بعد تردد أو تلكؤ طويلين، كشفت العصبة الوطنية لكرة القدم أخيرا، عن الوضعية المالية للنزاعات الخاصة بأندية البطولة الاحترافية، والتي تهم قسميها الأول والثاني، إلى حدود نهاية شهر يوليوز المنصرم.
وحسب بلاغ صادر عن العصبة الاحترافية، فإن نزاعات الأندية الوطنية وصلت إلى قرابة ما مجموعه 29 مليار سنتيم.
أرقام رسمية تميط اللثام، عن حجم الاختلالات المهولة التي تعصف بالمشهد الكروي، على الصعيد الوطني، وتجعل من الممارسة في شقها المحلي، نوعا من العبث أو الحماقة…
وتصدر فريق اتحاد طنجة ترتيب الأندية الوطنية بنزاعات، بلغ مجموعها أزيد من 4 مليارات سنتيم، مجتمعة بين أحكام نهائية وملفات جارية.
وجاء فريق الرجاء البيضاوي في المركز الثاني من ناحية النزاعات، حيث بلغ مجموع الأحكام النهائية في حق الفريق الأخضر أزيد من مليار و300 مليون سنتيم، إضافة إلى مليارين و100 مليون سنتيم بخصوص النزاعات الجارية.
معطيات رقمية مهولة، تدين صراحة اغلب الأندية الوطنية، بسبب مشاكل العقود، وما يترتب عن ذلك من نزاعات وقضايا، تكلف خزائنها مبالغ مالية مهمة، وتزيد من متاعبها المتفاقمة أصلا.
والغريب أن المبالغ التي تحكم بها هذه الملفات، سواء من طرف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أو محكمة التحكيم الرياضي الدولية (طاس)، أصبحت مضاعفة، مقارنة مع المبلغ الأصلي المستحق، بسبب الجزاءات، مما يطرح مسألة أساسية، تتجلى في غياب الحكامة، وما يترتب عن ذلك من إجبار رؤساء الأندية على أداء مستحقات، كان من الممكن حلها داخليا، قبل الوصول إلى ردهات المحاكم والهيئات الدولية.
تحول هذا الملف إلى نقطة سوداء، تلطخ سمعة كرة القدم الوطنية، صنف المغرب معها من بين الدول الأربعة الأوائل التي لا تحترم أنديتها القانون، في وقت وصلت فيه المنتخبات الوطنية إلى مستويات قياسية، جعلتها ضمن صفوة كرة القدم العالمية…
على هذا الأساس، جاءت مجموعة من القرارات والإجراءات التي سنتها إدارتي الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم ومعها العصبة الاحترافية، بهدف وضع حد للتسيب والفوضى اللذين يعمان الساحة، أو على الأقل التقليل من نسبة الحالات بدرجة كبيرة.
الملايين من المستحقات لازالت عالقة بذمة الأغلبية الساحقة من الأندية، وبمختلف الأقسام، خاصة بالبطولات الاحترافية، والبعض منها لا يمكن حلها، إلا بعد خمس أو ست سنوات، بسبب تراكم الملفات وتعددها، وتشعبها أحيانا.
كما أن هناك الكثير من الملفات التي ورثتها مكاتب مسيرة، وجدت نفسها رهينة تركة ثقيلة، بعد تخلي من سبقوهم، إما عن طواعية أو بفعل ضغوطات مختلفة من طرف المعارضة، إلا أن هذا الانسحاب من المسؤولية، لا تتبعه محاسبة أو افتحاص أو تدقيق بالملفات العالقة، وبالتالي فإن الأندية تصبح الضحية الأولى والأخيرة، كما أن هناك حالات تسجل حصول رؤساء على تعهد بدين، مما يجعل النادي رهينة لسنوات طويلة، وهى الحالة التي عالجتها الجامعة مؤخرا، بمنع تقديم سلفات من طرف الرؤساء لفائدة الجمعية، والتعامل في هذا الحالة مباشرة مع الشركة المدبرة لفرع كرة القدم.
هذا التسيب أو التسلط، وطريقة الاستغلال البشع للأندية، هو ما تسعى الجامعة والعصبة حاليا إلى وضع حد له، وذلك بفرض قوانين مؤطرة، تتسم بالصرامة، تعالج الاختلالات والأمثلة الصادمة التي تحولت إلى قاسم مشترك بين الغالبية العظمى من الأندية الوطنية، سواء كانت صغيرة أو تلك التي توصف بالكبيرة.
فهل تنجح هذه الإجراءات في القطع مع الأساليب والطرق المسيئة التي عمرت لسنوات طوال، دون حسيب ولا رقيب؟…
محمد الروحلي