بلاغ موحد للفصائل المساندة لناديي الوداد والرجاء على هامش قرار مقاطعة الديربي

مؤطر بروح المسؤولية ويرفض الإقصاء المقصود للدار البيضاء

أصدرت الفصائل المساندة لناديي الوداد والرجاء البيضاويين، المغربيين الوطنيين الكبيرين، بلاغا يمكنه وصفه بالحدث الاستثنائي، لكونه يقدم تفاصيل إضافية، حول الأسباب التي أدت إلى اتخاذ قرار المقاطعة.. القرار الذي نزل كالصاعقة، وأفرغ -للأسف- الديربي من قيمته ورمزيته، وحمولته التاريخية.
قد نتحفظ مبدئيا على قرار المقاطعة، وهناك جوانب تتطلب أيضا نوعا من التحفظ، بعيدا عن صيغة الأحكام الجاهزة، لكن توجد نقاط كثيرة، يمكن لأي متتبع موضوعي الاتفاق مع أبعادها، وتستحق مناقشة خلفياتها ودلالاتها العميقة، بكثير من الهدوء والرزانة، وروح المسؤولية العالية.
فالبلاغ يمكن وصفه دون مبالغة بـ “التاريخي”، لتضمنه تفسيرات ومعطيات، تستحق أكثر من وقفة، بحثا عن أسباب النزول، وحرصا على جعله فرصة للتداول والتدافع الإيجابي، والتجرد من كل انتماء، إلا الانتماء للوطن وللمدينة التي يفتخر بها كل بيضاوي حقيقي.
بالفعل، يستحق هذا البلاغ أن يكون أرضية للنقاش العمومي، في وقت انعدم فيه العمق في التعاطي مع الشأن الرياضي عموما، محليا ووطنيا، بعد أن أصبح الكل يكتفي بالتركيز على القشور، والاكتفاء بالهوامش، والبحث فقط عن الولاءات والمكاسب اللحظية.
جاءت خطوة الفصائل البيضاوية موحدة، بل منتقدة بروح من المسؤولية، وبحمولة وطنية، مراعاة لما سمي بالظرفية العامة، وشعورا بتأثير المواقف والتصريحات المعلنة، على سلوك عامة الجمهور الرياضي الذي يشعر حقيقة بنوع من الاحتقان والغبن، والإحساس بعدم الإنصاف، وغياب المساواة في التعامل.
فدفاعا عن مدينة كل المغاربة.. الدار البيضاء، المرحبة بالجميع، دون خلفيات، أو بحث في صيغ الانتماء، أو دخول في حسابات ضيقة، جاء بلاغ الإلترات دقيقا في صيغته وتوقيته، في وقت يعم صمت القبور مختلف الأرجاء، إلى درجة أصبح صوت الحق نشازا، وهامشا يعتقد بالسهولة تجاوزه وتجاهله…
فالتأكيد على أن اتخاذ قرار المقاطعة -وهذا ما حدث بالفعل- ترك المجال للمبادرة الفردية، دون الدخول في مسألة التحريض على المقاطعة، والإبقاء على الاختيار كحرية شخصية، بعيدا عن الاحتقان، وهذا يعد موقفا قمة في روح المسؤولية، بعيدا عن أية متاهات ولا تأويلات، ولا تخوين يراد به باطل.
كما أن البلاغ امتد إلى جوانب لا تقتصر فقط على ما يحدث بعالم كرة القدم، بل امتدت إشاراته، ودلالاته وبنيته، إلى فضاء أرحب تصل إلى مناقشة الواقع الحالي للعاصمة الاقتصادية للمملكة، في احترام تام للمؤسسات، واستحضارا للمقدسات والمرتكزات التي يتشكل حولها إجماعنا الوطني.
بالفعل يجد قطاع الرياضة بمدينة الدار البيضاء الكبرى، نفسه في حاجة لمن يدافع عنه بروح من المسؤولية، بعيدا عن أي تهييج، أو إثارة للنعرات، ولا إحياء للأحقاد، والحرص على تفادي اللعب على التناقضات؛ في رفض تام لهذا التدبير العشوائي الطاغي على كل مفاصل المدينة الكبيرة، والذي يرهن حاضر ومستقبل الشأن الرياضي عموما، بعملاتها الثمانية، ومقاطعاتها الستة عشر، -زائد بلدية المشور- الممتدة الأطراف، والشاسعة المناطق والنفوذ.
إن ما تعيشه الرياضة بالولاية الكبرى، يعد إدانة حقيقية لمسؤولي القطاع الرياضي عموما، ومعهم المنتخبين اللاهثين -إلا من رحم ربي- وراء المصالح الخاصة والمكاسب الفردية والفئوية، تحسبا لموسم انتخابي قادم…
بالفعل دخلت الأغلبية الساحقة من الفروع الرياضية، مرحلة الموت البطيء، وأصبح ما تبقى من الفرق والأندية والممارسين، تجد صعوبة بالغة في كيفية البحث عن الملاعب والقاعات الصالحة وفضاءات للممارسة، وأماكن لمقراتها، دون الحديث عن الدعم المالي والإداري المطلوبين، إلى درجة أن النشاط الرياضي أصبحت تطبعه الرمزية والشكلية، بعيدا عن أية قيمة تنافسية، أو بحث كما تعودنا في السابق، عن كسب البطولات والألقاب، أو طمعا في البقاء بالقمة.
فقد ماتت منذ مدة رياضة ألعاب القوى وتبعثا الملاكمة، وأصبح التنس مجرد نشاط شكلي، داخل أندية خاصة، يغلب على الأغلبية الساحقة من برامجها اليومية، هدف تجاري محض؛ وهاجس البحث عن مكان لقضاء وقت ممتع داخل فضاء يتمتع بالخصوصية، ويجمع الأصدقاء والأهل والأحباب، أما المجال الرياضي، فبات آخر الاهتمامات.
فأين نحن من وصلات وجولات فروع كانت بالأمس القريب، قوية ومتألقة ككرة السلة واليد والطائرة، والسباحة، والعديد العديد من الأنواع التي أصبحت تقتصر فقط على ما هو شكلي، تفاديا للاندثار، وعدم الاضطرار لتقديم اعتذار عام.
يحدث هذا في وقت كانت فيه الأندية البيضاوية تتنافس على أعلى مستوى، وطنيا وعربيا، إفريقيا وحتى دوليا، ماتت أنواع، وهناك ممن ينتظر فقط نحبه، دون أن يظهر أي أفق واضح، أو إحساس بإمكانية التغيير القريب، أو ترقب غد أفضل.
فأين هي مكانة دار البيضاء، كقطب مالي وتجاري، وكثافة سكانية عالية، وبعد تاريخي وحضاري وإشعاع عالمي، من الاستراتيجية العامة للدول التي ترتكز على جعل كرة القدم، واحتضان التظاهرات القارية والدولية، قوة ناعمة، تساهم في الترويج لاسم وصورة المغرب على أعلى مستوى، وجعلها رافعة أساسية للتنمية وتحقيق البعدين الاقتصادي والاجتماعي، واستحضار الدور السياسي الهام، ذاك الذي يجعل العالم يتعرف أكثر على بلد ينعم بالاستقرار والتسامح، والانفتاح، والتمتع بحضارة ضاربة بجذور التاريخ.
وكمساهمة في مناقشة مضامين بلاغ الإلترات، نترك لكم بمكان ما بهذه الصفحة، فرصة متابعة تفاصيله المثيرة، ونعود ونقول، إنه بلاغ “تاريخي”، غير مسبوق، ولا يمكن أبدا المرور على مضامينه بطريقة شكلية أو سطحية…

***

بلاغ إلترات قطبي الكرة البيضاوية يوضح أسباب المقاطعة

قبل مباراة الديربي، كانت لنا عدة اجتماعات بين المجموعات الثلاث، تم خلالها الاتفاق على مقاطعة مباراة الديربي.
بعد ذلك كان لنا اجتماع مع السلطات المختصة لتوضيح مجموعة من الأشياء والأمور وتأكيد موقفنا الذي اخترناه عن طواعية، كما قررنا التزام الصمت والاحتفاظ بالقرار داخليا لعدم التحريض على المقاطعة ولأننا نعي أكثر من غيرنا حساسية الظرفية والاحتقان الرياضي بالمدينة.
فنحن تهمنا مصلحة البلاد أكثر من أي شيء آخر ولا تحركنا أي خلفيات.
وبالعودة للأسباب التي جعلتنا نقاطع الحضور للمباراة فهي واضحة ونلخصها كالتالي:

1 – العشوائية والتدبير العبثي لورش إصلاح معلمة رياضية عريقة من قيمة مركب محمد الخامس على مر التاريخ، دون أي محاسبة تذكر. ملايير صرفت بلا أي جديد، نفس الترقيعات تتكرر وحدها أرقام الميزانيات من ترتفع وترتقي… ناهيك عن التماطل والتأخر الكبيرين للأشغال حتى تم حسم أغلب ألقاب الموسم، مع العلم أن ملاعب أخرى شيدت بالكامل في ظرف وجيز. ولكم أن تتصوروا أنه في آخر ثمانية سنوات تم إقفال الملعب للإصلاح ثلاث مرات.

2 – المنع والتضييق الذي تعانيه الحركية منذ بداية الموسم، خاصة التنقلات التي تم تقييدها بلا أي أسباب واضحة، ناهيك عن الكيل بمكيالين بين مدينة وأخرى وقرارات “الويكلو” الغير مفهومة…
3 – التهميش الذي عانته وتعانيه مدينة الدار البيضاء على مستوى البنيات التحتية، ففي الوقت الذي استفادت فيه أندية مغمورة من بناء ملاعب حديثة بمواصفات دولية، لم نلمس أي مجهودات تذكر بالعاصمة الاقتصادية، والملعب الوحيد الذي يتم بناؤه يبعد عن المدينة بأزيد من 50 كلم بضواحي بن سليمان.
حتى على مستوى باقي الرياضات فالأندية البيضاوية تعاني من الافتقار لقاعات وتضطر أحيانا للتنقل لمدن أخرى، بل أن بعض القاعات الرياضية تعترض عن استقبال مباريات الوداد والرجاء وتفضل سهرات فنية…
إضافة لحرمان العاصمة الاقتصادية من استضافة كأس العالم 2030، والاكتفاء بمباريات هامشية في كان 2025.
فكيف تتحدثون عن معلمة بدون ولا مباراة للمنتخب في “الكان”؟ أين هم من يمتلكون الصفة للدفاع عن الدار البيضاء وأين هم المنتخبين الذين لا اثر لهم وظهورهم مناسباتي كلما اقتربت الانتخابات ؟؟
إن ساكنة المدينة تحس بعدم الاحترام والتقدير رغم كل الذي قدمت رياضيا على مر التاريخ.

4 – الأحكام القاسية التي يتعرض لها أعضاء المجموعات بفعل فصل ظالم 507، شباب في مقتبل العمر عوقبوا بقساوة بـ 10 و15 سنة وحتى في غياب أي ضحايا. من جهتنا، إن العمل في هذا الإطار انطلق منذ فترة بعيدة برسائل و مواقف بالحضور للملعب، كما أننا كمجموعات نحاول في كل المناطق القضاء على جميع التجاوزات غير الرياضية والتي لا تمثل مبادئنا وقيمنا. نتائج هذه الحملات أصبحت ملموسة على أرض الواقع، والجميع مسؤول في هذا الشق. في المقابل الجهات المعنية ملزمة بالتحرك لإيجاد حلول جذرية بدل الأحكام الجاهزة والتقصير في تعميق البحث، السلوكيات المرفوضة تلطخ الحركية ككل وهي نتيجة حتمية لغياب الفضاءات الترفيهية والثقافية. الشاب عند أول احتكاك له بالشارع لا يرى أمامه سوى الألتراس لتفريغ طاقته لغياب البديل. الإجرام حقيقة حتمية و وجوده غير مرهون بوجود الألتراس أو غيابها.

5 – حملات الإساءة الهوجاء التي تتعرض لها المجموعات من طرف أبواق إعلامية خبيثة توزع الوطنية والخيانة، ومنح الفرصة للعادي والبادي لتصريف حقد دفين اتجاه جمهور لطالما أعطى دروسا في الوطنية داخل وخارج أرض الوطن، دون أن ينتظر جزاءا أو شكورا من أحد.

6 – التصريحات اللامسؤولة لبعض المسؤولين ” لي بغا الدارالبيضا يجلس فيها” ولما تعرضت له الأندية من استهداف واضح سواء من الجامعة أو العصبة الاحترافية ولجان التحكيم والبرمجة.
لسنا ديكورا أو دمى لتأثيث الفضاء ولإرضاء مسؤولين فشلة وكسالى يسعون لتلميع صورهم الشخصية. نحن أبناء هذا الوطن نمتلك غيرة وحبا لهذه الأرض الطيبة لا للمصالح الضيقة.
ومن تهمه صورة البطولة الوطنية اليوم أين كان منذ الدورة 1 إلى غاية الدورة 25 حيث الصور القاتمة تنبعث من مختلف الملاعب.
المقاطعة هي وقفة لإيقاظ الضمائر الحية، المقاطعة هي رد على من يطبعون مع الفساد في تدبير شؤون المدينة والرياضة بصفة عامة.
شغفنا غير قابل للترويض ولسنا أداة لتسويق مباراة في موسم سوق فيه المسؤولون لكل أنواع الفشل الرياضي…

 محمد الروحلي

تصوير: أحمد عقيل مكاو

Top