لذة بصرية عبر عنف المتخيل الفردي

> منصف عبد الحق *
تندرج تجربة الفنانة العصامية زينب أعكيرش (تعيش و تعمل بالصويرة) ضمن قائمة الفنانات التشكيليات اللواتي يشتغلن بإيقاعهن البصري الخام الذي يحمل همومهن الجمالية وانشغالاتهن الفكرية بعيدا عن كل استسهال أو تصنع.
ما تنسجه مخيلة هذه المبدعة التلقائية التي عرضت مؤخرا برواق “اخميسة” بالدار البيضاء ضمن فعاليات الدورة الأولى لملتقى الفنانين العصاميين المقامة من طرف جمعية “إبداع وتواصل” هو من صميم كينونتها الوجودية، حيث تتوحد الألوان والأشكال على نحو انسيابي وتدفقي خارج كل المعادلات التجريبية والإطارات العقلانية. كل الظلال والآثار والوحدات الشذرية متشابكة ومتجذرة في حميمية ذاتية تزيدها الأجواء المتخيلة إيحاء ودلالة. لا تقدم اللوحة أي واقع مرئي على طريقة التشخيصيين والتشخيصيين الجدد. فهي ملتقى الإيحاءات اللونية المتدفقة كفيض داخلي أو كبركان معنوي. فكل بنية تشكيلية تترجم إحساسا باللحظة وفق ما تمليه “الحاجة الداخلية” للفنانة. إننا بصدد اشتغال تصويري خاص لا يؤسس سيرورته الإبداعية على منطق اللعب والتركيب. لقد أصبح التشكيل جزءا من حواسها وبنات أفكارها. إنه كالشعر الذي يمتلك أسرارا لا نقف على عتبتها إلا عندما يبتهج الجسد باستقبال أقصى جنون الحلم والرغبة والحرية. إن الفنانة تشتغل تقريبا بعين “خيميائية” تخترق كل المواد الصباغية لكي تحقق لذة بصرية عبر ما يملكه عنف المتخيل الفردي. إنها تحاول التوفيق بين التجريب المفكر فيه والمصادفة العجيبة غير المفكر فيها.
تقدم زينب أعكيرش رؤية جد شخصية للعالم المحيط بنا. فعوالمها الانفعالية عبارة عن لمسات عفوية غير خاضعة للقوانين الموضوعية، الشيء الذي يمثل قطيعة مع النظرة التقليدية للجميل المتناسق والمتشاكل.
 ها هنا، المسعى الحثيث لهذه الفنانة العصامية التي جعلت من البحث الدائم على تخوم الإيحاء والإثارة هاجسها الخاص وكأنها تنزع نحو جمالية جديدة خارج الأنساق والمواصفات الجماعية !

Related posts

Top