سميرة الشناوي
وصفت المحامية والمناضلة الحقوقية خديجة الروكاني مسودة مشروع قانون 13-103 المتعلق بمحاربة العنف، في صيغتها الثانية، بأنها تمثل “انتكاسة وتراجعا حتى على الصيغة الأولى” للمسودة، معتبرة أن مقتضيات المسودة الجديدة تمثل خرقا سافرا للدستور ولا تحترم مرجعية حقوق الإنسان.
وعبرت الروكاني، خلال ندوة صحفية عقدتها ممثلات تحالف ربيع الكرامة أول أمس بالدار البيضاء، أن المسودة الحالية تتضمن أخطاء فادحة في الشكل والمضمون تجعلها غير قابلة للمصادقة عليها في المجلس الحكومي ولا لإصلاحها أو تعديلها إذا ما تم إدخالها لمسطرة المصادقة في البرلمان. وأكدت الروكاني بالتالي على الرفض التام لكافة مكونات تحالف ربيع الكرامة لمسودة المشروع المذكورة، داعية مختلف القوى الحية في المجتمع إلى الوقوف ضد تمريرها وضد “مشروع قانون لا يخدم في شيء قضية مناهضة العنف ضد النساء، ولا يستجيب إطلاقا لنضالات ومطالب الحركة النسائية، ومعها عدد لا يستهان به من الهيئات والمؤسسات المجتمعية التي أقرت بإشكالية العنف على أساس النوع وبكلفته الاجتماعية والاقتصادية”.
وقدمت الروكاني خلال هذا اللقاء قراءة سريعة في مسودة مشروع القانون 13-103 والتي اعتبرت بأنها لا يمكن تسميتها بمشروع قانون لمحاربة العنف ضد النساء، لأن واضعي المسودة “أصروا مجددا على الربط قسرا” بين المرأة والقاصر والزوج والأصول والفروع، في قانون يفترض أنه خاص بالنساء اللواتي يستهدفهن العنف بسبب جنسهن. كما اعترضت المتحدثة على عدم تخصيص المشروع بديباجة مؤطرة والاكتفاء بمذكرة تقديمية، مشيرة كذلك إلى التراجع عن الإطار المفاهيمي والتعريفي بأشكال العنف، علما أنه كان واردا في الصيغة الأولى، على علاته، كما تقول، حيث تم الإبقاء على تعريف “عام وجد مقتضب للعنف، في جملة وحيدة ومادة وحيدة في الباب الأول للمسودة”.
وأضافت المحامية أن معظم مواد ومقتضيات الصيغة الثانية للمسودة لم تف بمستلزمات تشريع مستقل بذاته حول العنف القائم على النوع، بقدر ما جاءت في شكل تعديلات جزئية مشتتة في القانون الجنائي، بل وأعادت طرح مجموعة من المقتضيات ضمن مسودة القانون الجنائي التي تعد بدورها موضوع جدال كبير ولم تتم المصادقة عليها إلى هذا الحين.
كما اعتبرت المتحدثة أن المسودة الحالية جاءت متخلفة عن الصيغة الأولى التي سبق أن عرضتها الحكومة في نونبر 2013، وذلك من خلال تراجعها عن تجريم العديد من أفعال وأشكال العنف، مع إقصاء بعض النساء من الحماية القانونية، فضلا عن الخلط بين الفئات من ضحايا العنف (المسودة تتحدث عن العنف ضد المرأة الحامل، أو ضد أحد الأصول أو ضد كافل أو زوج أو أي شخص له ولاية.. أو ضد طليق بحضور أحد الأبناء أو أحد الوالدين)، وكذا الخلط بين آليات الحماية والوقاية، مع غياب تصور للعقاب، بحيث تنص المسودة على إيقاف كافة الإجراءات المسطرية في حال التنازل والصلح، فيما تؤكد على وسائل إثبات الضرر، وتحاصر حق الجمعيات في التنصب كطرف مدني في قضايا العنف ضد النساء.. وكل ذلك، تقول الروكاني، يفتح الباب واسعا لإمكانيات الإفلات من العقاب في قضايا العنف ضد النساء، ويفرغ بالتالي مسودة القانون من المحتوى ويجعلها بعيدة كل البعد عن دليل التشريعات في مجال إقرار قانون مناهضة العنف ضد النساء وكذا عن مرجعية الحقوق الإنسانية للنساء.
وأكدت الروكاني ومعها ممثلات الحركة النسائية المشاركات في الندوة الصحفية على أن المسودة الثانية لمشروع قانون محاربة العنف تتطلب معركة سياسية وحقوقية من أجل الضغط على الحكومة لمراجعتها جذريا، ملوحة بارتفاع حدة ووتيرة الاحتجاجات وصولا إلى واجهة البرلمان في حال عدم التجاوب مع هذا المطلب.