جلالة الملك يوجه رسالة سامية للجمع العام التأسيسي لمؤسسة علي يعته ويشيد بالمبادرة

شهدت الأمسية المتميزة ليوم الجمعة الماضي، بالمقر الوطني لحزب التقدم والاشتراكية بالرباط، عودة عقارب الزمن إلى فترة الراحل والزعيم التقدمي علي يعته، من خلال تأسيس مؤسسة تحمل اسمه.
وتميزت الجلسة الافتتاحية للجمع العام التأسيسي لمؤسسة علي يعته الذي حضرته مختلف مكونات المشهد السياسي المغربي، وشخصيات وطنية كبيرة، بالإضافة إلى أدباء ومثقفين وفنانين وإعلاميين وفعاليات حقوقية ومدنية، بتلاوة مستشار صاحب ، الأستاذ عبد اللطيف منوني، للرسالة الملكية السامية التي بعثها جلالة الملك إلى الجمع العام التأسيسي، والتي أشاد فيها جلالته بالروح الوطنية الصادقة التي ميزت علي يعته، بالإضافة إلى تأكيد جلالته على غنى وثراء سيرة الراحل السياسية والنضالية من أجل قضايا الوطن والمجتمع.
الرسالة الملكية لفتت الانتباه خلال لقاء الافتتاح، حيث أشادت بخصال علي يعته كزعيم سياسي واستعرضت مناقبه وبعضا من ملامح شخصيته وسيرته، كما أشادت أيضا بالتزام علي يعته، وشجاعة مواقفه، وقوته البيداغوجية والسياسية، وانضباط سلوكه العام خدمة لوطنه وشعبه، وحنكته كقائد حزبي وزعيم سياسي وطني. وهي الصفات التي شكلت محور نقاش عام، أجمع من خلاله الحاضرون، في أمسية التأسيس، على مدى بلاغة الرسالة الملكية، ودقة كلماتها في توصيف الراحل علي يعته، معتبرين أنها التفاته سامية ونبيلة من لدن جلالة الملك لزعيم سياسي قدم الشيء الكثير للوطن.
إلى ذلك، عرف اللقاء الذي أدارت أشغاله شرفات أفيلال، عضوة المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، إلقاء كلمة الافتتاح من قبل الأستاذ إسماعيل العلوي، رئيس مجلس رئاسة حزب التقدم والاشتراكية الذي انتخب في أمسية الجمعة المنصرم، بالإجماع، رئيسا لمؤسسة علي يعته، أكد فيها على الفخر والاعتزاز الذي يتملك أعضاء المؤسسة الجديدة بالرسالة الملكية، معتبرا أنها تمثل، بمضمونها ومدلولها، موردا ملهما للمؤسسة في العمل الذي ينتظرها.
واعتبر إسماعيل العلوي إخراج مؤسسة علي يعته إلى الوجود بمثابة حلم، حيث قال “بعد انتظار طويل، ها هو ذا حلمنا يتحقق اليوم، ونخرج بمؤسسة علي يعته إلى الوجود، في رحاب هذا المبنى الجميل، مقر حزب عتيد، بقي وفيا لمبادئه وقيمه، رافضا السقوط في أي نوع من الجمود الفكري، مستلهما وناهلا خطه من روح الفكر التحرري، النابذ لجميع أشكال الدوغمائية، والمناصر لفكرة التحول الدائم نحو الأحسن، خدمة للإنسان في أبهى وأجمل تجلياته”، مضيفا أنه إذا تم الاجتهاد على أسس هذه الخصال “ستصل بنا، كشعب، إلى أعلى مستوى في الديمقراطية بجميع تجلياتها، أي الديمقراطية التمثيلية، والديمقراطية المشاركة في جميع ميادين الحياة الوطنية السياسية والاجتماعية، مرورا بالاقتصادية والثقافية”.
وأبرز الأستاذ إسماعيل العلوي أن مؤسسة “علي يعته” تستلهم روحها من تجربة الزعيم الذي سميت المؤسسة باسمه، كما تستلهم روحها من حزبه، حزب التقدم والاشتراكية، آملا في أن تساعد المناضلين داخل الحزب، والمقربين منه، على فهم محيطهم، ومناقشة أوضاعه، قبل تقديم خلاصات على شكل دراسات وأبحاث تنشر للعموم.
ومن بين الميادين التي ستعمل المؤسسة على تدارسها خص إسماعيل العلوي بالذكر مواضيع “الحياة السياسية المبنية على أسس الديمقراطية”، و”الحياة الاجتماعية المرتكزة على المساواة وحسن توزيع الثروة الوطنية وباحترام الفرد ذكرا كان أو أنثى”، و”الحياة الاقتصادية المعتمدة على شعب عارف وعلى أحدث ما وصلت إليه عبقرية البشر في زمننا هذا كالأنظمة الرقمية”، بالإضافة إلى “الحياة الثقافية المدمجة الأصول والمنفتحة على الغير”، مؤكدا على أن المؤسسة ستنكب على إخضاع كل هذه الميادين وغيرها إلى التحليل الموضوعي الرزين والدقيق وتقديم تصور لها، وذلك بغية الإسهام في المزيد من تطور مجتمعنا ووطننا، وتخليصهما من المعيقات التي ما زالت تعترض سبيلهما نحو التقدم والازدهار”.
وأشاد الأستاذ العلوي، في كلمته، بسيرة القائد السياسي علي يعته، مذكرا بأهم الخصال التي ميزت هذا الرمز الوطني، قائلا، في هذا السياق “إن هذا الرمز الذي نحتفي به اليوم بإعطاء اسمه لمؤسستنا، نعي إلى أي حد كان متشبعا بكنه أفكار الرواد. فكان يدرك تمام الإدراك تطور تاريخ البشرية، كما يفهم ما يحدث للمجتمع الذي يعيش فيه، وهو يعرف أصوله، لا الإثنية منها ولا العقائدية ولا الثقافية ولا المؤسساتية، حيث حرص على إدراج هذه المعطيات كلها في سياق الزمن والظرف المعيش بمختلف تحولاته السياسية.”
وأضاف إسماعيل العلوي، في شهاداته في حق الراحل، على أن علي يعته كان مكافحا ضد الوجود الاستعماري في الوطن، ومعلنا المواجهة الصريحة ضد ظاهرة الإمبريالية بمفهومها العلمي، الاقتصادي، والمالي، والتي كانت تطبع الوجود الاستعماري في المغرب، مشيرا إلى أن علي يعتة “كان في آن واحد مناضلا من أجل رفع مستوى الوعي السياسي لمنتجي الثروة في هذا البلد من عمال منجميين وزراعيين وصناعيين، ومن مستخدمين في القطاعين العمومي والخصوصي ومن مواطنين ومواطنات أحرار”، فقد كان الهاجس المركزي لسي علي، يقول إسماعيل العلوي، هو “نصرة الديمقراطية، لا في شكلها المجرد، بل الديمقراطية الحق التي ترعى الحقوق والحريات كلها، وتحتضن الحقوق الاجتماعية الملموسة التي تهم الحياة المادية اليومية لبني الإنسان ولاسيما الكادحين والمستضعفين منهم”.
من جانبه، أشاد محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية بنص الرسالة الملكية حيث قال “إننا، في حزب التقدم والاشتراكية، لسعداء جدا بما ورد في الرسالة الملكية من عبارات التقدير السامية، والتي، ولاشك، ستترك في نفوسنا جميعا، قيادة وقواعد، أثرا كبيرا، لما تشكله من حافز قوي يعزز عزمنا على مواصلة العمل، في ظل التشبث الدائم بثوابت الأمة ومؤسساتها، من أجل الإسهام في خدمة المصالح العليا للوطن والمواطنين، واستكمال مسيرة الإصلاحات الكبرى، توطيدا لقيم الديمقراطية وترسيخا لأسس الحداثة والتقدم والمساواة والعدالة الاجتماعية”.
وأضاف نبيل بتعبد الله أن إحداث مؤسسة علي يعتة “يأتي من أجل الوفاء للإرث الفكري الأصيل والثري الذي خلفه الفقيد، على أكثر من صعيد، من خلال استثماره والاسترشاد به ومواصلة المسير على هدي تعاليمه”، مشيدا، في هذا السياق، بالمكانة البارزة التي تبوأها الراحل علي يعته في الحياة السياسية المغربية على مدى عقود، وإسهاماته القوية في الحياة البرلمانية حيث كان الراحل، يضيف بنعبد الله، “رجلا سياسيا محنكا، وبرلمانيا مفوها، وإعلاميا حاذقا، ومحاورا متمرسا بما خاضه من معارك فكرية وسجالات سياسية، وصاحب رؤية ثاقبة وقدرة كبيرة على الاستباقية وصاحب جرأة سياسية قل نظيرها في اتخاذ المواقف الصعبة حتى وإن تطلب ذلك السباحة ضد التيار المهيمن، والحرص على قول كلمة الحق من غير أن يخشى لومة لائم أو يعبأ بردود فعل لئيم”.

مؤسسة علي يعته” تجمع كل مكونات المشهد السياسي والمجتمعي، وعشرات الشخصيات الوطنية تحضر جلسة الافتتاح

هذا، وجمع اسم الزعيم الوطني واليساري الراحل علي يعته، خلال الجمع العام التأسيسي لمؤسسة تحمل اسمه، أغلب مكونات المشهد الحزبي والسياسي الوطني، فضلا عن عشرات الفاعلين من الأوساط الجمعوية والحقوقية والإعلامية والأكاديمية والثقافية، حيث أجمع كل الذين حضروا اللقاء على أن القائد التقدمي بقي جامعا لكل القوى الوطنية والديمقراطية، ويحظى بالتقدير لديهم، حتى بعد وفاته بسنوات. وجسد افتتاح الجمع العام التأسيسي لمؤسسة باسمه لحظة طافحة بالدلالات وكلمات الوفاء والعرفان وزاخرة بالمعاني.
وقد حضر اللقاء مستشار جلالة الملك عبد اللطيف المنوني الذي تولى قراءة الرسالة الملكية التي بعثها جلالة الملك الى الجمع العام التأسيسي، وحضر الافتتاح أيضا مستشار جلالة الملك أندريه أزولاي، كما لبى الدعوة كل من رئيس حكومة تصريف الأعمال، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الأستاذ عبد الإله بنكيران، ورئيس الحكومة المعين، رئيس المجلس الوطني للعدالة والتنمية، الدكتور سعد الدين العثماني، بالإضافة الى عضو الأمانة العامة للحزب نفسه ووزير العدل والحريات مصطفى الرميد، ورئيس مجلس المستشارين، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، عبد الحكيم بنشماس، علاوة على وزير الشباب والرياضة لحسن السكوري، ممثلا لحزب الحركة الشعبية وأمينه العام، والوزيرة فاطمة مروان ممثلة لقيادة حزب التجمع الوطني للأحرار، وعضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال عبد الله البقالي، إلى جانب الأستاذين سعد العلمي وَعَبد الحق التازي، بالإضافة الى القياديين في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، محمد اليازغي وَعَبد الواحد الراضي، والأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد نبيلة منيب، وأيضا المقاوم الوطني المناضل محمد بن اسعيد آيت إيدير الذي كان مرفوقا بالناشط الإعلامي والسياسي عبد الإله المنصوري….
وكان من ضمن الشخصيات السياسية والوزراء والمسؤولين الرسميين الذين حضروا الجلسة الافتتاحية للجمع العام التأسيسي لمؤسسة علي يعته، الوزير محمد الوفا، المندوب السامي للمقاومة وجيش التحرير مصطفى الكثيري، وسيط المملكة عبد العزيز بنزاكور، أمين السر الدائم لأكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنيات عمر الفاسي الفهري، الوزراء: شرفات أفيلال، عبد السلام الصديقي، الحسين الوردي…
وحضر أيضا مسؤولو مؤسسات ذات أهداف مماثلة (مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد، مؤسسة علال الفاسي، مؤسسة أبو بكر القادري، مركز محمد بن سعيد آيت إيدير…)، ومنظمات جمعوية ونقابات وهيئات حقوقية ونسائية، علاوة على فعاليات وطنية معروفة ضمن أوساط المجتمع المدني: عبد الإله صوادقة، علي بوعبيد، خالد القادري، ناصر القادري، أحمد حرزني، الحبيب بلكوش، مصطفى اليزناسني…
كما سجل الملاحظون حضور عدد من الصحفيين وشخصيات من الجسم الإعلامي الوطني، نذكر منها: محمد برادة، محمد جِبْرِيل، الصديق معنينو، نرجس الرغاي، محمود معروف، محمد خباشي…،  علاوة طبعا على الصحفي فهد يعته، نجل الزعيم الراحل علي يعته، والذي مثل الأسرة الصغيرة للفقيد، إلى جانب إبنه زهير…
ومن ضمن الوجوه الثقافية والفنية التي حضرت الجمع العام أيضا نذكر: نقيب المسرحيين مسعود بوحسين، النحاتة إكرام القباج، الكاتب المسرحي محمد قاوتي، الشاعر ادريس الملياني، الكاتب والمفكر العراقي فاضل الربيعي، وباحثين جامعيين على غرار عبد المغيث بنمسعود تريدانو وحليمة فرحات وآخرين…
يشار أن الجمع العام التأسيسي، الذي نجح في أن يكون لقاء جماهيريا حاشدا وكبيرا أثار إليه الانتباه، وعكس ذلك حجم التغطية الإعلامية لأطواره، وعشرات الصحفيين الذي حضروا وتتبعوا أطواره، اختتم أشغاله بالمصادقة على بيان التأسيس الذي قرأه الزميل محتات الرقاص مدير نشر صحيفتي البيان وبيان اليوم، وبتشكيل مجلس إدارة من أزيد من خمسين عضوة وعضوا، واختار الأستاذ اسماعيل العلوي رئيسا لمؤسسة علي يعته، وسيعمل في غضون أسابيع قليلة على انتخاب المكتب التنفيذي واستكمال الهيكلة التنظيمية للمؤسسة الجديدة..
توفيق امزيان

Related posts

Top