أكدت “جمعية نعمة للتنمية”، في ختام فعاليات برنامجها الخاص بتنزيل مشروع “دور السينما في محاربة العنف المبني على النوع الاجتماعي”، على الدور الكبير الذي يمكن أن تلعبه السينما كأداة فعالة لمحاربة العنف و تغيير السلوكيات ومناهضة الصور النمطية للنساء، داعية في هذا الصدد إلى إدماج مقاربة النوع ضمن المعايير والمحددات يعتمدها المركز السينمائي المغربي في منح الدعم للأعمال السينمائية،كما دعت كتاب السيناريو إلى الانفتاح على قضايا المجتمع، خاصة ما يرتبط بظاهرة العنف والمساهمة في الحد منها.
وأوضحت حفيظة بنصالح رئيسة جمعية نعمة للتنمية ، في كلمة ألقتها يوم السبت بأحد فنادق الرباط، بمناسبة تقديم خلاصات اللقاءات التي نظمتها الجمعية بعدد من مدن وقرى المملكة، والتي تمحورت حول مشروعها الخاص بموضوع ” دور السينما في محاربة العنف المبني على النوع”،” وهي اللقاءات التي تم خلالها الوقوف على رغبة مجتمعية من أجل تكتل كل الجهود من أجل مواجهة هذه الآفة ، ومن أجل بناء المجتمع الديمقراطي الحداثي الذي وضعته نضالات الجمعيات النسائية والصف الديمقراطي الحداثي.
وكشفت أن مختلف النقاشات التي شهدتها هذه اللقاءات، توجه فيها المشاركون إلى رفع دعوات بضبط الدعم العمومي المقدم للإعمال السينمائية بإدماج مقاربة النوع ومحاربة الصور النمطية، التي لازالت الأعمال السينمائية المغربية على وجه الخصوص تصدرها للمتلقي ،رغم أننا دخلنا للعقد الثالث للألفية الثالثة، حسب تعبير بنصالح.
وأفادت رئيسة الجمعية، أن مشروع ” دور السينما في محاربة العنف المبني على النوع الاجتماعي”، الذي أطلقته وأشرفت الجمعية على تنفيذ مختلف جوانبه، بشراكة مع منتدى المجازين بمدينة القصر الكبير، و بدعم من مشروع “ميدفيلم” التابع للاتحاد الأوربي وتحت إشراف مؤسسة كوسبي الإيطالية، امتد على مدى نحو عام كامل وتحديدا منذ شهر مارس من سنة 2019، وإلى غاية منتصف شهر فبراير الماضي (2020)”.
وأضافت، أن الجمعية حرصت في تنزيل برنامج مشروعها على إشراك مجموعة من الفاعلات والفاعلين في الحقل السينمائي، بل ومختلف الهيئات العاملة في مجال حقوق النساء بما فيها مراكز الاستماع للنساء لضحايا العنف، كما حرصت على الانتقال إلى عدد من مناطق المغرب، الحضرية والقروية، منها مدن الخميسات، سيدي قاسم، وجدة، الرباط وسلا والدار البيضاء، سيدي يحيى، والقصر الكبير، وسيدي سليمان، وتاوريرت وحد كورت والقنيطرة… في مبادرة لاستعمال الإنتاجات السينمائية(الأفلام)كأداة لتحسيس الجمهور الواسع ، بمختلف فئاته،أطفالا ، شبابا، وكهولا، وكذا الإناث بمختلف أعمارهن،حول مظاهر العنف وأنواعه والذي تتعرض له المرأة داخل المجتمع، والصور النمطية التي يتم ترويجها أو تكريسها، ومدى خطورة ذلك على تنشئة الأجيال الصاعدة.
وأكدت رئيسة جمعية نعمة في هذا الصدد، أن اللقاءات التي بلغ عددها الأربعين، لم تنحصر في عرض الأفلام وطرح الأفكار ومناقشة فيما يتعلق بدور السينما في محاربة العنف، بل امتدت إلى عرض مضامين القانونين ، الأول القانون رقم” 103.13″ المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء وقانون “رقم 19.12″، الخاص بالعاملات والعمال المنزليين،والتحسيس بما يحمله من مقتضيات زجرية .
وأشارت المتحدثة إلى أهمية هذه اللقاءات التي اعتمدت نهج القرب ، وتميزت عرفت بحضور متميز للشباب والنساء، خاصة وأن عددا منها نظم بدور الشباب أو المراكز السيوسيوثقافية على مستوى بعض المناطق النائية.
وشددت رئيسة جمعية نعمة، في ختام كلمتها على ضرورة التعبئة لكل مكونات الحركة النسائية والصف الديمقراطي التي أدى تكتلها في العديد من المحطات إلى تحقيق العديد من المكاسب الحقوقية لفائدة المرأة، بل والمجتمع برمته”.
من جانبها، عرضت رشيدة الطاهري، البرلمانية السابقة والخبيرة في مقاربة النوع، خلال هذا اللقاء، سياق تنفيذ “مشروع دور السينما في محاربة العنف المبني على النوع الاجتماعي”، والذي يأتي كمشروع يسعى للانخراط في الديناميات التي تعمل من أجل النهوض بالحقوق الإنسانية للنساء، والقضاء على العنف الذي تفاقم عدد ضحاياه من الفتيات والنساء، حيث أظهرت المعطيات الرقمية للدراسة الوطنية حول العنف الذي يطال النساء، بمختلف أشكاله،علما أن أكثر من 6 ملايين مغربية.
وأوضحت في هذا الصدد استنادا لمعطيات هذه الدراسة، أن العنف يطال نسبة 52 في المائة من النساء، فيما نسبة 15 في المائة منهن تعرضت لشكل واحد من أشكال العنف، بينهم 22 في المائة مطلقات ونسبة 21 في المائة تعرضت للعنف من طرف الأجراء ، معلنة عن تسجيل 741 من حالات العنف الذي تعرضت له النساء من طرف مسؤوليهم الإداريين.
وكشفت رشيدة الطاهري، عن ما بين 27 و31 في المائة من النساء والرجال يعتربن أنه يجوز للزوج تعنيف الشريك، أي معاقبة زوجته أو شريكته عند ارتكاب خطأ ما، مشيرة في المقابل إلى أن مشروع الجمعية يهدف من جهة إلى الحد من مظاهر العنف الذي يطال النساء والمساهمة في التنمية البشرية وتكريس مبدأ المساواة بين الجنسين، ومن جهة ثانية، إلى تحسيس مختلف الفئات المجتمعية ، أو الجمهور عموما بأخطار العنف وذلك عبر نشر المنتجات السمعية البصرية التي تعالج المشاكل المرتبطة بالنوع الاجتماعي.
ومن جهته، قال محمد عدنان الهروس، ممثل مؤسسة “كوسبي الإيطالية ” الشريكة في تنفيذ المشروع السالف الذكرمع جمعية “نعمة للتنمية”، أن المؤسسة عملت على دعم هذا المشروع الذي يندرج ضمن رزمانة الأهداف التي تعمل عليها، والتي تتمحور أساسا حول دعم المشاريع التي تعمل في اتجاه النهوض بأوضاع وحقوق المرأة”.
وأعلن أن المؤسسة تعمل حاليا على دعم هذا المشروع الذي تشرف على تنفيذه جمعية نعمة بالمغرب، ومشروع مماثل بمصر، مبرزا أن مشروع جمعية نعمة أتاح للمؤسسة التعرف على عدد من المناطق والمعيقات التي تحول دون إعمال مقاربة النوع ، وضرورة العمل الحثيث من أجل تقديم الدعم للمشاريع التي تروم التحسيس بالعنف ضد النساء.
يشار إلى أن هذا اللقاء الختامي شهد تكريم عدد من وجوه الحركة النسائية وممثلي مجموعة من الهيئات التي ساهمت في تنفيذ هذا المشروع، وكذا عددا من الإعلاميات والإعلاميين، كما شهد اللقاء تنظيم حفل للمتوجين في مسابقة للأفلام الجد قصيرة التي تعالج ظاهرة العنف ضد النساء، والتي أطلقتها جمعية نعمة ، وذلك ضمن مشروعها حول ” دور السينما في محاربة العنف المبني على النوع الاجتماعي” ، وهي المسابقة التي عرفت مشاركة عدد من المهنيين والهواة في الحقل السينمائي ،حيث أسفرت المسابقة عن فوز خمسة أعمال سينمائية لأسماء شابة شرعت في تقديم إنتاجات في المجال.
> فنن العفاني
تصوير: رضوان موسى