تعد مشاركة المرأة العربية عموما والمغربية خصوصا على المستوى السياسي لفترة طويلة بعيدة عن هذا المجال، حيث لم يسمح بالمشاركة السياسية للمرأة وتحديدا التصويت إلا في خمسينات وستينات القرن الماضي. ونفس الوضع عاشته حتى بعض الدول الغربية، ولكن في الوقت الذي تطورت فيه مشاركة المرأة السياسية في الغرب، تأخرت المرأة العربية كثيرا في الحصول على العديد من الحقوق كالحق في الترشح. وظل ينظر إليها على أنها كائن غير سياسي، ولا يتم الاهتمام بها إلا في فترة الاستحقاقات الانتخابية من أجل الحصول على صوتها مع إقصائها من طرف الأحزاب وأيضا من طرف المنتخبين، ولم تتمكن المرأة من الوصول إلى مناصب مهمة في المجالس المنتخبة ولا في المراكز القيادية إلا مؤخرا، وهو ما ستحاول عدد من الدول العربية تجاوزه بالاعتماد على نظام الحصص أو ما يعرف بالكوتا بدول كالمغرب والأردن والعراق ومصر. وهي التقنية التي سمحت للمرأة بالدخول إلى المعترك السياسي.
وتبقى عوائق المشاركة السياسية أيضا متعددة ومتنوعة ومرتبطة من جهة بالمجتمع نفسه ومن جهة أخرى بالهيئات السياسية داخل الدولة، ويظهر ضعف مشاركة المرأة في ضعف تمثيلها في الهيئات السياسية داخل الدولة، كالحكومة والبرلمان والنقابات والأحزاب. وهو ما يجب العمل على تجاوزه، ومع ذلك هناك عوامل عديدة تقف أمام وجود مشاركة فعلية للمرأة كالتنشئة الاجتماعية والسياسية والتي اعتبرت المرأة دائما غير قادرة على خوض غمار السياسة ولا اتخاذ القرارات المهمة، بسبب أنها أقل عقلانية من الرجل. كما أن أغلب الأحزاب السياسية لا تثق كثيرا في تولي النساء لمراكز القيادة لديها وتبقى أمينات الأحزاب أو رئيسات الأحزاب معدودات على رؤوس الأصابع، وإن تغيرت الأوضاع نسبيا اليوم خاصة ما يتعلق بالدول التي تعتمد نظام الكوتا، حيث وجدت الأحزاب السياسية نفسها مضطرة لتأهيل نساء قياديات يمثلنها بالبرلمان والمجالس النيابية أحسن تمثيل. غير أن تولي المناصب السياسية لازال يحكمه مبدأ الوساطة ويكون الاختيار من النخب المقربة لقيادات الأحزاب غالبا.
ولاشك أن الكوتا على مستوى الأحزاب ترفع من مشاركة المرأة في البلديات وفي البرلمان. وعليه، يجب أن تسعى النساء من أجل فرض كوتا نسائية داخل الأحزاب، تماماً كما حدث في ألمانيا وبعض الدول الاسكندنافية. الكوتا كما يعرف الجميع مرحلية ومؤقتة لتعويض المجتمع لا لتعويض عدم قدرة المرأة على الوصول إلى المجالس النيابية. نظام الكوتا أشارت إليه اتفاقية “السيداو” باعتباره نوعاً من التمييز الإيجابي.
ولكن هل قامت الدول العربية بما يتعين عليها القيام به قبل تبني نظام الكوتا؟ فقد أشارت اتفاقية “السيداو” إلى أنه يجب على الدول التي ستطبق نظام الكوتا القيام بمجموعة من الإجراءات من بينها العمل على تغيير التنشئة الاجتماعية. فنظام الكوتا بطبيعته مؤقت وخطوة على طريق تحقيق المساواة. ونتساءل هل النساء اللاتي وصلن إلى مراكز القرار في ظل نظام الكوتا أحدثن تغييراً ما، أم قمن فقط مثل الرجال بتنفيذ سياسة السلطة القائمة؟ هل غيرن شيئاً في نظرة الرجل إلى المرأة حتى إذا ما ألغي نظام الكوتا يمكن للناخبين من الرجال أن يصوتوا لصالح مرشحات من النساء؟ ما مدى ارتباط الأداء السياسي للمرأة بالقضايا النسائية؟ ما هو نموذج المرأة التي وصلت عن طريق نظام الكوتا إلى المجالس النيابية؟ نتيجة لأن ذلك تم دون تهيئة بيئة حاضنة لفكرة المشاركة السياسية للمرأة تبقى قضية الكوتا قضية خلاف ونزاع داخل أوساط مختلفة من المثقفين والناشطين السياسيين بين معارض ومساند، وكل له خلفيته في ذلك.
خلاصة، على المرأة إدراك هويتها النسوية والمواطنية السياسية في الوقت ذاته، وهو الأمر الذي يعني أن تنخرط في عمل مدني أو اجتماعي وفي عمل سياسي عام، وهذا يعني أن توجد التنظيمات والمؤسسات والكيانات التي تصبح بمثابة قنوات لمشاركة النساء في الحياة العامة، وأن تنظم النساء في هذا الإطار إلى جانب الرجال من أجل تغيير رؤية الرجل. إن تكاتف النساء بأعداد كبيرة – حتى النساء المغتربات – يعني التحول إلى قاعدة انتخابية عريضة ومؤثرة، وهو الأمر الذي يمكن من التغيير على مستوى التفكير وعلى مستوى الأداء في القاعدة، وعلى مستوى الأداء العام.
بقلم: خديجة الفلاكي