نبيل بنعبدالله: تجربة الحكومة الحالية يجب أن تتوقف ومن الضروري التوجه نحو تغيير سياسي في أفق انتخابات 2026

وصف الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، الواقع السياسي، بـ “المهزلة”، معتبرا أن اللحظة السياسية لا تبعث على الارتياح، وأن الفساد والمال أصبحا أدوات أساسية في تشكيل المشهد الانتخابي والسياسي.
وشدد محمد نبيل بنعبدالله، في ندوة سياسية نظمها المعهد العالي للتدبير بالدار البيضاء “HEM”، يوم الثلاثاء 08 أبريل 2025، على أن تجاوز هذه الأزمة لن يتم إلا عبر مشاركة واسعة، وفضح مظاهر التغول، ومواجهة كل أشكال الانحراف عن قواعد التنافس الديمقراطي النزيه، مضيفا أن الحفاظ على المسار الديمقراطي يتطلب آليات واضحة وصريحة لردع الفساد، لأن الخطر لم يعهد يتهدد فقط مصداقية الأحزاب، بل مصير المؤسسات المنتخبة برمتها.
وأكد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في هذه الندوة السياسية التي نظمت تحت عنوان “المعارضة السياسية والمشاركة في صنع القرار، أي دور لبناء التوازن السياسي في البلاد”، أن المعارضة رغم ما تقوم به من مبادرات وكذا تقديمها لعدة مقترحات وقوانين وتعديلات، إلا أنها تتهم دائما بالضعف من قبل بعض الجهات، “لغرض في نفس يعقوب”، وهذا ما يزيد من تغول الحكومة ومحاولتها تصوير نفسها كالقوة السياسية الوحيدة التي تحظى بالتفاعل المطلوب، حسب قوله.


وأضاف بنعبد الله، في هذه الندوة التي سيرها كل من الصحافية صباح بن داوود، والصحافي، عبد المولى بوخريس، أن المهم الآن، وليس بالضرورة هو “أن نتفق على كل شيء، وإذا لم نتمكن من تقديم ملتمس رقابة لإسقاط الحكومة الحالية في الدخول البرلماني لأبريل الماضي، فلا شيئ يمنعنا من إعادة المحاولة، وتحويلها إلى لحظة سياسية للمحاسبة وخلق نقاش عمومي”.
وشدد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في هذه الندوة التي شارك فيها إدريس لشكر الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، ومحمد أوزين الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، وشهدت حضورا غفيرا لأطر حزبية وأساتذة المعهد العالي للتدبير بالدار البيضاء وطلبته، على أن جميع مكونات المعارضة، بما فيها حزب الحركة الشعبية والاتحاد الاشتراكي، كانت متفقة من حيث المبدأ على تقديم ملتمس للرقابة، مؤكدا أن المعارضة لا زالت تملك فرصة لتقديم الملتمس مرة ثانية قبل الانتخابات التشريعية لسنة 2026.
وأضاف نبيل بنعبدالله، أنه مع اقتراب نهاية الولاية التشريعية الحالية، يجب اتخاذ مبادرات مهمة من أجل فرض نقاش سياسي جدي تجبر فيه الحكومة على تقديم حصيلتها بشكل موضوعي، ومواجهة التناقضات التي باتت تتكاثر داخلها، موضحا أنه ” لو كنت مكان هذه الحكومة، التي تزعم أنها واثقة من نفسها، لبادرت إلى استقبال لجنة التقصي، وقدمت المعطيات لدحض ما تعتبره كذبا”.
وأبرز الأمين العام لحزب “الكتاب”، أن الحكومة مطالبة بتقديم الحساب وأن تخرج، وفق تعبيره، من تناقضاتها الداخلية التي بدأت تتكاثر، بين مختلف مكونات الأغلبية، مذكرا بأن حزبا من أحزاب الحكومة أصدر بلاغا لمكتبه السياسي بحذف إلغاء الرسوم الجمركية، كما صرح حزب آخر بمبالغ هائلة بخصوص دعم الاستيراد.
واشتكى بنعبد الله من أن بعض الأوساط تطلب من المعارضة إنجاز ما فشلت فيه الحكومة، وقال بهذا الخصوص: “ما يطلب من المعارضة القيام به أكبر من مما يطلب من الأغلبية وكأن مكونات المعارضة هي المسؤولة عن تدبير الشأن العام وأن المساءلة تتوجه إلينا أكثر مما يتعين أن تتوجه هذه المساءلة بالمفهوم السياسي والدستوري والقانوني أكثر مما تتعين أن تتوجه لهذه الحكومة”.
ومن جانب آخر انتقد بنعبد الله، أداء الحكومة الحالية، معتبرا أنها “فشلت في تنفيذ التزاماتها على مختلف المستويات، بما في ذلك ما سمي بـ”الالتزامات العشر”، كما اعتبر أن “الحكومة أخفقت في التواصل السياسي، وفي الحضور المؤسساتي، وفي تدبير الملفات السياسية والديمقراطية، التي أكد عليها أنها غائبة تماما.
وإلى جانب “الفشل في التدبير”، أشار الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية إلى ما اعتبره “تورطًا للحكومة في تضارب المصالح، بشكل واضح قانونيا وسياسيا وأخلاقيا”، مؤكدا أن “ذلك يعد سابقة في تاريخ الحكومات المغربية، حيث تطرق إلى صفقة تحلية مياه البحر التي فازت بها إحدى الشركات التابعة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش”، مطالبا الأخير بالخروج لتقديم التوضيحات اللازمة للرأي العام.
وأشار بنعبد الله إلى أن “المعارضة تلعب دورا محوريا في كشف اختلالات الحكومة الحالية والدفع نحو نقاش عمومي حول سياسات مثل التغطية الاجتماعية والدعم المباشر والسكن”، منتقدا “مطالبة بعض الأوساط للمعارضة بإنجاز ما فشلت فيه الحكومة، حيث قال “إن ما يطلب من المعارضة يتجاوز بكثير ما يطلب من الأغلبية، وكأنها المسؤولة عن تدبير الشأن العام”، مؤكدا أن المساءلة يجب أن توجه للحكومة، سياسيا ودستوريا وقانونيا.
وخلص الأمين العام لحزب الكتاب، إلى أن “تجربة الحكومة الحالية يجب أن تتوقف، وأنه من الضروري التوجه نحو تغيير سياسي في أفق انتخابات 2026، من خلال توحيد جهود المعارضة والعمل على تقديم بديل حقيقي قادر على فتح آفاق جديدة أمام الشعب المغربي”.
من جهته، وجه محمد أوزين، الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، انتقادات لاذعة للأغلبية، متهما إياها بعدم الانسجام والتنصل من التزاماتها الواردة في البرنامج الحكومي، قائلا إن الحكومة تملك تعاقدا واضحا لكنها لا تحترمه على أرض الواقع.
وتحدث محمد أوزين عن ملتمس الرقابة الذي كانت المعارضة تدرسه، معتبرا أنه لم يفعل فقط لإعطاء الوقت للحكومة لتقديم حصيلتها، لكنه اليوم أصبح أكثر من ضروري في ظل “التهور والتغول الحكومي”.


وساءل الحاضرين قائلا: “هل يعقل أنه منذ 2010 لم يتم استخدام آلية الرقابة البرلمانية، هل كل شيء يسير على ما يرام؟.”
وأوضح الأمين العام لحزب الحركة الشعبية، أن ملتمس الرقابة سبق طرحه، غير أن ذلك تزامن مع تقديم حصيلة نصف الولاية الحكومية، ليتم تأخيره، بيد أنه بدا متحمسا أكثر للجنة تقصي الحقائق التي تعتبر آلية دستورية رقابية.
ووفق الأمين العام لحزب “السنبلة”، فإن لجنة تقصي الحقائق التي تمت إثارتها “سنعرف من خلالها هل هؤلاء نواب أمة أم نواب حكومة؟”.
وفي محاولة لإحراج حزب الاستقلال الذي فجر أمينه العام نزار بركة ما بات يعرف بقضية “الفراقشية”، قال أوزين: “ماذا يمنع حزب الاستقلال، بوزرائه ونوابه، من التوقيع على ملتمس لجنة تقصي الحقائق التي ستحاسب نوايا الحكومة؟”.
وتابع المسؤول الحزبي وهو يحث نواب الأغلبية البرلمانية على التوقيع على ملتمس لجنة التقصي: “لا يمكن الحديث عن انسجام حكومي على حساب جيب المواطن المغربي، والبرلمانيون اختارهم الشعب وعليهم أن يختاروا المكان الذي سيتم التوقيع فيه، فإما أن نكون أو لا نكون”.

وفي سياق متصل دعا إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فرق المعارضة بمجلس النواب إلى التوقيع على ملتمس رقابة ضد حكومة عزيز أخنوش.
وقال لشكر، “أدعو كل الفرق بالمعارضة إلى أن تعمل على صياغة مبادرة ملتمس الرقابة، حيث إن الأحزاب الثلاثة الحاضرة لها الخمس الذي ينص على ذلك”.
ولفت لشكر إلى أن كل حزب في الأغلبية الحكومية يبحث عن التنصل من ملف استيراد المواشي، موردا أنه “أمام الوضع المتأزم لا حل لنا أمام هذه الحكومة سوى إحضارها البرلمان من خلال ملتمس الرقابة”.
وعاد زعيم حزب “الوردة”، في معرض جوابه، إلى ملتمس تشكيل لجنة تقصي الحقائق الذي دعت إليه أحزاب “التقدم والاشتراكية” و”الحركة الشعبية”و”العدالة والتنمية”، موردا أنه قرر فريقه بمجلس النواب الالتحاق بها.
وأشار الكاتب العام للحزب المعارض إلى أنهم “مع المبادرة، ولو أنه لن تكون لها آثارا إذا مارس نواب الأغلبية التغول ورفضوا الانخراط فيها”.
وشدد المسؤول السياسي على أن المشكل هو مشكل اختيارات اقتصادية، موردا بأن “الحكومة عملت على حل مشاكل الكساب الروماني والإسباني وتركنا الكساب الوطني، ناهيك على أنه كان من الممكن لو أن الحكومة عملت على دعم الفلاحين في البوادي في الأعلاف وغيرها، لتجاوزت مشكل البطالة.

وبعد أن رفع إدريس لشكر، السقف السياسي عاليا، بوصفه المشهد السياسي الراهن بأنه يشهد تراجعا خطيرا في منسوب الديمقراطية، لم يتردد في القول إن “الديمقراطية كما نعرفها لم تعد قائمة في المغرب”، معتبرا أن تغول الأغلبية وهيمنتها على القرار الحكومي والإداري حول العملية السياسية إلى سلطة أحادية تقصي الآخر، سواء كان مؤسسة دستورية، هيئة حكامة أو معارضة برلمانية.
لشكر استعاد تجربة حزبه في المعارضة خلال العقود الماضية، حين كانت المواجهة مباشرة مع النظام السياسي، وقال إن الاتحاد الاشتراكي لطالما آمن بأن الديمقراطية لا تختزل في أرقام الأغلبية، بل تقوم على الإنصات والتشارك، وهو ما بات غائبا تماما اليوم.
وفي تقييمه لتنسيق المعارضة، اعتبر لشكر أن الاختلاف الإيديولوجي بين الأحزاب المعارضة لا يمنع من التقاء مواقفها حول قضايا وطنية كبرى، غير أن التناسق ليس شرطا ضروريا كما هو الحال داخل الحكومة، التي يفترض فيها الانسجام بحكم مسؤوليتها التنفيذية المباشرة.

< هاجر العزوزي
تصوير: طه ياسين شامي

Top