حقائق صادمة

في ظل الأزمة الخانقة التي تعاني منها الأندية والفرق الوطنية، والتي زاد من استفحالها، الظروف العامة التي فرضتها جائحة كورونا، وعدم التعامل مع المجال الرياضي كقطاع مشغل، ومورد عيش للمئات من العائلات.
فاستثناء التابعين للمجال الرياضي، وكل المهن الجديدة التي أصبحت مرتبطة بالقطاع، من أي دعم أو تضامن مالي، في هذه المرحلة الصعبة، زاد من الصعوبة التي تجدها الأندية عادة في التعامل مع المنتمين لها، وهنا تطرح فكرة إنشاء صندوق تضامن، يمول من مساهمات المؤسسات الداعمة، وتبرعات الرياضيين وغيرها من المبادرات التي كان من الممكن أن تخفف من حدة الآثار السلبية.
أمام هذه الوضعية الصعبة والمؤثرة، كان لابد من طرح النقاش مرة أخرى، حول الطريقة التي تدبر بها الأندية الوطنية، طيلة عقود من الزمن، وهى تستعد لدخول مرحلة جديدة من تاريخها، ألا وهى مرحلة إنشاء شركات للإشراف على الشق الاحترافي، لكن بتفويض من الجمعية الرياضية الأم.
فالجمعية الرياضية ستواصل قانونيا حضورها، والأكثر من ذلك لديها 99 في المائة من رأس مال هذه الشركة، على الأقل في مرحلة البداية، قصد تسهيل مهمة هذا التحول، على أن تعود الأمور إلى ما ينص عليه القانون إلا وهو الحفاظ على 33 في المائة من الأسهم.
ويعد هذا الاستثناء، مبادرة الهدف منها التشجيع على الدخول السلس لعالم المقاولة الرياضية، كما أن قانون المالية لهذه السنة، تضمن منح إعفاءات ضريبية لهذه الشركات لمدة خمس سنوات، وهو المطلب الذي عبرت عنه كل الأندية بدون استثناء، وناضلت من اجله رئاسة جامعة كرة القدم، بتدخل حاسم ومباشر لدى وزارة المالية، وهو ما تحقق بالفعل، على غرار باقي القطاعات الأخرى التي استفادت من نفس التعامل التفصيلي.
والمنتظر أن يساهم هذا التحول التاريخي في معالجة الاختلالات العميقة التي تعرفها أغلب الأندية الوطنية، والتي أصبحت عاجزة كليا عن تحقيق أي تطور في مسارها، إذ نجدها تستهلك أكثر مما تنتج.
فأغلب الأندية ليست لها القدرة عن تسويق منتوجها الكروي، بشكل يمكنها من ضمان موارد مالية إضافية، ويساعدها على تغطية النفقات، وكثرة الالتزامات التي تنتظرها، ويعود ذلك إلى مجموعة من العوامل، منها ما يتعلق بعدم كفاءة المسيرين، مع استحضار معطى أساسي، في هذه المعادلة الشائكة، ألا وهي الوضعية العامة لسوق الإشهار بالمغرب، والتي تخيم بظلالها أيضا، على الكثير من المجالات الحيوية والمهمة.
ودائما باستحضار الحقائق الصادمة التي تفرزها الساحة الوطنية، فان الرأس المال القادم من عالم القطاع الخاص، يتهرب صراحة من الانخراط في الميدان الرياضي، ومن الأسباب التي تحول دون انخراط المستثمرين، هناك غموض على مستوى القوانين، والطريقة التي تدار بها ما يسمى بالجموع العامة، وغياب ضمانات كافية، أضف إلى ذلك، المشاكل العالقة بصورة القطاع الرياضي عموما وخاصة كرة القدم.
هذه الوضعية غير المشجعة تماما، ناتجة أيضا عن ارتباط الفعل الرياضي بأعمال العنف والشغب، وهى الصفات التي أصبح مرادفا للمباريات الرياضية، ومشاكل أخرى بالمحيط غير النظيف للفرق، بالإضافة إلى تراجع المستوى التقني، وضعف الإقبال الجماهيري بالعديد من الملاعب، وافتقاد الجودة في طريقة النقل التلفزيوني الذي يعتبر الضامن لنسبة كبيرة من العائدات، تساهم في تغطية نسبة كبيرة من النفقات، كما هو معمول به بالعديد من الدول، وخاصة القارة الأوروبية.
إنها بالفعل حقائق صادمة، بل مؤلمة في الكثير من الحالات، وبدون معالجتها بطريقة جذرية، لا يمكن انتظار أي تطور، أو تجاوز للمشاكل العالقة، حتى ولو دخل مشروع الشركات لحيز التطبيق، لأن أي مشروع كيفما كان قوته، قد يفرغ من محتواه، ما لم يؤخذ بعين الاعتبار مجموعة من المبادئ الأساسية، وتتجلى في تخليق الحياة والرياضية، واحترام قواعد اللعب المالي النظيف، وضمان الحكامة في تسيير والتدبير.

محمد الروحلي

الوسوم ,

Related posts

Top