فجر هدف وليد الكرتي بمرمى الترجي التونسي بإياب نهائي عصبة الأبطال الإفريقية لكرة القدم، وما تبعه من موقف صارم لإدارة فريق الوداد البيضاوي ودعم حاسم ومبدئي من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، سابقة في تاريخ كرة القدم الإفريقية، بعد أن فرض رفض الوداد متابعة المقابلة، ما لم يتم التأكد من صحة الهدف المرفوض من عدمه، على جهاز الاتحاد الإفريقي للعبة (الكاف) الاجتماع على عجل لاتخاذ موقف من النازلة.
وبالفعل جاء الرد سريعا وقويا، ومنصفا إلى حد ما للفريق المغربي الذي تحدى لوبي الفساد داخل القارة، وطالب بالإنصاف واحترام مبدأ تكافؤ الفرص، ورفض أسلوب المساومة.
إلا أن التطورات بينت أن كل طرف لم يرقه قرار اللجنة التنفيذية لـ (الكاف)، ليتواصل التصعيد وتتواصل معه عملية الإساءة، خصوصا من الجانب التونسي ، والتي وصلت -مع كامل الأسف- إلى حد المس المقدسات التي تشكل إجماع كل المغاربة.
فقرار (الكاف) القاضي بإلغاء نتيجة الإياب بين الترجي والوداد والإبقاء على نتيجة الذهاب بالرباط، مع إجراء مقابلة العودة بملعب محايد، يعتبر عمليا انتصارا للحضور المغربي المبني على روح القانون ورفض الفساد المستشري في شرايين كرة القدم بالقارة السمراء لعقود من الزمن.
لم تكن الطريق سهلة للوصول إلى إصدار هذا القرار، بعدما مارس لوبي الفساد الكثير من الضغوطات، وجيش مجموعة من المتعاطفين، ومن يدور في فلك المفسدين الذين باتوا معروفين بالاسم، إلا أن أملهم خاب في الأخير، بعدما جاءت مرافعة رئيس الجامعة فوزي لقجع قوية ومقنعة ومركزة في أربع نقط، وضعت أعضاء (الكاف) أمام مسؤوليتهم التاريخية، أمام اتخاذ قرار منصف يعيد الاعتبار للعب النظيف والمنافسة الشريفة، أو فتح الباب مستقبلا أمام البلطجة والفساد في أبرز تجلياته.
هو انتصار فعلي للمغرب الذي ناضل من أجل احترام مبدإ تكافؤ الفرص، والرهان مستقبلا هو كسب أصوات العقل لمحاربة بؤر الفساد والتلاعب والمكائد التي شوهت سمعة كرة القدم الإفريقية على الصعيد الدولي، وما تصريح رئيس (الفيفا) جياني إنفانتينو الأخير بخصوص هذا الملف بالذات، إلا دليل على هذه الإساءة التي لحقت بالعائلة الإفريقية بسبب ما حدث بملعب رادس، وغيرها من الملفات الصادمة والمرفوضة.
قرار (الكاف) هو في الحقيقة انتصار للمنافسة الشريفة ورفض للتدليس، وخدمة لمستقبل كرة القدم الإفريقية، صحيح أن لوبي الفساد يناور ويقاوم ويظهر نوعا من الصمود، وعلى هذا الأساس نراه يرمي بشرارة أحقاده في كل الاتجاهات، لا يتردد في استعمال كل الأسلحة، بترويج الأكاذيب، وتلفيق التهم الباطلة، وممارسة التغليط، وخلق التفرقة
وهذا ما يجب أن ينتبه له شرفاء القارة وحكماؤها، فـ (الكاف) بمفترق الطرق، إما خدمة مستقبل شباب القارة، باحترام الروح الرياضية العالية ومبدأ التنافس الرياضي الشريف، أو فتح المجال أمام استمرار عهد الفساد والمفسدين وتقديم إفريقيا كقارة موبوءة بتكريس ممارسات مسيئة في عيون المجتمع الدولي.
رهان المغرب مستقبلا يجب أن يتركز على تخليق الممارسة الرياضية بإفريقيا، باعتبارها قارة المواهب والشباب الطموح والكفاءات والطاقات التي تنتظر فقط تكافؤ الفرص والإنصاف على الجميع، وليس فقط بالمجال الرياضي.
محمد الروحلي