من مسار نوال المتوكل

الحلقة الثانية

تجربة قصيرة كمدربة ساهمت في تعبيد الطريق أمام بطلات المستقبل

 تعد نوال المتوكل واحدة من النماذج الناجحة للرياضيات اللواتي تمكن من المحافظة على مسار ناجح بعد نهاية المشوار الرياضي، مقدمة نموذجا للتحول الإيجابي للإنسان الرياضي.
   فقد جعلت نوال من الاعتزال بداية لا نهاية، ومرحلة لإعادة بناء شخصية الرياضي، من ممارسة لا تعرف إلا المضمار أو القاعة والملعب، إلى إطار من مستوى عال تساهم في التدبير والتسيير على أعلى مستوى.
  نموذج فريد وغير قابل للتكرار في سماء البطلات المغربيات، فهي بطلة أولمبية في ألعاب القوى، تجاوزت كل الحواجز، لتبرز كرياضية قادمة من عالم محكوم بكثير من التقاليد والأحكام المسبقة، وهي الآن تتقلد مناصب عليا داخل دواليب التسيير بالمؤسسات الرياضية على الصعيد الدولي، بفضل الكاريزما التي جعلتها رافضة للاستسلام والخضوع والتخلي والتراجع والقبول بالأمر الواقع.
  خلال فضاء رمضان السنة الماضية، قدمنا حلقات الجزء الأول من مسار نوال المتوكل، والتي خصصت للوقوف على تفاصيل مرحلة الممارسة كعداءة، انطلاقا من ملعب لاكازابلانكيز، مرورا بانتمائها للمنتخب الوطني، وصولا إلى انتقالها للولايات المتحدة الأمريكية للدراسة والتدريب، وفق أساليب وطرق متطورة تختلف كليا عما سبق، لتتوج ذلك بميدالية ذهبية في سباق 400م حواجز بأولمبياد لوس أنجلوس.
   خلال رمضان هذه السنة نعود لتقديم تفاصيل مرحلة ما بعد الاعتزال، والتي شهدت الانتقال من مرحلة الممارسة إلى التحول لكسب مكان داخل الأجهزة المشرفة على الرياضة الدولية، وبصفة خاصة الاتحاد الدولي لألعاب القوى واللجنة الأولمبية الدولية، وهذه المرحلة تحفل بالكثير من التفاصيل والمعطيات المثيرة، وهو ما نعمل على تقديمه تباعا عبر حلقات طيلة هذا الشهر الفضيل…       

بعد مدة اشتغلت خلالها بعالم التدريب، نجحت خلالها في تكوين عدد من الأبطال والبطلات. منهم من لازال في اتصال معي حتى الآن ينتمون لمدن جدة، بركان، الدار البيضاء والرباط وغيرها. وحاليا أتذكر أسماء وآخرون لم أتذكر حاليا أسماؤهم. كتهامة ودافيد ونزهة بيدوان وأسماء أخرى، إذ أشرفت على فريق جيد ذكورا وإناثا لـ 400م حواجز و400م مستوية.
  في هذه المرحلة بدأت أكون تصورات وطموحات أخرى حتى لا أظل منحصرة في عالم التدريب، فهناك من ظل تحت إشرافي وآخرون غادروا وأسماء تعرضت لإصابات وأنهوا مسارهم الرياضي. تقلص عدد أفراد الفريق، وفي بعض الأحيان كان عناك ارتفاع في العدد. وكان يتعذر على السفر باستمرار إلى الرباط، وفي هذه الحالة أجبر على فريق الرباط القدوم للدار البيضاء، وعلمنا على فتح فرع للمدرسة الجهوية بالدار البيضاء، وكانت التداريب تجرى بمركز بوركون بالدارالبيضاء، هنا  كانوا يقيمون ويأكلون ويشربون ويخوضون الحصص التدريبية. بعد حدوث سوء تفاهم مع الجامعة التي كان يترأسها آنذاك محمد المديوري، هذا الأخير الذي أثار انتباهه إلحاحي على دخول عالم التدريب، سعى إلى اطلاعي على بعض الخصوصيات التي تهم عالم ألعاب القوى خاصة من حيث التأطير، خاصة وأن اختلاف كبير بين الممارسة والتدريب. وأتذكر أنه قال لي بالحرف : ” أعرف أنك ترغبين في ولوج عالم التدريب، وأنصحك بأن يكون ذلك بطريقة  تدريجية و(بشوية بشوية كيحمل الواد)”.
   قبل فترة المديوري، كان يرأس الجامعة السيد مومن، وقد كلفني بمسؤولية لجنة المرأة داخل الجهاز الجامعي، وبالفعل سهرت على نشاط هذه اللجنة النسوية. ومن هنا جاءتني فكرة تنظيم سباق نسوي على الطريق. وهنا لابد من الاعتراف بكون هذا الرئيس وضع وثقتي في وشجعني على دخول هذا الميدان وبناء مسار جديد.
  بعد رحيل مومن وترأس الديوري الجامعة، تحملت أنا  وعويطة مسؤولية الإدارة التقنية. فقد عوين هو كمدير وأنا كمساعدة له. لكني أحسست أن المسؤولية التي أنيطت بي سطحية وشرفية فقط. ورغم ذلك بذلت مجهودا كبيرا، إلا أن العطاء لم يكن بالحجم التي كنت أتمناه.
   بالموازاة مع ذلك، كنت أحافظ على مطالعة كل ما يتعلق بألعاب القوى، التقيت بكثير من الأشخاص الذين أشرفوا على مساري الرياضي على المستوى الإفريقي والعربي والدولي. وظل الاتصال معهم مستمرا ولم ينقطع نهائيا. وبالنسبة لي، كنت دوما متطلعة على كل المستجدات، إذ كنت أقول دائما: “ما المانع في أن يتقدم الإنسان إلى الأمام، فلا يجب أن يظل في مكانه. فليدخل الإنسان التجربة ومدبرها حكيم”.

غدا :تدشين أولى خطوات دخول عالم التسيير على المستوى الدولي…

> إنجاز: محمد الروحلي

Related posts

Top