مثال قوي من ألمانيا

اضطرت بعثة بايرن ميونيخ الألماني المكوث خمس ساعات داخل الطائرة بمطار برلين، قبل الالتحاق بالدوحة للمشاركة بكأس العالم للأندية، ومواجهة مباراته ضد الأهلي المصري، والتي جرت أول أمس الاثنين، وانتهت بفوز الألمان.
ويعود سبب رفض سلطات المطار السماح للطائرة بالإقلاع، لوجود قانون صارم، ينص على عدم السماح بإقلاع أي طائرة من مطار براندنبورغ، بعد تجاوز الساعة الثانية عشرة ليلا، أي بعد منتصف الليل ولو بثواني معدودة، وهو المنع الذي يمتد إلى السابعة صباحا، لأن حركة الطيران في هذه الفترة ممنوعة قانونا، تفاديا لإزعاج سكان العاصمة الثقافية بألمانيا.
لم يسمح بتجاوز القوانين من أجل سواد عيون بعثة البايرن التي كانت تنتظرها مشاركة دولية مهمة، وهذا النادي العريق، هو من رموز القوة بدولة ألمانيا الموحدة، وماركة مسجلة باسم الصناعة الألمانية المتفوقة، وطريقة أداء البايرن يطلق عليها بماكينات المانشافت، وناد بكل هذه الخصوصية والقيمة الوطنية والدولية، لم يتمتع بنوع الامتياز، حتى ولو تطلب الأمر ثواني معدودة.
لم يحدث هناك استثناء، والتفاصيل تقول إنه كان من الممكن السماح للطائرة بالإقلاع، لو لم يحدث هناك تأخير بثلاث ثواني، وهو الفاصل الزمني بين منتصف الليل، والوقت الذي كانت فيه طائرة البايرن جاهزة للإقلاع، أي الثانية عشرة ليلا وثواني فقط، واعتبر إقلاعها خرقا للقانون، وسلطات المطار لم تسمح نهائيا بحدوثه.
أجبر لاعبو البايرن على قضاء سبع ساعات داخل الطائرة، وهم الذين التحقوا بالمطار مباشرة بعد خوض مقابلة برسم الدوري المحلي، على الساعة الحادية عشرة إلا ربع، وموعد الإقلاع كان هو الحادية عشرة وربع، لكن بسبب إزالة الجليد من على الطائرة، حدث تأخير لم يكن لإدارة البايرن يدا فيه.
مثل هذه التدابير والإجراءات الصارمة التي لا يسمح بتجاوزها، سبق أن وقفنا عليها خلال تواجدنا كصحفيين بنفس المدينة أي برلين، وكان ذلك بمناسبة تغطية بطولة العالم لألعاب القوى سنة 2009، حيث علمنا أن هناك أماكن محددة وسط المدينة، لا تتجاوز فيها سرعة السيارات 30 كلم، ابتداء من العاشرة ليلا، إلى السادسة صباحا، ومن يتجاوز هذه السرعة يعرض نفسه للعقوبة، لا تسامح فيها.
إجراءات وتدابير تحرص على راحة المواطن واحترام آدميته، وحقه في التمتع بنوم هادئ داخل بيته، كما يعطي المثال للمواطن العادي، أن هناك قوانين لا يمكن تجاوزها، ووجود مؤسسات ساهرة على راحة المواطن، وتطبيق القانون على الجميع، وليس هناك استثناء بين هذا المواطن أو ذاك.
هل يمكن أن نقارن هذا، بما يحدث بتجمعاتنا السكنية، والتي تسمى تجاوزا بمدن، بعيدا عن المفهوم الحضاري المتعارف عليه للتسمية، بكل ما تحمله مدننا من معاناة نفسية وجسدية، وتلوث وغياب النظافة وقلة المساحات الخضراء، وضجيج ليل نهار، ومشاكل لا حصر لها…

>محمد الروحلي

Related posts

Top