مؤتمر دعم استقرار ليبيا في طرابلس يشدد على تأمين البيئة المناسبة للانتخابات

انعقد في طرابلس الخميس مؤتمر دولي لدعم استقرار ليبيا شاركت فيه حوالي ثلاثين دولة، هدف إلى تمتين المسار الانتقالي قبل انتخابات رئاسية مصيرية في دجنبر.
وتعهدت الحكومة الليبية في نهاية المؤتمر ب”اتخاذ التدابير اللازمة لاستحقاقات بناء الثقة وخلق بيئة مناسبة لعقد الانتخابات الوطنية بشكل نزيه وشفاف وجامع في 24 دجنبر”، وفق ما قالت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش خلال تلاوتها البيان النهائي الصادر عن المؤتمر.
وأضافت إن حكومة الوحدة الوطنية الليبية أكدت “رفضها القاطع للتدخلات الأجنبية في الشؤون الليبية وإدانتها لمحاولات خرق حظر السلاح وإثارة الفوضى في ليبيا”.
وهو المؤتمر الأول من نوعه الذي يعقد في ليبيا منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي التي تلاها عقد من الفوضى والصراعات والحروب على السلطة. ومنذ مطلع العام، شكلت حكومة وحدة تسعى الى تنظيم مرحلة انتقالية توصل الى انتخابات حرة بدعم وضغط من المجتمع الدولي. وحددت الانتخابات الرئاسية في 24 دجنبر، ويفترض أن تليها انتخابات تشريعية.
وشارك في “مؤتمر دعم استقرار ليبيا” ممثلون عن حوالي ثلاثين دولة وعن منظمات دولية.
وقال رئيس الحكومة الليبي عبد الحميد الدبيبة في كلمة ألقاها أمام المشاركين إن “انعقاد مؤتمر دعم استقرار ليبيا هو تأكيد على إرادة الليبيين وقدرتهم على الوصول الى حل ليبي خالص”، مضيفا “قدومكم اليوم إلى طرابلس العاصمة الموحدة لليبيا دليل على أنها استعادت عافيتها”.
وأضاف “استقرار ليبيا اليوم هو السبيل الوحيد لإعادة بناء المؤسسات المدنية والأمنية والعسكرية”.
وشددت الأمينة العامة المساعدة للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري دي كارلو على أن “الانتخابات ستنهي المرحلة الانتقالية في ليبيا”، و”نعود الى الشرعية السياسية”. ودعت إلى “إنهاء التدخل الأجنبي في الشأن الليبي”، وحثت “الدول على إرسال مراقبين دوليين لمراقبة هذه العملية وضمان جودة العملية السياسية وإنصافها”.
وبينما تواجه ليبيا اتهامات بسوء معاملة المهاجرين غير القانونيين الذين يصلون إليها والذين تحتجزهم غالبا في ظروف قاسية، قالت دي كارلو “نحث الحكومة على إطلاق سراحهم وفق برامج العودة الطوعية”.
وشارك في المؤتمر عدد من وزراء الخارجية بينهم الفرنسي جان إيف لودريان والإيطالي لويدجي دي مايو وآخرون عرب. وتمثلت الولايات المتحدة بالمسؤولة في وزارة الخارجية يائيل لمبرت.
وألقى وزير الخارجية الفرنسي خطابا حيا فيه “التقدم الملموس الذي تحق ق على الصعيدين السياسي والأمني”.
وقال لودريان “باتت الانتخابات الرئاسية والتشريعية قريبة جدا بعد تبني القانون اللازم لتنظيمها”، مضيفا أن “تطلعات الليبيين الى السيادة تلتقي مع المصالح الأمنية لمجموع دول المنطقة من الساحل الى أوروبا مرورا بشمال إفريقيا”.
وأضاف “بمساعدتنا، سيتمكن الليبيون من استغلال هذه الفرصة التاريخية اليوم لاستعادة السلام والسيادة والازدهار”.
كما ذك ر بعقد مؤتمر حول ليبيا في باريس في 12 نونبر سيتسع ليشمل “مجمل الدول المجاورة لليبيا” وسيسمح بـ “إعطاء دفع أخير لانتخابات نهاية السنة”.
وتكمن الأولوية بالنسبة الى المجتمع الدولي في إجراء الانتخابات البالغة الأهمية في ليبيا ولكن التي لا تزال تحيط بها شكوك كثيرة بسبب الانقسامات الداخلية الحادة.
وقالت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش الأربعاء إن الهدف التوصل الى “موقف دولي وإقليمي موحد داعم ومتناسق” يساهم في “وضع آليات ضرورية لضمان استقرار ليبيا، خصوصا  مع قرب موعد إجراء الانتخابات”.
وغذت الانقسامات الليبية تدخلات خارجية من دول عدة دعمت أطرافا مختلفة في النزاع.
وعقد في برلين في مطلع 2019 مؤتمر دولي حول ليبيا تعهدت خلاله الدول العمل على إخراج المرتزقة الأجانب من ليبيا والالتزام بعدم إرسال السلاح إليها وذلك للمساعدة في وقف الحرب في هذا البلد.
ويفترض أن يكون المؤتمر تطرق الى مسألة انسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية من ليبيا، وتوحيد الجيش.
وأفاد تقرير للأمم المتحدة في دجنبر عن وجود قرابة عشرين ألف من المرتزقة والمقاتلين الأجانب في ليبيا: روس من مجموعة فاغنر الخاصة، وتشاديون، وسودانيون، وسوريون… وأيضا مئات العسكريين الأتراك الموجودين بموجب اتفاق ثنائي وقعته أنقرة مع الحكومة الليبية السابقة عندما كانت في أوج صراعها مع حكومة موازية في الشرق.
وتقول طرابلس إن عددا ضئيلا من المرتزقة غادر البلاد. في بداية أكتوبر، اتفق وفدان عسكريان ليبيان، أحدهما من الشرق والآخر من الغرب على “خطة عمل شاملة” لسحب المرتزقة، لكنهما لم يحددا أي جدول زمني لذلك.
أما على صعيد القوات العسكرية، فعلى الرغم من قيام حكومة وحدة وطنية بين الشرق والغرب، لا تزال قوات المشير خليفة حفتر، القائد العسكري النافذ والمرشح إلى رئاسة الجمهورية، تسيطر على شرق ليبيا، بينما تسيطر مجموعات عسكرية موالية للحكومة على غربها.
ويتساءل البعض حول توقيت المؤتمر قبل الانتخابات. ويقول الخبير في الشأن الليبي في مركز “غلوبال إينيشياتيف” للأبحاث جلال حرشاوي “إذا افترضنا أن الانتخابات الرئاسية ستعقد فعلا في دجنبر 2021، لم تنظيم مؤتمر حول استقرار ليبيا قبل الانتخابات بتسعة أسابيع؟ إذا كانت الحكومة الحالية ستذهب في دجنبر، أي مصلحة في الاتفاق معها على خطط في أكتوبر؟”.
ويتابع حرشاوي “من المؤكد أنه سيتم التطرق الى الانتخابات، لأن هناك شكوكا تحيط بها، بموعدها وبقانونيتها”، من دون أن يستبعد إرجاء للانتخابات.

أ.ف.ب

Related posts

Top