من يحمي أقارب الأشرار والمجرمين من عنف الكتاب والمدونين؟

لا أحد يقوى على إنهاء الصراع الأزلي القائم بين الخير والشر، ولا أحد يستطيع تنقية وتطهير كل النفوس البشرية، ولا حتى الفصل بين الأشرار والأخيار الذين قد يكونون من نفس الأصول أو الفروع.. من نفس القبيلة أو الأسرة.. لكن لا أحد يحق له السكوت على إلباس الحق بالباطل، بتلفيق التهم والإساءة والبهتان للأبرياء والأخيار. والنهش في أعراض أناس، ذنبهم الوحيد روابطهم الأسرية والعائلية مع هؤلاء الأشرار والمجرمين المفترضين. هناك متهمين بجرائم الشرف والعرض كانوا أبرياء أو مدانين، ما إن يتم إيقافهم أو اعتقالهم قيد التحقيق، وقبل حتى إحالتهم على جلسات قضائية عمومية.. حتى تنشر هوياتهم الحقيقية، وتبدأ محاكمتهم خارج أسوار المحاكم.
يجلدون، ويرشقون إلى حد الرجم بكلمات وصور مهينة للعرض والشرف، تتقاذفها مواقع الكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي وأنظمة رقمية أخرى. تصدر في حقهم أحكام مسبقة جائرة، باعتماد أدلة وقرائن واهية، يتم تسويقها إعلاميا بدوافع الانتقام السياسي أو القبلي أو الاقتصادي أو ما يعرف بـ «كره العمى» الذي ترسخ لدى البعض، بسبب حقدهم للمعنيين أو سخطهم على الأوضاع الاجتماعية والسياسية التي تعرفها البلاد. ورغبتهم في تلويث الأجواء وزرع الفتن والفضائح والإثارة.
المتهمون أبرياء كانوا أو مدانين، يظلون في معظمهم طيلة مراحل التحقيق والبحث وجلسات المحاكم.. بعيدين عما يجري بالعالم الخارجي من تفاعلات مع قضاياهم. لا يدرون شيئا عما تتداوله المنابر الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي ودردشات جلسات المقاهي. بعيدين عن نظرات المارة والجيران والفضوليين. لكن تظل السهام والسيوف والخناجر الرقمية والعيون والألسن.. مصوبة نحو أقاربهم (آباء وأمهات وأشقاء وشقيقات وأصهار…) وأصدقائهم.. تنهش أعراضهم بالمجان..المسؤولون بأجهزة الأمن الوطني والدرك الملكي والقضاء، يصرون على سرية الأبحاث والتحقيقات، ويرفضون الكشف عن خيوط الإيقاف أو الاعتقال أو الإحالة. أو حتى إصدار بلاغات تبرز الحد الأدنى من المعلومات للرأي العام. وفي ظل غياب المعلومة وهوس ممثلي الإعلام ولهفهم وإدمانهم على السبق الصحفي، والانفراد ببعض الحقائق والحيثيات. يلهث بعضهم وراء أي خيط سراب أو دخان من أجل التوقيع على مقالة يفتتحها بكلمات الإثارة من قبيل (عاجل، فضيحة، انفراد، حصري،..)، طمعا في كسب المزيد من القراء والمشاهدين واللايكات والشايرات.. وهي مقالات وتدوينات غالبا ما تكون مجانبة للصواب كليا أو جزئيا.. وبين هؤلاء وأولئك يقضي أقارب وأهالي المتهمين أياما في الجحيم يطالعون ما ينشر ويذاع ويبث يوميا بل لحظيا.. تائهون بين مطارق أقسام الأمن ومكاتب النيابة العامة ومحاكم المملكة.. وسنادين إعلام ومجتمع لا يرحم وفضوليين امتهنوا تسويق الفضائح.. يتغذون من أهم ما يملكه الإنسان (العزة، الشرف، الكرامة…). إساءات بالمجان يتلقاها أقارب المتهمين بجرائم العرض والشرف، تنتهي بتشتت أزواج وأسر. وتترك جروح عميقة يصعب التئامها.
السبب طبعا هي أحكام الشارع والإعلام والويب. علما أن معظم تلك الجرائم تدخل في أعماق الحيوات الشخصية لأصحابها، ويبقى القضاء كفيل بالإنصاف والعقاب. وأنه من المجانب للصواب نشر أسماء وصور المتهمين بتلك الفضائح والتنكيل بهم. حتى ولو تمت إدانتهم وسجنهم أو حتى إعدامهم.لأن وراء هؤلاء أبناء وأحفاد وأشقاء وآباء وأمهات وأصهار. وخلف هؤلاء مجتمع لا يرحم.بات رواده مدمنين على الاستمتاع بتبادل الأخبار عن الفضائح. وخبراء في نسجها على شكل حكايات وروايات لتوسيع دائرة انتشارها.
أنصفوا أنفسكم بإنصاف غيركم. ولا تنهشوا في أعراض بعضكم البعض. لأن ذلك يخلف جروح وكسور يصعب معها جبر الضرر. ولأنكم لن تفوزوا بكل الدنيا. فالأكيد أن هناك أيام لكم وأيام عليكم. ولتعلموا أن أفضل الفضائل أن يواظب المواطن على حماية شرف وعرض وكرامة الإنسان. لأن تلك الخصال هي التي تميزنا عن باقي حيوانات الأرض. وهي الضامن الوحيد لترسيخ مبادئ الوطنية والمغرب. والأكيد أنها ليست خصال دخيلة. بل سلوك له جذور وأصول عميقة بهذا البلد الأمين.. يتطلب فقط سقيها ورعايتها لتنبت من جديد..

بقلم: بوشعيب حمراوي

[email protected]

Related posts

Top