هلال يؤكد أن الصحراء كانت مغربية وستظل كذلك إلى الأبد

أكد السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أول أمس الثلاثاء، أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن “الصحراء كانت مغربية منذ فجر التاريخ وستظل مغربية إلى الأبد”. وقال هلال، أمام أعضاء اللجنة، “ليكن واضحا لمن يريد الإنصات، أن جهود المغرب وحسن نيته إزاء وضع حد لهذا النزاع الإقليمي، ليس لها بداية ونهاية سوى هذه الحقيقة المتجذرة في روح الشعب المغربي من طنجة إلى لكويرة”.
وشدد السفير على أن مغربية الصحراء هي حقيقة تاريخية، سياسية، جغرافية، بشرية، دينية وقانونية، قائلا “التاريخ عنيد، ولا يمكن بأي حال من الأحوال إعادة صياغته بناء على تأويلات مضللة وحسب منطق متغير وفقا لمبادئ البعض، والمصالح الجيو – سياسية للبعض، وأهداف الهيمنة للبعض الآخر”.
وذكر هلال بأنه “في الواقع، فإن المملكة المغربية، ضحية استعمار متعدد، في المكان كما في الزمان، البلد ذو التاريخ الغني الذي يعود إلى أزيد من 12 قرنا، كان عليها أحيانا أن تقاتل بشجاعة، وأن تتفاوض بصلابة أحيانا أخرى، من أجل استعادة وحدتها الترابية. فقد كانت عملية استرجاع مختلف أجزاء المملكة عن طريق التفاوض، متفردة في التاريخ الأممي لإنهاء الاستعمار، على اعتبار أنها بدأت سنة 1955 واستمرت حتى استعادة الصحراء المغربية سنة 1975”.
وسجل أن المملكة المغربية تحتفل، غدا الجمعة المقبل، بكل فخر واعتزاز وإيمان راسخ بحقوقها المشروعة على أقاليمها الجنوبية، بالذكرى الـ 45 للمسيرة الخضراء المظفرة.
واعتبر السفير أن “هذا الحدث المقدس، الذي مكن المغرب من الاسترجاع السلمي لأقاليمه الصحراوية، يشكل ملحمة تاريخية منقوشة في ذاكرة الشعب المغربي. وقد قامت المملكة، وفقا لقرارات الجمعية العامة، بالتفاوض والتوقيع بتاريخ 14 نونبر 1975، مع إسبانيا، اتفاقية مدريد التي استعادت بموجبها أقاليمها الصحراوية، حيث تم إيداع هذه الاتفاقية في 18 نونبر 1975، لدى الأمين العام للأمم المتحدة، وصادقت عليها الجمعية العامة في قرارها 3458B بتاريخ 10 دجنبر 1975”.
وشدد الدبلوماسي المغربي على أنه “بغض النظر عما قد يثيره ذلك من استياء لدى البعض، فإن النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية هو قضية وحدة ترابية للمملكة المغربية، وليس بقضية تصفية الاستعمار”.
وأكد هلال أنه “أيضا من خلال اتفاقية مدريد، وضعت المملكة نهاية لاستعمار صحرائها ومكنت من عودتها إلى الوطن الأم بشكل نهائي، في احترام تام لميثاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية”.

الاستفتاء ليس مبدأ من مبادئ القانون الدولي

وأكد السفير أن الاستفتاء “ليس بأي حال من الأحوال مبدأ من مبادئ القانون الدولي”، مؤكدا أن أداة الاستفتاء “ماتت ودفنت منذ أكثر من عقدين من الزمن”، لصالح حل سياسي توافقي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
وشدد هلال على أنه “لا يمكننا بأي حال من الأحوال إحياء الموتى. وهذا ليس موقف المغرب فقط، بل موقف الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي بأسره”.
وأوضح السفير أنه “لم تشر أي من قرارات مجلس الأمن الـ 34 منذ سنة 2001 إلى الاستفتاء بتاتا. لقد اختار المجلس بشكل قاطع وعلى نحو لا رجعة فيه حلا سياسيا وواقعيا وبراغماتيا ومتوافق بشأنه، باعتباره الحل الوحيد للنزاع على الصحراء المغربية”.
وأشار أيضا إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة قد تخلت نهائيا عن الاستفتاء لمدة 18 سنة، بما في ذلك القرار الذي سيتم اعتماده بعد المناقشات الحالية للجنة الرابعة.
وفي هذا الصدد، أشار الدبلوماسي المغربي إلى أن هذه اللجنة استندت طوال شهر أكتوبر إلى تصريحات الدول الأعضاء، من مناطق العالم الخمس، الداعمة للعملية السياسية للأمم المتحدة الرامية إلى التوصل لحل سياسي واقعي وبراغماتي ودائم وتوافقي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
وذكر هلال بأن هذه البعثات عبرت عن قناعتها بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وأيدت بقوة مبادرة الحكم الذاتي التي قدمها المغرب، وكرس المجتمع الدولي جديتها ومصداقيتها، وتظل الحل الوحيد لهذا الخلاف.
وأكد في هذا الصدد، على أن المغرب يجدد تمسكه الراسخ بالعملية السياسية التي تتم تحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة، وفقا للقرارات التي اتخذها مجلس الأمن منذ سنة 2007. وهذه القرارات الـ 17، بما فيها القرار رقم 2548، المعتمد في 30 أكتوبر 2020، وضعت أسس الحل السياسي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، والذي أقره بالإجماع مجلس الأمن والمجتمع الدولي، وتتمثل في :
1. لا يمكن أن يكون الحل إلا سياسيا وواقعيا وبراغماتيا ودائما وتوافقيا.
2. تفوق مبادرة الحكم الذاتي كحل جدي وذي مصداقية لهذا النزاع الإقليمي. هذه المبادرة تتماشى مع القانون الدولي، وتأخذ بعين الاعتبار خصوصيات منطقة الصحراء المغربية، كما تمنح سكان هذه المنطقة صلاحيات واسعة للغاية في جميع المجالات.
3. اشتراط مشاركة كافة الأطراف المعنية في العملية السياسية للأمم المتحدة إلى غاية اكتمالها.
4. يشكل مسار الموائد المستديرة، بمشاركة الأطراف الأربعة، وهم المغرب والجزائر وموريتانيا و “البوليساريو”، الإطار الوحيد للتوصل إلى حل سياسي وواقعي ودائم وتوافقي.
كما أشار هلال إلى أن العملية السياسية شهدت زخما نوعيا وإيجابيا بعد عقد مائدتين مستديرتين في جنيف يومي 4 و 5 دجنبر 2018 و21-22 مارس 2019، بتيسير من المبعوث الشخصي السابق هورست كوهلر، مضيفا أن هذه الموائد المستديرة اتسمت بالاحترام المتبادل والنقاشات العميقة.
وذكر السفير بأن المشاركين الأربعة اتفقوا على الاجتماع في مائدة مستديرة ثالثة، بنفس الصيغة ونفس الطريقة التي اعتمدت في جنيف. ولتحقيق هذه الغاية، سيتعين على المبعوث الشخصي المقبل استئناف من حيث توقف سلفه.
وأبرز هلال أنه “سمعنا أثناء نقاش اللجنة أن قلة قليلة من البلدان ما تزال تشير إلى الاستفتاء. وأذكر أولئك الذين يحنون إلى حقبة الحرب الباردة، والذين يسيرون عكس تيار قرارات المجتمع الدولي، بأن الاستفتاء ليس بأي حال من الأحوال مبدأ من مبادئ القانون الدولي. علاوة على ذلك، لم يشر إليه أي من ميثاق الأمم المتحدة أو القرار 1514 الذي كررته هذه الوفود، ولا القرار 1541، ولا القرار 2625 “.
وخلص السفير إلى أنه “فضلا عن ذلك، وبخصوص قضية الصحراء المغربية، تجدر الإشارة إلى أن أداة الاستفتاء ماتت ودفنت منذ أكثر من عقدين، وليس بوسعنا إحياء الموتى. وهذا ليس موقف المغرب فحسب، بل موقف الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن والمجتمع الدولي بأسره”.
استنكار لانتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة في مخيمات تندوف
واستنكر عمر هلال انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها “البوليساريو” بحق السكان المحتجزين في مخيمات تندوف، مؤكدا أنه “بينما يعيش سكان الصحراء المغربية في سلام ورخاء، ويتمتعون بكافة حقوقهم على نحو تام، ما زال مواطنونا، المحتجزون في المخيمات التي تديرها عصابة “البوليساريو” الخارجة عن القانون، محرومين من أبسط حقوقهم”.
وأشار السفير إلى أن “البوليساريو”، وهي مجموعة انفصالية مسلحة واستبدادية ومرتبطة بالإرهاب في منطقة الساحل والصحراء، تلقي بالرعب في أوساط السكان المدنيين، بينما يكتسب قادتها الثروات عن طريق تحويل مسار المساعدات الإنسانية الموجهة لسكان المخيمات”.
وأبرز الدبلوماسي المغربي أنه لحسن حظ هؤلاء السكان أن “رياح التغيير كانت تهب منذ شهور على معسكرات العار هاته. ولم يعد السكان يريدون العيش في حالة من الهشاشة واستجداء المساعدات، كما لم يعودوا يؤمنون بالأساطير والأكاذيب التي تروج لها مرتزقة “البوليساريو” طوال أربعة عقود. إنهم يتوقون إلى الحرية والكرامة واحترام حقوقهم. إنهم يبحثون عن حياة أفضل تتسم بالرخاء وتحمل أملا للشباب بعيش مستقبل أفضل”.
وبحسب هلال، لا يمكن للمجتمع الدولي أن يظل صامتا في وجه صرخة المعاناة التي أطلقها هؤلاء السكان. “يقع على المنتظم الدولي واجب إنقاذهم من أهوال “البوليساريو” ومنحهم حرية العودة إلى وطنهم الأم المغرب، كما يجب أن يمكنهم من حق أساسي يعترف به القانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن، والذي يتمثل في هذه الحالة في التسجيل والإحصاء”.
كما شدد على أن تسجيل هؤلاء السكان ليس بأي حال من الأحوال عملية سياسية، بل هو مطلب إنساني والتزام قانوني طال انتظاره ويجب تنفيذه في أقرب الآجال. وأضاف هلال أن “الأمر يتعلق باحترام أبسط حقوق هؤلاء السكان المحتجزين في ظروف غير إنسانية منذ أكثر من 45 سنة”.
وخلص السفير إلى “أود أن أجدد التذكير بتمسك المغرب بالحل السياسي والواقعي والبراغماتي والدائم والتوافقي لقضية الصحراء المغربية، وبأن الحكم الذاتي في إطار السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة المغربية يظل الحل الوحيد لهذا النزاع الإقليمي”.

Related posts

Top