عنف وأمراض واضطرابات نفسية وعقلية.. معاناة الطواقم الصحية حول العالم متواصلة في زمن الوباء

على الرغم من أن الطواقم الطبية تبذل الجهد الأكبر في التصدي لجائحة كورونا بحكم تواجدهم في الخطوط الأمامية لمعركة الوباء، إلا أن بيانات حديثة تظهر زيادة تعرضهم لعنف وهجمات خطيرة.
وأشارت صحيفة «الغارديان» البريطانية في تقرير نشرته الاثنين، إلى تعرض المئات من العاملين في مجال الرعاية الصحية، الذين يعالجون مرضى كوفيد 19، في جميع أنحاء العالم لاعتداءات لفظية وجسدية قد تهدد حياتهم أحيانا.
ومن المتوقع أن تزداد الاعتداءات على العاملين الصحيين، وسط الفوضى التي تسببها السلالات الجديدة في دول مثل الهند، وتأخر حملات التطعيم في بعض البلدان وضعف الأنظمة الصحية في دول أخرى، وفقا للأمم المتحدة.
وقالت تلالنغ موفوكينغ المقررة الخاصة المعنية بالحق في الصحة البدنية والعقلية إنه مع الضغط الإضافي من الوباء، سترتفع هذه الهجمات وسط وجود نقص حقيقي في العاملين الصحيين الذين توفي الكثير منهم.
وأضافت موفوكينج أن هذه الهجمات كانت مخيبة للآمال ومثبطة للهمم، وأن العنف ضد العاملين في مجال الرعاية الصحية ليس بالأمر الجديد، ولكن الوباء فاقم من الظروف نتيجة الافتقار للقيادة الحكومية والاستثمار في البنية التحتية الصحية.
وتابعت: “عندما تفشل الحكومات فإن العاملين الصحيين هم من يتحملون الركود ويضمنون عدم انهيار النظم الصحية، ولكن إلى متى يمكنهم فعل ذلك؟”.
ووفقاً لأحدث الأرقام الصادرة عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر، تم تسجيل 848 حادثة عنف مرتبطة بالوباء من فبراير إلى ديسمبر 2020، ومن المحتمل أن يكون هذا الرقم ليس سوى «قمة جبل الجليد»، وجزء من ظاهرة أكثر انتشارا.
وأظهر تحليل اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن الغالبية العظمى من الحوادث كانت عبارة عن عنف بين الأفراد، حيث هاجمت بعض المجموعات أو المرضى أو أقاربهم العاملين الصحيين وكان هناك عواقب وخيمة في بعض الأحيان.
وذكر ماسيج بولكوفسكي رئيس مبادرة الرعاية الصحية في خطر، التابعة للصليب الأحمر أحد الأمثلة، عندما كان مريض يعاني من أعراض كوفيد-19 في نابولي الإيطالية، وغضب عندما طلب منه الانتظار ليقوم بالبصق على طبيب وممرضة، ونتيجة ذلك تم إغلاق الجناح بأكمله وإرسال الموظفين إلى الحجر الصحي.
وفي الهند وباكستان تعرضت أجنحة مرضى كوفيد 19 للنهب والاعتداء على الموظفين، وفي المكسيك تم إلقاء مادة الكلور على العاملين في مجال الرعاية الصحية في الشوارع.
وفي إسبانيا كتبت عبارة «الفئران المعدية» على سيارة أحد العاملين الصحيين، وأجبر سكان المجتمعات في الساحل الغربي للولايات المتحدة، مراكز علاج كوفيد 19 على الخروج من المنطقة.
وفي بريطانيا تم البصق على أحد موظفي هيئة الخدمات الصحية الوطنية، ووجه المرضى إساءات لفظية للموظفين الذين طلبوا منهم ارتداء الأقنعة.
وألقى بولكوفسكي باللوم على الحكومات للسماح بنشر المعلومات المضللة، وقال إن الكثير من المخاوف تأتي من حقيقة أن الحكومات لم تتواصل بشكل واضح وقللوا من الجدية وأعطوا الأولوية للاقتصاد والعنف أحد تداعيات هذا الأمر.
وأضاف أنه عندما يكون المهاجم من المرضى أو أحد أقاربهم، فإن ذلك يكون مرتبطا بوفاة أحد الأقارب، أو أن المريض يخشى الموت، بالإضافة لذلك فإن القدرة على عدم تنفيذ طقوس الدفن بسبب قيود الوباء تدفع بعض الأقارب إلى مهاجمة موظفي الرعاية الصحية أو المرافق.
ووفقا لـ بولكوفسكي، فإن القوات الحكومية مسؤولة عن 20% من هذه الهجمات العنيفة. في ميانمار على سبيل المثال تم اعتقال فرق طبية أثناء ذهابها لعلاج مرضى كوفيد 19 الذين يعانون أعراضاً في الجهاز التنفسي ما أدى إلى وفاة المرضى بسبب الإهمال.
وفي نيكاراغوا حيث قللت الحكومة مرارا وتكرارا من أهمية الوباء وحجمه في البلاد، تم فصل العاملين في مجال الصحة بسبب استخدامهم لمعدات الحماية الشخصية أثناء عملهم، وذلك وفقاً لمنظمة العفو الدولية.
عقوبات رادعة

وقالت الصحيفة إنه ردا على تصاعد هذه الهجمات، اتخذت بعض الدول إجراءات رادعة بحق المهاجمين، حيث فرضت الهند عقوبة السجن لمدة قد تصل إلى 7 سنوات لمن يقوم بشن الهجمات العنيفة على العاملين الصحيين.
وأعلنت السلطات في السودان عن إنشاء قوة شرطة مخصصة لحماية العاملين الصحيين أثناء الوباء، أما في الجزائر فتم تعديل قانون العقوبات لزيادة حماية العاملين الصحيين من الاعتداءات، ومعاقبة الأفراد الذين يلحقون الضرر بالمرافق الصحية.
وتم اقتراح مشروع قانون الشرطة والجريمة والأحكام والمحاكم في بريطانيا، والذي ينص على زيادة الحد الأقصى لعقوبة الاعتداء على عامل طوارئ من سنة إلى سنتين.
كما سيتم تزويد المسعفين في بريطانيا بكاميرات على الجسد بعد الارتفاع الحاد في الهجمات، حيث أظهرت البيانات أن 3569 مسعفاً تعرضوا للاعتداء الجسدي من قبل جنيف – قدرت منظمة الصحة العالمية ضحايا وباء (كوفيد 19) بين أفراد الطواقم الطبية من أطباء وممرضين بـ 115 ألف شخص على الاقل على مستوى العالم.
ونوه المدير العام للمنظمة التابعة للأمم المتحدة، خلال افتتاح الدورة الـ74 لجمعية الصحة العالمية بأن التقارير المتوفرة بشأن عدد ضحايا الوباء من بين الطواقم الطبية تبقى نادرة، ما يرجح أن يكون العدد الحقيقي أكثر ارتفاعاً.
من جهة أخرى، وجه تيدروس غيبريسوس، انتقادات لاذعة للدول التي تحتكر اللقاحات، واصفاً بـ”الفاضحة” حالة عدم المساواة السائدة في العالم في مجال الحصول على اللقاحات المضادة لكوفيد 19.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن 75% من اللقاحات تم تقديمها لمواطنين في 10 دول فقط، فهناك “عدد صغير من الدول التي تًصنع وتشتري اللقاحات تتحكم بمصير باقي دول العالم”، على حد قوله.
في هذا السياق، أكد غيبريسوس، أن اللقاحات، المتوفرة حالياً، كانت ستكفي لكافة الطواقم الطبية والمسنين في العالم لو وُزعت بشكل عادل ومتكافئ.
كما ناشد المدير العام لمنظمة الصحة بدعم حملة ترمي إلى إعطاء اللقاحات لـ 10% من سكان العالم بحلول شهر شتنبر المقبل، وأخرى لتقديمه لـ 30% منهم بنهاية العام.الجمهور العام الماضي، وذلك بزيادة 30% عم عام 2016-2017.
300 عامل بمجال الصحة في بريطانيا حاولوا الانتحار

أظهرت دراسة جديدة أجرتها مؤسسة “لورا هايد” البريطانية، أن ما يزيد عن 300 عامل طبي في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، حاولوا الانتحار العام الماضي في اعقاب انتشار فيروس كورونا.
وذكرت الدراسة، التي نشرتها صحيفة “آي” البريطانية، أن 226 ممرضة و79 مسعفا، و17 طالبا في كلية الطب حاولوا الانتحار العام الماضي.
من جهتها، قالت ممرضة (28 عاما)، من هيئة الخدمات الصحية الوطنية، إنها شعرت “بالتخلي عنها” أثناء الوباء، وأضافت أنها حصلت على إجازة 4 أسابيع فقط في الـ15 شهرا الماضية.
وتعتزم مؤسسة “لورا هايد” توزيع موارد مجانية على الآلاف من موظفي هيئة الصحة الوطنية والمستشفيات وعمال الطوارئ، في محاولة لمنع الانتحار. يشار إلى أن دراسة استقصائية أجريت في الولايات المتحدة، نشرت في أبريل الماضي، أفادت بأن 62% من العاملين في مجال الرعاية الصحية، قالوا إن الإجهاد الناجم عن وباء فيروس كورونا قد أثر سلبا على صحتهم العقلية، ووجدت الدراسة أن التأثير كان أعلى لدى الأصغر سنا من بين العاملين في مجال الرعاية الصحية.
ومع ذلك، وجدت الدراسة أيضا أن معظم العاملين بالمجال الصحي كانوا يشعرون بالتفاؤل لأنهم كانوا يرون ضوء في نهاية النفق بسبب جهود التطعيم.
وفاة 115 ألف عامل في قطاع
الصحة بكورونا

يذكر أن مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبريسوس، كان قد رجح وفاة ما لا يقل عن 115 ألف عامل في قطاع الصحة حول العالم خلال مكافحة فيروس كورونا.
وحذر غبريسوس خلال انطلاق الدورة 74 لجمعية الصحة العالمية في مدينة جنيف السويسرية، في شهر ماي المنصرم، من احتمال فقد المزيد من العاملين في قطاع الصحة في حال استمرت الجائحة في الانتشار، داعيا الجميع إلى القيام بمسؤولياتهم لحماية حياة العاملين في القطاع.

Related posts

Top