محمد حجيوي
أكدت قيادة حزبي التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية، عزمهما على مواصلة العمل المشترك بينهما داخل الأغلبية الحكومية في المرحلة القادمة، وعلى مواصلة التشاور من أجل أجرأة هذا العمل المشترك بما يؤدي إلى تعزيز مكتسبات التجربة الحكومية الحالية وترصيدها ومواصلة البناء الديمقراطي.
كما أكد الحزبان، في بلاغ مشترك على إثر اللقاء التشاوري الذي جمع قيادة الحزبين، أول أمس السبت بالرباط، على مواصلة ومتابعة إنجاز الأوراش الإصلاحية المفتوحة والتصدي المشترك لكل مظاهر التحكم وأشكاله، وكل محاولات النكوص عن المكتسبات التى تحققت منذ الخطاب الملكي لـ 9 مارس 2011 وما تبعه من محطات وتطورات سياسية.
وقال محمد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في كلمة له «إن الأسباب الكامنة، وراء اصطفاف حزب التقدم والاشتراكية إلى جانب حزب العدالة والتنمية، سنة 2011، تظل قائمة، ولنا عزيمة قوية في أن نواصل هذا المشوار وأن نستمر معا، ومع مكونات الأغلبية التي شاركت في هذه التجربة، في إطار نوع من الصدق والوفاء وفي إطار وضوح الرؤى، أو مع مكونات أخرى قد تكون لها رغبة في أن تشاركنا هذه التجربة».
وأوضح نبيل بنعبد الله، أمام وسائل الإعلام، أنه بعد مرور خمس سنوات، استطاعت هذه الحكومة، بإرادة قوية، أن تنجز الكثير في إطار نوع من الوفاء والإخلاص المتبادلين، وفي إطار التشبث بـ «الكلمة» التي أصبحت «عملة نادرة في الزمن السياسي الراهن الذي تراجعت فيه قيمة الالتزام السياسي التي كانت مرادفة للعمل السياسي خلال عقود خلت. «
وأورد الأمين العام لحزب الكتاب أن الحزبين تحدوهما الرغبة في إنجاح هذه التجربة الحكومية التي قال إن نجاحها سيكتمل باكتمال التجربة خلال الخمسة أو الستة أشهر المتبقية، وبالوصول إلى المرحلة الانتخابية ومرورها في أحسن الأجواء وفي ظل الشفافية والوضوح والنزاهة. حينها، يضيف محمد نبيل بنعبد الله، «يحق للمغرب أن يفتخر بكونه استطاع أن ينهي، بنجاح، أول تجربة ديمقراطية بعد دستور 2011» .
وهذا، في نظر المتحدث، أمر أساسي ومهم، يتعين على الجميع أن يعيه لكون بعض الأطراف سعت في فترات مختلفة إلى إجهاض التجربة الحكومية قبل الأوان، دون الوعي بخطورة سعيها، لكن التجربة، يضيف زعيم حزب الكتاب، صمدت في وجه كل ذلك، ولازالت صامدة أمام بعض المطبات التي تعترضها بين الفينة والأخرى، مؤكدا على أنه بفضل ثقة جلالة الملك، والإرادة المشتركة لمكونات الحكومة الحالية، استمرت هذه التجربة الحكومية.
وشدد بنعبد الله على أن مصلحة البلاد تكمن في أن تكون هذه الحكومة في الموعد مع الطموحات الهائلة المعبر عنها أثناء الحراك السياسي والاجتماعي لسنة 2011، مشيرا إلى أن الحكومة تمكنت من تحقيق وإنجاز الكثير من الأشياء على الرغم من الظروف المعقدة التي أحاطت بها، والتي بات جزء منها متداولا، فيما لم يحن الوقت للكشف عن الجزء الآخر منها.
وأوضح نبيبل بنعبد الله أن اللقاء التشاوري بين الحزبين أعاد إلى الأذهان تلك اللحظات الأولى التي حل فيها وفد من الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية للقاء عبد الإله بنكيران الذي كان يسعى إلى تشكيل الأغلبية الحكومية، مؤكدا أن التنسيق بين الحزبين بدأ قبل الحراك السياسي والاجتماعي لأسباب مرتبطة بما كان يحدث في الساحة السياسية من انحرافات اعتبرها الحزبان مضرة بالمغرب ويتعين مواجهتها.
وأكد زعيم حزب الكتاب أن اصطفاف الحزبين جنبا إلى جنب خلال هذه المرحلة، لم يفقدهما هويتهما ولم يغير من مرجعيتهما. وقال في هذا الصدد «إن الجميع يعلم أن لا العدالة والتنمية أصبحت اشتراكية ولا حزب التقدم والاشتراكية بات إسلاميا بالمفهوم السياسي، لأن الإسلام هو ملك مشترك بين جميع المغاربة، ولكن كان لنا ما يكفي من الذكاء ومن الصدق الذي جمع بيننا، وأنه إلى يومنا هذا، عندما كنا نقارب كل القضايا المطروحة، كنا نجد أن هناك نوعا من التفاهم المتبادل والاحترام المتبادل، لأن الأصل هو الصدق والمسؤولية والوفاء».
وأشار الأمين العام لحزب الكتاب إلى أن حزب التقدم والاشتراكية يؤمن بقيمة التغيير والتطور منذ زمن بعيد، واستطاع، عبر مساره السياسي، أن يتأقلم مع الواقع المغربي، وهو ما أتاح له أن يكون موجودا إلى اليوم، على غرار حزب العدالة والتنمية الذي استطاع أن يتكيف مع الواقع.. ومن ثمة، على الجميع، يقول محمد نبيل بنعبد الله، «أن يفهم بأن القوى السياسية الأساسية المتواجدة والأكثر مصداقية والأكثر تشبثا بالمؤسسات والأكثر تشبثا بالديمقراطية وبالمصالح العليا للبلاد، هي بالضبط تلك القوى التي ولدت من رحم المجتمع ومن رحم المعاناة، وهي توجد بقناعة راسخة في هذا الخندق دفاعا عن المؤسسات وعن الديمقراطية، ودفاعا عن التوجه السوي والقويم الذي يتعين أن ننطلق منه»، مشيرا أن «لا قيمة لطبقة سياسية لا تتوفر على استقلالية قرارها»، ومؤكدا أن «الاستمرار في ظل الهرم المؤسساتي المشترك الذي لا ينازع فيه أحد، يقتضي طبقة سياسية ومكونات وأحزابا سياسية قوية لها مصداقية عند الشعب الذي يعرف أن لها توجهات وأفكارا منبثقة من استقلالية قرارها ومن نقاشات ومداولات هياكلها التقريرية»، وذلك هو ما يميز، بحسبه، حزبا التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية.
من جانبه، أكد عبد الإله بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أن مسار حزبه وحزب التقدم والاشتراكية لازال طويلا، وأنهما سيستمران معا، في المرحلة المقبلة، سواء في الحكومة أو في المعارضة، مبرزا أن ما يجمع الحزبين هو الصدق والوضوح، مضيفا أن التجربة الحكومية الحالية، تمكنت من تحقيق أشياء كثيرة لم يكن بالإمكان تحقيقها في ولاية واحدة.
وذكر عبد الإله بنكيران أنه رغم اختلاف المرجعيات بين حزبه وحزب التقدم والاشتراكية، فإنه كان دائم الاحترام لأعضاء هذا الحزب للالتزام الذي يتحلون به جميعا، وهذه قيمة تكاد تكون مفقودة في الحياة السياسية المغربية، يضيف بنكيران، الذي أشار إلى أن هذا اللقاء التشاوري بين الحزبين جاء متأخرا، وإن كان التشاور بينه وبين الأمين العام لحزب الكتاب وبقية أعضاء الحكومة لم ينقطع وظل مستمرا، ومفيدا.
واعتبر عبد الإله بنكيران الذي وصف حصيلة التجربة الحكومية بـ «الناجحة»، أن العلاقة بين حزبي التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية باتت أقوى وأمتن لأنها تأسست على الوضوح وعلى الصدق وأيضا «على كثير من المعاناة المشتركة، وتمكنا معا من تخطي مواقف حرجة».
وأضاف أمين عام حزب المصباح أن نبيل بنعبد الله غامر بمستقبله السياسي وغامر بحزبه، ولم يختر السهل من المواقف ولم يصطف وراء الوهم، كما لم يختر التخوف وقرر الذهاب في اتجاه كان يراه هو الأنسب، في هذه الحكومة، في فترات كانت حرجة وصعبة بالنسبة له، وأضاف عبد الإله بنكيران، أن الوقت لم يحن بعد لفك الارتباط مع حزب التقدم والاشتراكية، وأن هناك الكثير مما يتعين فعله بشكل مشترك في المستقبل، لأن تلك الفئة التي قال إنها تتموقع بين جلالة الملك والطبقة السياسية، وتريد التحكم وتريد الهيمنة على الحياة السياسية ويسكنها منطق الاستعمار، لا زالت قائمة، وهي خطيرة وتهدد المؤسسات وتهدد المسار الديمقراطي ببلادنا.
وأفاد الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، أن حزب التقدم والاشتراكية من الأحزاب الكبرى، بدون مجاملة لأن الكبر في السياسة، بحسبه، لا يكون بالعدد، ولكن بالحفاظ على وحدة الحزب وتماسكه، مشيرا إلى أن حزب التقدم والاشتراكية اتخذ مواقف صعبة عبر مساره السياسي، وسبق حزب العدالة والتنمية إلى الاعتدال حيث وقف الحزب الشيوعي المغربي موقفا إيجابيا من الإسلام ومن الملكية علما أنه كان الأقرب إلى الفكر الثوري، وتمكن بشكل خلاق من القيام بالمراجعات الضرورية منذ أزيد من أربعين سنة.
وأضاف بنكيران أنه يفضل التنافس مع أحزاب سياسية عادية مثل حزب التقدم والاشتراكية الذي يمكنه أن يصبح أول قوة سياسية في المغرب، لكن من غير المقبول التنافس مع أحزاب خلقت بين عشية وضحاها ولفظها الشعب في 20 فبراير لكنها عادت بنفس أساليب التحكم والهيمنة، مؤكدا، في السياق ذاته، أن حزب التقدم والاشتراكية والعدالة والتنمية حريصان على استقلالية قرارهما السياسي وحريصان على أن يبقى المغرب بلد الأحرار مثل ما كان عليه عبر التاريخ.
يشار إلى أن هذا اللقاء التشاوري الذي جمع قيادتا الحزبين (الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية والأمانة العامة العدالة والتنمية)، بالمقر المركزي لهذا الأخير بالرباط، خصص لمناقشة العديد من القضايا المرتبطة بما تبقى من عمر هذه الحكومة والإصلاحات التي يتعين مواصتلها، كإصلاح أنظمة التقاعد وما تبقى من القوانين التنظيمية، والحوار الاجتماعي، وغيرها من الأوراش التي أطلقتها التجربة الحكومية الحالية.
****
في البلاغ المشترك الصادر عن اللقاء التشاوري PPS – PJD
انعقد يوم السبت 08 رجب 1437هـ الموافق لـ 16 أبريل 2016م بالمقر المركزي لحزب العدالة والتنمية بالرباط لقاء جمع كلا من المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية والأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، برئاسة الأمينين العاميين وحضور أعضاء الأمانة العامة والمكتب السياسي للحزبين.
وكان اللقاء فرصة لتقاسم تقييم الهيئتين للوضع السياسي، والاجتماعي، والاقتصادي، ولمسار قضية الوحدة الوطنية، وللعمل المشترك سواء داخل الحكومة على قاعدة البرنامج الحكومي، أو داخل المؤسسة التشريعية، كما كان اللقاء مناسبة لتبادل وتقاسم التحاليل حول التطورات المتوقعة للوضع السياسي المغربي حيث خلص الطرفان إلى التأكيد على ما يأتي:
التأكيد على مواصلة اليقظة، والتعبئة لمواجهة المناورات، والتحديات التي تستهدف وحدتنا الترابية، وسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية المسترجعة، واستعدادهما غير المشروط للانخراط في كل المبادرات الوطنية في هذا الاتجاه دون قيد أو شرط، وراء القيادة الحكيمة لجلالة الملك نصره الله.
اعتزازهما بتجربة العمل المشترك داخل الحكومة وداخل الأغلبية بمجلس النواب وبين فريقيهما بمجلس المستشارين إلى جانب كل من فريق التجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والمجموعات المساندة للأغلبية. على قاعدة البرنامج الحكومي، وتأكيد عزمهما على مواصلة العمل المشترك داخل الأغلبية الحكومية، ومع باقي مكوناتها للإسراع بتنزيل الأوراش الإصلاحية سواء على المستوى التشريعي، أو على المستوى التنموي إلى آخر لحظة من لحظات الولاية الحكومية.
اعتزازهما بالأداء الحكومي الإيجابي وبالنتائج الملموسة المحققة على المستوى السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، علما أن حاجيات الشعب المغربي وخصوصا فئاته الهشة مازالت تحتاج إلى إنجازات كبرى في مجال التعليم والتشغيل وقضايا الشباب والصحة. مما جعل المغرب نموذجا مرجعيا بالنسبة لعدد من الدول والمؤسسات الدولية سواء على مستوى الاستقرار السياسي، أو على مستوى الأوراش الإصلاحية المفتوحة على جميع المستويات، وتثمينها للأداء الإيجابي والنوعي لفرق الأغلبية بالبرلمان.
التأكيد على أن هذه التجربة تمثل نموذجا للإمكانيات التي يتيحها العمل المشترك من أجل البناء الديمقراطي والمؤسساتي والإصلاح الاقتصادي والاجتماعي رغم التباين في المرجعيات الفكرية والأيديولوجية في بعض القضايا، والتأكيد على ما يشكله هذا التباين من إغناء وتخصيب للأفكار والأطروحات، وما يسمح به من اختبار للقدرة على إبداع حلول تتناسب مع متطلبات البناء المذكور.
تأكيد عزمهما على مواصلة العمل المشترك بين الحزبين داخل الأغلبية الحكومية في المرحلة القادمة وعلى مواصلة التشاور من أجل أجرأته بما يؤدي إلى تعزيز مكتسبات التجربة الحكومية الحالية وترصيدها ومواصلة البناء الديمقراطي ومتابعة إنجاز الأوراش الإصلاحية المفتوحة والتصدي المشترك لكل مظاهر التحكم وأشكاله وكل محاولات النكوص عن المكتسبات التى تحققت منذ الخطاب الملكي لـ 9 مارس 2011 وما تبعه من محطات وتطورات سياسية.
ذ. عبد الإله بن كيران
الأمين العام لحزب العدالة والتنمية
ذ. محمد نبيل بنعبد الله
الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية