في هذا الحوار الذي أجرته الزميلة الصحافية نادية برادلي مع المناضل السياسي الراحل علي يعته لفائدة المجلة المكتوبة بالفرنسية «LE LIBERAL» عدد 15 فبراير 1988 والذي نعيد نشر نصه الكامل بمناسبة الذكرى العشرين لرحيل الفقيد، يدين في ذلك الإبان ممارسات الحكومة بالبرلمان ويعلن عن إنشاء جبهة مشتركة للمعارضة لنهج سياسة أخرى تستجيب لمتطلبات الشعب ومطالبه الضرورية والشرعية.
ويتحدث في هذا الحوار كذلك عن التطرف، معتبرا أن من بين أسبابه: غياب الديمقراطية وعدم الأخذ بعين الاعتبار مصالح الكتل الشعبية وتصرف بعض الدول العربية التي انفتحت بشكل سريع ومباغت وتقريبا بشكل مطلق على العالم الغربي، مع تناسي خصوصيات بلدانهم.
هذا الحوار كذلك يتطرق إلى الجانب الإنساني لديه، بالإضافة إلى نقط أخرى هامة.
نلمس في الوقت الراهن انسجاما على مستوى المعارضة البرلمانية. هذه البداية الوحدوية، هل من شأنها أن تقود في القريب العاجل إلى تطورات سياسية هامة على الصعيد الوطني؟
< يمكن القول إن ما يحدد تطور الوضع في المغرب، على المستوى السياسي، هو تجمع قوى المعارضة التي تشتغل منذ فترة معينة. كما في علمك، التقت مجموعة من أحزاب المعارضة خلال الصيف الماضي. وفي أثناء هذه اللقاءات، استنتجنا أن معارضاتنا ومعارضات البعض الآخر كانت متقاربة جدا في ما بينها، حتى لا نقول مترادفة، في ما يخص بعض القضايا الأساسية التي تهم راهن المغرب، عربيا ودوليا. وهذا ما قادنا إلى النظر في إمكانيات العمل المشترك بين قوى المعارضة. أتيحت لنا الفرصة للقيام بذلك، خلال الدورة الخريفية للبرلمان. فتمت عدة مشاورات واتفاقيات في هذا السياق، وهكذا اتخذت أحزاب المعارضة موقفا مشتركا في ما يتعلق بالبرنامج السياسي 1988، 1992، وكذا قانون المالية لسنة 1988.
خلال الدورة الاستثنائية لشهر يناير، تم القيام من جديد بعدة اتصالات في ما بين قوى المعارضة، وبالرغم من بعض الخلافات الهامة حول نقط محددة، فإن التوافق تم بنجاح بين أحزاب المعارضة، وهكذا تم اقتراح إصلاحات بشكل مشترك من طرف المعارضة برمتها، وتم الانطلاق في أشغال عرض هذه الإصلاحات. كل هذا يؤشر على أن المعارضة تسير في اتجاه تحقيق التوافق على عمل مشترك على قاعدة برنامج في حده الأدنى.
إلى حد الآن، العمل المشترك محصور في البرلمان، لكن أعتقد أنه في الشهور القادمة، سيتوسع العمل المشترك وسيلحق العديد من الميادين، للوصول بالتالي إلى خلق جبهة مواطنة وتقدمية.
> ما الذي يقرب بين حزب التقدم والاشتراكية وحزب الاستقلال، مثلا؟
< (نتقارب) حول نقط معينة يمكن اعتبارها أساسية، لدى الحزبين مواقف مشتركة. هناك أولا: قضية الوحدة الترابية. على هذا الصعيد، كما في علمك، وجهة النظر غير محصورة لدى حزبينا فقط، إنها تطول قوى وطنية أخرى. وفي ما يخص الديمقراطية، لدينا نفس المواقف، كلنا ندافع عن حرية التعبير والتجمع، وإنشاء جمعيات. كلنا نناضل من أجل أن يكون مستوى عيش المغاربة أفضل، في جو من الديمقراطية. نسعى إلى أن تكون المؤسسات المنتخبة نابعة من الشعب وتعكس الإرادة الشعبية.
نلتقي حول نفس المواقف المتعلقة بقضايا أخرى ذات أهمية كبيرة. نحن جميعا متفقون على أن لا يتم التفريط في القطاع العام لفائدة القطاع الخاص في ما يخص أهم جوانبه. نلتقي كذلك حول نفس المواقف المرتبطة بالتعليم الذي نشهد يوما بعد يوم التراجع عن مبادئه الكبرى التي سنتها الحركة الوطنية، في ما يتعلق بالتعميم، والتعريب والمغربة، التي ما يزال تحققها بعيد المنال.
كما نلتقي في نفس الصف لمحاولة النهوض بهذا الوضع. يظهر إذن، أن لدينا وجهات نظر مشتركة حول العديد من النقط، وهو ما يسمح لنا بأن نعمل بكيفية مشتركة.
> ألا تعتقدون أنه لدى بعض أحزاب المعارضة، إرادة للبقاء في المعارضة، إذا كان هذا صحيحا، ما هو موقع الوفاق أنت الذي كنت بصدد الحديث عن الديمقراطية؟
< لا أعتقد أن ببلدنا أحزابا معارضة تتشبث بالبقاء في المعارضة. أعتقد أن كل الأحزاب الوطنية التي في المعارضة، تسعى إلى الانخراط في العمل الحكومي. لا ينبغي التغاضي عن هذا الأمر، إن هدف كل حزب سياسي هو أن يكون داخل الحكومة. فسي عبد الحق التازي عضو قيادي لحزب الاستقلال كان قد صرح في حوار لمجلة مغربية بأن الهدف الأساسي لحزب الاستقلال هو العودة في أقرب وقت إلى الحكومة. أعتقد أن باقي الأحزاب تحمل نفس التوجه.
> هل يتجه حزب التقدم والاشتراكية إذن نحو المشاركة هو كذلك في الحكومة؟
< نعم، حزبنا يريد ذلك. لا أخفي عنك.
نعم نريد أن نكون في الحكومة. نحن لم نخلق لنظل إلى الأبد في المعارضة. خصوصا وأن السياسة التي تم تطبيقها والتي ناضل حزبنا طويلا ضدها كان مآلها الإفلاس. إننا نرى من الطبيعي جدا أن الأحزاب التي قاومت السياسة الممارسة إلى يومنا هذا، تحاول أن تتجه بالبلد نحو اتجاه آخر، وسياسة أخرى، وتحقيق ما لم يستطع الآخرون القيام به منذ بداية الاستقلال. لكن بالنسبة لنا، لا يتعلق الأمر بالتواجد في الحكومة لأجل شغل مناصب وزارية. إننا لا نخفي كوننا نريد أن نكون داخل الحكومة لأجل ممارسة وتطبيق سياسة محددة ونحن نملك البديل. إننا ننتقد بصفة كلية السياسة التي نهجتها الحكومات المتعاقبة، لنقل منذ بداية سنة 1960. هذه الحكومات وبسياستها الليبرالية، لم تتمكن من تحقيق الأهداف الكبرى للاستقلال، لا على الصعيد الاقتصادي ولا على الصعيد الاجتماعي ولا على الصعيد الثقافي.
نحن نفكر بمعية قوى أخرى من المعارضة في نهج سياسة أخرى تستجيب لمتطلبات الشعب ومطالبه الضرورية والشرعية.
> لم يحدث لحزب التقدم والاشتراكية أن شارك في حكومة ما. لا يمكن إذن تحميله أي مسؤولية. لكن في كل الأحوال، فإن من بين القوى المرشحة لإنشاء جبهة مشتركة للمعارضة، هناك من سبق لهم المشاركة في عدة حكومات والذين يعدون بالتالي مسؤولين سواء عن نجاح أو فشل بلدنا. لا يمكن إعفاؤهم من المسؤولية.
< بالفعل، هناك بعض الأحزاب التي توجد حاليا في المعارضة والتي سبق لها أن كانت طرفا في تدبير شؤون البلاد، على الصعيد الحكومي بصفة خاصة. هاته الأحزاب تعترف اليوم بأنها لم تتمكن وهي داخل الحكومة، من ممارسة السياسة التي التزمت بتحقيقها. ولهذا السبب، حسب قولهم، قرروا مغادرة الحكومة والالتحاق بصفوف المعارضة. نحن بطبيعة الحال لن نؤاخذهم إلى الأبد على قيامهم بحسابات خاطئة وعلى قبولهم المشاركة في حكومة بدون ضمانات. ما حصل قد حصل. المهم هو أنهم عادوا إلى المعارضة وهم يحاولون القيام بعمل مشترك بمعية القوى الأخرى للمعارضة. فضلا عن ذلك، فهي بمفردها لا يمكن لها فعل أي شيء كما هو حال كل القوى الأخرى.
> ما هي المحاور السياسية التي يمكن أن تجمع حزب التقدم والاشتراكية مع أحزاب المعارضة الأخرى؟
< إننا لدينا خياراتنا، نملك برنامجا سياسيا يمكن أن يكون بديلا عن البرنامج السياسي للحكومة الحالية. لكنننا واقعيون ونعلم أنه في الظروف الحالية، لا نمارس التأثير الكافي في البلد لفرض خيارنا، أو برنامجنا السياسي. إذن، من الضروري تماما أن نزاوج مجهوداتنا مع مجهودات قوى أخرى. هذا يعني أنه من المفروض علينا أن نتفاوض مع هذه القوى للوصول إلى برنامج سياسي مشترك، برنامج في حده الأدنى. نؤكد على أن هناك إمكانية الوصول إلى برنامج سياسي موحد، وأعتقد أن هذا سيتم في الشهور القليلة القادمة.
> إذا لم يكن الأمر يتعلق بسر، هل يمكن لكم أن تقولوا لنا ما إذا كان البرنامج السياسي المشترك سيجمع كل قوى المعارضة بدون استثناء؟
– بصفة أساسية، حزب التقدم والاشتراكية وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوى الشعبية وحزب الاستقلال. لكن المعارضة منفتحة على قوى وطنية أخرى.
< خلال انتخاب رئيس مجلس النواب، امتدحت أحمد عصمان. في هذا السياق، أخذا بعين الاعتبار تجربتك الطويلة والعلاقات التي تربطك بالقادة السياسيين الآخرين، هل يمكن لك أن تقول لنا رأيك في شخصيات مثل عبد الرحيم بوعبيد، محمد بوستة، عبد الله إبراهيم، محمد بنسعيد، المحجوب بن الصديق؟
– فعلا، خلال انتخاب رئيس مجلس النواب في أكتوبر الماضي، صوت حزب التقدم والاشتراكية لصالح أحمد عصمان. عموما، كان هناك مرشحان: مرشح عن حزب الاستقلال وأحمد عصمان.
مرشح الاستقلال رجل نعرفه، إنه مواطن، مقاوم قديم، رجل لصيق بالطبقات الشعبية، نائب حاليا عن مدينة المحمدية. إنه شخص مناسب بلا منازع، لكن لم يكن له أي حظ للمرور. لن يكون بإمكانه أن يحصل سوى على أصوات حزبه. إذن، التصويت لفائدته لن يكون له أي جدوى.
في حين أن أحمد عصمان، كان رئيسا لمجلس النواب خلال الثلاث سنوات الأولى لهذه الولاية التشريعية، لقد تصرف بشكل عادل ومنصف، تصرف كرئيس حقيقي للبرلمان ولم يتصرف كزعيم حزب سياسي. إنه رجل مستقيم، لطيف، حكيم، يتوفر على العديد من المؤهلات. كل القوى الوطنية الأخرى، لديها في اعتقادي الانطباع نفسه حول أحمد عصمان. لهذه الاعتبارات قمنا بالتصويت لفائدته، وقد اعتبرنا أن هذه الالتفاتة من شأنها أن تخلق شروطا جديدة لأجل القيام بعمل أكثر نجاعة على الصعيد البرلماني، عمل يقوم على أساس المواطنة والديمقراطية.
هذه هي أسباب تصويتنا لفائدة السي أحمد عصمان. لم نقم بالتصويت لفائدة رئيس حزب من الأغلبية. صوتنا لفائدة رجل رأيناه مهيئا لرئاسة البرلمان المغربي.
بالنسبة للأشخاص الآخرين الذين أتيت على ذكرهم، هم جميعا أصدقاء، كما في علمك، نعرف بعضنا منذ عشرات السنين. ناضلنا معا، التقينا ببعضنا وعايشنا المر والحلو. من الصعب علي أن أنقل لك ما أفكر فيه حول هؤلاء الرجال. أعزهم كلهم، باعتبارهم قادة وطنيين ومواطنين ومناضلين، كلهم بدون استثناء.
على سبيل المثال، في ما يخص السي عبد الرحيم بوعبيد الذي هو صديق حميم، إنه ديمقراطي يجعلك تقتنع بأفكاره ورجل سياسي ذو تجربة كبيرة، إنه من المؤسف جدا، حتى لا أقول قاس، أن رجلا من هذه الطينة لم يتم الاستفادة منه أكثر، لم تمنح له إمكانية إعطاء كل ما يمكن له أن يعطيه لبلده. في ما يخص السي محمد بوستة، إنه مواطن عظيم، على المحك منذ عشرات السنين، لعب دورا مهما على مستوى تدبير شؤون البلاد ويمكن له أن يعطي الكثير لبلده. عبد الله إبراهيم، رجل يحترمه الجميع، رجل سياسة نزيه، قدم خدمات عظيمة لوطنه، سواء في فترة الاستعمار أو بعد الحصول على الاستقلال. للأسف أخونا عبد الله إبراهيم اختار أن يعيش على الهامش. إنه يفضل عدم “ممارسة اللعبة” على حد قوله. إنها وجهة نظره، ونحن لنا وجهة نظرنا الخاصة. كل الاحترام نكنه لعبد الله إبراهيم.
السي محمد بنسعيد مقاوم يعرفه الجميع، أجبر على أن يعيش في المنفى لعدة سنوات، هو حاليا في البلد. وهذا أمر جيد جدا. هو كذلك نحترمه ونحترم وجهات نظره الخاصة.
المحجوب بن الصديق أعتبره صديقا كبيرا. نعرف بعضنا منذ فترة الحماية، باعتباره قائدا نقابيا، لعب ويلعب دورا كبيرا، إنه رجل ذو ذكاء حاد وهو ما يسمح لنا بأن نقول له بكل أخوة إنه يتوفر على الكثير من الوسائل على الصعيدين الوطني والدولي. لكن مع الأسف لم يتم استغلال هذه الوسائل بالكامل. نحب أن نرى أخانا المحجوب بن الصديق يباشر المزيد من النضال لأجل التقدم والديمقراطية، خصوصا جنبا إلى جنب مع كافة قوى المعارضة بالخصوص. إنه لا يربح شيئا من بقائه معزولا عن بقية القوى السياسية المغربية. في حزب التقدم والاشتراكية، نقيم معه علاقات جد طيبة، لكننا نحب أن نراه يقيم نفس العلاقات مع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ومع حزب الاستقلال ومع قوى أخرى من أجل تكوين الجبهة الوطنية الديمقراطية لتحقيق النهوض والتقدم.
> في مجلس النواب، عارض حزب التقدم والاشتراكية البرنامج السياسي 88 – 92 وقانون مالية 88 في حين أن الأغلبية صوتت لفائدة هذا وذاك. ألم يكن بالإمكان القيام بتفعيل برنامج سياسي للتوافق في الحدود الدنيا؟
ـ صحيح أننا صوتنا ضد البرنامج السياسي وضد قانون المالية لسنة 1988 لكن مع القوى الأخرى للمعارضة حاولنا تعديل البرنامج السياسي. لكن مجهوداتنا كانت بدون جدوى، الشيء نفسه بالنسبة لقانون مالية سنة 1988 اقترحنا عدة تعديلات لكن تم إلغاؤها.
إذن، إذا لم يتم تحقيق حد أدنى من البرنامج السياسي، فإن المسؤولية تتحملها القوى الأخرى وليس قوى المعارضة. بمعنى آخر أن الحكومة الحالية لديها توجهها وسياستها وتتشبث بهذا التوجه وهذه السياسة ولا تريد أن تعرف أي شيء عن اقتراحات المعارضة. وهذا يتعارض بالكامل مع تصريحات المسؤولين الحكوميين. يعطون الانطباع بأنهم يرغبون في الحوار لكنهم لا يتحاورون، إنهم لا يفعلون إلا ما يريدونه وما يقررونه دون الأخذ بعين الاعتبار انطباعات ووجهات نظر واقتراحات قوى المعارضة. وهذا لاحظناه بشكل ملموس بمناسبة الدورة الاستثنائية. عز الدين العراقي الوزير الأول كان قد أتى ليقول لنا إنهم على استعداد للتحاور، لمعالجة كل الاقتراحات كيفما كان مصدرها. في النهاية، فإن الاقتراحات التي تقدمت بها أحزاب المعارضة تم رفضها بكاملها، وقد سمح أحد الوزراء لنفسه حتى بأن يصرح بأن الأمر يتعلق بـ “رفض من حيث المبدأ” بمعنى آخر أنه منذ الانطلاقة لم تكن لديهم الإرادة للحوار. إذا لم يتم التمكن من تغيير أي شيء، فهذا راجع إلى كون الحكومة لم ترغب في ذلك وهذا من بين الأسباب التي دفعتنا للقول إن الحكومة الحالية هي حكومة جد ضعيفة، عاجزة عن الدفع بديمقراطية بلادنا نحو الأمام.
> حسب الملاحظين، هناك أطروحتان توجدان في المواجهة حاليا، الأولى تتوقع أن مسلسل التقارب المغاربي تطبعه مناورات الجزائر التي تميل إلى التريث، والأطروحة الثانية تتصور أن التقارب المغربي الجزائري يتواصل بشكل إيجابي، حسب تصوركم، ما الذي يجب انتظاره من سنة 1988 على هذا المستوى؟
– في ما يخص هذه النقطة، يجب القول إننا لا نتوفر سوى على معلومات قليلة جدا، على سبيل المثال، نجهل ما حصل خلال اللقاء الذي تم بين الوفدين مؤخرا في الرباط. لهذا من الصعب القول بشكل مضبوط كيف ستتطور الأمور. لكن أخذا بعين الاعتبار الاتفاقيات التي تمت بين قائدي البلدين بحضور جلالة ملك العربية السعودية، أخذا كذلك بعين الاعتبار الالتزامات التي حملها على عاتقه كلا الطرفين خلال اللقاءات التي تمت بين وزيري الشؤون الخارجية، لهذه الاعتبارات كلها، يمكن القول إن الاتصالات ستتقوى وأن المفاوضات ستتواصل. البلدان معا محكوم عليهما بالتعايش المشترك. الجزائر والمغرب بحاجة إلى بعضهما البعض، لأجل مواجهة المشاكل الكبرى الراهنة، الجزائر لا يمكنها أن تستغني عن المغرب ولا المغرب يمكن له أن يستغني عن الجزائر.
عاجلا، علينا أن نصل إلى توافقات محددة على عدة أصعدة: التمثيلية الدبلوماسية، التبادل التجاري والثقافي والإنساني وفتح الحدود وعدة مجالات أخرى. شخصيا أنا مطمئن ومتفائل وأعتقد أن السنة الحالية لن تنتهي بدون القيام باتفاقيات ذات أهمية كبرى بين البلدين.
> العالم العربي عرف عدة مراحل: التحرير، بناء الوطن الذي انخرطت فيه بصفة عامة كل القوى السياسية. ما رأيكم في بروز ما يسمى بالتطرف السياسي؟ أليس ذلك نتيجة لضعف القوى السياسية العربية؟
< في ما يخص التطرف، يجب القول إنه ليس ظاهرة حديثة العهد. التطرف في العالم العربي قائم منذ مدة طويلة، في مصر، حسب اعتقادي، ظهر منذ سنوات الثلاثين. صحيح أنه خلال المدة الأخيرة، عمت هذه الظاهرة العالم العربي برمته وكل البلدان العربية تشهد تناميا للتطرف، لماذا؟ هناك عدة أسباب، في رأيي، هناك على الأقل ثلاثة أسباب أساسية:
أولا، غياب الديمقراطية، إذا كانت بعض البلدان العربية تشتكي من تنامي التطرف، ليس عليها سوى أن تتحمل مسؤوليتها بنفسها، القادة العرب الذين ما فتئوا يعبرون عن انزعاجهم من ذلك، هم مسؤولون عن هذا الوضع القائم، لو كانوا يراعون الديمقراطية، لو كانوا يمنحون الإمكانية لكل القوى السياسية للتعبير وللتنظيم وللعمل في إطار الحرية والشرعية، لن ينزعجوا من التطرف، وهذا الأخير لن يتنامى بهذا الشكل الصارخ في بعض الدول العربية.
السبب الثاني الذي ينضاف لغياب الديمقراطية، هناك عدم الأخذ بعين الاعتبار مصالح الكتل الشعبية، المطالب المشروعة للكتل الشعبية لم يتم تحقيقها على أرض الواقع. هذه الكتل الشعبية بحد ذاتها، كانت عرضة للإهمال ، وللفقر، لا ينبغي الاستغراب أنه في وضعية البؤس والحرمان يجد البعض في التطرف الوسيلة والسبيل للخروج من وضعية الفقر. مرة أخرى، المسؤولية يتحملها القادة العرب الذين يهتمون بخدمة مصالح الانتهازيين الوطنيين والأجانب الذين يطمحون للحصول على الامتيازات عوض خدمة مصالح شعوبهم.
لو تم توفير أدنى شروط العيش لدى شعوبهم، أعتقد أنه لن يزعجهم تنامي وتطور مظاهر التطرف.
السبب الثالث، أجده في تصرف بعض الدول العربية التي انفتحت بشكل سريع ومباغت وتقريبا بشكل مطلق على العالم الغربي، مع تناسي خصوصيات بلدانهم وإهمال التقاليد التي تتوافق مع بلدانهم، من خلال اتباع توجه يتنافى مع عاداتهم ومع أسلوب عيشهم وتفكير شعوبهم.
بالتأكيد، لا يعني ذلك أنه ينبغي الانعزال واتخاذ موقف معارض للحضارة الغربية. هناك فائدة لا ينبغي إنكارها يجدر أن نأخذ منهم ما يصلح، لكن هناك كذلك مصلحة لا يجب إغفالها وهو ما يميزنا وما يعطي خصوصية لكل بلد عربي، لكل شعب عربي.
أرى في هذا الانفتاح المباغت على العالم الغربي، أحد الأسباب التي قادت بعض العرب إلى محاولة الدفاع عن خصوصيات أوطانهم. عن طريق الرجوع إلى إسلام في أزمنته الأولى. “رجوع” لا يمكن أن يكون ناجعا إلا إذا تم الأخذ بعين الاعتبار تطور الحضارة البشرية، وشروط جديدة لعالم معاصر.
تلك هي الأسباب الأساسية. بالتأكيد في كل بلد، هناك أسباب خاصة به. بالنسبة إلينا، يجب القول إن الظاهرة موجودة، إنها تتطور لكن بحدة أقل بكثير مما يجري في البلدان الأخرى، كما هو الحال بالنسبة لتونس أو مصر. بلدنا كان مراعيا جدا للجانب المتعلق باحترام التقاليد، المشاعر الدينية للشعب.
ظاهرة التطرف لا تقلقني تماما، فيما يتعلق بالمغرب، خصوصا إذا لم يتم شل المسلسل الديمقراطي الذي لا يزال في بدايته، وتم الدفع به إلى حده. أعتقد أنه لن يكون هناك ما يدعو إلى الخوف.
ظاهرة التطرف تتنامى داخل صفوف الطلبة، لأنه تم تخريب التنظيمات الطلابية وتم نهج سياسة القمع تجاه المطالب العادية والمشروعة للطلبة، لأنه قد تم إقامة حراسة تستخدم لغة العصا بدل لغة الحوار مع الطلبة.
إذا تمت العودة إلى منظور آخر للحياة الجامعية، إذا تم على مستوى الكليات والمؤسسات، احترام الديمقراطية، إذا تمت مراعاة مشاعر ومطالب الطلبة، إذا تم فتح حوار معهم، أعتقد أنه لن يكون هناك ما يدعو للخوف على الإطلاق، إنها الحركة المواطنة والتقدمية هي التي تتطور.
> كيف يحدث على مستوى النقابة الوطنية للصحافة التي أنت أحد مؤسسيها، أن يتم تهميش الصحافة المستقلة عن الأحزاب السياسية؟
< ليس صحيحا القول إن الصحافة المستقلة عن الأحزاب مهمشة. نقابة الصحافة التي احتفلت مؤخرا بذكرى تأسيسها الخامسة والعشرين، منفتحة على كل الصحف الوطنية. هناك شرطان يجب الاستجابة لهما: بالنسبة للصحف اليومية، يجب أن تكون متواجدة لمدة ثلاثة أشهر، وبالنسبة للأسبوعيات والمجلات فيجب أن يكون قد مر على وجودها ستة أشهر.. كما يجب دفع واجبات الانخراط.
> هذا أمر مقبول..
< أطمئنك أنه لو لم يتم تطبيق القانون، لن يكون لي ما أفعله في هذه النقابة. وليس هناك ما يدعو لرفض طلب الانخراط إذا كان هذا الطلب مستوفيا للشروط.
> إذن، تعتقدون أن الصحافة المستقلة غير مهمشة؟
ـ إنها غير مهمشة على الإطلاق، للأسف هي التي لم تبادر. النقابة ساعدت الجميع، بمعنى أنه في الظروف الصعبة، تتدخل النقابة دائما لفائدة الصحيفة التي تكون ضحية ظلم.
النقابة دافعت عن كل القضايا العادلة للصحافة، بالخصوص حرية التعبير، ناضلت ضد الرقابة – إذن الجميع استفاد من ذلك- ثم هناك حالات خاصة.
النقابة عازمة باستمرار على التحرك في نفس الاتجاه. حقا، يمكن لي القول إنها لا تهمش أحدا، وليس في نيتها القيام بذلك، على العكس، إنها تأمل أن تتقوى صفوفها وتتطور.
> نعم، لكن على مستوى مكتب النقابة، ليس هناك سوى ممثلي الجرائد الحزبية؟
< هذا أمر واقع، القليل من الصحف المستقلة هي التي قدمت نفسها للنقابة. لكن، على هذه الجرائد أن تأتي إلى النقابة، وسيتم بدون جدال انتخابها وسيكون بإمكانها المشاركة في إدارة النقابة. من جهة أخرى، الانتخابات ستتم قريبا وكل أعضاء النقابة سيكون من حقهم التقدم للمؤتمر من أجل وضع ترشيحاتهم لتولي الإدارة الجديدة للنقابة.
> باعتبارك صحافيا وليس عضوا في الحزب، كيف هو رد فعلك كون بعض العناوين الوطنية تستفيد من الدعم بينما عناوين وطنية أخرى محرومة منه؟ في رأينا، الجرائد الحزبية تستأثر بهذا الدعم. ما هو رأيكم؟
< شخصيا، أعتقد أنه من غير العدل أن بعض الجرائد تحصل على الدعم وأخرى لا تحصل عليه. حقيقة أنه لأول مرة تقوم السلطة بدعم الصحافة الوطنية، هذا أمر جيد جدا، المبدأ في حد ذاته ممتاز. هذا مكتسب ديمقراطي ذو قيمة كبرى، ينبغي الحفاظ عليه وتمتينه. هناك أمران غير عادلين ينبغي وضع حد لهما: أولا، من الواجب أن يتم اقتسام الدعم بشكل متساو بين الصحف، وهو ما لم يتم، خلال التوزيع الأخير. ومن الواجب كذلك أن تحصل كل الصحف على نصيبها. وفي رأيي فإن الجرائد الأضعف هي التي تحتاج إلى الدعم بقدر الإمكان.
لماذا يعد دعم الصحافة هاما؟ إنه هام في رأيي لإتاحة الفرصة للتعبير عن كل الآراء. ينبغي إتاحة الفرصة لكل التوجهات السياسية لكي تكون لها صحافتها وإعطاء وجهات نظرها، إذا كانت هناك صحيفة ضعيفة، فإنها ستختفي، وبالتالي فإنه سيكون هناك عدد محدود من الصحف التي تفرض رأيها وتوجهها وهذا سيشكل خطورة على الديمقراطية. الديمقراطية التي نتوق إليها، عليها أن تتيح المجال للتعبير عن كل الآراء ووجهات النظر.
كما يقول المثل العربي: “يوجد في النهر ما لا يوجد في البحر”. أحيانا صحيفة صغيرة، بواسطة معلومة صغيرة يمكن لها أن تولد منها أفكارا أكثر أهمية مما قد تقوم به صحيفة لحزب كبير. إذن، لأجل حماية حرية الصحافة، وحرية الرأي وتجنب احتكار البعض، ينبغي أن يمنح الدعم للجميع، بما فيهم الصغار.
> ما الجديد الذي تقترحونه على ناخبيكم بالنسبة للانتخابات القادمة؟
< الاقتراح؟ اللحظة، ليس لدي جديد لأقترحه، أرى أنه بدأ يتم الاهتمام بالانتخابات التشريعية والمحلية، هناك اهتمام باستخلاص المعلومات من التجارب الحالية والسالفة.
في رأيي، يجب أن تكون الغرفة التي سيتم انتخابها في سنة 1990 أكثر تمثيلية، وأن يكون بها أعضاء شباب وتقدميون، أن يكون بها ديمقراطيون ملتحمون بالشعب، يدافعون عن إرادة الشعب.
في ما يخص حزبي، لا أخفيك أننا لم نفكر بعد في هذه القضية التي ليست في جدول أعمالنا في الوقت الحالي. بالتأكيد، ينبغي لنا أن نولي هذه القضية ما يلزم من الجدية في أقرب وقت. ما الجديد الذي سنقترحه؟ من الصعب علي أن أخبرك بذلك، سياستنا حاضرة تتطور مع تطور البلد، لكن أساسا لن يكون هناك جديد.
> لكن السي علي، حينما تتحدثون عن إنشاء جبهة مشتركة، هذا سيكون له تأثير على مستوى استعدادكم للانتخابات وعلى برنامجكم؟
< قبلا، خلال الانتخابات الأخيرة ضاعفنا الجهود لخوض المعركة مع القوى الأخرى. لم ننجح في مهمتنا. صحيح أن الأمور لم تكن ناضجة لدى الجميع في ذلك الحين. لكن هذه المرة، الأمور يمكن أن تتم كما رأينا منذ حين. هناك حظوظ كي نخوض هذه المعركة في صفوف موحدة، صفوف المعارضة الموحدة.
> كيف يمكن لحزب التقدم والاشتراكية أن يفيد المغرب بخصوص علاقاته الممتازة مع المعسكر الشرقي؟ ماذا يمكنه فعله بهذا الخصوص؟
< نعم، حزب التقدم والاشتراكية، باعتبار إيديولوجيته ودفاعه الدائم عن القضايا الكبرى للحرية، والديمقراطية والسلم الذي ينشره على الصعيد الكوني، استطاع أن يقيم علاقات مع العديد من القوى السياسة التي توجد في الصفوف الأمامية، القوى الثورية والديمقراطية عبر ربوع العالم. لدينا علاقات مع كل الحركات العمالية العالمية ومع العديد من القوى الديمقراطية، لدينا علاقات حسب تعبيرك ممتازة مع البلدان الاشتراكية. سعينا دائما لتوظيف هذه العلاقات لفائدة بلادنا، لفائدة قضية الاستقلال والوحدة الترابية لبلادنا. أعتقد أنه هذا أعطى ثمارا لا يستهان بها. يمكن لنا القيام بالكثير في هذا المجال، نحاول القيام بأقصى ما في جهدنا، لكننا لا نستطيع الذهاب بعيدا، أخذا بعين الاعتبار إمكانياتنا الضعيفة، خصوصا وأننا حزب متشبث باستقلاليته. من جهة أخرى فإن الأمور ليست رهينة بنا دائما، هناك الدولة، هناك السياسة الممارسة من طرف الدولة. ويحدث في بعض المرات أننا لا نستطيع العمل في اتجاه يخدم مصلحة بلدنا، لكن الأطراف الرسمية تعوق كل المردودية التي يمكن أن نحصل عليها. لهذا السبب، من المهم أن تفكر الحكومة بحد ذاتها في العلاقات مع الدول الاشتراكية بشكل جدي. يجب أن تمارس سياسة الصداقة والتعاون في احترام متبادل لسيادة بلداننا.
ليست الحالة هكذا دائما، تصوري أن المغرب لا يزال يجهل بعض الدول الاشتراكية: ليست لدينا علاقات مع الفيتنام، بلد من خمسين مليون نسمة، بلد ما فتئ يلعب دوار هاما في آسيا، والذي سبق له أن لعب دورا على الصعيد العالمي، قاوم بنجاح الاستعمار الفرنسي والامبريالية الأمريكية.
ليست لدينا علاقات مع الكومبودج، لاووس، كوريا الديمقراطية.
لهذا نقول من جانبنا، إننا نستطيع القيام بالشيء الكثير، لكن ما نستطيع القيام به لن يكون كافيا، ما دام أن المغرب لا يمارس سياسة توازنية. ونحن نعمل لكي يتبنى بلدنا سياسة استقلالية حقيقية، ذات حياد إيجابي، سياسة صداقة مع الجميع، مع الولايات المتحدة الأمريكية بالقدر نفسه مع السوفيات، الصين الشعبية.. إلى آخره.
> على صعيد العلاقات التجارية، يحتل المغرب موقعا جيدا في الاتحاد السوفياتي؟
– حجم هذه العلاقات مهم بلا جدال، رغم ذلك هناك مصاعب. لأنني أعتقد أننا لا نريد تقوية هذا التعاون إلى أبعد مدى، على سبيل المثال في مجال الفوسفاط، جلالة الملك كان محقا حين تحدث عن اتفاقية القرن التي تمت منذ عشرة أعوام. اكتشفنا الفوسفاط، قمنا بوضع خطة عمل. لا شيء، ثم حتى بالنسبة لحجم المبادلات، فهي هامة جدا، لكنها تبقى محدودة مع ذلك. الاتحاد السوفياتي يمكن أن يشتري منا حتى 500.000 طن من الأسمدة، علينا أن نشتري منه بعض الأشياء لكي يبيع لنا الأشياء التي نحن بحاجة إليها: مواد تجهيزات، جرارات، آلات فلاحية، وهي ذات جودة عالية لديهم.
> كيف يمكن لك أن تفسر تقارب بعض بلدان مجلس التعاون الخليجي مع الاتحاد السوفياتي؟
< أعتقد أن بلدان الخليج بحاجة إلى المساعدة والمساندة من طرف بلدان الغرب بالقدر نفسه مع الشرق للحفاظ على استقلاليتها.
وفي مواجهة الخطورة التي تشكلها الخمينية، تسعى إلى توسيع تحالفاتها. من جهة أخرى، هم بحاجة إلى بيع منتوجاتهم البترولية، وهو سوق لم يعد كما كان، ولهذا التفتوا نحو البلدان الاشتراكية. من الصعب تجاهل البلدان الاشتراكية، حتى لو كانت الإيديولوجية غير متلائمة.
> إذن من هنا نتطرق إلى السؤالين الأخيرين، إذا سمحتم، فهما شخصيان. أعتقد أننا بحاجة إلى معرفة الجانب الإنساني للسي علي.
< كما في علمكم، أمتعض من الحديث عن نفسي.
> قائد للحركة التقدمية يحمل مبدأ الذوبان خلف حزبه. نحب معرفة ما وراء الرجل السياسي لكل يوم. ماذا يقرأ علي يعتة؟ ما هي هواياته؟ ما هي إخفاقاته؟ موسيقاه؟ رياضته المفضلة؟ عشقه، نقط قوته وضعفه؟
< المنفى هي الفترة الأكثر قسوة بالنسبة إلي. الفترة التي لم يكن لي فيها اتصال مباشر مع شعبي. لم أكن أستطيع العمل بشكل مباشر في الميدان الوطني.
خارج ذلك، لم أعش فترات سوداء. فترة النشاط التي كانت بالنسبة إلي فترة غنية. في ما يخص النقط الأخرى، الموسيقى، أحب الموسيقى الجيدة، أحب بالتأكيد، الموسيقى الشعبية المغربية: الملحون، تماما، أعشق فن العيطة، الموسيقى الأندلسية، أعشق كذلك الموسيقى الكلاسيكية. على هذا المستوى، أنا لست شوفينيا، كل الألوان الموسيقية الجيدة أحبها. رياضتي المفضلة كانت وستظل هي المشي، لا أفعل شيئا آخر غير المشي.
قراءاتي، أحب القراءة كثيرا. بعيدا عن القراءة السياسية، أقرأ في الحدود التي تسمح لي بها مهامي اليومية المتعبة في الإدارة، إدارة الحزب، والمهمة البرلمانية، في الحدود التي تسمح لي بها هذه المهام، أقرأ. أقرأ بالعربية وبالفرنسية، الواقع أقرأ بالفرنسية أكثر من العربية.
> لديك أفضليات للغة على أخرى مع ذلك؟
< لدي أفضليات في ما يخص قيمة ما هو مكتوب، ولكن ليس بالنسبة للغات. هذا راجع إلى كوني لا أجد باللغة العربية ما أريده. ليس لدي الوقت لكي أفتش في المكتبات. أما بالنسبة للفرنسية، فهي في المتناول. أعرف مكتبتين أو ثلاث. أقدم طلباتي، وبعد ثلاثة أسابيع أحصل على كتابي.
> ماذا تفضل؟
< في قراءاتي: أفضل الكتب التاريخية، قرأت مؤخرا المؤلفات الثلاثة لهنري طرويات، أقرأ لتورغنيف، تشيخوف، ليون تولستوي. قرأت حديثا كتاب فاطمة المرنيسي: “الحريم السياسي”، أعجبت به كثيرا حتى لو كنت قد وجدت بعض الضعف في ما يخص أن مجتمعنا لا يمكن أن يسمح بالتعبير عن بعض الأشياء. لدي إذن ميول للقراءة ذات الارتباط بالتاريخ، قرأت خلال هذا الصيف كتابا للإيطالي أمبرطو إيكو، يتعلق الأمر بحياة راهب في العصر الوسيط بإيطاليا. أقرأ الكثير من الكتب السياسية، أحب قراءة الكتابات التي تتعارض مع الخط السياسي للحزب. تحليلات سياسية تتعلق بالأحزاب الشيوعية والإيديولوجيات الشيوعية، أقرأ الكثير من الصحف، الكتب بدرجة أقل.
> ما هو حبك؟
< من الصعب الحديث عن ذلك. الحب. أحب أسرتي، أحب زوجتي، أبنائي الأربعة، أحفادي الخمسة. أحد أحفادي يعيش معي، إنه بجاني دائما. أحمل لهم كل حبي. أحب كذلك كل ما هو جميل، بكل تأكيد.
حاورته: نادية برادلي
ترجمة: عبد العالي بركات