في ندوة نظمتها جمعية الصحراء المغربية بشراكة مع وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان

أكد نبيل بنعبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن الموقف الأمريكي القاضي بالاعتراف بالسيادة الكاملة للمغرب على أراضيه الجنوبية يشكل تحولا قويا وطريقا جديدا ينبغي علينا في المغرب أن نعرف حسن استغلاله، وتعزيز موقفنا على المستويات المختلفة، لما يمكن أن يحدثه ذلك من تحول إيجابي في مواقف كثير من الدول الأخرى حيال قضيتنا الوطنية”.
هذا التأكيد أعلنه الأمين العام للتقدم والاشتراكية، خلال مشاركته في ندوة نظمتها جمعية الصحراء المغربية بمدينة أكادير يومي الثلاثاء والأربعاء، بشراكة مع وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان.
وقال نبيل بنعبد الله إن التدخل السلمي الذي قامت به القوات المسلحة الملكية في منطقة الكركرات قبل أشهر من أجل تأمين المنطقة وضمان استقرارها، والذي مكن من عودة الحركة التجارية بين أوروبا وإفريقيا، شكل نقطة تحول قوية، يجسدها الموقف الأمريكي بالاعتراف بالسيادة الكاملة للمغرب على أراضيه الجنوبية الذي أحدث تغييرا أساسيا في موازين القوى على الصعيد الدولي.
وشدد بنعبد الله على أنه”علينا في المغرب أن نستمر ونصمد أكثر بعد التحول الهائل الذي يجسده الموقف الأمريكي، لافتا إلى أنه رغم موقف حزب التقدم والاشتراكية من أمريكا في قضايا أخرى، لكن هاته الأخيرة تظل أهم دولة موجودة عبر العالم، وموقفها اتجاه قضيتنا يشكل تحولا حقيقيا وكبيرا، خاصة وأنه لا يمكن معالجة أي موضوع في العالم إلا بموقف أمريكي.
ودعا الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، في الوقت ذاته، إلى مواصلة المغرب لديناميته الدبلوماسية اتجاه الدول الأخرى التي لها رأي أساسي في الموضوع، لكونها معنية به. ويتعلق الأمر بكل من إسبانيا وفرنسا، مؤكدا، في هذا الصدد، على “أهمية وضرورة مواصلة المعركة الدبلوماسية من أجل إحداث تحول واضح بالنسبة لهاتين الدولتين حول قضية الصحراء المغربية، لما يشكله ذلك من أهمية على مسار الطي النهائي للملف”.
وأوضح المتحدث على أن مساندة فرنسا وإسبانيا لمبادرة الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية موقف إيجابي جدا، لذلك على المغرب مواصلة معركة الصمود سواء على الأرض أو بالمنطقة المغاربية أو من داخل مجلس الأمن، منبها إلى التحركات التي يقوم بها الخصوم داخل الاتحاد الإفريقي، في محاولة لفرض تدخل الاتحاد، حيث توجد أطراف مساندة للجزائر تعمل في الاتجاه المعاكس لمنطق المغرب الذي مافتئ يؤكد أن الموضوع مطروح على الأمم المتحدة و لا دخل للاتحاد الإفريقي فيه.
وأكد الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية أن المغرب استطاع الصمود في مواجهة مناورات الخصوم منذ 48 سنة، وبالخصوص منذ سنة 1975، وأن ذلك مرتبط بما بذله من جهود كبيرة على المستوى الدبلوماسي ومن اتصالات ومن دعم لبعض الدول، ولكن الأمر مرتبط أساسا بما استطاع أن يقوم به في الميدان، وأساسا تمتين الجبهة الداخلية ، قائلا” نحن في حزب التقدم والاشتراكية أكدنا دائما على مسألة أساسية، وهي أن معركة الصحراء يمكن أن نخوضها ونفوز بها على الصعيد العالمي، ولكنها معركة أساسا مرتبطة بقدرتنا على تمتين الجبهة الداخلية، والتي تعني مواصلة المجهودات الهائلة التي بذلت من أجل تنمية المنطقة “.
وأكد، في هذا الصدد، على ضرورة مواصلة تمتين الجبهة الداخلية حول عدالة القضية الوطنية، ومواصلة حشد الدعم لمبادرة الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية تحت السيادة الوطنية والترابية للمملكة المغربية، مشددا في ذات الوقت على أهمية مواصلة المغرب لجهوده الحثيثة في البناء الديمقراطي والمؤسساتي والمسار التنموي في الأقاليم الجنوبية كما باقي مناطق المملكة.
ولفت بهذا الخصوص إلى التنمية الهائلة التي حققها المغرب بمناطقه الجنوبية والتي لا يمكن لأحد أن ينكرها، داعيا في الوقت ذاته، إلى الاستمرار في بناء وتكوين العنصر البشري المغربي، وأن يتم الأخذ بعين الاعتبار هذا الأمر عند وضع النموذج التنموي. إذ لا يمكن، يقول المتحدث، بناء مسلسل تنموي هادف دون بناء وتكوين العنصر البشري.
ولم يفت الأمين العام أن يسجل لأن التدخل السلمي الذي قامت به القوات المسلحة الملكية في منطقة الكركرات قبل أشهر، لم يثر على الصعيد الدولي أي رد فعل سلبي، بل حظي بمساندة غالبية الدول التي اعتبرت أن المغرب يقوم بدوره من أجل ضمان استقرار المنطقة التي هي معرضة لكثير من المخاطر، منها التهديد الإرهابي لقربها من منطقة الساحل ، وكذا الاتجار بالمخدرات والأسلحة والاتجار بالبشر و الهجرة السرية .
ومن جانبه، استعرض البشير الدخيل، رئيس معهد منتدى البدائل الدولي للدراسات الصحراوية “الأندلس”، خلال هذا اللقاء ، مراحل ذات دلالات تاريخية عميقة أثرت في مسار ملف الصحراء المغربية، بل وحقائق تاريخية لا يمكن لأحد أن ينكرها، إحداها أن المغرب هو أول من وضع ملف تحرير الأراضي الجنوبية من الاستعمار الإسباني على طاولة اللجنة الرابعة للأمم المتحدة. وقال البشير الدخيل بهذا الخصوص ” هذه حقيقة لا يمكن لأحد أن يجادل فيها أو تغطيتها”، مشيرا إلى المحاولات التي بذلها المغرب ولازال من أجل إقرار حل سلمي.
واعتبر الدخيل أن المنطقة المغاربية هي المنطقة الوحيدة في العالم التي لازالت تعيش الحرب الباردة، في حين شهد العالم تغيرات الاقتصادية وتحولات كبيرة، داعيا الجزائر إلى التخلي عن الأفكار المسبقة التي أنتجتها الحرب الباردة في الماضي.
وأكد أن المغرب حقق تقدما جد كبيرا وله مؤسسات وحقق تطورا على الأرض يشارك فيه الصحراويين المعنيون بالملف، داعيا إلى نهج تسيير عقلاني يتماشى مع ما يطرحه جلالة الملك، بحيث يلائم ويظهر المجهودات الكبيرة التي يقوم بها المغرب في الميدان”.
يشار إلى أن هذه الندوة شهدت مشاركة قيادات وفاعلين سياسيين، إلى جانب قياديين سابقين بالبوليساريو، من العائدين إلى أرض الوطن، فضلا عن مشاركة أكاديميين وباحثين من مختلف جهات المملكة.

> فنن العفاني

Related posts

Top