عقب وفاة رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة السابق الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، أعلن المجلس الأعلى للاتحاد أول أمس السبت، أنه تم انتخاب الشيخ محمد بن زايد آل نهيان خلفا له، وهو الاختيار الذي كان متوقعا على نطاق واسع، خصوصا أن محمد بن زايد كان هو الحاكم الفعلي للدولة، على الأقل منذ مرض شقيقه في 2014.
تولي الشيخ محمد بن زايد قيادة بلده يندرج ضمن سياق محلي وإقليمي ودولي متميز، وهو ما يجعل المراقبين اليوم يستعرضون العديد من التحديات المطروحة عليه، إن على الصعيد الداخلي أو على الصعيد الإستراتيجي والديبلوماسي والتنموي، ومن ثم، وبالرغم من مؤشرات الاستمرار على النهج ذاته لسلفه، فالكثيرون يتوقعون تشكل معالم مرحلة جديدة ستدخلها دولة الإمارات، وستحمل بصمة الحاكم الجديد.
من زاوية النظر المغربية، يسجل الكثيرون المعرفة العميقة والقديمة لرئيس دولة الإمارات الحالي بالمملكة المغربية وواقعها وخصوصياتها، وأيضا علاقاته الشخصية والقوية بالأسرة الملكية، وبجلالة الملك، وكل هذا يجعله أكثر إدراكا لثوابت المواقف المغربية ومحددات علاقاتها الخارجية.
من المؤكد أن العلاقات المغربية الإماراتية، والخليجية بشكل عام، استعادت، في الفترة الأخيرة، الكثير من هدوئها المعتاد، وشرعت في التأسيس لدينامية الارتقاء بها، ولكن، من المتوقع، الاستمرار في تعزيزها مستقبلا، خصوصا على صعيد المساندة القوية والواضحة لحقوق المغرب الوطنية المشروعة في وحدته الترابية، وعلى مستوى تنمية الاستثمارات والشراكة الاقتصادية والتنموية، وأيضا من حيث التعاون السياسي والديبلوماسي والإستراتيجي الإقليمي والدولي…
صحيح أن هذه الأهداف تفرضها اليوم المصالح المتبادلة بين البلدين وحاجة كل منهما إلى الآخر، وبالتالي يتعلق الأمر بفاعلين إقليميين أساسيين في المنطقة من المفروض عليهما العمل معا، والتعاون المشترك لتحقيق أهدافهما، ولكن أيضا رسوخ العلاقات بين المغرب والإمارات، منذ عهد المؤسس الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وجلالة الملك الراحل الحسن الثاني، وتوسع الروابط والصلات بين الأسرتين، واستمرار الصداقات الشخصية إلى اليوم، كل هذا من شأنه اليوم تيسير بلورة نموذج متقدم للشراكة والتحالف بين البلدين القريبين من بعضهما منذ عقود.
ولقد كان لافتا في رسالة التهنئة التي وجهها جلالة الملك إلى الشيخ محمد بن زايد، تأكيد جلالته على هذه الروابط الشخصية بالذات.
وقال جلالة الملك مخاطبا الرئيس الإماراتي الجديد: «… وأغتنم هذه المناسبة، لأعرب لكم عن عميق اعتزازي بما يربطنا شخصيا وأسرتينا من وشائج الأخوة الصادقة والتقدير المتبادل والوفاء الدائم، وبما يجمع بلدينا من روابط التضامن الفاعل والتعاون المثمر، الذي لا يخامرنا أدنى شك في كونه سيزداد رسوخا وقوة، بفضل حرصنا المشترك على الارتقاء بعلاقاتنا الثنائية المتميزة إلى مستوى يحتذى به في العلاقات البينية العربية».
من دون شك إذن، ستكون لرئيس الإمارات الجديد بصمته المميزة في سجل علاقات بلاده مع المملكة، مع الحرص على الارتقاء بما يجري بناؤه اليوم في دينامية العلاقات الثنائية والإقليمية بين البلدين، لكن هذا يقتضي إدراج هذه العلاقات ضمن اشتراطات ما يحدث في عالم اليوم وما هو مطروح من تحديات استراتيجية وتنموية مهولة، وأيضا بما يستجيب للثوابت الوطنية المغربية، وبما يحصن العلاقات الثنائية من كل أشكال التوتر وسوء الفهم وحوادث الطريق أو تأثيرات الأطراف الخارجية، إقليمية أو دولية أو غيرها، أي استحضار منطق العقل والمصالح المتبادلة، وبناء المستقبل، من دون إغفال عراقة الصلات والوشائج التاريخية بين الطرفين.
<محتات الرقاص