بنعبد الله يدعو إلى إيجاد السبل الممكنة للدخول إلى عالم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية

دعا محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية الشباب إلى ضرورة إقرار الحوار وإحلال النقاش محل الحروب والنزاعات.
وقال بنعبد الله في كلمة ألقاها خلال افتتاح ملتقى طنجة المتوسطي للشباب والديمقراطية الذي نظمته الشبيبة الاشتراكية بطنجة، من الجمعة إلى الأحد الماضيين، “على الشباب اليوم أكثر من أي وقت مضى أن يقولوا كلمتهم وأن يعملوا جادين من أجل سيادة منطق آخر غير منطق الحرب ومنطق التناحر ومنطق العدوان ومنطق الاعتداء على حقوق الشعوب بأي شكل كان وخاصة من قبل التدخل الأجنبي”، مضيفا “أن ما نحن بصدده من توتر ومن حروب وما يجري بسوريا مثلا وبالعراق وباليمن أو بليبيا، كل ذلك، يطرح على عاتق الشباب أن يعملوا جادين من أجل إحلال الحوار محل النزاع”.
واعتبر بنعبد الله أن على الشباب أن يتخذوا موقفا اليوم في جل القضايا التي تهم العالم وبالخصوص المتعلقة بالتدخلات الأجنبية، مشيرا إلى أن حزب التقدم والاشتراكية والشبيبة الاشتراكية، ومن قبل في الشبيبة المغربية لحزب التقدم والاشتراكية، كان موقف الحزب وشبيبته واضحا ضد أي تدخل في شؤون الدول وهو موقف أكد بنعبد الله أنه طالما دافع الحزب عنه.
وأضاف المتحدث، في اللقاء الذي حضره بعض أعضاء المكتب السياسي وأعضاء اللجنة المركزية ومنتخبي ومنتخبات الحزب عن مدينة طنجة، بالإضافة إلى الحضور الشبابي المكثف، أنه من الواجب أن تترك الشعوب لتقرر مصيرها وأن يجد شبابها وشباتها السبيل الذي يمكنهم من دخول عالم الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وسيادة حقوق الإنسان والازدهار الاقتصادي والتقدم الثقافي وذلك بما يلائم هذه الشعوب، مؤكدا على أن لكل شعب مصيره ولكل شعب استقلاليته المطلقة في بناء المستقبل الذي يلائمه.
 وتوقف الأمين العام، في اللقاء الذي شاركت فيه العديد من الوفود الشبابية الأجنبية، عند الاعتذارات عن الحضور التي تقدمت بها العديد من الدول العربية، حيث قال “قبل أزيد من ثلاثين سنة وحين كنا نحيى ظروف خاصة متسمة ببعض العراقيل على مستوى الحياة الديمقراطية وأساسا بضفتنا الجنوبية، كنا مع ذلك نتمكن من أن نلتقي وكنا مع ذلك نتمكن من أن نجد في ملتقيات مختلفة رفاق سوريين، عراقيين، سودانيين ومصريين، أو من دول المغرب العربي بكافة أقطارها أو من دول أوربية”. مؤكدا على أن الأوضاع اليوم التي تحياها بلدان العالم خاصة في الدول الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط تجعل اللقاءات الشبابية من هذا النوع أصعب مما كانت عليه الأوضاع في السابق، مضيفا في رسالة موجهة إلى الشباب، “أوصيكم اليوم وأنتم تلتقون بمدينة طنجة، المدينة التي كانت دائما مدينة التلاقح، مدينة الانفتاح، أن تستمروا وأن تجعلوا من هذا اللقاء مناسبة سنوية على الأقل وأن يظل هذا الملتقى حاملا لاسم ملتقى طنجة المتوسطي، وهذا لا يمنع كل ما تأتت الفرصة أن يتم تنظيمه إما بإسبانيا أو أحد البلدان الأوروبية المنتمية إلى الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط أو بدولة عربية أخرى”. داعيا في هذا السياق إلى الانفتاح على القارة الإفريقية، والتعاون مع هذه الدول، خاصة وأن المملكة المغربية تخطو خطوات كبيرة في اتجاه التواجد بإفريقيا، سعيا إلى الرفع من مستوى العلاقات مع هذه الدول، وخدمة حاضرها ومستقبلها في احترام تام لاستقلالها ولتوجهاتها الأساسية.
وأكد بنعبد الله أنه في حالة إذا ما استمرت الشبيبة الاشتراكية، والشباب المشاركين من العديد من البلدان، في تنظيم هذا الملتقى المتوسطي سيكون بالنسبة للشبيبات بمختلف هذه البلدان نقطة التقاء ونقطة تبادل، ومرحلة من أجل تقاسم تجارب مختلفة في مواضيع هامة جدا والمتعلقة بالإرهاب وما يتعرض له الشباب في البلدان الجنوبية ودول الشمال كذلك بما فيها إسبانيا، موضحا أن الأمر لا يتعلق فقط بشبان من أصول عربية بل شباب له أصول واضحة من الدول الأوروبية، داعيا إلى الحضور في قلب هذه القضايا بقوة وأن تتم مناقشتها من أجل إيجاد السبل المعاكسة لما تستطيع بعض الأوساط الهدامة أن تصل إليه باستمالتها لجزء من هؤلاء الشبان للقيام بأعمال إرهابية لا يمكن للعقل أن يتفهمها.
وأشار المسؤول الحزبي إلى أن المغرب بشبابه معرض اليوم كذلك لهذا الخطر، خطر الإرهاب، كما أشار كذلك إلى أن هناك مواضيع مرتبطة بملايين من الشبان والشابات ينتمون أساسا لعالم الجنوب من الدول العربية، وكذلك من دول إفريقيا وهي فئات، أكد المتحدث أنها تسعى إلى أن تغير وضعها وأن تصل إلى مستوى عيش مقبول، أي أنها تطمح إلى الكرامة، وهو ما يدفعها إلى أن تهاجر، مستعملة كل الإمكانيات والوسائل، مستشهدا في هذا الصدد بما تبثه وسائل الإعلام وما يحدث بسواحل المغرب، معتبرا أن هذه الأفواج الهائلة من الشبان ستواصل المسعى طالما سبل العيش الكريم غير موجودة بشكل مستقر في بلدانها الأصل، وهذا من القضايا التي يتعين أن تتم مناقشتها بقوة وإيجاد توصيات لها.
الجانب البيئي أيضا كان حاضرا في كلمة بنعبد الله الذي حث الشباب الحاضرين على العمل من أجل البيئة، خصوصا وأن المغرب، يشير بنعبد الله، كان له حظوة تنظيم قمة المناخ 22، والذي كان فرصة حقيقية لمواصلة المساعي لإدخال العالم في البحث الحثيث عن التنمية المستدامة بكل متطلباتها ومستلزماتها، موضحا أنه موضوع حيوي يهم الشباب أكثر مما يهم الأجيال التي تقرر اليوم في ما سيكون عليه العالم لاحقا، معتبرا أنه من المواضيع الأساسية، للبحث في السبل الجديدة والكفيلة لحث الشعوب على العيش بعادات جديدة وقيم جديدة حفاظا على خيرات الوطن الذي نعيش فيه وكذا خيرات هذا العالم.
بنعبد الله طرح كذلك العديد من الإشكاليات المرتبطة بالتكوين والتعليم وجودة هذا التعليم، مبرزا أنها من الإشكاليات الرئيسية بالنسبة للمغرب، الذي أصبح موضوع التعليم فيه هو الموضوع الرئيسي، إذ أن النقاش مطروح حول كيفية إيجاد الإطار المناسب لتلقين المعرفة لأبناء الشعب المغربي، مشيرا إلى أنه سؤال مطروح لبلدان الشمال والجنوب كذلك، لما يحظى به التعليم من أهمية لجل دول العالم. خاصة، وما يستتبع ذلك من سؤال حول الشغل والاندماج في السوق، داعيا إلى ضرورة الاهتمام بهذه المواضيع وكذلك بالنسبة للمواضيع المرتبطة بكل ما هو ثقافي وإعلامي، إذ أبرز بنعبد الله أن العلاقة بين الشعوب تبنى أساسا عبر المعرفة أي معرفة الأخر، ومعرفة أي منظومة فكرية وأخلاقية وقيمية ينتمي إليها.
واعتبر المتحدث أنه من خلال هذه المناقشات ستتمكن الشعوب في المستقبل من أن تتجاوز كل الكليشيهات التي تعطي نظرة خاصة للمنظومة الإسلامية، والتي قد تعطي كذلك نظرة بالنسبة للمنظومة المتطرفة التي تسمى المنظومة الشعبوية والتي قد تسيطر على بلدان الشمال، بعدما سيطرت على أكبر دولة في العالم، معتبرا أن هذه التصنيفات خطر حقيقي يهدد العالم إذا ما استمرت بلدان العالم في اجترار التعصب والتناحر، ما يمكن أن يؤدي إلى كوارث حقيقية.
بدوه أكد جمال كريمي بنشقرون الكاتب العام للشبيبة الاشتراكية على أن هذا الملتقى الذي تنظمه شبيبة حزب التقدم والاشتراكية والذي تشارك فيه شبيبات العديد من الدول المتوسطية، يحمل هاجسا لمناقشة القضايا والملفات العالقة بين الضفتين والتي من الممكن أن يتم التوصل بحل في شأنها وتتم معالجتها، مشيرا إلى أن الديبلوماسية الموازية من خلال هيئات المجتمع المدني والشبيبات الحزبية أضحت تلعب دورا رئيسيا. داعيا في هذا السياق إلى مواصلة البحث من أجل إيجاد المكانة اللائقة للديبلوماسية الموازية، وذلك من خلال منحها الإمكانيات التي من شأنها أن تجعل منها رافدا أساسيا ورائدا في هذا المجال، كما أكد المتحدث على أن الشبيبة الاشتراكية عازمة على مشاركة المغرب مثل هذه الملتقيات ورفع راية الوطن والانتصار لقضاياه العادلة.
وأكد الكاتب العام على أن الشبيبة الاشتراكية وعلى مدى أربعة عقود من النضال والعطاء تعتبر منظمة ريادية في المجال الديبلوماسي على المستوى الدولي دفاعا عن القضية الوطنية الأولى بالمغرب قضية الصحراء، مشيرا إلى أنها تطرح كذلك قضايا مهمة للنقاش والتي تهم القضايا الاستعمارية في العالم، من بينها تحرير مدينتي سبتة ومليلية والجزر الجعفرية المحتلة، مؤكدا على أن هذا النقاش خاضت فيه الشبيبة الاشتراكية مع المجتمع المدني الإسباني والوفد المشارك في الملتقى، والذي تهدف من خلاله ومن خلال ملتقيات أخرى من هذا النوع إلى تصحيح الأخطاء الديبلوماسية، كما تطمح لأن تكون الكلمة الفصل للمجتمع المدني الذي بات يشكل قوة مؤثرة في العالم وأصبح له رأي، يبرز من خلاله خلاصات تعطي للحكومات دورا استراتيجيا لإيجاد الحلول المناسبة.
ونوه بنشقرون بفرع طنجة المدينة على المبادرة والسبق في تنظيم هذا الملتقى وتضحياتهم المادية والمعنوية انطلاقا من اللقاء التحضيري الذي كان بالجزيرة الخضراء، كما نوه بالوفد الإسباني الذي أبدى تعاونا في هذا الجانب، مؤكدا على أن الشبيبة الاشتراكية ومن خلال هذا الملتقى تفتح باب النقاش وباب الديبلوماسية الموازية من أجل خلق نقاش حول مجمل القضايا التي تهم شعوب البحر الأبيض المتوسط، داعيا المسؤولين والوزارات المعنية إلى دعم هذه الملتقيات من أجل الانفتاح أكثر على الدول وخلق نقاش حول القضايا الإقليمية والدولية المتعلقة بالإرهاب والهجرة وباقي القضايا الأساسية.
من جانب آخر أكد كل من خوسيه كارلوس ميدينا كبريرا منسق الوفد الإسباني والطالبة الباحثة كرستينا فرنالديز، أن الملتقى يشكل فرصة حقيقة لطرح العديد من القضايا واستخلاص الأفكار بخصوصها، حيث أشارا إلى أن المغرب وإسبانيا يشتركان في العديد من القضايا.
وأبرزا المتحدثان نيابة عن الوفد الإسباني المشارك في الملتقى أن الموقع الاستراتيجي للمغرب وإسبانيا واللذان يبعدان ببضع كيلومترات عن بعضهما البعض ويربطان بين إفريقيا وأوروبا، يجعل من التعاون بين البلدين أمرا مهما، كما يشكل هذا الملتقى الشبابي، بنظرهما، فرصة سانحة لتبادل التجارب والخبرات بين الشباب الإسباني والمغربي وخلق تعاون في هذا المجال، مؤكدان على ضرورة إعطاء هذا الملتقى طابعا رسميا سنويا وإقامته بالتناوب بين المغرب وإسبانيا إن كان ذلك ممكنا.
وأكدا المتحدثان أنه من شأن هذا الملتقى أن يعزز الحوار بين المجتمع المدني الإسباني الشاب بالخصوص ونظيره المغربي من خلال التعمق في القضايا التي تهم البلدين وطرح توصيات وتبادل التجارب في مجالات البيئة والهجرة، كما أبرزا توجه الوفد الإسباني إلى خلق جسر للتواصل والتعاون مع الشبيبة الاشتراكية من أجل الاستمرار في تنظيم هذا الملتقى الشبابي سنويا وبشكل مشترك بين البلدين إسبانيا والمغرب.  
أمير قيدح ممثل الوفد الفلسطيني المشارك في هذا الملتقى بدوره عبر عن إعجابه بهذه المبادرة المغربية التي قامت بها الشبيبة الاشتراكية، والتي فتحت الباب أمام الشباب لمناقشة قضايا مهمة، مشيرا إلى أنها فرصة لتمثيل القضية الفلسطينية باعتبارها قضية إنسانية قبل أن تكون قضية شعب، مؤكدا على أن الملتقى فرصة لمناقشة قضايا البيئة والإرهاب والهجرة والتي هي قضايا تهم بشكل كبير دولة فلسطين ومجتمعها، مشيدا بهذه التجربة التي تعطي فرصة لشباب العديد من الدول للتعبير عن قضايا بلدانهم، متمنيا أن تعرف القضية الفلسطينية حلا عاجلا من أجل أن ينعم الشعب الفلسطيني بالاستقلال.
من جهته اعتبر عادل الفرجاني ممثل الوفد الليبي الملتقى فرصة حقيقية لطرح العديد من القضايا التي تهم الشعب الليبي كذلك، والتي هي قضايا إقليمية وتهم بالأساس بلدان الحوض المتوسطي، مشيدا بملتقى طنجة للشباب والديمقراطية الذي اعتبره محطة أساسية ساهمت في إبراز العديد من التوصيات التي من شأنها أن تعطي دفعة قوية وحلول جوهرية لقضايا شعوب البحر الأبيض المتوسط، كما أكد على حرص شباب ليبيا على تمثيل حضورهم في هذا المحفل الشبابي الذي يبرز أهمية الديبلوماسية الموازية والشباب في خلق نقاش عام وتوجيه الديبلوماسية الرسمية والمشاركة إلى جانب الفاعلين السياسيين في إبداء الآراء واستخلاص التوصيات في الملفات الرئيسية المتعلقة بجميع البلدان ومشاكل العالم بشكل عام.
مدير الدورة يونس سيراج عن فرع طنجة أكد بدوره على أهمية هذه الملتقيات، مؤكدا عزم الشبيبة الاشتراكية وفرعها بطنجة على مواصلة المسير نحو إنجاح هذا الملتقى وإعطاءه صدى أكبر في النسخ المقبلة، معتبرا أن هذا الملتقى في نسخته الأولى مجرد خطوة نحو تطوير أداء الشباب والديبلوماسية الموازية، وكذا الترافع من أجل قضايا المغرب بخصوص الملفات العالقة بينه وبين باقي دول البحر الأبيض المتوسط.
يشار إلى أن هذا الملتقى المتوسطي الذي انعقد بطنجة، من الجمعة إلى الأحد الماضي، شكل فرصة للوفود المشاركة من إسبانيا وفلسطين وليبيا ورومانيا، بالإضافة إلى شباب حزب التقدم والاشتراكية الممثلين بالشبيبة الاشتراكية، في خلق نقاش عام حول قضايا رئيسية متعلقة بالهجرة والبيئة والإرهاب، حيث عرف على مدى ثلاثة أيام نقاشا موسعا من خلال ورشات تأطيرية وبرامج مكثف، من تأطير أساتذة وخبراء في كل المجالات، كما تم خلال هذا الملتقى تكريم العديد من المشاركين، حيث سلمت الشبيبة الاشتراكية ذرعها التذكاري لكل من محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، وكذا لممثل الوفد الفلسطيني، وممثل الوفد الليبي، وخوسيه كارلوس، منسق الوفد الإسباني وكذا تسليم شواهد تقديرية لجميع المشاركين في هذا النشاط.
جدير بالذكر أن الوفد التونسي والسوري، بالإضافة إلى بعض الشخصيات السياسية من إسبانيا وبعض الدول العربية اعتذرت في آخر لحظة عن الحضور بعدما كانت مشاركتهم مبرمجة في هذا اللقاء، حيث أكد جمال كريمي بنشقرون أن مكتب الشبيبة توصل باعتذارات العديد من الوفود، نظرا لظروف بعض الوفود وبعض الإجراءات الأمنية التي تعرفها بعض البلدان العربية.

مبعوث  بيان اليوم إلى طنجة: محمد توفيق أمزيان

تصوير: رضوان موسى

Related posts

Top