حسرة على بنشرقي …

كل من يشاهد اللاعب السابق لفريق الوداد البيضاوي أشرف بنشرقي، وهو يتألق بقميص نادي الزمالك المصري، يصاب حقيقة بالحسرة، نجم حقيقي يسجل بطريقة تدرس، ويساهم بكثير من الفعالية في انتصارات الفريق الأبيض، ويقدم عطاء يثير الكثير من الإعجاب والتقدير.
وفي عز هذا التوهج، يطرح التساؤل: كيف يمكن السماح بانتقال نجم بهذا المستوى والقيمة، نحو فريق يواجه الأندية المغربية بالمنافسات القارية؟ طبعا يحق لأي ناد أن يبيع لاعبا مميزا للاستفادة ماديا من قيمة انتقاله، فهذه مسألة عادية جدا في عرف كرة القدم، لكن لفريق منافس وخصم قد تصادفه لا محالة بالمنافسات القارية، أو حتى العربية، مسألة تناقش.
سؤال يبدو غير موضوعي تماما، على اعتبار أن منطق السوق يفرض القبول بأحكامه على أساس مبدأ العرض والطلب، فأشرف غادر الوداد بصفقة ضخت بخزينة الفريق الأحمر خمسة ملايير سنتيم دفعة واحدة، بعد انتقاله إلى نادي الهلال السعودي، والصفقة تعتبر قياسية بالنسبة للدوري المغربي، لم تتجاوزها إلا صفقة أيوب الكعبي الذي طار إلى الصين بقيمة فاقت الـ6 مليارات سنتيم.
إلى جانب بنشرقي، غادر الدوري المغربي خلال السنوات الأخيرة، لاعبون متميزون كوليد أزارو وحميد أحداد ومحمد أوناجم وقبلهم مراد باتنا ومحمد فوزير وغيرهم كثير، تصوروا لو استمر كل هؤلاء، كيف سيكون مستوى البطولة الوطنية؟ وكيف سيكون عطاؤهم ضمن صفوف الأندية الوطنية المشاركة بالمنافسات الإفريقية؟ فالأكيد أن دورهم سيكون مؤثرا بدرجة كبيرة، والعطاء سيكون أقوى مما نشاهده حاليا.
من المؤكد أن السبب مادي بالدرجة الأولى، فالأندية المغربية لا تتوفر على موارد مالية كافية تمكنها من الحفاظ على أبرز لاعبيها، ومنطقيا اللاعب يسعى أيضا إلى تحسين وضعه الاجتماعي، وعدم تضييع الفرص التي تتاح له، كما أن هناك استفادة مالية مباشرة للنادي، وبالتالي لا يمكن إغلاق هذا الباب نهائيا.
فوضعية الأندية المغربية لا يمكن مقارنتها من الناحية المالية بأندية عربية كبيرة كالأهلي والزمالك والترجي والنادي الإفريقي، فأغلب المواهب التي تبرز بالدوري المصري أو التونسي، تنضم مباشرة إلى هذه الفرق صاحبة الموارد المالية المهمة، وبعد ذلك يمكنها الانتقال إلى الخارج، نفس الشيء بالنسبة لنادي تي. بي. مازيمبي الكونغولي على الصعيد الإفريقي، صاحب يد طولى تمكنه من جلب أبرز لاعبي القارة، وليس فقط شراء نجوم الأندية الكونغولية.
قبل الانتقال إلى السعودية، لعب بنشرقي دورا كبيرا في فوز الوداد بلقب عصبة أبطال إفريقيا سنة 2017، وسجل أهدافا جميلة وحاسمة، كما منح أصدقاءه تمريرات حاسمة ترجمت إلى أهداف ثمينة، وكان بالفعل موسما استثنائيا لا يمكن لأي محب ودادي أن ينساه بسهولة، وهذا بالفعل هو النجم المطلوب الذي يمكن أن يساهم في الرفع من مستوى البطولة الوطنية ويزيد من قيمتها التسويقية.
يقدم بنشرقي حاليا عطاءات استثنائية رفقة الزمالك، إلى درجة يفكر مسؤولو الفريق في الدخول في مفاوضات جدية من أجل انتقال نهائي، وهو الآن في فترة إعارة لمدة سنة واحدة مقابل 400 ألف دولار، وهو مبلغ يعتبر عاديا، مقارنة مع ما يقدمه اللاعب المغربي من عطاء لا يقدر بثمن.
بنشرقي هذا لم ينتظر الكثير من الوقت، ليتحول إلى رقم أساسي داخل تشكيلة الفريق الأبيض، ففي ظرف سبعة أشهر قضاها حتى الآن، أجمع الكل على أنه صفقة مربحة، نجح في تسجيل 8 أهداف، وصناعة خمسة أهداف خلال 18 مقابلة فقط.
ساهم أيضا بشكل أساسي في تتويج الزمالك بكأس مصر، وهي أولى بطولاته مع الفريق الأبيض، إذ سجل هدفين من أصل ثلاثة أهداف فاز بها الزمالك في المباراة النهائية أمام نادي بيراميدز.
كما يعود له الفضل في تتويج الزمالك بكأس السوبر الإفريقي مؤخرا على حساب الترجي، بتسجيله هدفين، في اللقاء الذي انتهى بفوز القلعة البيضاء بثلاثة أهداف مقابل هدف.
ويعتبر صاحب الـ25 ربيعا من العناصر الأساسية التي ساهمت في صعود الزمالك إلى دور ربع النهاية لعصبة الأبطال الإفريقية، شارك في ثلاث مباريات بدور المجموعات، ونجح في تسجيل ثلاثة أهداف وصناعة هدف.
مسار جد إيجابي للاعب يعد بالكثير من العطاءات، صحيح أننا نتحسر على رحيله، لكن في النهاية لا يمكن إلا أن نفتخر بكونه نجما مغربيا برز داخل البطولة الوطنية، ويقدم في الخارج مستويات يستحق عليها الإشادة والتنويه.

> محمد الروحلي

Related posts

Top