وسط قطفي عنب كبيرين يحتويان على العشرات من العناقيد، يتدليان من سقف منصة مربعة صنعت خصيصا لحملهما، وقف المزارع جواد السعيد، يستقبل زوار مهرجان العنب السنوي الذي افتتح بساحة بلدية حلحول، شمال الخليل بالضفة الغربية، والذي يمثل عرسا وطنيا، وحالة تنموية ناهضة لدى المؤسسات المشاركة لدعم وتطوير القطاع الزراعي وتسليط الضوء على قطاع العنب، والعمل على نقل الخبرات والتشبيك والاطلاع على أحدث ما وصلت إليه التقنيات الحديثة والتي تعود بالفائدة على القطاع الزراعي، وكذلك دعم المنتوج الوطني من خلال تسويقه داخليا وخارجيا.
النسخة السادسة
وجاءت النسخة السادسة من المهرجان، والذي يستمر على مدار ثلاثة أيام، ليلتقي مزارعو العنب لعرض بضائعهم ونتاج تعبهم طوال العام من العنب بأصنافه المختلفة التي تتجاوز العشرين صنفا، بالإضافة إلى عروض الجمعيات الأهلية والتي معظمها نسوية من منتجات مصنعة من العنب بهدف تسويقها، تحت عنوان “مهرجان العنب الفلسطيني.. 2016″، وبتنظيم العديد من المؤسسات الحكومية والأهلية.
وقال المزارع السعيد، أن العنب هو رمز الخليل وأحد موروثاتها، حتى أن الشعراء تغزلوا وتغنوا بحلاوته وقالوا “الشهد في عنب الخليل”، الذي لم يسلم من الاحتلال، سواء من الاستيلاء على الأراضي المزروعة بالعنب، للتوسع الاستيطاني، أو إغراق الأسواق الفلسطينية بآلاف الأطنان من العنب الإسرائيلي، الذي يزرع بالمستوطنات.
وأشار إلى أن لكل صنف من أصناف العنب الخليلي والذي يزرع منه أنواع عديدة كالدبواقي والجندلي والبيروتي والحلواني والشامي، لونا وطعما ومذاقا خاص، والذي يكون خاليا من المواد الكيماوية.
ويشدد السعيد على تمسكه بزراعة العنب حفاظا على هذا التراث، الذي بات ينحسر، لأسباب متعددة وكثيرة، منوها أنه بات لا يمثل دخلا رئيسا للمزارع، رغم كل منتجاته كالدبس والزبيب والملبن.
عشرة آلاف مزارع
وأبرز فتحي أبو عياش، رئيس جمعية مزارعي العنب والفواكه، أن ما لا يقل عن عشرة آلاف مزارع يشتغلون في العنب، على امتداد 64 ألف دونم في فلسطين، منها 75 % في الخليل وبيت لحم، وينتجون نحو 56 ألف طن سنويا.
وأضاف، يدخل السوق الفلسطيني في موسم العنب نحو 27 ألف طن من العنب الإسرائيلي المنافس، الذي يمتاز بجذب النظر إليه، نظرا لاستخدام أسمدة وري ومبيدات، تسرع في نضوجه، وتشكل حجم حبات متناسق، مشيرا إلى أن كيلو العنب الفلسطيني والذي يمتاز بحلاوته لعدم استخدام الري والأسمدة والمبيدات ما بين 2-5 شيكل، فيما يباع كيلو العنب الإسرائيلي ما بين 10-12 شيكل أو يزيد، مؤكدا أن مهرجان العنب السنوي، يسلط الضوء على محصول العنب الفلسطيني ويشكل دعامة أساسية له وللمزارعين القائمين عليه.
آيات عطرة
واستهل افتتاح المهرجان بتلاوة عطرة من آيات الذكر الحكيم، ومن ثم الوقوف للسلام الوطني الفلسطيني وقراءة الفاتحة على أرواح الشهداء.
ورحبت سحر الشعراوي، مديرة زراعة شمال الخليل، بالحضور شاكرة لأعضاء اللجنة التحضيرية للمهرجان على جهودهم الكبيرة في تنظيم وإنجاح عقد هذا المهرجان، كما شكرت جميع المؤسسات الداعمة والراعية للمهرجان.
وأكدت، أن المهرجان يأتي انطلاقا من ضرورة إبراز الهوية الثقافية وتعزيز صمود المزارع على أرضه من خلال التسويق والترويج لمنتجاته محليا وعربيا ومحاولة التصدي للمنتجات الإسرائيلية التي تحاول اختراق السوق الفلسطيني والإضرار به، حيث أن لكل منتج في المهرجان حكاية وطنية وتاريخية تنقل من جيل إلى جيل وتحاكي قصة صمود الفلاح الفلسطيني في أرضه التي تتعرض باستمرار لاعتداءات الاحتلال ومستوطنيه.
هبة الله
وأكد نور الدين جرادات، رئيس غرفة تجارة شمال الخليل، على أن الخليل كانت ولا زالت وستبقى قلعة للاقتصاد الوطني، صناعة وتجارة “وعنبا”، مشيرا إلى أن للقطاع الزراعي بعدا وطنيا من خلال تثبيت المزارع الفلسطيني على أرضه، منوها أن عنب الخليل يمثل أحد أهم الصادرات الزراعية إلى الخارج حيث يمتاز بالجودة والمذاق الذي وهبه الله إياه.
وأوضح أن الأراضي المزروعة بالعنب في محافظة الخليل تشكل ما يقارب 22 ألف دونم يستهلك منها على نطاق المحافظة 40 %، و35 % إلى باقي محافظات الوطن، و25 % يصدر إلى الأردن وغيرها من الدول المجاورة.
دعامة أساسية
وأكد محافظ الخليل، كامل حميد، على أهمية عقد هذا المهرجان، باعتباره عرسا وطنيا لفلسطين ودعامة أساسية للاقتصاد الوطني بشكل عام والقطاع الزراعي بشكل خاص، مشيرا بأن هذا المهرجان يعقد في الوقت الذي تشهد فيه الخليل هجوما شرسا من الاحتلال الذين يحاول تهويد الخليل.. وعبر حميد، عن أمله أن يشكل المهرجان رافعة لإبراز المنتجات الزراعية الوطنية، وداعما للمزارع الفلسطيني لتثبيته في أرضه في ظل الأخطار الكبيرة المحدقة به على رأسها التمدد الاستيطاني ومصادرة الأراضي الزراعية.
جزء لا يتجزأ
وشدد وزير الزراعة د. سفيان سلطان ممثل رئيس الوزراء، أن القطاع الزراعي جزء لا يتجزأ من النسيج الاقتصادي الوطني، لما يشكله من استيعاب للقوى العاملة، وحل لمشكلة البطالة، مؤكدا أنه يحمي الأرض من التهويد في ظل الهجمة الاستيطانية الشرسة، خاصة أن معظم الأراضي الزراعية تقع في مناطق C، وأن وزارة الزراعة تعمل على دعم المزارع الفلسطيني بإيجاد أسواق للمنتج الوطني بهدف توفير مستوى عيشة يمكن المزارع الفلسطيني الصمود في أرضه، مضيفا أن إقامة مثل هذه المهرجانات تعمل على تطوير الخبرات والتجارب الفلسطينية وتنمية العمل التشاركي بين المؤسسات، وبين أن محصول العنب من أهم المحاصيل الزراعية في محافظة الخليل لما يشكله من نسبة عالية في القطاع الزراعي، ويعتبر إرثا اقتصاديا وتاريخيا في كل بيت فلسطيني.
الخليل: بيان24/ وليد أبو سرحان