقعة الامتناع في حقه غير ذي أساس سليم مما يتعين معه استبعاده والتصريح بكون واقعة الامتناع عن التنفيذ ثابتة في حق المدعى عليه ثبوتا قطعيا.
وحيث إنه فيما يخص الدفع المثار من طرف السيد الوكيل القضائي للمملكة بخصوص عدم جواز الحكم بالغرامة الشخصية عن عدم تنفيذ حكم صادر في مواجهة الإدارة، فإنه بعد تفحصنا لما جاء في هذا الدفع والتعقيب المقدم بشأنه تبين لنا أنه خلافا لما دفع به المدعى عليه أن مقتضيات الفصل 448 من قانون المسطرة المدنية المحال عليه بمقتضى المادة السابعة من قانون المسطرة المدنية للمحاكم الإدارية تنص على أنه “إذا رفض المنفذ عليه أداء التزام بالامتناع عن عمل أثبت عون التنفيذ ذلك في محضره وأخبر الرئيس الذي يحكم بغرامة تهديدية مالم يكن قد سبق الحكم بها”.
ومن المعلوم قانونا أن المنفذ عليه هو الشخص المحكوم عليه المطلوب منه القيام بعمل أو الامتناع عنه تنفيذا للحكم الصادر في مواجهته وهو في نازلة الحال السيد عامل إقليم برشيد بعد أن ألغت المحكمة قراره الإداري المشوب بتجاوز السلطة فيكون بالتالي الطرف المحكوم عليه والمعني بالتنفيذ طبقا للفصل 440 من قانون المسطرة المدنية هو السيد عامل إقليم برشيد بصفته الممثل القانوني لمؤسسة العامل باعتباره مصدر القرار والمعني بتنفيذ الحكم الملغي له  وعليه يكون هو المخاطب بالحكم على سبيل التدقيق وبالتالي يكون مواجها بالغرامة التهديدية باعتبارها وسيلة من وسائل التنفيذ الجبري متى ثبت امتناعه عن التنفيذ المجمد في القيام بعمل أو الامتناع عنه، والمتمثل في نازلة الحال في اتخاذ الإجراءات والقرارات اللازمة لتنفيذ الحكم الصادر لفائدة المدعية.
وحيث إن ما يدعيه المدعى عليه بواسطة السيد الوكيل القضائي للمملكة بكونه يعتبر ممثلا لشخص معنوي وبالتالي لا يعبر عن إرادته وإنما يعبر عن إرادة الشخص المعنوي الذي يمثله وأن جميع التصرفات التي يقوم بها كممثل قانوني تنسب إلى الشخص المعنوي العام فإنه بعد تفحصنا لما جاء في هذا الادعاء أو الدفع تبين لنا أن الشخص الذاتي الممثل للشخص المعنوي لا ينطبق عليه وصف الغير وبالتالي يكون معنيا بالتنفيذ بصفته الشخصية على اعتبار أن تصرفاته كشخص ذاتي هي ذاتها التي تنصرف إلى الشخص المعنوي الذي لا سبيل لتفعيل إرادته باستقلال عن إرادة الأشخاص الممثلين لها فإذا صدر عن الشخص الذاتي تجاوز للقانون لعدم اتخاذ الإجراءات الواجبة الاتباع لتنفيذ حكم نهائي صدر في مواجهة الشخص المعنوي الذي يمثله فإن إهماله لاتخاذ تلك الإجراءات وما ينتج عنه من ضرر للمحكوم لفائدتها ومن مس لسمعة القضاء وثقة المواطن به كل ذلك يجعله في حكم المتعنت والمصر على عدم التنفيذ بدون مبرر مقبول وبالتالي وجب تحميله عاقبة تعنته بصفته الشخصية دون الاختفاء وراء الشخص المعنوي الذي يمثله وبالتالي وجب إقرار التمييز عند تطبيق الغرامة التهديدية بين الامتناع عن التنفيذ لأسباب ترجع المرافق العامة كعدم وجود الاعتمادات المالية لتنفيذ حكم قضائي، وبين الامتناع المنسوب بصفة شخصية لممثلها القانوني ما دام معنيا بالتنفيذ وبإرادته المنفردة.
وحيث إنه واستنادا إلى المعطيات السالفة الذكر يبقى الدفع المثار بهذا الشأن غير ذي جدوى ويتعين استبعاده.
وحيث إنه فيما يخص الدفع المثار من طرف السيد الوكيل القضائي للمملكة نيابة عن العامل المدعى عليه بكون تنفيذ الحكم يتطلب إجراءات إدارية وفق إطار تنظيمي وكون القانون المنظم للنقل بواسطة السيارات عبر الطرق كما تم تغييره وتتميمه يعطي للسلطات المحلية المتمثلة في الولاة والعمال كامل الصلاحية في اتخاذ جميع القرارات والتدابير الكفيلة بتنظيم مجال استغلال ماذونيات سيارات الأجرة وبأن الدوریات الصادرة تعتبر ذات طابع تنظيمي داخلي ولا تخاطب مستغلي الرخص بصفة مباشرة وأن تنفيذ الحكم لا يمكن أن يتم خارج هذا الإطار، فإنه بعد تفحصنا لهذا الدفع والتعقيب المقدم بشأنه تبين لنا أنه يستشف من خلال تبريراته أن السيد العامل المدعى عليه يقر ضمنيا بسبب عدم تنفيذه للحكم الصادر في مواجهته وهو تطبيقه لدوريات السيد وزير الداخلية – بدل الحكم القضائي الصادر باسم جلالة الملك وطبقا للقانون إلا أن مسايرة هذا الموقف الشاذ من شأنه أن يعيد الأطراف إلى المرحلة الأولى للتقاضي ويجعل تنفيذ الحكم موكولا للسلطة التقديرية للعامل الذي سبق للقضاء أن ألغى قراره بعد أن ثبتت له عدم مشروعيته بعلة تطبيق الدورية المتعلقة بتنظيم استغلال الماذونيات.
لكن حيث إنه ولئن كان السيد العامل له الحق في تطبيق مقتضيات الدورية المتعلقة بتنظيم استغلال المأذونيات فإن ذلك التطبيق لن يكون مبررا وواجب التطبيق إلا من خلال تدبير هذه العلاقة وفق ما يسمح به القانون وليس بعد اللجوء إلى القضاء وبته في مشروعية قرار السيد العامل المطعون فيه.
وحيث إن قيام السيد العامل المدعى عليه بعرقلة تنفيذ الحكم بذريعة تطبيق دورية السيد وزير الداخلية دون أن يلجأ إلى المساطر القانونية الواجبة الاتباع كإثارة الصعوبة في التنفيذ أمام قاضي التنفيذ للبت فيها وفق القانون بما فيها إمهال الإدارة المعنية المدة اللازمة مراعاة لظروف اشتغال المرفق علما أن المدعية في نازلة الحال محرومة من استغلال مأذونيتها منذ ما يقارب عدة سنوات بسبب الموقف السلبي للسيد العامل المدعى عليه بالإضافة إلى عدم تجاوبه مع المحكمة وهي بصدد تنفيذ الحكم كما تم بيانه أعلاه عند مناقشة واقعة الامتناع عن التنفيذ، لذا لا مجال للقول بترك أمر التنفيذ في هذه الحالة موكولا للسلطة التقديرية للسيد العامل على اعتبار أن ذلك يعني إهدارا للقيمة القانونية للحكم القضائي وإفراغه من طابعه الملزم، وحيث إنه فيما يخص الدفع المثار من طرف نائب المدعى عليه بخصوص عدم عرقلة أعمال الإدارات العمومية للدولة فإن مقتضيات الفصل 25 من قانون المسطرة المدنية لا تنطبق بتاتا على نازلة الحال، على اعتبار أن الأمر لا يتعلق بأعمال السيادة وما يدور في فلكها وإنما يتعلق بعملية تنفيذ حكم قضائي يبقى القاضي التنفيذ اتخاذ كافة الإجراءات المقرر قانونا بما فيها تحديد الغرامة التهديدية الشخصية، وبالتالي يبقى الدفع المثار بهذا الشأن غير ذي جدوى ويتعين استبعاده.
وحيث يستخلص من كل ما سبق ذكره أن السيد عامل إقليم برشيد قد امتنع بشكل شخصي عن القيام بعمل يتمثل في تمكين المدعية من تشغيل المأذونية رقم 21 رغم ماله من سلطة للقيام بذلك ولم يأبه لواجب تنفيذ الحكم القضائي النهائي الصادر في مواجهته مع أنه هو المسؤول الأول والوحيد عن ذلك بحكم الاختصاصات المخولة له قانونا، ولم يعر الاهتمام اللازم لإجراءات التنفيذ وفق المسطرة القانونية الواجبة الاتباع ولا لكيفية التعامل مع مأمور إجراءات التنفيذ الموكول له بإشراف من رئيس المحكمة مهمة التنفيذ ولم يراع الحاجة الملحة للمدعية الأرملة لاستغلال مأذونيتها التي لم تمنح لها إلا مراعاة لوضعيتها المادية والاجتماعية، مما تكون معه شروط تطبيق الغرامة التهديدية الشخصية دون الغرامة التهديدية المرفقية ثابتة، على اعتبار أن الغرامة الشخصية لها دور فعال في جبر الممثل القانوني لأي شخص معنوي على التنفيذ، وبالتالي لا ينبغي تحويلها إلى الغرامة المرفقية لأن من شأن ذلك التشجيع على عدم التنفيذ، وإبقاء الحالة على ما كانت عليه مع ما ينتج عن ذلك من إهدار للمال العام.
وحيث إنه ما دام الأمر كذلك يبقى الطلب وجيها ومبررا مما يتعين معه الاستجابة إليه من حيث المبدأ.
وحيث إنه فيما يخص مبلغ الغرامة الشخصية المطالب به والمحدد في 3000 درهم عن كل يوم تأخير في التنفيذ فقد قدرنا أنه جد مناسب مما ارتأينا معه الحكم وفقه ويؤديه المدعى عليه بصفته الشخصية ومن ماله الخاص ابتداء من تاريخ الامتناع عن التنفيذ إلى غاية يوم التنفيذ.
وحيث إن النفاذ المعجل مقرر بقوة القانون، وحيث إن من خسر الدعوى يتحمل صائرها مما يتعين معه جعل الصائر على المدعى عليه.

منطوق الحكم

وتطبيقا لمقتضيات المادتين 7 و19 من القانون رقم 90/41 المحدث للمحاكم الإدارية لهذه الأسباب تصرح علنيا ابتدائيا حضوريا:
في الشكل: بقبول الطلب.
في الموضوع: بتحديد مبلغ 3000,00 درهم يؤديه العامل المدعى عليه السيد الشخصية ومن ماله الخاص كغرامة تهديدية شخصية عن كل يوم تأخير في تنفيذ الحكم الصادر عن هذه المحكمة بتاريخ 2020/02/13 تحت عدد 228 والمؤيد بمقتضى القرار الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بتاريخ 2020/12/08 تحت عدد 4192 موضوع الملف التنفيذي عدد 2021/7601/314 وذلك ابتداء من تاريخ الامتناع عن التنفيذ الذي هو 2021/03/14.

القاعدة

-1 إن مسايرة الدفع المثار من طرف العامل المدعى عليه بواسطة الوكيل القضائي للمملكة بعدم الاختصاص النوعي للقضاء الإداري للبت في طلب تحديد الغرامة التهديدية الشخصية في حق الممثل القانوني للشخص المعنوي العام سيؤدي إلى هدم الآلية القانونية الفعالة لمعالجة حالات الامتناع غير المبرر عن التنفيذ، ويفتح الباب على مصراعيه أمام عدم احترام قدسية الأحكام القضائية لتظل هذه الأحكام بدون تنفي.
-2 إن الغرامة الشخصية المحكوم بها بعد ثبوت تعنت وإصرار الممثل القانوني للشخص المعنوي العام على عدم التنفيذ المبررات لا تستقيم والمنطق السليم، وبالتالي لا يجوز تحويلها في أي مرحلة من مراحل التقاضي إلى غرامة مرفقية، وأن القول بخلاف ذلك سيؤدي إلى إبقاء الحالة على ما كانت عليه والدوران في حلقة مفرغة ويظل الحكم موضوع التنفيذ بدون تنفيذ، وقد ينضاف إليه فيما بعد الحكم القاضي بتصفية الغرامة التهديدية المرفقية ليبقى الكل بدون تنفيذ مما يؤدي إلى إطالة مسطرة التنفيذ لتنتهي في الأخير إلى إهدار المال العام والمس بهيبة الدولة وبثقة المواطن في قضائها.

بيان اليوم

Related posts

Top