“حتى لا ننسى”.. معرض للوحات تشكيلية لعبد الكريم بنيس حول  زلزال الحوز

بمبادرة من جمعية رباط الفتح للتنمية المستدامة، افتتح أول أمس الثلاثاء بالرباط، معرض تشكيلي للطبيب الفنان عبد الكريم بنيس اختار له عنوان “حتى لا ننسى” يعيد شريط فاجعة زلزال الحوز وما رhفقه من زخم إنساني تضامني أظهره المغاربة عقب هذه الكارثة الطبيعية التي مروا منها.

هذا المعرض التشكيلي الذي يحتضنه رواق محمد الفاسي بالرباط، ويمتد إلى غاية 20 أكتوبر الجاري، يجسد في ثناياه لوحات تشكيلية تزاوج ما بين المدرسة الانطباعية والمدرسة التجريدية مرسومة بالضوء واللون تروي لنا قصص وتجارب إنسانية، وتحكي عن تلك الآلام التي عاشها ضحايا الزلزال وتبعاته النفسية والاجتماعية، وبذلك يكون الفنان الطبيب عبد الكريم بنيس استطاع أن يجسد عبر تلك اللوحات التشكيلية التي تجاوزت الـ 30 لوحة، فكرة الفن في خدمة القضايا الإنسانية.

الفنان التشكيلي عبد الكريم بنيس، أعاد في قالب فني رفيع، من خلال هذا المعرض التشكيلي، سلسلة الأحداث المرتبطة بالفاجعة التي هزت المغاربة يوم 8 شتنبر من العام الماضي، وحاول أن يقبض على تلك الوقائع الأليمة بدءا من “هلع الثواني الأولى” مرورا بما عرفه محيط الزلزال الذي امتد من مناطق الحوز إلى مناطق أزيلال وورزازات، مجسدا الدمار الذي حل بتلك المناطق الجبلية وبالمدن، وكيف قضى المتضررون ليلتهم الأولى في العراء، وصولا إلى عملية الإنقاذ وحملات التضامن التي أطلقها عموم الشعب المغربي ثم مرحلة إعادة البناء، بالإضافة إلى إبرازه المساعدات التي قدمها المجتمع المدني، ضمنهم جمعية رباط الفتح للتنمية المستدامة، كالمساهمة بالخيام والمواد الغذائية.

وعبر الفنان بنيس، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء،  عن بالغ تأثره بمصير الضحايا والتداعيات التي خلفها الزلزال، مؤكدا أن هذا ما دفعه إلى استخدام الرسم لإبراز “الزخم التضامني الاستثنائي” الذي أبان عنه المغاربة قاطبة.

لقد كشف الفنان التشكيلي عبد الكريم بنيس، من خلال تلك اللوحات التشكيلية، بحرفية وفنية عالية، عن مشاعره وتأثره على غرار كل المغاربة، بتداعيات فاجعة زلزال الحوز، وما رفق ذلك من زخم تضامني وإنساني استثنائي يترجم طبيعة وحقيقة الشعب المغربي الذي هب لمساعدة المواطنين بالمناطق المنكوبة، وهي الحملة التضامنية التي أبهرت العالم وجسدت بعد العمق الحضاري للمجتمع المغربي المرتكز على القيم الإنسانية النبيلة.

وأوضح عبد الكريم بناني رئيس جمعية رباط الفتح للتنمية المستدامة، خلال تقديمه لهذا المعرض، أن المغاربة، بدون استثناء، استطاعوا أن يتجاوزا المحنة والآلام والدمار، والتغلب على الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والنفسية الناتجة عن الهزة المدمرة بصمود وعزيمة، مشيرا إلى أن تلك التفاعلات التضامنية واكبتها أعمال من نوع آخر تسلط الضوء على الحادث المأساوي، فكتب المحللون السياسيون والاقتصاديون والاجتماعيون دراسات معمقة وتحليلات استشرافية، كما كتب الأدباء والشعراء والعلماء نصوصا تعبيرية رائعة، كما لم يستكن هاجس الفنانين لخط مشاعرهم عبر الريشة واللون والضوء والصورة والإبداع، ومن ضمنهم الفنان الطبيب عبد الكريم بنيس.  

 يشار إلى أن  النشاط الفني للطبيب الأستاذ عبد الكريم بنيس قديم، لكنه غير معروف كثيرا، وتوقف لفترات طويلة بسبب دراسته ثم مهامه المهنية والعلمية والجمعوية والسياسية والنقابية، لكنه شارك وهو لا يتجاوز عمره الـ 15 سنة في معرض لتلامذة من مدرسته الثانوية في وجدة، بتوجيه من أستاذتهم في الرسم، وتمكن من بيع  اللوحتين اللتين عرضهما وكانتا مستوحاة من مناظر طبيعية لبطاقات بريدية، رسمهما بصباغة “الغواش” على الورق، واستمر في رسم وصباغة بعض اللوحات الصغيرة، دائما بمادة الغواش على الورق، حتى 1967-1966، عندما بدأ دراسته الطبية في الرباط. لم يتبق من رسوم تلك الفترة سوى لوحتين، يصفهما بالناجية. 

 واستأنف عبد الكريم بنيس الصباغة تدريجيا منذ عام 1997 وخاصة منذ عام 2010 أنتج بضع عشرات من اللوحات على القماش نادرا على الورق المقوى باستعمال الطلاء الزيتي أو الأكريليك وذلك حول مواضيع مختلفة. في أوائل عام 2010 رسم بشكل أساسي لوحات ذات مواضيع وصفها بعض أصدقائه بالملتزمة: المهاجرون والمتظاهرون والغرقى والنساء اللائي يحملن البضائع والأضرار ومصائب الحرب.

عبد الكريم بنيس عصامي في الفن التشكيلي، لم يأخذ تعليما فنيا أكاديميا أو دروسا خاصة. لقد صنع تجربته ووجد تقنياته الخاصة من خلال الممارسة، وساعد نفسه في البداية ببعض الكتب، وهو يبحث عن بعض المعلومات أو النصائح في شبكة الأنترنت عندما يشعر بالحاجة إليها.

Top