للعشق عين في الحروف فقط، فالعشق أعمى لكن تبقى العين تعشق دائما مايسرها رؤيته و يبقى العشق بلاطا لإمبراطويرية السعادة التي يحملها لنا القدر وهو شاهد على معركة ضد عقلنا و نحن خاضعين بكل كبرياء لسياسة حب ديكتاتوري على قلوبنا .
العشق يلزمنا..يجبرنا.. يذللنا..يرهقنا..يتعبنا ..يخذلنا في الشوق وكلنا اشتياق.نضيع في عاصفة العشق حتى ترمينا تائهين في دروب القدر حيث ننزوي في قبيلة الغربة صامتين و متكبدين ألم الحب لا يشاركنا فيه إلا القلب و القلم، في سرية نمارسه في خفاء كحديقة لا حق لها في الشمس.
تعودنا أن نهيم إلى العشق من ريقه في الأغاني. نغنيه، نتغناه و نتغنى به فيسري كالريح مع هبوب أغاني أم كلثوم وعبد الحليم وفريد الاطرش. مع هذه الخالدات تنبعث نسمات الهوى وتحرك ما بداخلنا. تضغط على الجروح العميقة لتوقظ الوحش الراقد أو النائم فينطلق كالحصان الأبيض المجنح. يطير بنا إلى صندوق الأسرار ذو التاريخ الجميل.فالنسيان دائما يرفض نسيان العشق.
العشق يحتل ليالينا و أحلامنا، يستعمر خيالنا. نعيشه دون آخذ المستحقات، لكن يدفع كل ضرائب العقل مع القلب في قصته و لا نعرف تسديده حتى ولو بالأقساط،فوائده ريبة غريبة ثم رهيبة.
في العشق يخدعنا الانتظار ويخادعنا بظلام الذكرى التي تأبه ان تغادرنا . هكذا حال العشاق يداعبون بالأمنيات اللقاء،يطوفون حول الصبر عمرا جريحا و كسيرا. فالشوق أضنانا و الدهر أطوانا.فما عساني أقول؟ خانني التعبير بالحرف و التسطير.
العشق لا يموت .وكيف؟ ما دام لا يقدم استقالته ؟ لن أتجاوز الحدود و أعرض السؤال عند علام الغيوب حتى لا نموت وجعا ولا نحترق صمتا عند الغموض،لكن يبقى العشق نسمة الروح التي تحيينا من موت مؤقت . يسألونني هل سيعود العشق مجددا؟ أضحك و أجيب ..ثم أبكي و أجيب : كيف سيعود؟ و هو مخبأ في جسدي .العشق لا يغادر قلبي لأني وطنه .
ها هو عيد الحب يفترش منصة مشاهد الرومانسية، نحتفل به، نغازله ونتغزل فيه، هل نعيشه؟. وحتى لا أستفز نفسي والقراء على صفحة نشر غسيل القلوب، نتساءل دائما كيف نهدي باخرة فخمة للحب في مكان لا يوجد به بحر للعشاق.وحتى أكون منصفة المشاعر فالحب هو الأجل فلا تدعوه في أخر الآجال: من لا يحب فهو ميت، الحب رديف الموت يأتي دون استئذان، كما الموت فلا نعرف لم يموت الصغير قبل الكبير؟ والسليم قبل المريض؟. في الحب لا ندري لم يحب الغني الفقير، ولم ينجذب الطويل إلي القصير، ولا القريب للبعيد؟ كل شيء يبدأ بالحب وينتهي بالموت، ورأس الأمر حب وقدماه موت. لهذا فالموت والحب انتقال من عالم إلى عالم، ومن دنيا إلى أخرى. بعد الموت وفي معمعان الحب يتغير شكل المرء وتختلف روحه. تصير له بسمة أخرى ونظرة أخرى كأنه كائن آخر. في النهاية لا أحد يستطيع أن يخفي أثر الحب أو الموت.
ارفعن و ارفعوا الحناجر و الخناجر و أنا هنا معكم أصرخ ملئ حنجرتي إنه يوم العشق ولا يكفيني الاحتفال فقط، بل سأصلي صلاة الحب، سأدخل حالا إلى معبد العشق حيث القديس لأتلو أمامه لعبة العشق و أسجد لتحرير القلوب ثم أرفع دعواتي لكي يكون الحب وطنكم و الغرام قريتكم و الدروب أنبل عواطفكم .
صعب أن أضع حروف النهاية … لأن ورقي عشق و حبري عشق . لن أستسلم و لن تصلب أحلامي بقلبي.ما زلت هنا و ما زلنا للاستمتاع بقواعد لعبة العشق .. نرفع فيها كل قطع اللعبة (البيدق، الحصان،القلعة ) حتى لا نهزم لهفة العشق بالمربع، فالعشق ذكاء …أعذروني فأنا عاشقة..وعلى هذه الصفحة سأرفع قنينة الحبر و أشرب نخب القلب النابض لحد الثمالة بقطرات المداد .
حسناء شهابي