في مداخلة عائشة لبلق خلال جلسة المصادقة بمجلس النواب على مشروع قانون يوافق بموجبه على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي

 صادق مجلس النواب بالإجماع في جلسته العامة المنعقدة يوم الأربعاء 18 يناير الجاري على مشروع قانون رقم 01.17، يوافق بموجبه على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي الموقع بلومي “التوغو” في 11 يوليوز 2000، كما تم تعديله بالبروتوكول الملحق به، المعتمد بأديس أبابا “إثيوبيا” في 3 فبراير 2003، وبمابوتو “الموزمبيق” في 11 يوليوز 2003، وذلك بعد عرض المشروع ودراسته من قبل لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين بالخارج خلال اجتماعها المنعقد صباح نفس اليوم.
وقد تدخلت بهذا الخصوص النائبة عائشة لبلق باسم المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية بمجلس النواب خلال الجلسة العامة المذكورة. وفيما يلي النص الكامل للمداخلة:

السيد الرئيس،
السيدة الوزيرة والسادة الوزراء،
السيدات والسادة النواب،

يشرفني أن أتدخل باسم  المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية في هذه الجلسة قصد المناقشة والمصادقة على مشروع قانون رقم 01.17 ، يوافق بموجبه على القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي الموقع بلومي “التوغو” في 11 يوليوز 2000، كما تم تعديله  بالبروتوكول الملحق به، المعتمد بأديس أبابا (إثيوبيا) في 3  فبراير 2003، وبمابوتو “الموزمبيق” في 11 يوليوز 2003 ،والتي ستمكن بلادنا من العودة إلى بيتها في إطار الاتحاد الإفريقي الذي يعتبر استمرارا لمنظمة الوحدة الإفريقية التي انسحب منها المغرب سنة 1984 بعد اعترافها وإقحامها للكيان الانفصالي الوهمي في صفوفها .
وكما لا يخفى عليكم، فإن عودة المغرب إلى أسرته الإفريقية، تأتي في إطار الجهود والمعارك التي لا تتواني بلادنا في خوضها لبلوغ هذا الهدف السامي، محصنة بالإجماع الوطني وراء جلالة الملك محمد السادس حفظه الله، والذي أعلن عن عزم وقرار المملكة المغربية للعودة إلى الاتحاد الإفريقي، في رسالته السامية الموجهة إلى القمة الـ27 للاتحاد التي انعقدت في العاصمة الرواندية كيغالي.
ومما لا شك فيه أن قرار جلالته، يهدف إلى تكثيف وتعزيز حضور بلادنا في القارة الإفريقية، وهو القرار الذي لقي كل الترحيب والتجاوب الكبيرين اللذين عكستهما ، المبادرة التي بلورها  أزيد من 40  بلد صديق للمغرب، أريعين بلد افريقي  وعضو في منظمة الاتحاد الإفريقي، بشكل جلي ، حيث  أكدت هذه المبادرة على التفاعل الإيجابي والقوي والفوري لإفريقيا مع الرسالة الملكية السامية، والمتمثلة في تقديم ملتمس من أجل تعليق مشاركة الكيان الانفصالي الوهمي مستقبلا في أنشطة الاتحاد وجميع أجهزته، بهدف تمكين المنظمة الإفريقية من الإضطلاع بدور بناء والإسهام إيجابا في جهود الأمم المتحدة من أجل حل نهائي للنزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية .
وهي مناسبة تثمن المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية من خلالها المضامين التاريخية الحازمة والمواقف الشجاعة المتضمنة في الرسالة القوية والمؤثرة التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى القمة ال 27 للاتحاد الإفريقي المنعقدة بالعاصمة الرواندية كيغالي، وخاصة تلك المتعلقة بإعلان قرار بلدنا العودة إلى الأسرة الإفريقية وعزمه استعادة مكانه الطبيعي والشرعي داخل الاتحاد الإفريقي، والمساهمة، من الداخل، في مواصلة جهوده الهادفة إلى خدمة خيار التنمية البشرية والمستدامة، والرفع من مستوى عيش جميع المواطنات والمواطنين الأفارقة.
كما تحيي المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية في السياق ذاته، المبادرة الإيجابية المعلنة من قبل الدول الإفريقية الصديقة والشقيقة المذكورة، حيث تعتبر هذه المبادرة قرارا يحتكم إلى صوت العقل، ويسير في مسار الاستمرار الطبيعي لتكريس انتماء المملكة المغربية لعمقها الإفريقي، وكذا تتويج هذا المسار بانضمام بلادنا مجددا إلى المنظمة الإفريقية، ابتداء من قمة الاتحاد الإفريقي المقرر انعقادها في يناير الجاري.
إن المملكة المغربية تكرس بهذا القرار التاريخي في دلالاته،  والإيجابي  والاستراتيجي في أهدافه وغاياته النبيلة ،عمقها وهويتها  الإفريقية وذلك بحكم الانتماء الجغرافي، والتاريخ المشترك  الذي جعلته دائما ولا تزال مجالا حيويا سعت من خلاله، إلى خدمة قيم التلاقح الإنساني، والقيم المشتركة، الثقافية ، الروحية، والحضارية ، مع كل الشعوب الإفريقية الصديقة والشقيقة، في تناغم مع  إرادة بلادنا والتزامها القوي من أجل الدفاع عن القضايا الإفريقية العادلة، حيث لم تغب بلادنا عن الواجهة الإفريقية على كافة المجالات والأصعدة .
إن  المغرب رغم انسحابه السابق  من منظمة الوحدة الإفريقية ،إلا انه  ظل دائما  و لايزال وفيا لانتمائه وعمقه الإفريقي  من أجل خدمة  العلاقات المغربية – الإفريقية  ، وهو ما أثمرته النتائج الإيجابية للزيارات التي قام  جلالة الملك محمد السادس حفظه الله مؤخرا إلى عدد من الدول الإفريقية  على ضوء الإتقافيات الموقعة مع هذه البلدان في عدد من المجالات الحيوية وضمنها اتفاقيات حكومية، وأخرى بين عدد من الفاعلين الاقتصاديين المغاربة و الأفارقة، والتي تبرهن على أن المغرب يمتلك نموذجا  تنمويا يقدمه لأصدقائه وأشقائه الأفارقة، في إطار خدمة  قضايا التعاون جنوب – جنوب.
وعلاوة على ذلك ، تعتبر مساهمة المغرب القوية في  إيجاد الحلول لعدد من بؤر التوتر وحفظ السلام على مستوى القارة الإفريقية، وجهوده الأمنية التي ما فتئ يبذلها  ولايزال ،من أجل محاربة ظاهرة الإرهاب المقيتة والقادمة من دول الساحل  وجنوب الصحراء، إضافة إلى المبادرات التي اتخذها في إطار تسوية الأوضاع القانونية للمهاجرين الأفارقة المتواجدين على أرض الوطن ، وغيرها من المبادرات الإيجابية  وهي كثيرة تبرهن على أن المغرب  يجعل من خدمة العمق الإفريقي في كل أبعاده ومستوياته  وكذا صون كرامة المواطن الإفريقي أولوية  من الأولويات الحيوية  في سياسته الخارجية .

 السيد الرئيس،
السيدة الوزيرة والسادة الوزراء،
السيدات والسادة النواب،

 إن عودة المغرب من جديد إلى بيته الإفريقي تهدف إلى المواجهة المشتركة لمختلف التحديات والرهانات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية،  وذلك استجابة للطلب الملح والمتواصل الذي ما فتئت تعبر عنه أغلبية البلدان الإفريقية وشعوبها الشقيقة والصديقة، بالنظر إلى ما يتمتع به المغرب في القارة الإفريقية  من تقدير واحترام، وما يحتله من مكانة تعبر عن الإرادة العامة لإفريقيا في التوجه نحو  رفض وتجاوز أخطاء ومتاهات الماضي، ونبذ التصرفات التي تسير ضد مجرى التاريخ، وفي مقدمتها التعارض مع الشرعية الدولية والتعامل مع كيان مزعوم ووهمي،  لا وجود ولا أثر له.
وإذ تعبر المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية  بهذه المناسبة عن اعتزازها  الكبير بهذا التطور الذي سيعزز الحضور المغربي ويكرس دوره الفاعل في محيطه القاري، تدعو في السياق ذاته، إلى أهمية مواصلة تمتين الجبهة الداخلية بما يمكن من تعزيز مسار الدمقرطة وتقوية دولة المؤسسات وتحقيق تنمية اقتصادية مؤطرة بعدالة اجتماعية حقيقية، وإشراك جميع القوى الحية للمساهمة في الجهود الوطنية النبيلة الرامية إلى ربح معركة قضيتنا الوطنية الأولى ، وهو التوجه النضالي المبدئي الذي سار دائما ، حزب التقدم والاشتراكية على  دربه وما يزال.
ولكل هذه الاعتبارات لا يسع المجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية إلا أن تصوت إيجابا لصالح اعتماد هذه الاتفاقية، خدمة للمصالح العليا لوطننا وشعبنا، وللقضايا الحيوية للصداقة المغربية الإفريقية.

Related posts

Top