ضبابية جائحة كوفيد – 19 في العالم

كرونولوجيا الحدث…

كانت الحياة تسير بما تعودنا عليه مند شهور وسنوات العيش في أجواء العولمة التي غطت معظم بقاع الأرض عبر وسائل التواصل الحديثة، والتي من خلالها يتتبع الأشخاص الأحداث الدولية في شكل أخبار وفيديوهات أينما كانوا.. قليلها سار وأغلبها مؤلم: هنا حرب مشتعلة، وهناك مشادات بين رؤساء دول.. هنا حراك اجتماعي وهناك تصفية عرق جماعية، إلى غير ذالك من الأخبار المؤسفة وأحيانا مؤلمة.. وفجأة يستيقظ العالم بما فيه بلدنا المغرب على خبر يزيد الطين بلة: تفشي وباء فيروس لم يعرف في بداية انتشاره عن بطاقة تعريفه وطرق انتقاله بين الأشخاص أي شيء، ولم يكن هناك أي علم بوجود هذا الفيروس الجديد، ومرضه قبل أن ينتقل من مدينة ووهان الصينية في ديسمبر 2019 إلى دول أخرى، وتحول إلى جائحة عالمية في ظرف وجيز حيث تسرب إلى معظم الدول ثم القارات الست، وكان انتشاره يختلف من دولة إلى أخرى حسب الإجراءات المتخذة محليا، حيث نتذكر في البداية كيف أخذ فيروس (كورونافيروس) ينتشر في دول ثلاث بأوروبا وهي ايطاليا واسبانيا وفرنسا بشكل جنوني، وبعدها أمريكا الشمالية والجنوبية وغيرها من دول العالم، وصار يخطف العشرات تلو العشرات من الأرواح يوميا، وخلق نوعا من الفزع والخوف الذي خيم على الأشخاص في معظم البلدان، حيث أخذت أعداد الإصابات والوفيات تتصاعد فيها بشكل لم يسبق لأي وباء أن انتشر بهذا الشكل..
تضاربت ألأخبار في البداية حول طريقة تسرب الفيروس من مختبر بمدينة ووهان بجمهورية الصين الشعبية، وقيل إن طبيبا صينيا في مقتبل العمر كان يشتغل بالمختبر مرض كأول شخص، ونقل عدواه إلى مخالطين له قبل أن يتوفي وكانت وفاته أول وفاة شخص صيني طبيب بفيروس مجهول الاسم قبل أن يلقب باسم فيروس كوفيد- 19. ادعى مسؤول صيني أن الفيروس انتقل إلى الصين عن طريق مجموعة من الجنود الأمريكيين الذين شاركوا في نشاط عسكري دولي أقيم بالمدينة المذكورة، وتوالت الادعاءات والتهم عن مصدر العدوى، حيث اتهم الرئيس الأمريكي رونالد ترامب المنظمة العالمية للصحة في تواطئها مع الحكومة الصينية في إخفاء مصدر العدوى، وهدد آنذاك بقطع المساعدات التي تقدمها أمريكا إلى المنظمة. في نفس السياق، استمعت شخصيا إلى تصريح للمدير السابق لمعهد باستور بفرنسا البروفيسور مونتانيي لوك الحائز على جائزة نوبل مع مساعدته الفرنسية سنة 2008 بفضل اكتشافهما لفيروس الإيدز (فيروس نقص المناعة البشرية – VIH) وذلك في مقابلة بقناة فرنسية، صرح أن مصدر الفيروس الجديد (سارس-كوف2 — SARS-CoV-2) جاء من خلال اشتغال مختبر ووهان الصيني على نوع من كورونافيروس المعطل، الموجود عند الخفافيش لصنع لقاح ضد مرض الإيدز (VIH)، غير أن المجمع العلمي بفرنسا رفض هذه الفرضية وانتقد البروفيسور على تصريحاته غير المبنية على المنطق العلمي. هكذا أخذ تضارب الأفكار والانتقادات يأتي من هذا الطرف أو ذاك.. وفي خضم الجائحة، خرج البروفيسور ديديي رؤولت بمدينة مرسيليا ليعلن أنه وطاقمه الطبي قاموا بتجربة استعمال دواء ضد مرض الملاريا، المتفشي خصوصا بالدول الإفريقية، في علاج المرضى المصابين بفيروس كوفيد-19، وهذا العلاج مركب من ثلاث أدوية وهي: الهيدروكسي كلوروكين وأزيتروماكس ومشتقات الباراسيتامول، وصرح بأن العلاج بهذه الأدوية أعطى نتائج جد مشجعة (13 ألف معافى)، إلا أن بعض الخبراء والأطباء الفرنسيين عارضوا البروفيسور في أفكاره وتجاربه، ورغم هذه الانتقادات فإن كثيرا من الدول استعملت العلاج ومنها المغرب الذي قام باقتناء كمية كبيرة استعملت في المستشفيات العمومية، وقام بتصديرها في إطار المساعدة لبعض الدول الإفريقية، إضافة إلى مساعدات اجتماعية أخرى.
لقد شهد العالم في الشهور الأولى من تفشي المرض نوعا من الارتباك والهلع بسبب تسارع الإصابات والوفيات وعدم استعداد المستشفيات والمصحات لهذا الوباء المفاجئ الذي لم يسبق للمنظومات الصحية سواء المحلية أو القارية أن صادفت مثل هذا الوباء القاتل، وفي ظل هذه الأجواء، بدأت الحكومات في كل البلاد تبحث عن الحلول لمحاربة الجائحة بداية بالحجر الصحي وتطبيق الطوارئ الصحية، وإغلاق المطارات وإيقاف الأنشطة السياحية والتنقل بالنسبة للأشخاص الذين كانوا في عطلة أو في مهام مهنية، وإغلاق المدارس والجامعات والمعامل والمحلات التجارية والمطاعم والأسواق باستثناء أماكن المواد الغذائية لسد حاجيات الناس الضرورية.. وكأن كائنا مجهولا أعلن الحرب على المجتمع البشري.. وكان للمملكة المغربية سبق في بدإ التعبئة ضد الوباء بشكل مبكر بحلول منتصف مارس عندما بدأ الإبلاغ عن الحالات المحلية الأولى للفيروس التاجي، وشملت الإجراءات التي نفذتها المملكة إلى حد كبير ضوابط اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق في الأشهر الأولى، منها لأول مرة ابتكارات تكنولوجية وطبية.
بعد بضع أسابيع من بداية الجائحة، شيئا فشيئا بدأ الناس يتأقلمون مع الوضع الجديد مع الحفاظ على الإجراءات الاحترازية التي قررتها معظم الدول على شعوبها، قبل حلول فترة الصيف التي صادفت في المغرب حلول عيد الأضحى، والسماح للأشخاص بالخروج تدريجيا من مرحلة الحجر الصحي على المستوى الوطني. وبعد ما كانت حالة العدوى في المملكة شبه مستقرة، لاحظنا ابتداء من شهر غشت، صعود حالات الإصابات والوفيات بسبب الوباء، وذلك راجع إلى تراخي الأشخاص في تطبيق الإجراءات الوقائية التي كانت في بداية الجائحة محترمة بشكل جيد من طرف المواطنين، ويفسر ذلك بالضغوطات النفسية التي عانى منها الأشخاص كبارا وصغارا خلال الحجر الأول..
نفس المسار لاحظناه في معظم الدول الأخرى التي شهدت وتشهد حاليا تصاعدا مهولا في الإصابات والوفيات، واضطر بعضها للعودة إلى الحجر الصحي الشامل، وتطبيق طوارئ صحية صارمة من أجل كبح انتشار الوباء.
في بداية الجائحة، شاع الحديث عن شروع بعض الدول المتقدمة في علوم الفيروسات في البحث عن إيجاد لقاح ضد كوفيد-19، وأخذ السباق نحو تحقيق هذا الهدف الذي هو في الحقيقة أمر معقد، شكل حرب كلامية ودعائية بين تلك الدول، وهي في باطنها حرب سياسية وراءها إظهار العضلات وجلب الأموال بعقد صفقات قبل خروج اللقاح إلى الوجود.. ومؤخرا سمعنا أن هناك العشرات من اللقاحات وصلت إلى مراحلها النهائية، إلا أن جمهورية الصين الشعبية استطاعت التغلب على تفشي الوباء والوصول إلى صنع لقاحين يبدو أنهما جاهزان للاستعمال (SINOPHARM- SINOVAC).

فيروس كورونما.. مكوناته وتركيبته

بعد هذا التقديم المقتضب عن بداية الوباء وتفشيه في العالم بأسره، أود أن أتطرق في الشق الثاني من المقال إلى الجانب العملي والتقني لمرض كوفيد-19 وأعراضه وآثاره السلبية على الصحة العامة وعلى مناح الحياة البشرية بصفة عامة، من أجل تنوير القارئ حول هذا الموضوع الذي يهمنا جميعا لتجنب مخاطره المحدقة على الكرة الأرضية بأسرها، وسأتطرق كذلك إلى بعض الشائعات المنتشرة بشكل كبير عبر وسائل التواصل الحديثة، مرورا بالحديث عن اللقاح أو اللقاحات المرتقبة:
مرض كوفيد-19 هو مرض معد يسببه آخر فيروس تم اكتشافه من سلالة فيروسات كورونا في أواخر 2019، وهي سلالة واسعة من الفيروسات التي قد تسبب المرض للحيوان والإنسان. ومن المعروف أن عددا من فيروسات كورونا تسبب لدى البشر أمراضا تنفسية تتراوح حدتها من نزلات البرد الشائعة كمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرسMERS-CoV-) إلى الأمراض الأشد وخامة (سارس- SARS-Cov).
يتكون التركيب البنيوي لفيروس كورونا من غشاء بروتيني يبلغ قطره 50-200 نانومتر (وحدة قياسية للأجسام الصغيرة التي لا ترى بالعين المجردة)، وبداخله الحمض النووي الريبوزي الخاص بالفيروس (ARN) ويتكون من 4 أنواع من البروتينات البنيوية، تسهم في تكوين هيكل جسم الفيروس منها البروتين (S) الذي يعرف بـ (بروتين الحسكة)، الذي يشكل النتوءات الشوكية الموجودة على سطح الفيروس، وهي التي تمنحه الشكل التاجي المميز، ولكي يصيب الفيروس إحدى الخلايا بالعدوى، يقول العالم الفيزيائي الصيني “فانغ لي تشي” إنه يستخدم البروتين (S) الذي يرتبط بالمستقبلات الموجودة على غشاء الخلية المضيفة – خلايا الرئة – مثل ارتباط المفتاح بالقفل، والارتباط هذا، يمكن الفيروس من دخول الخلية، وبالتالي تحصل العدوى بهذه الكيفية ، بعد ما يأخذ في التكاثر في ظلمة الحلق أو الأنف، (بعد تنقل الفيروس من شخص مريض إلى شخص سليم، أو من حيوان مصاب بالفيروس) ويتسرب شيئا فشيئا عبر أجهزة التنفس العليا وصولا إلى القصبات الهوائية، ثم إلى النسيج الرئوي وإلى الحويصلات الهوائية (Alvéoles) التي تتجسد وظيفتها في عمليات تبادل الغازات في الرئتين بين الجو الخارجي والدم، وقد أكد خبراء ومتخصصون في الجهاز التنفسي، أن السبب الرئيسي في وفيات المرضى بكوفيد-19، هو تدمر الحويصلات الهوائية التي يحصل فيها هذا التعثر في إيصال الدم الغني بالأكسيجين إلى القلب، الشيء الذي يؤدي إلى توقف هذا العضو المسؤول في الدرجة الأولى عن حياتنا، وبالتالي الوفاة (عملية معقدة). تتمثل الأعراض الأكثر شيوعا لمرض كوفيد -19 في الحمى، احتقان الأنف، الصداع وآلام في الرأس وفي الحنجرة، السعال الجاف، فقدان حاسة الذوق أو الشم، الإسهال، ألإرهاق والألم في البدن كله، وهناك أشخاص لا تظهر عليهم أية أعراض، ويتعافون من المرض دون علاج، وذلك يعود إلى مقاومة مناعتهم الفردية، وهؤلاء في الحقيقة يتمتعون بصحة جيدة.. لكن الأعراض التي ذكرناها قبل قليل، قد تشتد لدى شخص واحد بين كل 5 أشخاص مصابين بعدوى كوفيد-19، وتظهر عليه الأعراض المذكورة سلفا، وتزداد مخاطر الإصابات بمضاعفات وخيمة بين المسنين والأشخاص الذين يواجهون مشاكل صحية أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم، مرض السكري، السمنة، أمراض الرئتين المزمنة، مرض الربو، السرطان، وغيرها من الأمراض الأخرى.. وثبت أن الوباء لا يستثني أي شخص من العدوى أيا كان عمره ، ولذلك يجب الالتزام بالإجراءات الصحية الوقائية (ارتداء الكمامة، التباعد الجسدي، غسل اليدين باستمرار، توجيه التحية دون لمس يد الآخر، الابتعاد عن التجمعات سواء في الأسواق أو في أماكن أخرى).. وفي حال الإصابة، يتحتم على المصاب طلب العناية الطبية فورا حال شعوره ببعض الأعراض الني ذكرت، سواء عن طريق وسائل التواصل أو اللجوء إلى المراكز الصحية المخصصة لمرض كوفيد-19..

كيف يتم تشخيص مرض كوفيد- 19:

يبدأ التشخيص بالفحص السريري الدقيق من طرف طبيب مكلف بذلك، ثم يلتجئ هذا الأخير فورا بعد الشكوك في إصابة الفرد إلى أخذ عينات من مسح مخاط المنخر والحلق وإرسال تلك العينات إلى المختبر المتخصص في القيام باختبار خاص، تقوم به وحدة متخصصة في علم البيولوجيا: الاختبار، يكشف عن المادة الوراثية لفيروس كوفيد-19 باستخدام تقنية مخبرية تسمى تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR)، وهذا الاختبار دقيق جدا عند إجرائه بشكل صحيح، وتعطى النتائج في غضون دقائق أو ساعات حسب الطريقة المخبرية والتقنية المستعملة، وقد لا يكشف الاختبار السريع في بعض الحالات عن أية نتيجة.. إضافة إلى اختبار (PCR)، هناك اختبار المستضدات (Antigènes) للكشف عن كوفيد-19 بالبحث عن بروتينات من مكوناته باستخدام مسحة منخرية أو حلقية، وتأتي النتائج بعد نفاذ الوقت المخصص لذلك، وتلك النتائج تعتبر دقيقة جدا إن كانت ايجابية، إلا أن هناك احتمالا للحصول على نتيجة سلبية كاذبة، مما يعني أن الحصول على نتيجة سلبية أمر وارد في حال الإصابة بالفيروس، وبحسب الحالة قد يوصي الطبيب بإجراء اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR) لتأكيد النتيجة السلبية لاختبار المستضدات.
بعد تأكيد نتيجة الاختبار بالإصابة، يأتي دور العلاج الذي يتكون من خليط من الأدوية التي تحد من تفاقم الحالة المرضية عند المصاب، لأنه لحد الآن، لا يوجد في معظم الدول دواء خاص لمحاربة فيروس كوفيد-19 والقضاء عليه بصفة نهائية.. وكيفية العلاج تحصل حاليا ببيوت المرضى عندما لا تكون هناك أعراض تستدعي الاستشفاء بالمراكز المخصصة لمرض كوفيد-19، لأن المستشفيات وأقسام الإنعاش باتت مكتظة، وأما إذا كانت حالة المريض حرجة، فانه ينقل إلى قسم العناية المركزة لتلقي العلاج المكتف، ووضعه تحت أجهزة ألأكسيجين..
خلف فيروس كوفيد-19 آثارا وخيمة لا تعد ولا تحصى في العالم، وما زال الفيروس الخفي يعصف بدول العالم، ويؤثر على المناحي الصحية والاقتصادية والاجتماعية. وتتفاوت دول العالم في جاهزيتها في مختلف الميادين، في إيجاد حلول مناسبة لإنقاذ القطاعات الاقتصادية والاجتماعية المتضررة. فمعظم دول العالم وحكوماتها قرروا أن يعيدوا الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلى مجراها الطبيعي بعد الحجر الصحي الذي دام بضعة أشهر.
لكن، بعد فترة من الاستراحة البدنية والمعنوية التي دامت بضعة أسابيع، استشعر الناس خلالها حلاوة الحرية بعد خروجهم من سجن الحجر الصحي، أخذت الدول تشهد مرة أخرى تصاعدا في الإصابات والوفيات بعد رجوع الحياة إلى شبه عادية منذ أسابيع، ويصنف بعض الأخصائيين هذه الحالة بالموجة الثانية للوباء، بينما مخالفون لهذا الرأي، يقولون بأن كلمة “الموجة الثانية” لا تنطبق على الجائحة التي استمرت ولم تنقطع نهائيا لنتحدث عن “الموجة الثانية”: نزلت الأعداد في الإصابات والوفيات عندما احترم الناس الحجر الصحي بشكل جدي بالوسائل المعروفة، ثم أخذت تتصاعد بسبب عودة المؤسسات والمعامل والمطاعم والحانات والشواطئ وأماكن الاصطياف والملاهي الليلية ومباريات الرياضة بكل أنواعها إلى شبه الحياة التي كانت قبل الجائحة.. ويعد هذا الصعود استمرار العدوى في الانتشار بسب سلوكيات الأشخاص، ولا يصنف حسب قاموس العدوى بـ “الموجة الثانية”؟
في هذا الوضع المقلق، حيث تنامت أعداد الإصابات والوفيات عبر العالم، يحذر بعض المختصين في علوم الإحصائيات، إن لم تتخذ إجراءات حاسمة، تضامنية بين الحكومات والدول، يمكن أن يشهد العالم أكثر من مليار إصابة و3،3 مليون وفاة في سنة 2020-2021.. ويقول خبراء، إن كورونا قد يتحول من جائحة إلى مرض متوطن.. تحذر منظمة الصحة العالمية من وباء جديد قد يضرب البشرية، داعية العالم للاستعداد وتحسين ظروف التصدي له ولفت نظر الحكومات والخبراء والمجتمع الدولي إلى الاستعداد لكل طارئ يهدد الصحة البشرية منذ الآن. كما أشارت إلى الحاجة لضمان مكافأة المهنيين الصحيين وأهمية تدريب العاملين الصحيين وتعزيز دور العاملين المحليين في المجال الطبي، وتقول بأن المجتمع العالمي قادر على هزيمة الوباء من خلال العلم والتضامن.
وتحذر المنظمة كذلك الأشخاص من عدم تصديق الإشاعات والأكاذيب التي تتداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي: مثلا تناول أدوية خطيرة وغير مناسبة من طرف المصابين بكوفيد-19، على غرار الثوم والماء الساخن مع الليمون.. أو نظريات المؤامرة التي تقول إن الفيروس يمكن أن يكون ابتكارا بشريا أو مؤامرة صينية.. وأن شبكات الاتصال ج5 (G5) تنقل العدوى، إضافة إلى الحديث الذي يدور حول اللقاح الذي سيحتوي على أدوات خفية سيتم حقنها للإنسان لتنقل كل المعلومات المتعلقة بالشخص الملقح، وغير ذلك من التكهنات الخيالية. ولقد حذر رئيس منظمة الصحة العالمية تيدروس غيبريسوس، في الأشهر الأولى من الوباء، بأن جائحة كورونا تصاحبها جائحة أخبار زائفة وأكاذيب وإشاعات على شكل أساطير قد تؤدي أيضا إلى نتائج خطيرة على صحة الناس وعلى سياسات الدول في مقاومة الجائحة، وزعزعة الثقة في المؤسسات الرسمية والإعلامية وبالتالي تعطل التدابير الصحية عندما تضعف التزام الناس بالتعليمات التي تصدرها المؤسسات الرسمية، المحلية أو الدولية. وفي هذا الصدد، يجب إبراز دور الصحافة التي يحق عليها أن تقوم بتحري مهني والكشف عن الحقيقة وإيصالها إلى الجمهور.

اللقاح.. تناسل الأسئلة وتواتر الجدل؟

حاليا، الكل يترقب مجيء اللقاح في غياب علاج بأدوية خاصة لمحاربة فيروس كوفيد-19، وهناك فعلا تسابق ضد الساعة بين الدول المصنعة للقاحات، منها الدول الصناعية الكبرى كأمريكا التي يدعي رئيسها أنها صنعت لقاحين في مختبرين أمريكيين ( فايزر وموديرنا) وروسيا التي صنعت لقاحا يحمل اسم “سبوتنيك V” والصين التي سبقت في عقد اتفاقيات دولية بتصدير لقاحين:Sinopharm / Sinovac ودول أوروبية لم تعلن بعد عن نتائجها النهائية ..
موضوع اللقاحات المصنعة والتي هي جاهزة للاستعمال وتلك المرتقبة، يطرح جدلا كبيرا بين مؤيدي ومناهضي أي لقاح ضد فيروس كوفيد-19 سواء من أطباء أو من خبراء، وهذا يطرح تساؤلات عدة حول جدوى اللقاح وآثاره على الصحة العامة وسلامته ومدة صلاحيته وغير ذلك من أسئلة مشروعة عند الناس: مثلا السرعة والفترة التي تحقق في غضونها اللقاح، عكس ما كان يروج في بداية الجائحة من طرف الخبراء والمختصين في علوم اللقاحات، أن أي لقاح ضد كوفيد-19 لن يكون جاهزا إلا بعد سنة أو سنتين، مرورا بمراحل مخبرية تستدعي وقتا كافيا لذلك؟
هناك أسئلة عديدة تطرح من خلال الجائحة التي ضربت العالم بأسره: هل سيرى العالم تفشي عدوى أخرى مثل فيروس كوفيد -19 أو أخطر منها، ومن أي مصدر؟ وهل العالم جاهز لمثل هذه المفاجئات الوبائية بعدما أبانت الحقائق أنه غير جاهز، رغم التطور الذي يشهده عالم التكنولوجيات الحديثة ورغم السرعة المهولة في ميادين الاختراعات؟ وهل استفاد الأشخاص والأفراد والمجموعات البشرية من تجربة الجائحة بكوفيد-19 في تغيير سلوكهم والاشتراك في تضامن عالمي لدحض كورونا “العنف والحروب والفقر والحرمان ووو..” وهل سيسمح لنا أبناؤنا الذين عانوا من هذه التجربة التي حرمتهم الكثير من حقوقهم؟.. أسئلة كثيرة وأجوبة غائبة ستبقى تؤنبنا إلى أن نكتشف لقاحا يقوي مناعتنا من أجل التضامن بين الشعوب، وتوجيه الأجيال الصاعدة توجيها صحيحا لحمل مشعل السلم والسلام تحت سماء مشتركة.

> بقلم: د. عبد اللطيف البحراوي

Related posts

Top