نحو تعديل مشروع القانون 47 المتعلق بالمساعدة الطبية على الإنجاب

أجمع المشاركون في الملتقى الوطني حول المساعدة الطبية على الإنجاب، على ضرورة تنقيح وتعديل مشروع القانون رقم 14-47 المتعلق بالمساعدة الطبية على الإنجاب، والأخذ بمقترحات وملاحظات المهنيين من أطباء وإحيائيين وصيادلة.
ودعا المشاركون، في هذا الملتقى الذي نظمته الجمعية المغربية للعلوم الطبية، تحت إشراف الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء، أول أمس السبت بالرباط، إلى ضرورة تعديل مشروع القانون الذي سبق وأن أحاله المجلس الحكومي في الولاية السابقة على مجلس النواب، وذلك لجعله ينسجم مع متطلبات القطاع، ويواكب التطور العلمي في المجال الطبي، ويساهم في تحصين الممارسة البيو- طبية، في إطار الاحترام التام لمقاصد الشريعة الإسلامية والأخلاقيات المهنية، ومبادئ حقوق الإنسان، والهوية الاجتماعية.
كما أوصى المشاركون من أطباء وقضاة وفعاليات المجتمع المدني بضرورة التكفل بالأزواج الذين يلجؤون إلى المساعدة الطبية على الإنجاب، بالنظر إلى تكلفتها العالية، واعتبار نقص الخصوبة مشكلا يهم الصحة العمومية، يتعين إدراجه ضمن الأمراض المزمنة وطويلة الأمد والتي يتعين أن تدرج ضمن الأمراض المشمولة بالتغطية الصحية.
ومن أبرز الإضافات التي يقترح المشاركون تضمينها على مشروع القانون المتعلق بالمساعدة الطبية على الإنجاب، إدراج مقتضيات جديدة تسمح بإجراء البحوث على الخلايا الجذعية غير المستعملة، وتقييد ذلك بالقانون الذي ينظم البحث الطبي. كما اقترحوا عدم حصر ممارسة المساعدة الطبية على الإنجاب في مركز واحد فقط، كما هو منصوص عليه في المادة 9 من مشروع القانون.
واقترح المشاركون في هذا الملتقى تعديل المادة 19 من مشروع القانون وذلك بتحديد لائحة الأمراض التي لا يرجى شفاؤها بنص تنظيمي، عوض إدراجها في القانون، وذلك بعد استشارة الخبراء والمختصين في المجال، لفسح المجال لتحيينها كلما دعت الضرورة إلى ذلك، بالإضافة إلى إدخالات تعديلات، وصفوها بالجوهرية، على المواد 22 و23 و24 و 25 بهدف تمديد مدة حفظ الأمشاج والأنسجة التناسلية لأكثر من خمس سنوات لإعطاء فرص أكبر للأزواج الراغبين في المساعدة الطبية على الإنجاب.
وبخصوص الشق المتعلق بزجر المخالفات والواردة في المواد 35 و36 و37، والمادة 39، أوصى المشاركون بضرورة حذف ضباط الشرطة الذين يحررون المخالفات في هذا المجال، وتعويضهم بمفتشي وزارة الصحة المحلفين، وإبدال محاضر الشرطة القضائية بمحاضر إثبات يحررها مفتشون محلفون وتكتسي قوة قانونية، والتمييز بين المخالفات الخطيرة والمخالفات ذات الطبيعة الإدارية التي لا تكتسي طابعا جرميا أو جنائيا، وهي مخالفات يمكن الفصل فيها داخل المجالس التأديبية.
وخلال افتتاح هذا الملتقى، الذي ترأسه رئيس الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء، حسن المعوني، أكد الكاتب العام لوزارة العدل عبد الإله لحكيم بناني، في كلمة ألقاها بالنيابة عن وزير العدل والحريات، على أن مشروع القانون 14-47 جاء لسد الفراغ القانوني الموجود في مجال المساعدة الطبية على الإنجاب، مشيرا إلى أن غياب قانون مؤطر للممارسة يجعل الكثير من الأزواج يلجؤون إلى طرق وأساليب غير مشروعة، مبرزا أن التأخر الذي يعرفه المغرب في مجال التأطير القانوني لممارسة المساعدة الطبية على الإنجاب، جعل القانون لا يواكب التطور العلمي والمعرفي والطبي الذي يعرفه المغرب.
وأوضح الكاتب العام لوزارة العدل والحريات أن مشروع القانون المعروض على المصادقة بمجلس النواب، جاء لسد الفراغ وليضبط بشكل واضح التدخل الطبي في المساعدة على الإنجاب وشروطه، وهو بذلك يحمي سواء الممارس أو الزوجين المقبلين على الخضوع لهذه المساعدة، مشيرا إلى أن المشروع يحدد حقوق وواجبات وحدود اختصاصات كل طرف، وبذلك لن يعود هذا المجال مرتعا للفوضى أو أمزجة الأشخاص واجتهاداتهم ودوافعهم الشخصية.
وبدوره، قال رئيس الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء، حسن المعوني، إن “الغاية من الملتقى هو تنقيح نص مشروع القانون رقم 17 – 47 المتعلق بالمساعدة الطبية على الإنجاب، وذلك بما ينسجم مع مستلزمات مواكبة التطور العلمي وتحصين هذه الممارسة البيو- طبية في إطار الاحترام الصارم لمقاصد الشريعة الإسلامية والأخلاقيات المهنية، والمبادئ الحقوقية والهوية الاجتماعية”.
وهو ما ذهب إليه سعيد المتوكل، رئيس الجمعية المغربية للعلوم الطبية، الذي أكد، أيضا، على أن الهدف من الملتقى هو سماع رأي المهنيين في مشروع القانون المعروض على البرلمان والمساهمة في تعديله ليخرج في حلة قانونية تراعي المستجدات العلمية في الميدان الطبي، وأيضا تحفظ حقوق جميع الأطراف، بالإضافة إلى إعداد مسطرة قانونية للأخلاقيات لتأطير المساعدة الطبية على الإنجاب، وسد الفراغ القانوني الذي يطبع ممارسات تقنيات هذا المجال.  
وأضاف سعيد المتوكل أن هذا الملتقى يروم المرافعة من أجل وضع قانون يؤطر المساعدة الطبية على الإنجاب لضمان شفافية أكثر وتمكين الأزواج من اللجوء إلى هذه الممارسة في احترام لأخلاقيات المهنة، مؤكدا على أن النقاش حول مشروع القانون يتعين أن يمكن ممثلي الهيئة الطبية والمجتمع المدني والبرلمانيين والقضاة من تبادل وجهات نظرهم بغية التوصل إلى توافق على مستوى هذا القانون.
ومن جانبه، أكد المدير العام للوكالة الوطنية للتأمين الصحي، الجيلالي حازم، على أن الوكالة تحرص على أن يتم التكفل بهذه الخدمة في إطار التأمين الصحي، من خلال تجديد الاتفاقيات الدولية ومراجعة لائحة العمليات الطبية وإدماج الأدوية التي تستعمل في المساعدة الطبية على الإنجاب.
وذكر الجيلالي حازم، بالإكراهات المتعلقة بالولوج إلى علاج نقص الخصوبة، وحددها في غياب الإطار القانوني، وارتفاع تكلفة العلاج والتي تتراوح ما بين بين 20 و30 ألف درهم في كل محاولة، وهو ما لا يقدر عليه أغلب الأزواج الذين ينتمون إلى أسر ذات الدخل المتوسط والمحدود.
وكشف الكاتب العام للمنتدى المغربي للخصوبة، عبد الوهاب البشوشي، في عرض له أمام المشاركين في هذا الملتقى، أن 800 ألف زوج، أي 15 في المائة من الأزواج المغاربة، يعانون من العقم، وهو ما يفرض في نظره، على جميع المسؤولين الانخراط في وضع سياسة وطنية لتقليص حجم هذه الآفة، مشيرا إلى أن الحق في الانجاب يعتبر حقا من حقوق الإنسان.
وذكر عبد الوهاب البشوشي أن النقص في الخصوبة يعتبر مشكلا متعدد الأبعاد وبات يفرض نفسه على المجتمع من أجل البحث عن مخارج قانونية واجتماعية وطبية تكون في خدمة الأزواج المغاربة الذي يرغبون في الإنجاب وفي نفس الوقت، تمكن الهيئة الطبية من أطباء وصيادلة وإحيائيين من ممارسة عملهم بطمأنينة.
ومن جانبها، دعت عزيزة غلام، رئيسة الجمعية المغربية للحالمين بالأبوة والأمومة “مابا”، إلى إقرار التغطية الصحية للعلاجات المتعلقة بالمساعدة الطبية على الإنجاب ووضع مخطط وطني للتكفل بالأشخاص في وضعية ما وصفته بـ “إعاقة إنجاب”، وضمان حق الزوجين في التغطية الصحية الأساسية وحقهم في خدمة التشخيص والعلاج ذات الجودة العالية، ونشر وحدات الخصوبة لتبين نجاح العمليات بشكل سنوي، وحفظ ملكية حق الزوجين للأمشاج واللواقح، وكذا الاعتراف بالعقم باعتباره مرضا مزمنا وإخراجه من دائرة الطابوهات.   
محمد حجيوي

Related posts

Top