غياب ثقافة التضامن…

  خلال الندوة التقديمية لنصف الماراطون الدولي لمدينة بركان، لم يتردد الكروج في التأكيد على أن الهدف من تنظيم مثل هذه التظاهرة، هو نشر ثقافة التضامن والعمل الخيري والإنساني والتشجيع على الممارسة الرياضية، ناهيك عن المساهمة في التعريف بالجهة الشرقية التي تزخر بطاقات بشرية وتراث لامادي ومؤهلات اقتصادية مهمة، مع الحرص على إبراز  الانعكاسات الإنسانية والاجتماعية للأحداث الرياضية على الصعيد الوطني.
قال الكروج خلال هذه الندوة الصحفية إنه يشعر بضرورة رد الجميل لبلده، والتفاعل الإيجابي مع قضايا وطنه، وعدم التردد ولو للحظة في تقديم الدعم والمساعدة على تمويل المشاريع الخيرية، وجعل قضية تنظيم التظاهرات الرياضية عاملا مساعدا لتغطية نفقات المشاريع الخيرية وخاصة في المجالات الاجتماعية كالصحة والرياضة والمرافق الاجتماعية.
مبادرة هشام الكروج البطل الكبير الذي كثيرا ما افتخرنا بإنجازاته التاريخية، دخل الآن في إعادة بناء صورة أخرى للرياضي ما بعد الاعتزال، وهو منعطف هام في الحياة الرياضية للأبطال الرياضيين، والتحول من الممارسة إلى عالم التسيير والتأطير والتنظيم من موقع آخر، لابد وأن يأخذ بعين الاعتبار التجربة والعلاقات الواسعة والاستفادة من الإشعاع الذي اكتسبه هو داخل الملاعب والقاعات والحلبات.    
والغريب أن رياضيي ألعاب القوى على قلتهم، يتقدمون لائحة المنخرطين في جعل الأنشطة الرياضية وسيلة للتنشيط والتضامن والعمل الخيري والتضامني، والتشجيع على الممارسة الرياضية، وقد سبقته إلى هذا المجال كل من نوال المتوكل ونزهة بيدوان والمرحومة فاطمة عوام، لكن بالنسبة لرياضي باقي الأنواع، فيكاد أن تكون المحصلة صفرا، باستثناء مصطفى الحداوي الذي يبقى من الأمثلة القليلة التي تنخرط تلقائيا في الأعمال الاجتماعية والخيرية والتضامنية.   
فقد تعود نجوم كرة القدم أن يبقوا بعيدين عن قضايا مجتمعهم، فلا علاقة لهم نهائيا بالموضوع، والأكثر من ذلك نجد بعضهم يتهافت على الاستفادة من الامتيازات على مختلف المستويات.
وحتى عندما يفكرون في الاستثمار، فإن الاتجاه عادة ما يكون في العقار والمقاهي والملاهي الليلية، وهى مشاريع لا علاقة لها بعالم الرياضة، كما أن الاتجاه يركز أساسا على الاستفادة من الرواتب والمنح والميزانيات بطرق ملتوية، بالإضافة إلى مأذونيات النقل والصيد وكل أنواع الريع.  
وعندما نتحدث عن ثقافة التضامن، فهناك نماذج ناجحة على الصعيد الدولي كلاعبي البرازيل الذين يعيشون عن قرب هموم ومشاكل فقراء شعبهم، إذ نراهم ينخرطون تلقائيا في مبادرات ومشاريع خيرية دون حسابات ضيقة ولا دعاية استهلاكية ولا طمعا في التقرب من السلطة.
كما أن هناك أفارقة يقدمون أمثلة حية كالإيفواري ديديه دروغبا والليبيري جورج وياه والطوغولي إيمانويل أديبايور، والإثيوبي جبري سيلاسي وغيرهم ممن قاموا بإنجازات عظيمة لفائدة بلدانهم يشهد بها التاريخ وسيتذكرها الأجيال بمداد الفخر والاعتزاز .
صحيح أن عدد  النجوم  الكبار بالنسبة للرياضة الوطنية قليل جدا، لكن هذه القلة ليست مبررا للجحود والتنكر  وعدم المبالاة، فبالإضافة إلى لاعبي كرة القدم وعدائي ألعاب القوى، هناك كذلك لاعبو التنس والملاكمون وبعض الرياضات التي تدر عليهم عائدات مهمة، لكن نسجل دائما انعدام ثقافة التضامن لدى الأغلبية الساحقة منهم، بل نجدهم يظهرون الكثير من الجشع واللهفة والتهافت للحصول على الامتيازات دون التفكير في رد الجميل  للبلد الذي راعهم والشباب الذي شجعهم وهتف باسمهم.

محمد الروحلي

Related posts

Top